Sabtu, 12 Maret 2016

Kitab Al-umm 1.6

Kitab Al-Umm Imam Syafi'i 1.6



على من تَرَكَهُ إلَّا تَرْكَ الْأَفْضَلِ وَالصَّلَاةُ على الْجَنَائِزِ وَكُلُّ نَافِلَةٍ غَيْرِ الْأَعْيَادِ وَالْخُسُوفِ بِلَا أَذَانٍ فيها وَلَا قَوْلِ الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ - * بَابُ وَقْتِ الْأَذَانِ لِلصُّبْحِ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن الزُّهْرِيِّ عن سَالِمِ بن عبد اللَّهِ بن عُمَرَ عن أبيه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال إنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حتى تَسْمَعُوا أَذَانَ بن أُمِّ مَكْتُومٍ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن بن شِهَابٍ عن سَالِمِ بن عبد اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال إنَّ بِلَالًا يُنَادِي بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حتى ينادى بن أُمِّ مَكْتُومٍ وكان بن أُمِّ مَكْتُومٍ رَجُلًا أَعْمَى لَا ينادى حتى يُقَالَ له أَصْبَحْتَ أَصْبَحْتَ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ كَبَّرَ ثُمَّ قال حَيَّ على الصَّلَاةِ عَادَ فَتَشَهَّدَ ثُمَّ أَعَادَ حَيَّ على الصَّلَاةِ حتى يأتى على الْأَذَانِ كُلِّهِ فَيَضَعُ كُلَّ شَيْءٍ منه مَوْضِعَهُ وما وَضَعَهُ في غَيْرِ مَوْضِعِهِ أَعَادَهُ في مَوْضِعِهِ - * بَابُ عَدَدِ الْمُؤَذِّنِينَ وَأَرْزَاقِهِمْ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أُحِبُّ أَنْ يُقْتَصَرَ في الْمُؤَذِّنِينَ على اثْنَيْنِ لِأَنَّا إنَّمَا حَفِظْنَا أَنَّهُ أَذَّنَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم اثْنَانِ وَلَا يَضِيقُ أَنْ يُؤَذِّنَ أَكْثَرُ من اثْنَيْنِ فان اُقْتُصِرَ في الْأَذَانِ على وَاحِدٍ أَجْزَأَهُ وَلَا أُحِبُّ للامام إذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ الْأَوَّلُ أَنْ يُبْطِئَ بِالصَّلَاةِ لِيَفْرُغَ من بَعْدَهُ وَلَكِنَّهُ يَخْرُجُ وَيَقْطَعُ من بَعْدَهُ الْأَذَانَ بِخُرُوجِ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَالسُّنَّةُ أَنْ يُؤَذِّنَ لِلصُّبْحِ بِلَيْلٍ لِيُدْلِجَ الْمُدْلِجُ وَيَتَنَبَّهَ النَّائِمُ فَيَتَأَهَّبَ لِحُضُورِ الصَّلَاةِ وَأَحَبُّ إلَيَّ لو أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَعْدَ الْفَجْرِ وَلَوْ لم يَفْعَلْ لم أَرَ بَأْسًا أَنْ يَتْرُكَ ذلك لِأَنَّ وَقْتَ أَذَانِهَا كان قبل الْفَجْرِ في عَهْدِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَلَا يُؤَذَّنُ لِصَلَاةٍ غَيْرِ الصُّبْحِ إلَّا بَعْدَ وَقْتِهَا لِأَنِّي لم أَعْلَمْ أَحَدًا حَكَى عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ أَذَّنَ له لِصَلَاةٍ قبل وَقْتِهَا غير الْفَجْرِ ولم يَزَلْ الْمُؤَذِّنُونَ عِنْدَنَا يُؤَذِّنُونَ لِكُلِّ صَلَاةٍ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا إلَّا الْفَجْرَ وَلَا أُحِبُّ أَنْ يُتْرَكَ الْأَذَانُ لِصَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ انْفَرَدَ صَاحِبُهَا أو جَمَعَ وَلَا الْإِقَامَةُ في مَسْجِدٍ جَمَاعَةً كَبُرَ وَلَا صَغُرَ وَلَا يَدَعُ ذلك الرَّجُلُ في بَيْتِهِ وَلَا سَفَرِهِ وأنا عليه في مَسَاجِدِ الْجَمَاعَةِ الْعِظَامِ أَحَظُّ وإذا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يُكْمِلَ الْأَذَانَ لِكُلِّ صَلَاةٍ غَيْرِ الصُّبْحِ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا فَإِنْ أَذَّنَ لها قبل دُخُولِ وَقْتِهَا أَعَادَ إذَا دخل الْوَقْتُ وَإِنْ افْتَتَحَ الْأَذَانَ قبل الْوَقْتِ ثُمَّ دخل الْوَقْتُ عَادَ فَاسْتَأْنَفَ الْأَذَانَ من أَوَّلِهِ وَإِنْ أَتَمَّ ما بقى من الْأَذَانِ ثُمَّ عَادَ إلَى ما مَضَى منه قبل الْوَقْتِ لم يُجْزِئْهُ وَلَا يُكْمِلُ الْأَذَانَ حتى يأتى بِهِ على الْوَلَاءِ وَبَعْدَ وَقْتِ الصَّلَاةِ إلَّا في الصُّبْحِ وَلَوْ تَرَكَ من الْأَذَانِ شيئا عَادَ إلَى ما تَرَكَ ثُمَّ بَنَى من حَيْثُ تَرَكَ لَا يُجْزِيهِ غَيْرُهُ وَكَذَلِكَ كُلُّ ما قَدَّمَ منه أو أَخَّرَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ في مَوْضِعِهِ فَلَوْ قال في أَوَّلِ الْأَذَانِ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ قال أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رسول اللَّهِ ثُمَّ أَكْمَلَ الْأَذَانَ أَعَادَ فقال اللَّهُ أَكْبَرُ الله أَكْبَرُ التي تَرَكَ ثُمَّ قال أَشْهَدُ أَنْ لَا أله إلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رسول اللَّهِ مَرَّتَيْنِ حتى يُكْمِلَ الْأَذَانَ ثُمَّ يَجْهَرَ بِشَيْءٍ من الْأَذَانِ وَيُخَافِتَ بِشَيْءٍ منه لم تَكُنْ عليه إعَادَةُ ما وَصَفْت بِهِ لِأَنَّهُ قد جاء بِلَفْظِ الْأَذَانِ كَامِلًا فَلَا إعَادَةَ عليه كما لَا يَكُونُ عليه إعَادَةُ ما خَافَتَ من الْقُرْآنِ فِيمَا يُجْهَرُ بِالْقُرْآنِ فيه
(1/83)
________________________________________
الْإِمَامِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا يَجُوزُ له أَنْ يَرْزُقَهُ من الصَّدَقَاتِ شيء ( ( ( شيئا ) ) ) وَيَحِلُّ لِلْمُؤَذِّنِ أَخْذُ الرِّزْقِ إذَا رُزِقَ من حَيْثُ وَصَفْت أَنْ يُرْزَقَ وَلَا يَحِلُّ له أَخْذُهُ من غَيْرِهِ بِأَنَّهُ رِزْقٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا يُؤَذِّنُ إلَّا عَدْلٌ ثِقَةٌ للاشراف على عَوْرَاتِ الناس وَأَمَانَاتِهِمْ على الْمَوَاقِيتِ وإذا كان الْمُقَدَّمُ من الْمُؤَذِّنِينَ بَصِيرًا بِالْوَقْتِ لم أَكْرَهْ أَنْ يَكُونَ معه أَعْمَى وَإِنْ كان الْأَعْمَى مُؤَذِّنًا مُنْفَرِدًا وَمَعَهُ من يُعْلِمُهُ الْوَقْتَ لم أَكْرَهْ ذلك له فَإِنْ لم يَكُنْ معه أَحَدٌ كَرِهْتُهُ لِأَنَّهُ لَا يُبْصِرُ وَلَا أُحِبُّ أَنْ يُؤَذِّنَ أَحَدٌ إلَّا بَعْدَ الْبُلُوغِ وَإِنْ أَذَّنَ قبل الْبُلُوغِ مُؤَذِّنٌ أَجْزَأَ وَمَنْ أَذَّنَ من عَبْدٍ وَمُكَاتَبٍ وَحُرٍّ أَجْزَأَ وَكَذَلِكَ الْخَصِيُّ الْمَجْبُوبُ وَالْأَعْجَمِيُّ إذَا أَفْصَحَ بالإذان وَعَلِمَ الْوَقْتَ وَأَحَبُّ إلَيَّ في هذا كُلِّهِ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُونَ خِيَارَ الناس وَلَا تُؤَذِّنُ امْرَأَةٌ وَلَوْ أَذَّنَتْ لِرِجَالٍ لم يَجُزْ عَنْهُمْ أَذَانُهَا وَلَيْسَ على النِّسَاءِ أَذَانٌ وَإِنْ جَمَعْنَ الصَّلَاةَ وَإِنْ أُذِّنَ فَأَقَمْنَ فَلَا بَأْسَ وَلَا تَجْهَرُ الْمَرْأَةُ بِصَوْتِهَا تُؤَذِّنُ في نَفْسِهَا وَتُسْمِعُ صَوَاحِبَاتِهَا إذَا أَذَّنَتْ وَكَذَلِكَ تُقِيمُ إذَا أَقَامَتْ وَكَذَلِكَ إنْ تَرَكَتْ الْإِقَامَةَ لم أَكْرَهْ لها من تَرْكِهَا ما أَكْرَهُ لِلرِّجَالِ وَإِنْ كُنْت أُحِبُّ أَنْ تُقِيمَ وَأَذَانُ الرَّجُلِ في بَيْتِهِ وَإِقَامَتُهُ سَوَاءٌ كَهُوَ في غَيْرِ بَيْتِهِ في الْحِكَايَةِ وَسَوَاءٌ أَسْمَعَ الْمُؤَذِّنِينَ حَوْلَهُ أو لم يُسْمِعْهُمْ وَلَا أُحِبُّ له تَرْكَ الْأَذَانِ وَلَا الْإِقَامَةِ وَإِنْ دخل مَسْجِدًا أُقِيمَتْ فيه الصَّلَاةُ أَحْبَبْت له أَنْ يُؤَذِّنَ وَيُقِيمَ في نَفْسِهِ - * بَابُ حِكَايَةِ الأذان - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مُسْلِمُ بن خَالِدٍ عن بن جُرَيْجٍ قال أخبرني عبد الْعَزِيزِ بن عبد الْمَلِكِ بن أبي مَحْذُورَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بن مُحَيْرِيزٍ أخبره وكان يَتِيمًا في حِجْرِ أبي مَحْذُورَةَ حين جَهَّزَهُ إلَى الشَّامِ قال فَقُلْت لِأَبِي محذوره أَيْ عَمِّ إنِّي خَارِجٌ إلَى الشَّامِ وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ أُسْأَلَ عن تَأْذِينِكَ فَأَخْبِرْنِي قال نعم قال خَرَجْت في نَفَرٍ فَكُنَّا في بَعْضِ طَرِيقِ حُنَيْنٍ فَقَفَلَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم من حُنَيْنٍ فَلَقَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم في بَعْضِ الطَّرِيقِ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِالصَّلَاةِ عِنْدَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَسَمِعْنَا صَوْتَ الْمُؤَذِّنِ وَنَحْنُ مُتَّكِئُونَ فَصَرَخْنَا نَحْكِيهِ وَنَسْتَهْزِئُ بِهِ فَسَمِعَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم الصَّوْتَ فَأَرْسَلَ إلَيْنَا إلَى أَنْ وَقَفْنَا بين يَدَيْهِ فقال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَيُّكُمْ الذي سَمِعْت صَوْتَهُ قد ارْتَفَعَ فَأَشَارَ الْقَوْمُ كلهم إلَيَّ وَصَدَقُوا فَأَرْسَلَ كُلَّهُمْ وَحَبَسَنِي فقال قُمْ فَأَذِّنْ بِالصَّلَاةِ فَقُمْت وَلَا شَيْءَ أَكْرَهُ إلى من رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَلَا مِمَّا أَمَرَنِي بِهِ فَقُمْت بين يَدَيْ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَأَلْقَى عَلَيَّ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم التَّأْذِينَ هو نَفْسُهُ فقال قُلْ اللَّهُ أَكْبَرُ الله أكبر اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رسول اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رسول اللَّهِ ثُمَّ قال لي ارْجِعْ وَامْدُدْ من صَوْتِكَ ثُمَّ قال أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رسول اللَّهِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رسول اللَّهِ حَيَّ على الصَّلَاةِ حَيَّ على الصَّلَاةِ حَيَّ على الْفَلَاحِ حَيَّ على الْفَلَاحِ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ثُمَّ دَعَانِي حين قَضَيْت التَّأْذِينَ فَأَعْطَانِي صُرَّةً فيها شَيْءٌ من فِضَّةٍ ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ على نَاصِيَةِ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَوَاجِبٌ على الْإِمَامِ أَنْ يَتَفَقَّدَ أَحْوَالَ الْمُؤَذِّنِينَ لِيُؤَذِّنُوا في أَوَّلِ الْوَقْتِ وَلَا يَنْتَظِرَهُمْ بِالْإِقَامَةِ وَأَنْ يَأْمُرَهُمْ فَيُقِيمُوا في الْوَقْتِ وَأُحِبُّ أَنْ يُؤَذِّنَ مُؤَذِّنٌ بَعْدَ مُؤَذِّنٍ وَلَا يُؤَذِّنُ جَمَاعَةٌ مَعًا وَإِنْ كان مَسْجِدًا كَبِيرًا له مُؤَذِّنُونَ عَدَدٌ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُؤَذِّنَ في كل مَنَارَةٍ له مُؤَذِّنٌ فَيُسْمِعُ من يَلِيهِ في وَقْتٍ وَاحِدٍ وَأُحِبُّ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُونَ مُتَطَوِّعِينَ وَلَيْسَ للامام أَنْ يَرْزُقَهُمْ وَلَا وَاحِدًا منهم وهو يَجِدُ من يُؤَذِّنُ له مُتَطَوِّعًا مِمَّنْ له أَمَانَةٌ إلَّا أَنْ يَرْزُقَهُمْ من مَالِهِ وَلَا أَحْسَبُ أَحَدًا بِبَلَدٍ كَثِيرِ الْأَهْلِ يَعُوزُهُ أَنْ يَجِدَ مُؤَذِّنًا أَمِينًا لَازِمًا يُؤَذِّنُ مُتَطَوِّعًا فَإِنْ لم يَجِدْهُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَرْزُقَ مُؤَذِّنًا وَلَا يَرْزُقَهُ إلَّا من خُمُسِ الْخُمُسِ سَهْمِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَلَا يَجُوزُ له أَنْ يَرْزُقَهُ من غَيْرِهِ من الْفَيْءِ لِأَنَّ لِكُلِّهِ مَالِكًا مَوْصُوفًا
(1/84)
________________________________________
أبي مَحْذُورَةَ ثُمَّ أَمَرَّهَا على وَجْهِهِ ثُمَّ من بَيْنِ يَدَيْهِ ثُمَّ على كَبِدِهِ ثُمَّ بَلَغَتْ يَدُهُ سُرَّةَ أبي مَحْذُورَةَ ثُمَّ قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ وَبَارَكَ عَلَيْك فَقُلْت يا رَسُولَ اللَّهِ مُرْنِي بِالتَّأْذِينِ بِمَكَّةَ فقال قد أَمَرْتُكَ بِهِ فَذَهَبَ كُلُّ شَيْءٍ كان لِرَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم من كَرَاهَتِهِ وَعَادَ ذلك كُلُّهُ مَحَبَّةً لِلنَّبِيِّ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَقَدِمْت على عَتَّابِ بن أُسَيْدٍ عَامِلِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَأَذَّنْت بِالصَّلَاةِ عن أَمْرِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال بن جُرَيْجٍ فَأَخْبَرَنِي ذلك من أَدْرَكْت من آلِ أبي مَحْذُورَةَ على نَحْوٍ مِمَّا أخبرني بن مُحَيْرِيزٍ وَأَدْرَكْت ابراهيم بن عبد الْعَزِيزِ بن عبد الْمَلِكِ بن أبي مَحْذُورَةَ يُؤَذِّنُ كما حَكَى بن مُحَيْرِيزٍ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَسَمِعْته يُقِيمُ فيقول اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رسول اللَّهِ حَيَّ على الصَّلَاةِ حَيَّ على الْفَلَاحِ قد قَامَتْ الصَّلَاةُ قد قَامَتْ الصَّلَاةُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحَسِبْتُنِي سَمِعْتُهُ يَحْكِي الْإِقَامَةَ خَبَرًا كما يحكى الْأَذَانَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ كما حُكِيَتْ عن آلِ أبي مَحْذُورَةَ فَمَنْ نَقَصَ منها شيئا أو قَدَّمَ مُؤَخَّرًا أَعَادَ حتى يَأْتِيَ بِمَا نَقَصَ وَكُلُّ شَيْءٍ منه في مَوْضِعِهِ وَالْمُؤَذِّنُ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ سَوَاءٌ في الْأَذَانِ وَلَا أُحِبُّ التَّثْوِيبَ في الصُّبْحِ وَلَا غَيْرِهَا لِأَنَّ أَبَا مَحْذُورَةَ لم يَحْكِ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ أَمَرَ بِالتَّثْوِيبِ فَأَكْرَهُ الزِّيَادَةَ في الْأَذَانِ وَأَكْرَهُ التَّثْوِيبَ بَعْدَهُ - * بَابُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ بِالْأَذَانِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا أُحِبُّ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ في شَيْءٍ من أَذَانِهِ إلَّا مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ لَا تَزُولُ قَدَمَاهُ وَلَا وَجْهُهُ عنها لِأَنَّهُ إيذَانٌ بِالصَّلَاةِ وقد وُجِّهَ الناس بِالصَّلَاةِ إلَى الْقِبْلَةِ فَإِنْ زَالَ عن الْقِبْلَةِ بِبَدَنِهِ كُلِّهِ أو صَرَفَ وَجْهَهُ في الْأَذَانِ كُلِّهِ أو بَعْضِهِ كَرِهْتُهُ له ولم وَلَا إعَادَةَ عليه وَأُحِبُّ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ على طَهَارَةِ الصَّلَاةِ فَإِنْ أَذَّنَ جُنُبًا أو على غَيْرِ وُضُوءٍ كَرِهْتُهُ له ولم يُعِدْ وَكَذَلِكَ آمُرُهُ في الْإِقَامَةِ بِاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَأَنْ يَكُونَ طَاهِرًا فَإِنْ كان في الْحَالَيْنِ كِلَاهُمَا غَيْرُ طَاهِرٍ كَرِهْتُهُ له وهو في الْإِقَامَةِ أَشَدُّ لِأَنَّهُ يُقِيمُ فيصلى الناس وَيَنْصَرِفُ عَنْهُمْ فَيَكُونُ أَقَلُّ ما صَنَعَ أَنْ عَرَّضَ نَفْسَهُ لِلتُّهْمَةِ بِالِاسْتِخْفَافِ وَأَكْرَهُ أَذَانَهُ جُنُبًا لِأَنَّهُ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ ولم يُؤْذَنْ له في دُخُولِهِ إلَّا عَابِرُ سَبِيلٍ وَالْمُؤَذِّنُ غَيْرُ عَابِرِ سَبِيلٍ مُجْتَازٍ وَلَوْ ابْتَدَأَ بِالْأَذَانِ طَاهِرًا ثُمَّ انْتَقَضَتْ طَهَارَتُهُ بَنَى على أَذَانِهِ ولم يَقْطَعْهُ ثُمَّ تَطَهَّرَ إذَا فَرَغَ منه وَسَوَاءٌ ما انْتَقَضَتْ بِهِ طَهَارَتُهُ في أَنْ يبنى جَنَابَةً أو غَيْرَهَا فَإِنْ قَطَعَهُ ثُمَّ تَطَهَّرَ ثُمَّ رَجَعَ بَنَى على أَذَانِهِ وَلَوْ اسْتَأْنَفَ كان أَحَبَّ إلَيَّ - * بَابُ الْكَلَامِ في الْأَذَانِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأُحِبُّ الْمُؤَذِّنَ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ حتى يَفْرُغَ من أَذَانِهِ فَإِنْ تَكَلَّمَ بين ظَهَرَانِي أَذَانِهِ فَلَا يُعِيدُ ما أَذَّنَ بِهِ قبل الْكَلَامِ كان ذلك الْكَلَامُ ما شَاءَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وما كَرِهْت له من الْكَلَامِ في الْأَذَانِ كُنْت له في الْإِقَامَةِ أَكْرَهُ وَإِنْ تَكَلَّمَ في الْإِقَامَةِ لم يُعِدْ الْإِقَامَةَ وَلَوْ كان بين كَلَامِهِ في كل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا سُكَاتٌ طَوِيلٌ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَسَمِعْته يحدث عن أبيه عن بن مُحَيْرِيزٍ عن أبي مَحْذُورَةَ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم مَعْنَى ما حَكَى بن جُرَيْجٍ
(1/85)
________________________________________
أَحْبَبْت له أَنْ يَسْتَأْنِفَ وَإِنْ لم يَفْعَلْ فَلَيْسَ ذلك عليه وَكَذَلِكَ لو سَكَتَ في كل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا سُكَاتًا طَوِيلًا أَحْبَبْت له اسْتِئْنَافُهُ ولم أُوجِبْ عليه الِاسْتِئْنَافَ وَلَوْ أَذَّنَ بَعْضَ الْأَذَانِ ثُمَّ نَامَ أو غُلِبَ على عَقْلِهِ ثُمَّ انْتَبَهَ أو رَجَعَ إلَيْهِ عَقْلُهُ أَحْبَبْت أَنْ يَسْتَأْنِفَ تَطَاوَلَ ذلك أو قَصُرَ وَإِنْ لم يَفْعَلْ بَنَى على أَذَانِهِ وَكَذَلِكَ لو أَذَّنَ في بَعْضِ الْأَذَانِ فَذَهَبَ عَقْلُهُ ثُمَّ رَجَعَ أَحْبَبْت أَنْ يَسْتَأْنِفَ وَإِنْ بَنَى على أَذَانِهِ كان له ذلك وَإِنْ كان الذي يُؤَذِّنُ غَيْرُهُ في شَيْءٍ من هذه الْحَالَاتِ اسْتَأْنَفَ ولم يَبْنِ على أَذَانِهِ قَرُبَ ذلك أو بَعُدَ فَإِنْ بَنَى على أَذَانِهِ لم يُجْزِهِ الْبِنَاءُ عليه وَلَا يُشْبِهُ هذا الصَّلَاةَ يبنى الْإِمَامُ فيها على صَلَاةِ إمَامٍ قَبْلَهُ لِأَنَّهُ يَقُومُ في الصَّلَاةِ فَيُتِمُّ ما عليه وَهَذَا لَا يَعُودُ فَيُتِمُّ الْأَذَانَ بَعْدَ فَرَاغِهِ وَلِأَنَّ ما ابْتَدَأَ من الصَّلَاةِ كان أَوَّلَ صَلَاتِهِ وَلَا يَكُونُ بِأَوَّلِ الْأَذَانِ شَيْءٌ غير التَّكْبِيرِ ثُمَّ التَّشَهُّدِ وَلَوْ أَذَّنَ بَعْضَ الْأَذَانِ أو كُلَّهُ ثُمَّ ارْتَدَّ أَحْبَبْت أَنْ لَا يُتْرَكَ يَعُودُ لِأَذَانٍ وَلَا يُصَلَّى بِأَذَانِهِ وَيَؤُمُّ غَيْرُهُ فيه فَيُؤَذِّنُ أَذَانًا مُسْتَأْنَفًا - * بَابُ الرَّجُلِ يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ غَيْرُهُ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَبِهَذَا كُلِّهِ نَأْخُذُ وَفِيهِ دَلَالَةٌ على أَنَّ كُلَّ من جَمَعَ بين صَلَاتَيْنِ في وَقْتِ الْأُولَى مِنْهُمَا أَقَامَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَأَذَّنَ لِلْأُولَى وفي الْآخِرَةِ يُقِيمُ بِلَا أَذَانٍ وَكَذَلِكَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وإذا أَذَّنَ الرَّجُلُ أَحْبَبْت أَنْ يَتَوَلَّى الْإِقَامَةَ بِشَيْءٍ يُرْوَى فيه أَنَّ من أَذَّنَ أَقَامَ وَذَلِكَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ أَنَّ الْمُؤَذِّنَ إذَا عنى بِالْأَذَانِ دُونَ غَيْرِهِ فَهُوَ أَوْلَى بِالْإِقَامَةِ وإذا أَقَامَ غَيْرُهُ لم يَكُنْ يَمْتَنِعُ من كَرَاهِيَةِ ذلك وَإِنْ أَقَامَ غَيْرُهُ أَجْزَأَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - * بَابُ الإذان وَالْإِقَامَةِ لِلْجَمْعِ بين الصَّلَاتَيْنِ وَالصَّلَوَاتِ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ عن جَعْفَرِ بن مُحَمَّدٍ عن أبيه عن جَابِرِ بن عبد اللَّهِ في حَجَّةِ الْإِسْلَامِ قال فَرَاحَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم إلَى الْمَوْقِفِ بِعَرَفَةَ فَخَطَبَ الناس الْخُطْبَةَ الْأُولَى ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ ثُمَّ أَخَذَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم في الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ فَفَرَغَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم من الْخُطْبَةِ وَبِلَالٌ من الْأَذَانِ ثُمَّ أَقَامَ بِلَالٌ وَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ أَقَامَ وَصَلَّى الْعَصْرَ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا محمد بن إسْمَاعِيلَ أو عبد اللَّهِ بن نَافِعٍ عن بن أبي ذِئْبٍ عن بن شِهَابٍ عن سَالِمٍ عن أبيه
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرني بن أبي فُدَيْكٍ عن بن أبي ذِئْبٍ عن الْمَقْبُرِيِّ عن عبد الرحمن بن أبي سَعِيدٍ عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قال حُبِسْنَا يوم الْخَنْدَقِ عن الصَّلَاةِ حتى كان بَعْدَ الْمَغْرِبِ بهوى من اللَّيْلِ حتى كُفِينَا وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عز وجل { وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وكان اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا } فَدَعَا رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِلَالًا فَأَمَرَهُ فَأَقَامَ الظُّهْرَ فَصَلَّاهَا فَأَحْسَنَ صَلَاتَهَا كما كان يُصَلِّيهَا في وَقْتِهَا ثُمَّ أَقَامَ الْعَصْرَ فَصَلَّاهَا كَذَلِكَ ثُمَّ أَقَامَ الْمَغْرِبَ فَصَلَّاهَا كَذَلِكَ ثُمَّ أَقَامَ الْعِشَاءَ فَصَلَّاهَا كَذَلِكَ أَيْضًا ( قال ) وَذَلِكَ قبل أَنْ يُنْزِلَ اللَّهُ تعالي في صَلَاةِ الْخَوْفِ { فَرِجَالًا أو رُكْبَانًا }
(1/86)
________________________________________
كُلُّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا في غَيْرِ وَقْتِهَا كما وَصَفْت (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَبِهَذَا نَأْخُذُ وَنَقُولُ يصلى الرَّجُلُ بِأَذَانِ الرَّجُلِ لم يُؤَذِّنْ له وَبِإِقَامَتِهِ وَأَذَانِهِ وَإِنْ كان أَعْرَابِيًّا أو أَسْوَدَ أو عَبْدًا أو غير فَقِيهٍ إذَا أَقَامَ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ وَأُحِبُّ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُونَ كلهم خِيَارَ الناس لِإِشْرَافِهِمْ على عَوْرَاتِهِمْ وَأَمَانَتِهِمْ على الْوَقْتِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا عبد الْوَهَّابِ بن عبدالمجيد الثَّقَفِيُّ عن يُونُسَ بن عُبَيْدٍ عن الْحَسَنِ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال الْمُؤَذِّنُونَ أُمَنَاءُ الْمُسْلِمِينَ على صَلَاتِهِمْ وَذَكَرَ مَعَهَا غَيْرَهَا وأستحب الْأَذَانَ لِمَا جاء فيه
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ عن سُهَيْلِ بن أبي صَالِحٍ عن أبيه عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال الْأَئِمَّةُ ضُمَنَاءُ وَالْمُؤَذِّنُونَ أُمَنَاءُ فَأَرْشَدَ اللَّهُ الْأَئِمَّةَ وَغَفَرَ لِلْمُؤَذِّنَيْنِ - * بَابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْأَذَانِ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن عبد الرحمن بن عبد اللَّهِ بن عبد الرحمن بن أبي صَعْصَعَةَ عن أبيه أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قال له إنِّي أَرَاك تُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ فإذا كُنْت في غَنَمِكَ أو بَادِيَتِكَ فَأَذَّنْت بِالصَّلَاةِ فَارْفَعْ صَوْتَكَ فإنه لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِكَ جِنٌّ وَلَا إنْسٌ إلَّا شَهِدَ لك يوم الْقِيَامَةِ قال أبو سَعِيدٍ سَمِعْتُهُ من رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَأُحِبُّ رَفْعَ الصَّوْتِ لِلْمُؤَذِّنِ وَأُحِبُّ إذَا اُتُّخِذَ الْمُؤَذِّنُ أَنْ يُتَّخَذَ صَيِّتَا وَأَنْ يُتَحَرَّى أَنْ يَكُونَ حَسَنَ الصَّوْتِ فإنه أَحْرَى أَنْ يُسْمِعَ من لَا يُسْمِعُهُ ضَعِيفُ الصَّوْتِ وَحُسْنُ الصَّوْتِ أَرَقُّ لِسَامِعِهِ وَالتَّرْغِيبُ في رَفْعِ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وفي أَنَّ الْمُؤَذِّنَ لم يُؤَذِّنْ له صلى اللَّهُ عليه وسلم حين جَمَعَ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَالْخَنْدَقِ دَلِيلٌ على أَنْ لو لم يُجْزِئْ الْمُصَلِّي أَنْ يُصَلِّيَ إلَّا بِأَذَانٍ لم يَدَعْ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنْ يَأْمُرَ بِالْأَذَانِ وهو يُمْكِنُهُ ( قال ) وَمَوْجُودٌ في سُنَّةِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم إنْ كان هذا في الْأَذَانِ وكان الْأَذَانُ غير الصَّلَاةِ أَنْ يَكُونَ هذا في الْإِقَامَةِ هَكَذَا لِأَنَّهَا غَيْرُ الصَّلَاةِ وقال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم في الصَّلَاةِ فما أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وما فَاتَكُمْ فَاقْضُوا وَمَنْ أَدْرَكَ آخِرَ الصَّلَاةِ فَقَدْ فَاتَهُ أَنْ يَحْضُرَ أَذَانًا وَإِقَامَةً ولم يُؤَذِّنْ لِنَفْسِهِ ولم يُقِمْ ولم أَعْلَمْ مُخَالِفًا في أَنَّهُ إذَا جاء الْمَسْجِدَ وقد خَرَجَ الْإِمَامُ من الصَّلَاةِ كان له أَنْ يُصَلِّيَ بِلَا أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ فَإِنْ تَرَكَ رَجُلٌ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ مُنْفَرِدًا أو في جَمَاعَةٍ كَرِهْت ذلك له وَلَيْسَتْ عليه إعَادَةُ ما صلى بِلَا أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ وَكَذَلِكَ ما جَمَعَ بَيْنَهُ وَفَرَّقَ من الصَّلَوَاتِ - * بَابُ اجْتِزَاءِ الْمَرْءِ بِأَذَانِ غَيْرِهِ وَإِقَامَتِهِ وَإِنْ لم يُقِمْ له - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال حدثني عُمَارَةُ بن غَزِيَّةَ عن حَبِيبِ بن عبد الرحمن عن حَفْصِ بن عَاصِمٍ عن عُمَرَ بن الْخَطَّابِ قال سمع النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم رَجُلًا يُؤَذِّنُ لِلْمَغْرِبِ فقال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم مِثْلَ ما قال فَانْتَهَى النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم إلَى الرَّجُلِ وقد قَامَتْ الصَّلَاةُ فقال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم انْزِلُوا فَصَلُّوا فَصَلَّى الْمَغْرِبَ بِإِقَامَةِ ذلك الْعَبْدِ الْأَسْوَدِ
(1/87)
________________________________________
الصَّوْتِ يَدُلُّ على تَرْتِيلِ الْأَذَانِ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ على أَنْ يَبْلُغَ غَايَةً من صَوْتِهِ في كَلَامٍ مُتَتَابِعٍ إلَّا مُتَرَسِّلًا وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا حَذَفَ وَرَفَعَ انْقَطَعَ فَأُحِبُّ تَرْتِيلَ الْأَذَانِ وتبيينه ( ( ( وتبينه ) ) ) بِغَيْرِ تَمْطِيطٍ وَلَا تَغَنٍّ في الْكَلَامِ وَلَا عَجَلَةٍ وَأُحِبُّ في الْإِقَامَةِ أَنْ تُدْرَجَ إدْرَاجًا وَيُبَيِّنَهَا مع الْإِدْرَاجِ ( قال ) وَكَيْفَمَا جاء بِالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ أجزئا ( ( ( أجزآ ) ) ) غير أَنَّ الِاحْتِيَاطَ ما وَصَفْت - * بَابُ الْكَلَامِ في الْأَذَانِ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن نَافِعٍ عن عبد اللَّهِ بن عُمَرَ قال كان رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يَأْمُرُ الْمُؤَذِّنَ إذَا كانت لَيْلَةٌ بَارِدَةٌ ذَاتُ رِيحٍ يقول أَلَا صَلُّوا في الرِّحَالِ (1) أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال وَبِحَدِيثِ مُعَاوِيَةَ نَقُولُ وهو يُوَافِقُ حَدِيثَ أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَفِيهِ تَفْسِيرٌ ليس في حديث أبي سَعِيدٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فيحب ( ( ( فيجب ) ) ) لِكُلِّ من كان خَارِجًا من الصَّلَاةِ من قَارِئٍ أو ذَاكِرٍ أو صَامِتٍ أو مُتَحَدِّثٍ أَنْ يَقُولَ كما يقول الْمُؤَذِّنُ وفي حَيَّ على الصَّلَاةِ حَيَّ على الْفَلَاحِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ وَمَنْ كان مُصَلِّيًا مَكْتُوبَةً أو نَافِلَةً فَأَحَبُّ إلى أَنْ يَمْضِيَ فيها وَأُحِبُّ إذَا فَرَغَ أَنْ يَقُولَ ما أَمَرْت من كان خَارِجًا من الصَّلَاةِ أَنْ يَقُولَهُ وَإِنْ قَالَهُ مُصَلٍّ لم يَكُنْ مُفْسِدًا لِلصَّلَاةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَالِاخْتِيَارُ أَنْ لَا يَقُولَهُ - * بَابُ جِمَاعِ لُبْسِ الْمُصَلِّي - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قال اللَّهُ عز وجل { خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كل مَسْجِدٍ } + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَقِيلَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وتعالي أَعْلَمُ أنه الثِّيَابُ وهو يُشْبِهُ ما قِيلَ وقال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لَا يُصَلِّي أحدكم في الثَّوْبِ الْوَاحِدِ ليس على عَاتِقِهِ منه شَيْءٌ فَدَلَّ على أَنْ ليس لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَ إلَّا لَابِسًا إذَا قَدَرَ على ما يَلْبَسُ وَأَمَرَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِغُسْلِ دَمِ الْحَيْضِ من الثَّوْبِ وَالطَّهَارَةُ إنَّمَا تَكُونُ في الصَّلَاةِ فَدَلَّ على أَنَّ على الْمَرْءِ لَا يصلى إلَّا في ثَوْبٍ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأُحِبُّ للامام أَنْ يَأْمُرَ بهذا إذَا فَرَغَ الْمُؤَذِّنُ من أَذَانِهِ وَإِنْ قَالَهُ في أَذَانِهِ فَلَا بَأْسَ عليه وإذا تَكَلَّمَ بِمَا يُشْبِهُ هذا خَلْفَ الْأَذَانِ من مَنَافِعِ الناس فَلَا بَأْسَ وَلَا أُحِبُّ الْكَلَامَ في الْأَذَانِ بِمَا لَيْسَتْ فيه لِلنَّاسِ مَنْفَعَةٌ وَإِنْ تَكَلَّمَ لم يُعِدْ أَذَانًا وَكَذَلِكَ إذَا تَكَلَّمَ في الْإِقَامَةِ كَرِهْتُهُ ولم يَكُنْ عليه إعَادَةُ إقَامَةٍ - * بَابٌ في الْقَوْلِ مِثْلَ ما يقول الْمُؤَذِّنُ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن بن شِهَابٍ عن عَطَاءِ بن يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال إذَا سَمِعْتُمْ النِّدَاءَ فَقُولُوا مِثْلَ ما يقول الْمُؤَذِّنُ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا سُفْيَانُ عن مُجَمِّعِ بن يحيى قال أخبرني أبو أُمَامَةَ عن بن شِهَابٍ أَنَّهُ سمع مُعَاوِيَةَ يقول سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يقول إذَا قال الْمُؤَذِّنُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ قال أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وإذا قال أَشْهَد أَنَّ مُحَمَّدًا رسول اللَّهِ قال وأنا ثُمَّ سَكَتَ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا سُفْيَانُ عن طَلْحَةَ بن يحيى عن عَمِّهِ عِيسَى بن طَلْحَةَ قال سَمِعْت مُعَاوِيَةَ يحدث مثله عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا عبدالمجيد بن عبد الْعَزِيزِ عن بن جُرَيْجٍ قال أخبرني عَمْرُو بن يحيى الْمَازِنِيُّ أَنَّ عِيسَى بن عُمَرَ أخبره عن عبد اللَّهِ بن عَلْقَمَةَ بن وَقَّاصٍ قال إنِّي لَعِنْدَ مُعَاوِيَةَ إذْ أَذَّنَ مُؤَذِّنُهُ فقال مُعَاوِيَةُ كما قال مُؤَذِّنُهُ حتى إذَا قال حَيَّ على الصَّلَاةِ قال لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ وَلَمَّا قال حَيَّ على الْفَلَاحِ قال مُعَاوِيَةُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ ثُمَّ قال بَعْدَ ذلك ما قال الْمُؤَذِّنُ ثُمَّ قال سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يقول ذلك
(1/88)
________________________________________
طَاهِرٍ وَإِذْ أَمَرَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِتَطْهِيرِ الْمَسْجِدِ من نَجَسٍ لِأَنَّهُ يُصَلَّى فيه وَعَلَيْهِ فما يُصَلَّى فيه أَوْلَى أَنْ يُطَهَّرَ وقد تَأَوَّلَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ قَوْلَ اللَّهِ عز وجل { وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ } قال طَهِّرْ ثِيَابَكَ لِلصَّلَاةِ وَتَأَوَّلَهَا غَيْرُهُمْ علي غَيْرِ هذا الْمَعْنَى وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ ( قال ) وَلَا يُصَلِّي الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ إلَّا مُتَوَارِيَيْ الْعَوْرَةِ ( قال ) وَكَذَلِكَ إنْ صَلَّيَا في ثَوْبٍ غَيْرِ طَاهِرٍ أَعَادَا فَإِنْ صَلَّيَا وَهُمَا يَقْدِرَانِ على مُوَارَاةِ عَوْرَتِهِمَا غير مُتَوَارِيَيْ الْعَوْرَةِ أَعَادَا عَلِمَا حين صَلَّيَا أو لم يَعْلَمَا في الْوَقْتِ أو غَيْرِ الْوَقْتِ من أَمَرْتُهُ بِالْإِعَادَةِ أَبَدًا أَمَرْتُهُ بها بِكُلِّ حَالٍ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَعَوْرَةُ الرَّجُلِ ما دُونَ سُرَّتِهِ إلَى رُكْبَتَيْهِ ليس سُرَّتُهُ وَلَا رُكْبَتَاهُ من عَوْرَتِهِ وَعَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تُغَطِّيَ في الصَّلَاةِ كُلَّ بَدَنِهَا ما عَدَا كَفَّهَا وَوَجْهَهَا وَمَنْ صلى وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ نَجَسٌ أو يَحْمِلُ شيئا نَجِسًا أَعَادَ الصَّلَاةَ وَإِنْ صلى يَحْمِلُ كَلْبًا أو خِنْزِيرًا أو خَمْرًا أو دَمًا أو شيئا من مَيْتَةٍ أو جِلْدِ مَيْتَةٍ لم يُدْبَغْ أَعَادَ الصَّلَاةَ وَسَوَاءٌ قَلِيلُ ذلك أو كثيرة وَإِنْ صلى وهو يَحْمِلُ حَيًّا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ غير كَلْبٍ أو خِنْزِيرٍ لم يُعِدْ حيه كان أو غير حيه وَإِنْ كان مَيْتَةً أَعَادَ وَالثِّيَابُ كُلُّهَا على الطَّهَارَةِ حتى يَعْلَمَ فيها نَجَاسَةً وَإِنْ كانت ثِيَابُ الصِّبْيَانِ الَّذِينَ لَا يَتَوَقَّوْنَ النَّجَاسَةَ وَلَا يَعْرِفُونَهَا أو ثِيَابُ الْمُشْرِكِينَ كُلُّهَا أو أُزُرُهُمْ وَسَرَاوِيلَاتُهُمْ وَقُمُصُهُمْ ليس منها شَيْءٌ يُعِيدُ من صلى فيه الصَّلَاةَ حتى يَعْلَمَ أَنَّ فيه نَجَاسَةً وَهَكَذَا الْبُسُطُ وَالْأَرْضُ على الطَّهَارَةِ حتى تُعْلَمَ نَجَاسَةٌ وَأَحَبُّ إلَيَّ لو توقي ثِيَابَ الْمُشْرِكِينَ كُلَّهَا ثُمَّ ما يلى سِفْلَتِهِمْ منها مِثْلُ الْأُزُرِ وَالسَّرَاوِيلَاتِ فَإِنْ قال قَائِلٌ ما دَلَّ على ما وَصَفْت
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكُ بن أَنَسٍ عن عَامِرِ بن عبد اللَّهِ بن الزُّبَيْرِ عن عَمْرِو بن سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ عن أبي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم كان يصلى وهو حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ أبي الْعَاصِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَثَوْبُ أُمَامَةَ ثَوْبُ صَبِيٍّ - * بَابُ كَيْفَ لُبْسُ الثِّيَابِ في الصَّلَاةِ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرنا مَالِكٌ عن أبي الزِّنَادِ عن الْأَعْرَجِ عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال لَا يُصَلِّينَ أحدكم في الثَّوْبِ الْوَاحِدِ ليس على عَاتِقِهِ منه شَيْءٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَاحْتَمَلَ قَوْلُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لَا يُصَلِّينَ أحدكم في الثَّوْبِ الْوَاحِدِ ليس على عَاتِقِهِ منه شَيْءٌ أَنْ يَكُونَ اخْتِيَارًا وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ لَا يُجْزِيهِ غَيْرُهُ فلما حَكَى جَابِرٌ ما وَصَفْت وَحَكَتْ مَيْمُونَةُ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ كان يصلى في ثَوْبٍ وَاحِدٍ بَعْضُهُ عليه وَبَعْضُهُ عليها دَلَّ ذلك على أَنَّهُ صلى فِيمَا صلى فيه من ثَوْبِهَا مُؤْتَزِرًا بِهِ لِأَنَّهُ لَا يَسْتُرُهُ أَبَدًا إلَّا مُؤْتَزِرًا بِهِ إذَا كان بَعْضُهُ على غَيْرِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَعَلِمْنَا أَنَّ نَهْيَهُ أَنْ يُصَلَّى في الثَّوْبِ الْوَاحِدِ ليس على عَاتِقِهِ منه شَيْءٌ اخْتِيَارًا وَأَنَّهُ يجزى الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ كُلَّ وَاحِدٍ أَنْ يصلى متوارى ( ( ( متواريي ) ) ) الْعَوْرَةِ وَعَوْرَةُ الرَّجُلِ ما وَصَفْت وَكُلُّ الْمَرْأَةِ عَوْرَةٌ إلَّا كَفَّيْهَا وَوَجْهَهَا وَظَهْرَ قَدَمَيْهَا عَوْرَةٌ فإذا انْكَشَفَ من الرَّجُلِ في صَلَاتِهِ شَيْءٌ مِمَّا بين سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ وَمِنْ الْمَرْأَةِ في صَلَاتِهَا شَيْءٌ من شَعْرِهَا قَلَّ أو كَثُرَ وَمِنْ جَسَدِهَا سِوَى وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا وما يَلِي الْكَفَّ من مَوْضِعِ مِفْصَلِهَا وَلَا يَعْدُوهُ عَلِمَا أَمْ لم يَعْلَمَا أَعَادَا الصَّلَاةَ مَعًا إلَّا أَنْ يَكُونَ تَنْكَشِفُ بِرِيحٍ أو سَقْطَةٍ ثُمَّ يُعَادُ مَكَانَهُ لَا لُبْثَ في ذلك فَإِنْ لَبِثَ بَعْدَهَا قَدْرَ ما يُمْكِنُهُ إذَا عَاجَلَهُ مَكَانَهُ إعَادَتُهُ أَعَادَ وَكَذَلِكَ هِيَ ( قال ) ويصلى الرَّجُلُ في السَّرَاوِيلِ إذَا وَارَى ما بين السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَالْإِزَارُ أَسْتَرُ وَأَحَبُّ منه ( قال ) وَأَحَبُّ إلى أَنْ لَا يصلى إلَّا وَعَلَى عَاتِقِهِ شَيْءٌ عِمَامَةٌ أو غَيْرُهَا وَلَوْ حَبْلًا يَضَعُهُ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكُلُّ ما وَارَى الْعَوْرَةَ غَيْرُ نَجَسٍ أَجْزَأَتْ الصَّلَاةُ فيه
(1/89)
________________________________________
- * بَابُ الصَّلَاةِ في الْقَمِيصِ الْوَاحِدِ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرنا الْعَطَّافُ بن خَالِدٍ الْمَخْزُومِيُّ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بن مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ عن موسي بن إبْرَاهِيمَ بن عبد الرحمن بن عبد اللَّهِ بن أبي رَبِيعَةَ عن سَلَمَةَ بن الْأَكْوَعِ قال قُلْت يا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا نَكُونُ في الصَّيْدِ أفيصلى أَحَدُنَا في الْقَمِيصِ الْوَاحِدِ قال نعم وَلْيَزُرَّهُ وَلَوْ بِشَوْكَةٍ وَلَوْ لم يَجِدْ إلَّا أَنْ يُخِلَّهُ بِشَوْكَةٍ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وهو يُخَالِفُ الرَّجُلَ يصلى مُتَوَشِّحًا التَّوَشُّحُ مَانِعٌ لِلْعَوْرَةِ أَنْ تُرَى وَيُخَالِفُ الْمَرْأَةَ تصلى في الدِّرْعِ وَالْخِمَارِ وَالْمِقْنَعَةِ وَالْخِمَارُ وَالْمِقْنَعَةُ سَاتِرَانِ عَوْرَةَ الْجَيْبِ فَإِنْ صلى الرَّجُلُ في قَمِيصٍ غَيْرِ مَزْرُورٍ وَفَوْقَهُ عِمَامَةٌ أو رِدَاءٌ أو إزَارٌ يَضُمُّ مَوْضِعَ الْجَيْبِ حتى يَمْنَعَهُ من أَنْ يَنْكَشِفَ أو ما دُونَهُ إلَى الْعَوْرَةِ حتى لو انْكَشَفَ لم تُرَ عَوْرَتُهُ أَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ وَكَذَلِكَ إنْ صلى حَازِمًا فَوْقَ عَوْرَتِهِ بِحَبْلٍ أو خَيْطٍ لِأَنَّ ذلك يَضُمُّ الْقَمِيصَ حتى يَمْنَعَ عَوْرَةَ الْجَيْبِ وَإِنْ كان الْقَمِيصُ مَزْرُورًا وَدُونَ الْجَيْبِ أو حِذَاءَهُ شِقٌّ له عَوْرَةٌ كَعَوْرَةِ الْجَيْبِ لم تُجْزِهِ الصَّلَاةُ فيه إلَّا كما تُجْزِيهِ في الْجَيْبِ وَإِنْ صلى في قَمِيصٍ فيه خَرْقٌ على شَيْءٍ من الْعَوْرَةِ وَإِنْ قَلَّ لم تُجْزِهِ الصَّلَاةُ وَإِنْ صلى في قَمِيصٍ يَشِفُّ عنه لم تُجْزِهِ الصَّلَاةُ وَإِنْ صلى في قَمِيصٍ فيه خَرْقٌ على غَيْرِ الْعَوْرَةِ ليس بِوَاسِعٍ تُرَى منه الْعَوْرَةُ أَجْزَأَتْهُ الصَّلَاةُ وَإِنْ كانت الْعَوْرَةُ تُرَى منه لم تُجْزِهِ الصَّلَاةُ فيه وَهَكَذَا الْخَرْقُ في الْإِزَارِ يصلى فيه وَأُحِبُّ أَنْ لَا يصلى في الْقَمِيصِ إلَّا وَتَحْتَهُ إزَارٌ أو سَرَاوِيلُ أو فَوْقَهُ سُتْرَةٌ فَإِنْ صلى في قَمِيصٍ وَاحِدٍ يَصِفُهُ ولم يَشِفَّ كَرِهْت له وَلَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ عليه إعَادَةُ الصَّلَاةِ وَالْمَرْأَةُ في ذلك أَشَدُّ حَالًا من الرَّجُلِ إذَا صَلَّتْ في دِرْعٍ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَبِهَذَا نَقُولُ وَثِيَابُ الْقَوْمِ كانت صِفَاقًا فإذا كان الْقَمِيصُ صَفِيقًا لَا يَشِفُّ عن لَابِسِهِ صلى في الْقَمِيصِ الْوَاحِدِ وَزَرَّهُ أو خَلَّهُ بِشَيْءٍ أو رَبَطَهُ لِئَلَّا يَتَجَافَى الْقَمِيصُ فَيَرَى من الْجَيْبِ عَوْرَتَهُ أو يَرَاهَا غَيْرُهُ فَإِنْ صلى في قَمِيصٍ أو ثَوْبٍ مَعْمُولٍ عَمَلَ الْقَمِيصِ من جُبَّةٍ أو غَيْرِهَا غير مَزْرُورٍ أَعَادَ الصَّلَاةَ
(1/90)
________________________________________
وَخِمَارٍ يَصِفُهَا الدِّرْعُ وَأَحَبُّ إلى أَنْ لَا تصلى إلَّا في جِلْبَابٍ فَوْقَ ذلك وَتُجَافِيهِ عنها لِئَلَّا يَصِفَهَا الدِّرْعُ - * بَابُ ما يُصَلَّى عليه مِمَّا يُلْبَسُ وَيُبْسَطُ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وقال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَيُّمَا إهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلَّى في جُلُودِ الْمَيْتَةِ وَالسِّبَاعِ وَكُلِّ ذِي رُوحٍ إذَا دُبِغَ إلَّا الْكَلْبَ وَالْخِنْزِيرَ وَيُصَلَّى في جِلْدِ كل ذكى يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَإِنْ لم يَكُنْ مَدْبُوغًا فَأَمَّا ما لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَذَكَاتُهُ وَغَيْرُ ذَكَاتِهِ سَوَاءٌ لَا يُطَهِّرُهُ إلَّا الدِّبَاغُ وَجِلْدُ الذَّكِيِّ يَحِلُّ أَكْلُهُ وَإِنْ كان غير مَدْبُوغٍ ( قال ) وما قُطِعَ من جِلْدِ ما يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وما لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَهُوَ مَيْتَةٌ لَا يُطَهِّرُهُ إلَّا الدِّبَاغُ وَأَنْهَى الرِّجَالَ عن ثِيَابِ الْحَرِيرِ فَمَنْ صلى فيها منهم لم يُعِدْ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجِسَةٍ وَإِنَّمَا تَعَبَّدُوا بِتَرْكِ لُبْسِهَا لَا أنها نَجِسَةٌ لِأَنَّ أَثْمَانَهَا حَلَالٌ وَإِنَّ النِّسَاءَ يَلْبَسْنَهَا وَيُصَلِّينَ فيها وَكَذَلِكَ أَنْهَاهُمْ عن لُبْسِ الذَّهَبِ خَوَاتِيمَ وَغَيْرَ خَوَاتِيمَ وَلَوْ لَبِسُوهُ فَصَلَّوْا فيه كَانُوا مُسِيئِينَ بِاللُّبْسِ عَاصِينَ إنْ كَانُوا عَلِمُوا بِالنَّهْيِ ولم يَكُنْ عليهم أعادة صَلَاةٍ لِأَنَّهُ ليس من الْأَنْجَاسِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْأَنْجَاسَ على الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ سَوَاءٌ وَالنِّسَاءُ يُصَلِّينَ في الذَّهَبِ - * بَابُ صَلَاةِ الْعُرَاةِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وإذا غَرِقَ الْقَوْمُ فَخَرَجُوا عُرَاةً كلهم أو سُلِبُوا في طَرِيقٍ ثِيَابَهُمْ أو احْتَرَقَتْ فيه فلم يَجِدْ أَحَدٌ منهم ثَوْبًا وَهُمْ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ صَلَّوْا فُرَادَى وَجَمَاعَةً رِجَالًا وَحْدَهُمْ قِيَامًا يَرْكَعُونَ وَيَسْجُدُونَ وَيَقُومُ إمَامُهُمْ وَسَطُهُمْ وَيَغُضُّ بَعْضُهُمْ عن بَعْضٍ وَتَنَحَّى النِّسَاءُ فَاسْتَتَرْنَ إنْ وَجَدْنَ سِتْرًا عَنْهُمْ فَصَلَّيْنَ جَمَاعَةً أَمَّتْهُنَّ إحْدَاهُنَّ وَتَقُومُ وَسَطَهُنَّ وَيَغُضُّ بعضهن ( ( ( بعضهم ) ) ) عن بَعْضٍ وَيَرْكَعْنَ وَيَسْجُدْنَ وَيُصَلِّينَ قِيَامًا كما وَصَفْت فَإِنْ كَانُوا في ضِيقٍ لَا سِتْرَ بَيْنَهُمْ من الْأَرْضِ وَلَّيْنَ وُجُوهَهُنَّ عن الرِّجَالِ حتى إذَا صَلَّوْا وَلَّى الرِّجَالُ وُجُوهَهُمْ عَنْهُنَّ حتى يُصَلِّينَ كما وَصَفْت وَلَيْسَ على وَاحِدٍ منهم إعَادَةٌ إذَا وَجَدَ ثَوْبًا في وَقْتٍ وَلَا غَيْرِهِ وَإِنْ كان مع أَحَدِهِمْ ثَوْبٌ أَمَّهُمْ إنْ كان يُحْسِنُ يَقْرَأُ فَإِنْ لم يَكُنْ يُحْسِن يَقْرَأُ صلى وَحْدَهُ ثُمَّ أَعَارَ لِمَنْ بقى ثَوْبَهُ وَصَلَّوْا وَاحِدًا وَاحِدًا فَإِنْ امْتَنَعَ من أَنْ يُعِيرَهُمْ ثَوْبَهُ فَقَدْ أَسَاءَ وَتَجْزِيهِمْ الصَّلَاةُ وَلَيْسَ لهم مُكَابَرَتُهُ عليه وَإِنْ كان معه نِسَاءٌ فأن يُعِيرُهُ لِلنِّسَاءِ أَوْجَبُ عليه وَيَبْدَأُ بِهِنَّ فإذا فَرَغْنَ أَعَارَ الرِّجَالَ فإذا أَعَارَهُمْ إيَّاهُ لم يَسَعْ وَاحِدًا منهم أَنْ يصلى وَانْتَظَرَ صَلَاةَ غَيْرِهِ لَا يصلى حتى يصلى لَابِسًا فَإِنْ صلى وقد أَعْطَاهُ إيَّاهُ عُرْيَانًا أَعَادَ خَافَ ذَهَابَ الْوَقْتِ أو لم يَخَفْهُ وَإِنْ كان مَعَهُمْ أو مع وَاحِدٍ منهم ثَوْبٌ نَجَسٌ لم يُصَلِّ فيه وَتُجْزِيهِ الصَّلَاةُ عُرْيَانًا إذَا كان ثَوْبُهُ غَيْرُ طَاهِرٍ وإذا وَجَدَ ما يوارى بِهِ عَوْرَتَهُ من وَرَقٍ وَشَجَرٍ يَخْصِفُهُ عليه أو جِلْدٍ أو غَيْرِهِ مِمَّا ليس بِنَجَسٍ لم يَكُنْ له أَنْ يُصَلِّيَ بِحَالٍ الا متوارى الْعَوْرَةِ وَكَذَلِكَ إنْ لم يَجِدْ إلَّا ما يوارى ذَكَرَهُ وَدُبُرَهُ لم يَكُنْ له أَنْ يُصَلِّيَ حتى يُوَارِيَهُمَا مَعًا وَكَذَلِكَ إنْ لم يَجِدْ إلَّا ما يُوَارِي أَحَدَهُمَا لم يَكُنْ له أَنْ يصلى حتى يوارى ما وَجَدَ إلَى مُوَارَاتِهِ سَبِيلًا وإذا كان ما يوارى أَحَدَ فَرْجَيْهِ دُونَ الْآخَرِ يوارى الذَّكَرَ دُونَ الدُّبُرِ لِأَنَّهُ لَا حَائِلَ دُونَ الذَّكَرِ يَسْتُرُهُ وَدُونَ الدُّبُرِ حَائِلٌ من إليتيه وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ في قُبُلِهَا وَدُبُرِهَا وإذا كان هو وَامْرَأَتُهُ عُرْيَانَيْنِ أَحْبَبْت إنْ وَجَدَ ما يُوَارِيهَا بِهِ أَنْ يُوَارِيَهَا لِأَنَّ عَوْرَتَهَا أَعْظَمُ حُرْمَةً من عَوْرَتِهِ وَإِنْ اسْتَأْثَرَ بِذَلِكَ دُونَهَا فَقَدْ أَسَاءَ وَتُجْزِئُهَا صَلَاتُهَا وَإِنْ مَسَّ ذَكَرَهُ لِيَسْتُرَهُ أو مَسَّتْ فَرْجَهَا لِتَسْتُرَهُ أعاد ( ( ( أعادا ) ) ) الْوُضُوءَ مَعًا وَلَكِنْ لِيُبَاشِرَا من وَرَاءِ شَيْءٍ لَا يُفْضِيَانِ إلَيْهِ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى صلى رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم في نَمِرَةً وَالنَّمِرَةُ صُوفٌ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلَّى في الصُّوفِ وَالشَّعْرِ وَالْوَبَرِ ويصلي عليه
(1/91)
________________________________________
- * بَابُ جِمَاعِ ما يُصَلَّى عليه وَلَا يُصَلَّى من الْأَرْضِ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرنا بن عُيَيْنَةَ عن عَمْرِو بن يحيى الْمَازِنِيِّ عن أبيه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ إلَّا الْمَقْبَرَةَ وَالْحَمَّامَ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَبِهَذَا نَقُولُ وَمَعْقُولٌ أَنَّهُ كما جاء في الحديث وَلَوْ لم يُبَيِّنْهُ لِأَنَّهُ ليس لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَ على أَرْضٍ نَجِسَةٍ لِأَنَّ الْمَقْبَرَةَ مُخْتَلِطَةُ التُّرَابِ بِلُحُومِ الْمَوْتَى وَصَدِيدِهِمْ وما يَخْرُجُ منهم وَذَلِكَ مَيْتَةٌ وَإِنَّ الْحَمَّامَ ما كان مَدْخُولًا يَجْرِي عليه الْبَوْلُ وَالدَّمُ وَالْأَنْجَاسُ ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْمَقْبَرَةُ الْمَوْضِعُ الذي يُقْبَرُ فيها الْعَامَّةُ وَذَلِكَ كما وَصَفْت مُخْتَلِطَةُ التُّرَابِ بِالْمَوْتَى وَأَمَّا صَحْرَاءُ لم يُقْبَرْ فيها قَطُّ قَبَرَ فيها قَوْمٌ مَاتَ لهم مَيِّتٌ ثُمَّ لم يُحَرَّكْ الْقَبْرُ فَلَوْ صلى رَجُلٌ إلي جَنْبِ ذلك الْقَبْرِ أو فَوْقَهُ كَرِهْتُهُ له ولم آمُرْهُ يُعِيدُ لِأَنَّ الْعِلْمَ يُحِيطُ بِأَنَّ التُّرَابَ طَاهِرٌ لم يَخْتَلِطْ فيه شَيْءٌ وَكَذَلِكَ لو قُبِرَ فيه مَيِّتَانِ أو مَوْتَى فَإِنْ غَابَ أَمْرُهَا عن رَجُلٍ لم يَكُنْ له أَنْ يصلى فيها لِأَنَّهَا على أنها مَقْبَرَةٌ حتى يَعْلَمَ أنها لَيْسَتْ بِمَقْبَرَةٍ وَأَنْ يَكُونَ يُحِيطُ الْعِلْمُ أَنَّهُ لم يُدْفَنْ فيها قَطُّ قبل من دُفِنَ فيها ولم يَنْبُشْ أَحَدٌ منهم لِأَحَدٍ وَاَلَّذِي يُنَجِّسُ الْأَرْضَ شَيْئَانِ شَيْءٌ يَخْتَلِطُ بِالتُّرَابِ لَا يَتَمَيَّزُ منه شَيْءٌ وَشَيْءٌ يَتَمَيَّزُ من التُّرَابِ وما لَا يَخْتَلِطُ من التُّرَابِ وَلَا يَتَمَيَّزُ منه مُتَفَرِّقٌ فإذا كان جَسَدًا يَخْتَلِطُ بِالتُّرَابِ وَيُعْقَلُ أَنَّهُ جَسَدٌ قَائِمٌ فيه كَلُحُومِ الْمَوْتَى وَعِظَامِهِمْ وَعَصَبِهِمْ وَإِنْ كان غير مَوْجُودٍ لِغَلَبَةِ التُّرَابِ عليه وَكَيْنُونَتِهِ كَهُوَ في الْأَرْضِ التي يَخْتَلِطُ بها هذا لَا يُطَهَّرُ وَإِنْ أتى عليه الْمَاءُ وَكَذَلِكَ الدَّمُ وَالْخَلَاءُ وما في مَعَانِيهِمَا مِمَّا لو انْفَرَدَ كان جَسَدًا قَائِمًا وَمِمَّا يُزَالُ إنْ كان مُسْتَجْسِدًا فَيَزُولُ وَيُنَحَّى فَيَخْلُو الْمَوْضِعُ منه ما كان تَحْتَهُ من تُرَابٍ أو غَيْرِهِ بِحَالِهِ وَشَيْءٌ يَكُونُ كَالْمَاءِ إذَا خَالَطَ التُّرَابَ نَشَّفَهُ أو الْأَرْضَ تُنَشِّفُهُ وَذَلِكَ مِثْلُ الْبَوْلِ وَالْخَمْرِ وما في مَعْنَاهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْأَرْضُ تَطْهُرُ من هذا بِأَنْ يُصَبَّ عليه الْمَاءُ حتى يَصِيرَ لَا يُوجَدُ وَلَا يُعْقَلُ فيها منه جَسَدٌ وَلَا لَوْنٌ - * بَابُ الصَّلَاةِ في أَعْطَانِ الْإِبِلِ وَمُرَاحِ الْغَنَمِ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ عن عُبَيْدِ اللَّهِ بن طَلْحَةَ بن كُرَيْزٍ عن الْحَسَنِ عن عبد اللَّهِ بن مُغَفَّلٍ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال إذَا أَدْرَكْتُكُمْ الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ في أَعْطَانِ الْإِبِلِ فَاخْرُجُوا منها فَصَلُّوا فَإِنَّهَا جِنٌّ من جِنٍّ خُلِقَتْ أَلَا تَرَوْنَهَا إذَا نَفَرَتْ كَيْفَ تَشْمَخُ بِآنَافِهَا وإذا أَدْرَكْتُكُمْ الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ في مُرَاحِ الْغَنَمِ فَصَلُّوا فيها فَإِنَّهَا سكينه وبركه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَبِهَذَا نَأْخُذُ وَمَعْنَاهُ عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ على ما يُعْرَفُ من مُرَاحِ الْغَنَمِ وَأَعْطَانِ الْإِبِلِ أَنَّ الناس يُرِيحُونَ الْغَنَمَ في أَنْظَفِ ما يَجِدُونَ من الْأَرْضِ لِأَنَّهَا تَصْلُحُ على ذلك وَالْإِبِلُ تَصْلُحُ على الدَّقَعِ من الْأَرْضِ فَمَوَاضِعُهَا التي تُخْتَارُ من الْأَرْضِ أَدْقَعُهَا وَأَوْسَخُهَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْمُرَاحُ وَالْعَطَنُ اسْمَانِ يَقَعَانِ على مَوْضِعٍ من الْأَرْضِ وَإِنْ لم يَعْطَنْ ولم يُرَوَّحْ إلَّا الْيَسِيرُ منها فَالْمُرَاحُ ما طَابَتْ تُرْبَتُهُ وَاسْتُعْمِلَتْ أَرْضُهُ وَاسْتَذْرَى من مَهَبِّ الشِّمَالِ مَوْضِعُهُ وَالْعَطَنُ قُرْبَ الْبِئْرِ التي تُسْقَى منها الْإِبِلُ تَكُونُ الْبِئْرُ في مَوْضِعٍ وَالْحَوْضُ قَرِيبًا منها فَيُصَبُّ فيه فَيُمْلَأُ فَتُسْقَى الْإِبِلُ ثُمَّ تُنَحَّى عن الْبِئْرِ شيئا حتى تَجِدَ الْوَارِدَةُ مَوْضِعًا فَذَلِكَ عَطَنٌ ليس أَنَّ الْعَطَنَ مُرَاحُ الْإِبِلِ التي تَبِيتُ فيه نَفْسُهُ وَلَا الْمُرَاحُ مُرَاحُ الْغَنَمِ التي تَبِيتُ فيه نَفْسِهِ دُونَ ما قَارَبَهُ وفي قَوْلِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لَا تُصَلُّوا في أَعْطَانِ الْإِبِلِ فَإِنَّهَا جِنٌّ من جِنٍّ خُلِقَتْ دَلِيلٌ على أَنَّهُ إنَّمَا نهى عنها كما قال صلى اللَّهُ عليه وسلم حين نَامَ عن الصَّلَاةِ اُخْرُجُوا بِنَا من هذا الْوَادِي فإنه وَادٍ بِهِ شَيْطَانٌ فَكَرِهَ أَنْ يصلى في قُرْبِ الشَّيْطَانِ فَكَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ قُرْبَ الْإِبِلِ لِأَنَّهَا خُلِقَتْ من جِنٍّ لَا لِنَجَاسَةِ مَوْضِعِهَا وقال في الْغَنَمِ هِيَ من دَوَابِّ الْجَنَّةِ فَأَمَرَ أَنْ يُصَلَّى في مُرَاحِهَا يَعْنِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ في الْمَوْضِعِ الذي يَقَعُ عليه اسْمُ مُرَاحِهَا الذي
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَجَدْت هذا الحديث في كِتَابِي في مَوْضِعَيْنِ أَحَدُهُمَا مُنْقَطِعٌ وَالْآخَرُ عن أبي سَعِيدٍ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم
(1/92)
________________________________________
لَا بَعْرَ فيه وَلَا بَوْلَ ( قال ) وَلَا يَحْتَمِلُ الْحَدِيثُ مَعْنًى غَيْرَهُمَا وهو مُسْتَغْنٍ بِتَفْسِيرِ حديث النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَالدَّلَائِلُ عنه عن بَعْضِ هذا الْإِيضَاحِ ( قال ) فَمَنْ صلي على مَوْضِعٍ فيه بَوْلٌ أو بَعْرُ الْإِبِلِ أو غَنَمٍ أو ثَلْطُ الْبَقَرِ أو رَوْثُ الْخَيْلِ أو الْحَمِيرِ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ لِأَنَّ هذا كُلَّهُ نَجَسٌ وَمَنْ صلى قُرْبَهُ فَصَلَاتُهُ مُجْزِئَةٌ عنه وَأَكْرَهُ له الصَّلَاةَ في أَعْطَانِ الْإِبِلِ وَإِنْ لم يَكُنْ فيها قَذَرٌ لنهى النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم عنه فَإِنْ صلى أَجْزَأَهُ لِأَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم صلى فَمَرَّ بِهِ شَيْطَانٌ فَخَنَقَهُ حتى وَجَدَ بَرْدَ لِسَانِهِ على يَدِهِ فلم يُفْسِدْ ذلك صَلَاتَهُ وفي هذا دَلِيلٌ على أَنَّ نَهْيَهُ أَنْ يُصَلَّى في أَعْطَانِ الْإِبِلِ لِأَنَّهَا جِنٌّ لِقَوْلِهِ أخرجوا بِنَا من هذا الْوَادِي فإنه وَادٍ بِهِ شَيْطَانٌ اخْتِيَارٌ وَلَيْسَ يَمْتَنِعُ من أَنْ تَكُونَ الْجِنُّ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ من الْمَنَازِلِ وَلَا يَعْلَمُ ذلك أَحَدٌ بَعْدَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ ذَهَبَ ذَاهِبٌ إلَى أَنَّ أَبْوَالَ الْغَنَمِ لَيْسَتْ بِنَجِسَةٍ لِأَنَّ لُحُومَهَا تُؤْكَلُ قِيلَ فَلُحُومُ الْإِبِلِ تُؤْكَلُ وقد نهى عن الصَّلَاةِ في أَعْطَانِهَا فَلَوْ كان مَعْنَى أَمْرِهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِالصَّلَاةِ في مُرَاحِهَا على أَنَّ أَبْوَالَهَا حَلَالٌ لَكَانَتْ أَبْوَالُ الْإِبِلِ وَأَبْعَارُهَا حَرَامًا وَلَكِنْ مَعْنَاهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ عز وجل على ما وَصَفْنَا - * بَابُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ - * + أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال قال اللَّهُ عز وجل { وهو الذي جَعَلَ لَكُمْ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بها في ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ } وقال { وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ } وقال لِنَبِيِّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم { وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وحيث ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ } + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَنَصَبَ اللَّهُ عز وجل لهم الْبَيْتَ وَالْمَسْجِدَ فَكَانُوا إذَا رَأَوْهُ فَعَلَيْهِمْ اسْتِقْبَالُ الْبَيْتِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم صلى مُسْتَقْبِلَهُ وَالنَّاسُ معه حَوْلَهُ من كل جِهَةٍ وَدَلَّهُمْ بِالْعَلَامَاتِ التي خَلَقَ لهم وَالْعُقُولِ التي رَكَّبَ فِيهِمْ على قَصْدِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ وَقَصْدِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وهو قَصْدُ الْبَيْتِ الْحَرَامِ فَالْفَرْضُ على كل مصل ( ( ( مصلي ) ) ) فَرِيضَةً أو نَافِلَةً أو على جِنَازَةٍ أو سَاجِدٍ لِشُكْرٍ أو سُجُودِ قُرْآنٍ أَنْ يَتَحَرَّى اسْتِقْبَالَ الْبَيْتِ إلَّا في حَالَيْنِ أَرْخَصَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمَا سَأَذْكُرُهُمَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - * كَيْفَ اسْتِقْبَالُ الْبَيْتِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَاسْتِقْبَالُ الْبَيْتِ وَجْهَانِ فَكُلُّ من كان يَقْدِرُ على رُؤْيَةِ الْبَيْتِ مِمَّنْ بِمَكَّةَ في مَسْجِدِهَا أو مَنْزِلٍ منها أو سَهْلٍ أو جَبَلٍ فَلَا تُجْزِيهِ صَلَاتُهُ حتى يُصِيبَ اسْتِقْبَالَ الْبَيْتِ لِأَنَّهُ يُدْرِكُ صَوَابَ اسْتِقْبَالِهِ بِمُعَايَنَتِهِ وَإِنْ كان أَعْمَى وَسِعَهُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ بِهِ غَيْرُهُ الْبَيْتَ ولم يَكُنْ له أَنْ يصلى وهو لَا يَرَى الْبَيْتَ بِغَيْرِ أَنْ يَسْتَقْبِلَهُ بِهِ غَيْرُهُ فَإِنْ كان في حَالٍ لَا يَجِدُ أَحَدًا يَسْتَقْبِلُهُ بِهِ صلى وَأَعَادَ الصَّلَاةَ لِأَنَّهُ على غَيْرِ عِلْمٍ من أَنَّهُ أَصَابَ اسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ إذَا غَابَ عنه بِالدَّلَائِلِ التي جَعَلَهَا اللَّهُ من النُّجُومِ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالْجِبَالِ وَالرِّيَاحِ وَغَيْرِهَا مِمَّا يَسْتَدِلُّ بِهِ أَهْلُ الْخِبْرَةِ على التَّوَجُّهِ إلَى الْبَيْتِ وَإِنْ كان بَصِيرًا وَصَلَّى في ظُلْمَةٍ وَاجْتَهَدَ في اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ فَعَلِمَ أَنَّهُ أَخْطَأَ اسْتِقْبَالَهَا لم يُجْزِهِ إلَّا أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ من ظَنٍّ إلَى إحَاطَةٍ وَكَذَلِكَ إنْ كان أَعْمَى فَاسْتَقْبَلَ بِهِ رَجُلٌ الْقِبْلَةَ ثُمَّ عَلِمَ بِخَبَرِ من يَثِقُ بِهِ أَنَّهُ أَخْطَأَ بِهِ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) مع أَنَّ الْإِبِلَ نَفْسَهَا إنَّمَا تَعْمِدُ في الْبُرُوكِ إلَى أَدْقَعِ مَكَان تَجِدُهُ وَإِنَّ عَطَنَهَا وَإِنْ كان غير دَقَعٍ فَحِصَّتُهُ بِمَبَارِكِهَا وَتَمَرُّغِهَا حتى تُدْقِعَهُ أو تُقَرِّبَهُ من الْإِدْقَاعِ وَلَيْسَ ما كان هَكَذَا من مَوَاضِعِ الِاخْتِيَارِ من النَّظَافَةِ لِلْمُصَلَّيَاتِ فَإِنْ قال قَائِلٌ فَلَعَلَّ أَبْوَالَ الْإِبِلِ وما أُكِلَ لَحْمُهُ وَأَبْعَارَهُ لَا تُنَجِّسُ فَلِذَلِكَ أَمَرَ بِالصَّلَاةِ في مُرَاحِ الْغَنَمِ قِيلَ فَيَكُونُ إذًا نَهْيُهُ عن الصَّلَاةِ في أَعْطَانِ الْإِبِلِ لِأَنَّ أَبْوَالَهَا وَأَبْعَارَهَا تُنَجِّسُ وَلَكِنَّهُ ليس كما ذَهَبْت إلَيْهِ وَلَا يَحْتَمِلُهُ الْحَدِيثُ
(1/93)
________________________________________
اسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ أَعَادَ الصَّلَاةَ وَإِنْ صلى في ظُلْمَةٍ حَائِلَةٍ دُونَ رُؤْيَةِ الْبَيْتِ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ في ظُلْمَةٍ أو اُسْتُقْبِلَ بِهِ وهو أَعْمَى ثُمَّ شَكَّا إنهما قد أَخْطَآ الْكَعْبَةَ لم يَكُنْ عَلَيْهِمَا إعَادَةٌ وَهُمَا على الصَّوَابِ إذَا حِيلَ دُونَ رُؤْيَةِ الْبَيْتِ حتى يَعْلَمَا أَنْ قد أَخْطَآ فَيُعِيدَانِ مَعًا (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا أَطْبَقَ الْغَيْمُ لَيْلًا أو نَهَارًا لم يَسَعْ رَجُلًا الصَّلَاةُ إلَّا مُجْتَهِدًا في طَلَبِ الْقِبْلَةِ إمَّا بِجَبَلٍ وَإِمَّا بِبَحْرٍ أو بِمَوْضِعِ شَمْسٍ إنْ كان يَرَى شُعَاعًا أو قَمَرٍ إنْ كان يَرَى له نُورًا أو مَوْضِعِ نَجْمٍ أو مَهَبِّ رِيحٍ أو ما أَشْبَهَ هذا من الدَّلَائِلِ وَأَيُّ هذا كان إذَا لم يَجِدْ غَيْرَهُ أَجْزَأَهُ فَإِنْ غمى عليه كُلُّ هذا فلم يَكُنْ له فيه دَلَالَةٌ صلى على الْأَغْلَبِ عِنْدَهُ وَأَعَادَ تِلْكَ الصَّلَاةَ إذَا وَجَدَ دَلَالَةً وَقَلَّمَا يَخْلُو أَحَدٌ من الدَّلَالَةِ وإذا خَلَا منها صلى على الْأَغْلَبِ عِنْدَهُ وَأَعَادَ الصَّلَاةَ وَهَكَذَا إنْ كان أَعْمَى مُنْفَرِدًا أو مَحْبُوسًا في ظُلْمَةٍ أو دخل في حَالٍ لَا يَرَى فيها دَلَالَةَ صلي على الْأَغْلَبِ عِنْدَهُ وَكَانَتْ عليه الْإِعَادَةُ وَلَا تُجْزِيهِ صَلَاةٌ إلَّا بِدَلَالَةٍ على وَقْتٍ وَقِبْلَةٍ من نَفْسِهِ أو غَيْرِهِ إنْ كان لَا يَصِلُ إلَى رُؤْيَةِ الدَّلَالَةِ - * فِيمَنْ اسْتَبَانَ الْخَطَأَ بَعْدَ الِاجْتِهَادِ - *
أخبرنا مَالِكٌ عن عبد اللَّهِ بن دِينَارٍ عن عبد اللَّهِ بن عُمَرَ قال بَيْنَمَا الناس بِقُبَاءَ في صَلَاةِ الصُّبْحِ إذْ آتَاهُمْ آتٍ فقال إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قد أُنْزِلَ عليه اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ وقد أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إلَى الشَّامِ فَاسْتَدَارُوا إلَى الْكَعْبَةِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا غَابَ الْمَرْءُ عن الْبَيْتِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الذي فيه الْبَيْتُ فَاجْتَهَدَ فَرَأَى الْقِبْلَةَ في مَوْضِعٍ فلم يَدْخُلْ في الصَّلَاةِ حتى رَآهَا في مَوْضِعٍ آخَرَ صلى حَيْثُ رَأَى آخِرًا ولم يَسَعْهُ أَنْ يصلى حَيْثُ رَأَى أَوَّلًا وَعَلَيْهِ اجْتِهَادُهُ حتى يَدْخُلَ في الصَّلَاةِ ( قال ) وَلَوْ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ على اجْتِهَادِهِ ثُمَّ رَأَى الْقِبْلَةَ في غَيْرِهِ فَهَذَانِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا إنْ كانت قِبْلَتُهُ مَشْرِقًا فَغَمَّتْ السَّمَاءَ سَحَابَةٌ أو أَخْطَأَ بِدَلَالَةِ رِيحٍ أو غَيْرِهِ ثُمَّ تَجَلَّتْ الشَّمْسُ أو الْقَمَرُ أو النُّجُومُ فَعَلِمَ أَنَّهُ صلى مَشْرِقًا أو مَغْرِبًا لم يَعْتَدَّ بِمَا مَضَى من صَلَاتِهِ وسلم وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ على ما بَانَ له لِأَنَّهُ على يَقِينٍ من الْخَطَأِ في الْأَمْرِ الْأَوَّلِ فإن الْكَعْبَةَ في خِلَافِ الْمَوْضِعِ الذي صلى إلَيْهِ فَهُوَ إنْ لم يَرْجِعْ إلَى يَقِينِ صَوَابِ عَيْنِ الْكَعْبَةِ فَقَدْ رَجَعَ إلَى يَقِينِ صَوَابِ جِهَتِهَا وَتَبَيَّنَ خَطَأُ جِهَتِهِ التى صلى إلَيْهَا فَحُكْمُهُ حُكْمُ من صلى حَيْثُ يَرَى الْبَيْتَ مُجْتَهِدًا ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ أَخْطَأَ ( قال ) وَكَذَلِكَ إذَا تَرَكَ الشَّرْقَ كُلَّهُ وَاسْتَقْبَلَ ما بين الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَعَلَى كل من أَخْطَأَ يَقِينًا أَنْ يَرْجِعَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمَنْ كان في مَوْضِعٍ من مَكَّةَ لَا يَرَى منه الْبَيْتَ أو خَارِجًا عن مَكَّةَ فَلَا يَحِلُّ له أَنْ يَدَعَ كُلَّمَا أَرَادَ الْمَكْتُوبَةَ أَنْ يَجْتَهِدَ في طَلَبِ صَوَابِ الْكَعْبَةِ بِالدَّلَائِلِ من النُّجُومِ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالْجِبَالِ وَمَهَبِّ الرِّيحِ وَكُلِّ ما فيه عِنْدَهُ دَلَالَةٌ على الْقِبْلَةِ وإذا كان رِجَالٌ خَارِجُونَ من مَكَّةَ فَاجْتَهَدُوا في طَلَبِ الْقِبْلَةِ فَاخْتَلَفَ اجْتِهَادُهُمْ لم يَسَعْ وَاحِدًا منهم أَنْ يَتْبَعَ اجْتِهَادَ صَاحِبِهِ وَإِنْ رَآهُ أَعْلَمَ بِالِاجْتِهَادِ منه حتى يَدُلُّهُ صَاحِبُهُ على عَلَامَةٍ يَرَى هو بها أَنَّهُ قد أَخْطَأَ بِاجْتِهَادِهِ الْأَوَّلِ فيرجع ( ( ( يرجع ) ) ) إلَى ما رآى هو لِنَفْسِهِ آخَرَ إلَى اتِّبَاعِ اجْتِهَادِ غَيْرِهِ ويصلى كُلُّ وَاحِدٍ منهم على جِهَتِهِ التي رَأَى أَنَّ الْقِبْلَةَ فيها وَلَا يَسَعُ وَاحِدًا منهم أَنْ يَأْتَمَّ بِوَاحِدٍ إذَا خَالَفَ اجْتِهَادُهُ اجْتِهَادَهُ ( قال ) فإذا كان فِيهِمْ أَعْمَى لم يَسَعْهُ أَنْ يصلى إلَى حَيْثُ رأي أَنْ قد أَصَابَ الْقِبْلَةَ لِأَنَّهُ لَا يَرَى شيئا وَوَسِعَهُ أَنْ يصلى حَيْثُ رأي له بَعْضُهُمْ فَإِنْ اخْتَلَفُوا عليه تَبِعَ آمَنَهُمْ عِنْدَهُ وَأَبْصَرَهُمْ وَإِنْ خَالَفَهُ غَيْرُهُ ( قال ) وَإِنْ صلى الْأَعْمَى برأى نَفْسِهِ أو مُنْفَرِدًا كان في السَّفَرِ وَحْدَهُ أو هو وَغَيْرُهُ كانت عليه إعَادَةُ كل ما صلى برأى نَفْسِهِ لِأَنَّهُ لَا رأى له ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكُلُّ من دَلَّهُ على الْقِبْلَةِ من رَجُلٍ أو أمرأة أو عَبْدٍ من الْمُسْلِمِينَ وكان بَصِيرًا وَسِعَهُ أَنْ يَقْبَلَ قَوْلَهُ إذَا كان يُصَدِّقُهُ وَتَصْدِيقُهُ أَنْ لَا يَرَى أَنَّهُ كَذَبَهُ ( قال ) وَلَا يَسَعُهُ أَنْ يَقْبَلَ دَلَالَةَ مُشْرِكٍ وَإِنْ رَأَى أَنَّهُ قد صَدَّقَهُ لِأَنَّهُ ليس في مَوْضِعِ أَمَانَةٍ على الْقِبْلَةِ
(1/94)
________________________________________
إلَيْهِ وَيَقِينُ الْخَطَأِ يُوجَدُ بِالْجِهَةِ وَلَيْسَ على من أَخْطَأَ غَيْرُ يَقِينِ عَيْنٍ أَنْ يَرْجِعَ إلَيْهِ وَمَنْ رَأَى أَنَّهُ تَحَرَّفَ وهو مُسْتَيْقِنُ الْجِهَةِ فَالتَّحَرُّفُ لَا يَكُونُ يَقِينَ خَطَأٍ وَذَلِكَ أَنْ يَرَى أَنَّهُ قد أَخْطَأَ قَرِيبًا مِثْلُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَتُهُ شَرْقًا فَاسْتَقْبَلَ الشَّرْقَ ثُمَّ رَأَى قِبْلَتَهُ مُنْحَرِفَةً عن جِهَتِهِ التي اسْتَقْبَلَ يَمِينًا أو يَسَارًا وَتِلْكَ جِهَةٌ وَاحِدَةٌ مُشْرِقَةٌ لم يَكُنْ عليه إنْ صلى أَنْ يُعِيدَ وَلَا إنْ كان في صَلَاةٍ أَنْ يلغى ما مَضَى منها وَعَلَيْهِ أَنْ يَنْحَرِفَ إلَى اجْتِهَادِهِ الْآخَرِ فَيُكْمِلَ صَلَاتَهُ لِأَنَّهُ لم يَرْجِعْ من يَقِينِ خَطَأٍ إلَى يَقِينِ صَوَابِ جِهَةٍ وَلَا عَيْنٍ وَإِنَّمَا رَجَعَ من اجْتِهَادِهِ بِدَلَالَةٍ إلَى اجْتِهَادٍ بِمِثْلِهَا يُمْكِنُ فيه أَنْ يَكُونَ اجْتِهَادُهُ الْأَوَّلُ أَصْوَبَ من الْآخَرِ غير أَنَّهُ إنَّمَا كُلِّفَ أَنْ يَكُونَ في كل صَلَاتِهِ حَيْثُ يَدُلُّهُ اجْتِهَادُهُ على الْقِبْلَةِ ( قال ) وَهَكَذَا إنْ رَأَى بَعْدَ الِاجْتِهَادِ الثَّانِي وهو في الصَّلَاةِ أَنَّهُ انْحَرَفَ قَلِيلًا يَنْحَرِفُ إلَى حَيْثُ يَرَى تَكْمُلُ صَلَاتُهُ وَاعْتَدَّ بِمَا مَضَى فَإِنْ كان معه أَعْمَى انْحَرَفَ الْأَعْمَى بِتَحَرُّفِهِ وَلَا يَسَعُهُ غَيْرُ ذلك وَكَذَلِكَ في الْمَوْضِعِ الذي تُنْتَقَضُ فيه صَلَاتُهُ بِيَقِينِ خَطَأِ الْقِبْلَةِ تُنْتَقَضُ صَلَاةُ الْأَعْمَى معه إذَا أَعْلَمَهُ فَإِنْ لم يُعْلِمْهُ ذلك في مَقَامِهِ فَأَعْلَمَهُ إيَّاهُ بَعْدُ أَعَادَ الْأَعْمَى وَإِنْ اجْتَهَدَ بَصِيرٌ فَتَوَجَّهَ ثُمَّ عمى بَعْدَ التَّوَجُّهِ فَلَهُ أَنْ يمضى على جِهَتِهِ فَإِنْ اسْتَدَارَ عنها بِنَفْسِهِ أو أَدَارَهُ غَيْرُهُ قبل أَنْ تَكْمُلَ صَلَاتُهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ من صَلَاتِهِ وَيَسْتَقْبِلَ لها اجْتِهَادًا بِغَيْرِهِ فَإِنْ لم يَجِدْ غَيْرَهُ صَلَّاهَا وَأَعَادَهَا مَتَى وَجَدَ مُجْتَهِدًا بَصِيرًا غَيْرَهُ وَإِنْ اجْتَهَدَ مُجْتَهِدٌ أو جَمَاعَةٌ فَرَأَوْا الْقِبْلَةَ في مَوْضِعٍ فَصَلَّوْا إلَيْهَا جَمَاعَةً وَأَبْصَرَ من خَلْفَ الْإِمَامِ أَنْ قد أَخْطَأَ وَأَنَّ الْقِبْلَةَ مُنْحَرِفَةٌ عن مَوْضِعِهِ الذي تَوَجَّهَ إلَيْهِ انْحِرَافًا قَرِيبًا انْحَرَفَ إلَيْهِ فَصَلَّى لِنَفْسِهِ فَإِنْ كان يَرَى أَنَّ الرَّجُلَ إذَا كان خَلْفَ الْإِمَامِ ثُمَّ خَرَجَ من إمَامَةِ الْإِمَامِ قبل أَنْ يُكْمِلَ الْإِمَامُ صَلَاتَهُ وَصَارَ إمَامًا لِنَفْسِهِ فَصَلَاتُهُ مُجْزِيَةٌ عنه بَنَى على صَلَاتِهِ وَإِنْ كان يَرَى أَنَّهُ مُذْ خَرَجَ إلَى إمَامَةِ نَفْسِهِ قبل فَرَاغِ الْإِمَامِ من الصَّلَاةِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ عليه اسْتَأْنَفَ وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يَقْطَعَ الصَّلَاةَ وَيَسْتَقْبِلَ حَيْثُ رَأَى الْقِبْلَةَ ( قال ) وَهَكَذَا كُلُّ من خَلْفَهُ من أَوَّلِ صَلَاتِهِ وَآخِرِهَا ما لم يَخْرُجُوا من الصَّلَاةِ فَإِنْ كان الْإِمَامُ رَأَى الْقِبْلَةَ مُنْحَرِفَةً عن حَيْثُ تَوَجَّهَ تَوَجَّهَ إلَى حَيْثُ رَأَى ولم يَكُنْ لِأَحَدٍ مِمَّنْ وَرَاءَهُ أَنْ يَتَوَجَّهَ بِتَوَجُّهِهِ إلَّا أَنْ يَرَى مِثْلَ رَأْيِهِ فَمَنْ حَدَثَ له منهم مِثْلُ رَأْيِهِ تَوَجَّهَ بِتَوَجُّهِهِ وَمَنْ لم يَرَ مِثْلَ رَأْيِهِ خَرَجَ من أمامته وكان له أَنْ يبنى على صَلَاتِهِ مُنْفَرِدًا وَإِنَّمَا خَالَفَ بين هذا والمسئلة ( ( ( والمسألة ) ) ) الْأُولَى أَنَّ الْإِمَامَ أَخْرَجَ نَفْسَهُ في هذه الْمَسْأَلَةِ من إمَامَتِهِمْ فَلَا يُفْسِدُ ذلك صَلَاتَهُمْ بِحَالٍ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لو أَفْسَدَ صَلَاةَ نَفْسِهِ أو انْصَرَفَ لِرُعَافٍ أو غَيْرِهِ بَنَوْا لِأَنَّهُ مُخْرِجُ نَفْسِهِ من الْإِمَامَةِ لاهم وفي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مُخْرِجُونَ أَنْفُسَهُمْ من أمامته لَا هو قال وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَكُونَ لِلْأَوَّلِينَ بِكُلِّ حَالٍ أَنْ يَبْنُوا على صَلَاتِهِمْ معه لِأَنَّ عليهم أَنْ يَفْعَلُوا ما فَعَلُوا وَعَلَيْهِ إن يَفْعَلَ ما فَعَلَ فَثُبُوتُهُ على ما فَعَلَ قد يَكُونُ إخْرَاجًا لِنَفْسِهِ من الْإِمَامَةِ وَبِهِ أَقُولُ وإذا اجْتَهَدَ الرَّجُلُ في الْقِبْلَةِ فَدَخَلَ في الصَّلَاةِ ثُمَّ شَكَّ ولم يَرَ الْقِبْلَةَ في غَيْرِ اجْتِهَادِهِ الْأَوَّلِ مضي على صَلَاتِهِ لِأَنَّهُ على قِبْلَةٍ ما لم يَرَ غَيْرَهَا وَالْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ في هذا سَوَاءٌ وإذا اجْتَهَدَ بِالْأَعْمَى فَوَجَّهَهُ لِلْقِبْلَةِ فَرَأَى الْقِبْلَةَ في غَيْرِ الْجِهَةِ التي وُجِّهَ لها لم يَكُنْ له أَنْ يَسْتَقْبِلَ حَيْثُ رَأَى لِأَنَّهُ لَا رأى له وَإِنْ قال له غَيْرُهُ قد أَخْطَأَ بِكَ الذي اجْتَهَدَ لك فَصَدَّقَهُ انْحَرَفَ إلَى حَيْثُ يقول له غَيْرُهُ وما مضي من صَلَاتِهِ مُجْزِئٌ عنه لِأَنَّهُ اجْتَهَدَ بِهِ من له قَبُولُ اجْتِهَادِهِ ( قال ) وإذا حُبِسَ الرَّجُلُ في ظُلْمَةٍ وَحَيْثُ لَا دَلَالَةَ بِوَجْهٍ من الْوُجُوهِ وَلَا دَلِيلَ يُصَدِّقُهُ فَهُوَ كَالْأَعْمَى يَتَأَخَّى وَيُصَلِّي على أَكْثَرِ ما عِنْدَهُ وَيُعِيدُ كُلَّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا بِلَا دَلَالَةٍ وقد قِيلَ يَسَعُ الْبَصِيرَ إذَا عَمِيَتْ عليه الدَّلَالَةُ اجْتِهَادُ غَيْرِهِ فَإِنْ أَخْطَأَ بِهِ الْمُجْتَهِدُ له الْقِبْلَةَ فَدَلَّهُ على جِهَةِ مُشَرَّقَةٍ وَالْقِبْلَةُ مُغَرَّبَةٌ أَعَادَ كُلَّ ما صلي وَإِنْ رأي أَنَّهُ أَخْطَأَ بِهِ قَرِيبًا مُنْحَرِفًا أَحْبَبْت أَنْ يُعِيدَ وَإِنْ لم يَفْعَلْ فَلَيْسَ عليه إعَادَةٌ لِأَنَّ اجْتِهَادَهُ في حَالِهِ تِلْكَ له إذَا صَدَّقَهُ كَاجْتِهَادِهِ كان لِنَفْسِهِ إذَا لم يَكُنْ له سَبِيلٌ إلَى دَلَالَةٍ (1)
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وهو يُفَارِقُ الْأَعْمَى في هذا الْمَوْضِعِ فَلَوْ أَنَّ بَصِيرًا اجْتَهَدَ لِأَعْمَى ثُمَّ قال له غَيْرُهُ قد أَخْطَأ
(1/95)

Tidak ada komentar:

Posting Komentar