Sabtu, 12 Maret 2016

Kitab Al-umm 1.3

Kitab Al-Umm Imam Syafi'i 1.3



قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وإذا دَنَا الرَّجُلُ من امْرَأَتِهِ فَخَرَجَ منه الْمَذْيُ وَجَبَ عليه الْوُضُوءُ لِأَنَّهُ حَدَثٌ خَرَجَ من ذَكَرِهِ وَلَوْ أَفْضَى إلَى جَسَدِهَا بيده وَجَبَ عليه الْوُضُوءُ من الْوَجْهَيْنِ وَكَفَاهُ منه وُضُوءٌ وَاحِدٌ وَكَذَلِكَ من وَجَبَ عليه وُضُوءٌ لِجَمِيعِ ما يُوجِبُ الْوُضُوءَ ثُمَّ تَوَضَّأَ بَعْدَ ذلك كُلِّهِ وُضُوءًا وَاحِدًا أَجْزَأَهُ وَلَا يَجِبُ عليه بِالْمَذْيِ الْغُسْل
(1/39)
________________________________________
- * بَابُ كَيْفَ الْغُسْلُ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَكَانَ فَرْضُ اللَّهِ الْغُسْلَ مُطْلَقًا لم يذكر فيه شيئا يَبْدَأُ بِهِ قبل شَيْءٍ فإذا جاء الْمُغْتَسِلُ بِالْغُسْلِ أَجْزَأَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَيْفَمَا جاء بِهِ وَكَذَلِكَ لَا وَقْتَ في الْمَاءِ في الْغُسْلِ إلَّا أَنْ يأتى بِغُسْلِ جَمِيعِ بَدَنِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) كَذَلِكَ دَلَّتْ السُّنَّةُ فَإِنْ قال قَائِلٌ فَأَيْنَ دَلَالَةُ السُّنَّةِ قِيلَ لَمَّا حَكَتْ عَائِشَةُ أنها كانت تَغْتَسِلُ وَالنَّبِيُّ صلى اللَّهُ عليه وسلم من إنَاءٍ وَاحِدٍ كان الْعِلْمُ يُحِيطُ أَنَّ أَخْذَهُمَا منه مُخْتَلِفٌ لو كان فيه وَقْتٌ غَيْرُ ما وَصَفْت ما أَشْبَهَ أَنْ يَغْتَسِلَ اثْنَانِ يُفْرِغَانِ من إنَاءٍ وَاحِدٍ عَلَيْهِمَا وَأَكْثَرُ ما حَكَتْ عَائِشَةُ غُسْلَهُ وَغُسْلَهَا فَرَقٌ ( قال ) وَالْفَرَقُ ثَلَاثَةُ آصُعَ
( قال الشَّافِعِيُّ ) وروى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال لِأَبِي ذَرٍّ فإذا وَجَدْت الْمَاءَ فَأَمْسِسْهُ جِلْدَكَ ولم يُحْكَ أَنَّهُ وَصَفَ له قَدْرًا من الْمَاءِ إلَّا إمْسَاسُ الْجِلْدِ وَالِاخْتِيَارُ في الْغُسْلِ من الْجَنَابَةِ ما حَكَتْ عَائِشَةُ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ عن هِشَامِ بن عُرْوَةَ عن أبيه عن عَائِشَةَ رضي اللَّهُ عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم كان إذَا اغْتَسَلَ من الْجَنَابَةِ بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ كما يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ في الْمَاءِ فَيُخَلِّلُ بها أُصُولَ شَعْرِهِ ثُمَّ يَصُبُّ على رَأْسِهِ ثَلَاثَ غَرَفَاتٍ بِيَدَيْهِ ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ على جِلْدِهِ كُلِّهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فإذا كانت الْمَرْأَةُ ذَاتَ شَعْرٍ تَشُدُّ ضُفُرَهَا فَلَيْسَ عليها أَنْ تَنْقُضَهُ في غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَغُسْلُهَا من الْحَيْضِ كَغُسْلِهَا من الْجَنَابَةِ لَا يَخْتَلِفَانِ يَكْفِيهَا في كُلٍّ ما يَكْفِيهَا في كُلٍّ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا سُفْيَانُ عن أَيُّوبَ بن مُوسَى عن سَعِيدِ بن أبي سَعِيدٍ عن عبد اللَّهِ بن رَافِعٍ عن أُمِّ سَلَمَةَ قالت سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إنى امْرَأَةٌ أَشُدُّ ضَفْرَ رَأْسِي أَفَأَنْقُضُهُ لِغُسْلِ الْجَنَابَةِ فقال لَا إنَّمَا يَكْفِيك أَنْ تَحْثِيَ عليه ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ من مَاءٍ ثُمَّ تُفِيضِي عَلَيْك الْمَاءَ فَتَطْهُرِينَ أو قال فإذا أَنْتِ قد طَهُرْت وَإِنْ حَسَّتْ رَأْسَهَا فَكَذَلِكَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ يَشُدُّ ضَفْرَ رَأْسِهِ أو يَعْقِصُهُ فَلَا يَحِلُّهُ وَيُشْرِبُ الْمَاءَ أُصُولَ شَعْرِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ لَبَّدَ رَأْسَهُ بِشَيْءٍ يَحُولُ بين الْمَاءِ وَبَيْنَ أَنْ يَصِلَ إلَى شَعْرِهِ وَأُصُولِهِ كان عليه غُسْلُهُ حتى يَصِلَ إلَى بَشَرَتِهِ وَشَعْرِهِ وَإِنْ لَبَّدَهُ بِشَيْءٍ لَا يَحُولُ دُونَ ذلك فَهُوَ كَالْعَقْصِ وَالضَّفْرِ الذي لَا يَمْنَعُ الْمَاءَ الْوُصُولَ إلَيْهِ وَلَيْسَ عليه حَلُّهُ وَيَكْفِيهِ أَنْ يَصِلَ الْمَاءُ إلَى الشَّعْرِ وَالْبَشَرَةِ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قال اللَّهُ تَبَارَكَ وتعالي { وَلَا جُنُبًا إلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حتى تَغْتَسِلُوا }
(1/40)
________________________________________

( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن هِشَامِ بن عُرْوَةَ عن أبيه عن عَائِشَةَ قالت كان رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إذَا أَرَادَ أَنْ يَغْتَسِلَ من الْجَنَابَةِ بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَهُ قبل أَنْ يُدْخِلَهَا في الْإِنَاءِ ثُمَّ يَغْسِلُ فَرْجَهُ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ يُشْرِبُ شَعْرَهُ الْمَاءَ ثُمَّ يحثى على رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن جَعْفَرِ بن مُحَمَّدٍ عن أبيه عن جَابِرِ بن عبد اللَّهِ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كان يَغْرِفُ على رَأْسِهِ من الْجَنَابَةِ ثَلَاثًا (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنْ كان شَعْرُهُ مُلَبَّدًا كَثِيرًا فَغَرَفَ عليه ثَلَاثَ غَرَفَاتٍ وكان يَعْلَمُ أَنَّ الْمَاءَ لم يَتَغَلْغَلْ في جَمِيعِ أُصُولِ الشَّعْرِ وَيَأْتِ على جَمِيعِ شَعْرِهِ كُلِّهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَغْرِفَ على رَأْسِهِ وَيُغَلْغِلَ الْمَاءَ حتى يَعْلَمَ عِلْمًا مثله أَنْ قد وَصَلَ الْمَاءُ إلَى الشَّعْرِ وَالْبَشَرَةِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كان مَحْلُوقًا أو أَصْلَعَ أو أَقْرَعَ يَعْلَمُ أَنَّ الْمَاءَ يَأْتِي على بَاقِي شَعْرِهِ وَبَشَرَتِهِ في غَرْفَةٍ عَامَّةٍ أَجْزَأَتْهُ وَأُحِبُّ له أَنْ يَكُونَ ثَلَاثًا وَإِنَّمَا أَمَرَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أُمَّ سَلَمَةَ بِثَلَاثٍ لِلضَّفْرِ وأنا أَرَى أَنَّهُ أَقَلُّ ما يَصِيرُ الْمَاءُ إلَى بَشَرَتِهَا وكان النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم ذَا لِمَّةٍ يَغْرِفُ عليها الْمَاءَ ثَلَاثًا وَكَذَلِكَ كان وضوؤه في عَامَّةِ عُمُرِهِ ثَلَاثًا لِلِاخْتِيَارِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَوَاحِدَةٌ سَابِغَةٌ كَافِيَةٌ في الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ لِأَنَّهُ يَقَعُ بها اسْمُ غُسْلٍ وَوُضُوءٍ إذَا عَلِمَ أنها قد جَاءَتْ على الشَّعْرِ وَالْبَشَرِ - * بَابُ من نَسِيَ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ في غُسْلِ الْجَنَابَةِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَدَعَ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ في غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَإِنْ تَرَكَهُ أَحْبَبْت له أَنْ يَتَمَضْمَضَ فَإِنْ لم يَفْعَلْ لم يَكُنْ عليه أَنْ يَعُودَ لِصَلَاةٍ إنْ صَلَّاهَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَيْسَ عليه أَنْ يَنْضَحَ في عَيْنَيْهِ الْمَاءَ وَلَا يَغْسِلَهُمَا لِأَنَّهُمَا لَيْسَتَا ظَاهِرَتَيْنِ من بَدَنِهِ لِأَنَّ دُونَهُمَا جُفُونًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَعَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَ ظَاهِرَ أُذُنَيْهِ وَبَاطِنَهُمَا لِأَنَّهُمَا ظَاهِرَتَانِ وَيُدْخِلُ الْمَاءَ فِيمَا ظَهَرَ من الصِّمَاخِ وَلَيْسَ عليه أَنْ يُدْخِلَ الْمَاءَ فِيمَا بَطَنَ منه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأُحِبُّ له أَنْ يُدَلِّكَ ما يَقْدِرُ عليه من جَسَدِهِ فَإِنْ لم يَفْعَلْ وَأَتَى الْمَاءُ على جَسَدِهِ أَجْزَأَهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكَذَلِكَ إنْ انْغَمَسَ في نَهْرٍ أو بِئْرٍ فَأَتَى الْمَاءُ على شَعْرِهِ وَبَشَرِهِ أَجْزَأَهُ إذَا غَسَلَ شيئا إنْ كان أَصَابَهُ وَكَذَلِكَ إنْ ثَبَتَ تَحْتَ مِيزَابٍ حتى يَأْتِيَ الْمَاءُ على شَعْرِهِ وَبَشَرِهِ ( قال ) وَكَذَلِكَ إنْ ثَبَتَ تَحْتَ مَطَرٍ حتي يَأْتِيَ الْمَاءُ على
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْفِنَ على رَأْسِهِ في الْجَنَابَةِ أَقَلَّ من ثَلَاثٍ وَأُحِبُّ له أَنْ يُغَلْغِلَ الْمَاءَ في أُصُولِ شَعْرِهِ حتى يَعْلَمَ أَنَّ الْمَاءَ قد وَصَلَ إلَى أُصُولِهِ وَبَشَرَتِهِ قال وَإِنْ صَبَّ على رَأْسِهِ صَبًّا وَاحِدًا يَعْلَمُ أَنَّهُ قد تَغَلْغَلَ الْمَاءُ في أُصُولِهِ وَأَتَى على شَعْرِهِ وَبَشَرَتِهِ أَجْزَأَهُ وَذَلِكَ أَكْثَرُ من ثَلَاثِ غَرَفَاتٍ يَقْطَعُ بين كل غَرْفَةٍ منها
(1/41)
________________________________________
شَعْرِهِ وَبَشَرِهِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قال اللَّهُ عز وجل { وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أو على سَفَرٍ } الْآيَةَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فلم يُرَخِّصْ اللَّهُ في التَّيَمُّمِ إلَّا في الْحَالَيْنِ السَّفَرِ وَالْإِعْوَازِ من الْمَاءِ أو الْمَرَضِ فَإِنْ كان الرَّجُلُ مَرِيضًا بَعْضَ الْمَرَضِ تَيَمَّمَ حَاضِرًا أو مُسَافِرًا أو وَاجِدًا لِلْمَاءِ أو غير وَاجِدٍ له ( قال ) وَالْمَرَضُ اسْمٌ جَامِعٌ لِمَعَانٍ لِأَمْرَاضٍ مُخْتَلِفَةٍ فَاَلَّذِي سَمِعْت أَنَّ الْمَرَضَ الذي لِلْمَرْءِ أَنْ يَتَيَمَّمَ فيه الْجِرَاحُ ( قال ) وَالْقُرْحُ دُونَ الْغَوْرِ كُلِّهِ مِثْلُ الْجِرَاحِ لِأَنَّهُ يَخَافُ في كُلِّهِ إذَا مَاسَّهُ الْمَاءُ أَنْ يَنْطِفَ فَيَكُونَ من النُّطَفِ التَّلَفُ وَالْمَرَضُ الْمَخُوفُ وَأَقَلُّهُ ما يَخَافُ هذا فيه فَإِنْ كان جَائِفًا خِيفَ في وُصُولِ الْمَاءِ إلَى الْجَوْفِ مُعَاجَلَةُ التَّلَفِ جَازَ له أَنْ يَتَيَمَّمَ وَإِنْ كان الْقُرْحُ الْخَفِيفُ غير ذِي الْغَوْرِ الذي لَا يَخَافُ منه إذَا غُسِلَ بِالْمَاءِ التَّلَفَ وَلَا النَّطْفَ لم يَجُزْ فيه إلَّا غُسْلُهُ لِأَنَّ الْعِلَّةَ التي رَخَّصَ اللَّهُ فيها بِالتَّيَمُّمِ زَائِلَةٌ عنه وَلَا يجزئ التَّيَمُّمُ مَرِيضًا أَيَّ مَرَضٍ كان إذَا لم يَكُنْ قَرِيحًا في شِتَاءٍ وَلَا غَيْرِهِ وَإِنْ فَعَلَ أَعَادَ كُلَّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا بِالتَّيَمُّمِ وَكَذَا لَا يجزئ رَجُلًا في بَرْدٍ شَدِيدٍ فإذا كان الرَّجُلُ قَرِيحًا في رَأْسِهِ وَجَمِيعِ بَدَنِهِ غَسَلَ ما أَصَابَهُ من النَّجَاسَةِ لَا يُجْزِئُهُ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا يَطْهُرُ بِالْغُسْلِ في شَيْءٍ مِمَّا وصفت ( ( ( وصف ) ) ) إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِالْغُسْلِ الطَّهَارَةَ وَكَذَلِكَ الْوُضُوءُ لَا يُجْزِئُهُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِهِ الطَّهَارَةَ وَإِنْ نَوَى بِالْغُسْلِ الطَّهَارَةَ من الْجَنَابَةِ وَالْوُضُوءُ الطَّهَارَةُ مِمَّا أَوْجَبَ الْوُضُوءُ وَنَوَى بِهِ أَنْ يُصَلِّيَ مَكْتُوبَةً أو نَافِلَةً على جِنَازَةٍ أو يَقْرَأَ مُصْحَفًا فَكُلُّهُ يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ قد نَوَى بِكُلِّهِ الطَّهَارَةَ ( قال ) وَلَوْ كان من وَجَبَ عليه الْغُسْلُ ذَا شَعْرٍ طَوِيلٍ فَغَسَلَ ما على رَأْسِهِ منه وَجَمِيعَ بَدَنِهِ وَتَرَكَ ما اسْتَرْخَى منه فلم يَغْسِلْهُ لم يُجِزْهُ لِأَنَّ عليه طَهَارَةَ شَعْرِهِ وَبَشَرِهِ وَلَوْ تَرَكَ لَمْعَةً من جَسَدِهِ تَقِلُّ أو تَكْثُرُ إذَا احْتَاطَ أَنَّهُ قد تَرَكَ من جَسَدِهِ شيئا فَصَلَّى أَعَادَ غُسْلَ ما تَرَكَ من جَسَدِهِ ثُمَّ أَعَادَ الصَّلَاةَ بَعْدَ غُسْلِهِ وَلَوْ تَوَضَّأَ ثُمَّ اغْتَسَلَ فلم يُكْمِلْ غُسْلَهُ حتى أَحْدَثَ مَضَى على الْغُسْلِ كما هو وَتَوَضَّأَ بَعْدَ للصلاة ( ( ( الصلاة ) ) ) ( قال ) وَلَوْ بَدَأَ فَاغْتَسَلَ ولم يَتَوَضَّأْ فَأَكْمَلَ الْغُسْلَ أَجْزَأَهُ من وُضُوءِ السَّاعَةِ لِلصَّلَاةِ وَالطَّهَارَةُ بِالْغُسْلِ أَكْثَرُ منها بِالْوُضُوءِ أو مِثْلُهَا وَلَوْ بَدَأَ بِرِجْلَيْهِ في الْغُسْلِ قبل رَأْسِهِ أو فَرَّقَ غُسْلَهُ فَغَسَلَ منه السَّاعَةَ شيئا بَعْدَ السَّاعَةِ غَيْرَهُ أَجْزَأَهُ وَلَيْسَ هذا كَالْوُضُوءِ الذي ذَكَرَهُ اللَّهُ عز وجل فَبَدَأَ بِبَعْضِهِ قبل بَعْضٍ وَيُخَلِّلُ الْمُغْتَسِلُ والمتوضيء ( ( ( والمتوضئ ) ) ) أَصَابِعَ أَرْجُلِهِمَا حتى يَعْلَمَ أَنَّ الْمَاءَ قد وَصَلَ إلَى ما بين الْأَصَابِعِ وَلَا يُجْزِئُهُ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْمَاءَ قد وَصَلَ إلَى ما بَيْنَهُمَا وَيُجْزِئُهُ ذلك وَإِنْ لم يُخَلِّلْهُمَا ( قال ) وَإِنْ كان بَيْنَهُمَا شَيْءٌ مُلْتَصِقٌ ذَا غُضُونٍ أَدْخَلَ الْمَاءَ الْغُضُونَ ولم يَكُنْ عليه أَنْ يُدْخِلَهُ حَيْثُ لَا يَدْخُلُ من الْمُلْتَصِقِ وَكَذَلِكَ إنْ كان ذَا غُضُونٍ في جَسَدِهِ أو رَأْسِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُغَلْغِلَ الْمَاءَ في غُضُونِهِ حتى يَدْخُلَهُ - * بَابُ عِلَّةُ من يَجِبُ عليه الْغُسْلُ وَالْوُضُوءُ - *
(1/42)
________________________________________
غَيْرُهُ وَيَتَيَمَّمُ لِلْجَنَابَةِ وَكَذَلِكَ كُلُّ نَجَاسَةٍ أَصَابَتْهُ فَلَا يُجْزِئُهُ فيها إلَّا غُسْلُهَا وَإِنْ كانت على رَجُلٍ قُرُوحٌ فَإِنْ كان الْقُرْحُ جَائِفًا يَخَافُ التَّلَفَ إنْ غَسَلَهَا فلم يَغْسِلْهَا أَعَادَ كُلَّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا وقد أَصَابَتْهُ النَّجَاسَةُ فلم يَغْسِلْهَا وَإِنْ كان الْقُرُوحُ في كَفَّيْهِ دُونَ جَسَدِهِ لم يُجِزْهُ إلَّا غُسْلُ جَمِيعِ جَسَدِهِ ما خَلَا كَفَّيْهِ ثُمَّ لم يَطْهُرْ إلَّا بِأَنْ يَتَيَمَّمَ لِأَنَّهُ لم يَأْتِ بِالْغُسْلِ كما فَرَضَ اللَّهُ عز وجل عليه وَلَا بِالتَّيَمُّمِ ( قال ) وَإِنْ تَيَمَّمَ وهو يَقْدِرُ على غُسْلِ شَيْءٍ من جَسَدِهِ بِلَا ضَرَرٍ عليه لم يُجِزْهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَ جَمِيعَ ما قَدَرَ عليه من جَسَدِهِ وَيَتَيَمَّمَ لَا يُجْزِئُهُ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ وَإِنْ كان الْقُرْحُ في مُقَدَّمِ رَأْسِهِ دُونَ مُؤَخَّرِهِ لم يُجِزْهُ إلَّا غُسْلُ مُؤَخَّرِهِ وَكَذَلِكَ إنْ كان في بَعْضِ مُقَدَّمِ رَأْسِهِ دُونَ بَعْضٍ غَسَلَ ما لم يَكُنْ فيه وَتَرَكَ ما كان فيه فَإِنْ كان الْقُرْحُ في وَجْهِهِ وَرَأْسُهُ سَالِمٌ وَإِنْ غَسَلَهُ فَاضَ الْمَاءُ على وَجْهِهِ لم يَكُنْ له تَرْكُهُ وكان عليه أَنْ يستلقى وَيُقَنِّعَ رَأْسَهُ وَيَصُبَّ الْمَاءَ عليه حتى يَنْصَبَّ الْمَاءُ على غَيْرِ وَجْهِهِ وَهَكَذَا حَيْثُ كان الْقُرْحُ من بَدَنِهِ فَخَافَ إذَا صَبَّ الْمَاءَ على مَوْضِعٍ صَحِيحٍ منه أَنْ يُفِيضَ على الْقُرْحِ أَمَسَّ الْمَاءَ الصَّحِيحَ إمْسَاسًا لَا يُفِيضُ وَأَجْزَأَهُ ذلك إذَا بَلَّ الشَّعْرَ وَالْبَشَرَ وَإِنْ كان يَقْدِرُ على أَنْ يُفِيضَ الْمَاءَ وَيَحْتَالَ حتى لَا يُفِيضَ على الْقُرُوحِ أَفَاضَهُ ( قال ) وَإِنْ كان الْقُرْحُ في ظَهْرِهِ فلم يَضْبِطْ هذا منه وَمَعَهُ من يَضْبِطُهُ منه بِرُؤْيَتِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْمُرَهُ بِذَلِكَ وَكَذَلِكَ إنْ كان أَعْمَى وكان لَا يَضْبِطُ هذا في شَيْءٍ من بَدَنِهِ إلَّا هَكَذَا وَإِنْ كان في سَفَرٍ فلم يَقْدِرْ على أَحَدٍ يَفْعَلُ هذا بِهِ غَسَلَ ما قَدَرَ عليه وَتَيَمَّمَ وَصَلَّى وَعَلَيْهِ إعَادَةُ كل صَلَاةٍ صَلَّاهَا لِأَنَّهُ قد تَرَكَ ما يَقْدِرُ على غُسْلِهِ بِحَالٍ وَكَذَلِكَ إنْ كان أَقْطَعَ الْيَدَيْنِ لم يُجِزْهُ إلَّا أَنْ يَأْمُرَ من يَصُبَّ عليه الْمَاءَ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عليه وَمَتَى لم يَقْدِرْ وَصَلَّى أَمَرْتُهُ أَنْ يَأْمُرَ من يَغْسِلُهُ إذَا قَدَرَ وَقَضَى ما صلى بِلَا غُسْلٍ وَإِنْ كان الْقُرْحُ في مَوْضِعٍ من الْجَسَدِ فَغَسَلَ ما بقى منه فَإِنَّمَا عليه أَنْ يُيَمِّمَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ فَقَطْ وَلَيْسَ عليه أَنْ يُيَمِّمَ مَوْضِعَ الْقُرْحِ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَكُونُ طَهَارَةً إلَّا على الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ فَكُلُّ ما عَدَاهُمَا فَالتُّرَابُ لَا يُطَهِّرُهُ وَإِنْ كان الْقُرْحُ في الْوَجْه وَالْيَدَيْنِ يَمَّمَ الْوَجْهَ وَالْيَدَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَغَسَلَ ما يَقْدِرُ عليه بَعْدُ من بَدَنِهِ وَإِنْ كان الْقُرْحُ الذي في مَوْضِعِ التَّيَمُّمِ من الْوَجْهِ وَالذِّرَاعَيْنِ قُرْحًا ليس بِكَبِيرٍ أو كَبِيرًا لم يُجِزْهُ إلَّا أَنْ يُمِرَّ التُّرَابَ عليه كُلَّهُ لِأَنَّ التُّرَابَ لَا يَضُرُّهُ وَكَذَلِكَ إنْ كانت له أَفْوَاهٌ مُفَتَّحَةٌ أَمَرَّ التُّرَابَ على ما انْفَتَحَ منه لِأَنَّ ذلك ظَاهِرٌ وَأَفْوَاهُهُ وما حَوْلَ أَفْوَاهِهِ وَكُلُّ ما يَظْهَرُ له لَا يُجْزِئُهُ غَيْرُهُ لِأَنَّ التُّرَابَ لَا يَضُرُّهُ وإذا أَرَادَ أَنْ يُلْصِقَ على شَيْءٍ منه لُصُوقًا يَمْنَعُ التُّرَابَ لم يَكُنْ له إلَّا أَنْ يَنْزِعَ اللُّصُوقَ عِنْدَ التَّيَمُّمِ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ في ذلك عليه وَلَوْ رأي أَنَّ أَعْجَلَ لِبُرْئِهِ أَنْ يَدَعَهُ وَكَذَلِكَ لَا يُلَطِّخَهُ بِشَيْءٍ له ثَخَانَةٌ تَمْنَعُ مُمَاسَّةَ التُّرَابِ الْبَشَرَةَ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذلك في الْبَشَرَةِ الذي يُوَارِيهِ شَعْرُ اللِّحْيَةِ فإنه ليس عليه أَنْ يُمَاسَّ بِالتُّرَابِ بِشَعْرِ اللِّحْيَةِ لِلْحَائِلِ دُونَهَا من الشَّعْرِ وَيُمِرَّ على ما ظَهَرَ من اللِّحْيَةِ التُّرَابَ لَا يُجْزِئُهُ غَيْرُهُ وإذا كان هَكَذَا لم يَكُنْ له أَنْ يَرْبِطَ الشَّعْرَ من اللِّحْيَةِ حتى يَمْنَعَهَا أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ التُّرَابُ وَكَذَلِكَ إنْ كانت بِهِ قُرْحَةٌ في شَيْءٍ من جَسَدِهِ فَأَلْصَقَ عليها خِرْقَةً تَلُفُّ مَوْضِعَ الْقُرْحَةِ لم يُجِزْهُ إلَّا إزَالَةُ الْخِرْقَةِ حتى يُمَاسَّ الْمَاءُ كُلَّ ما عَدَا الْقُرْحَةِ فَإِنْ كان الْقُرْحُ الذي بِهِ كَسْرًا لَا يَرْجِعُ إلَّا بِجَبَائِرَ فَوَضَعَ الْجَبَائِرَ على ماسامته وَوَضَعَ على مَوْضِعِ الْجَبَائِرِ غَيْرَهَا إنْ شَاءَ إذَا أُلْقِيَتْ الْجَبَائِرُ وما مَعَهَا مَاسَّ الْمَاءُ وَالتُّرَابُ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ وَضَعَهُ وكان عليه إذَا أَحْدَثَ طَرْحُهُ وَإِمْسَاسُهُ الْمَاءَ وَالتُّرَابَ إنْ ضَرَّهُ الْمَاءُ لَا يُجْزِيهِ غَيْرُ ذلك بِحَالٍ وَإِنْ كان ذلك أَبْعَدَ من بُرْئِهِ وَأَقْبَحَ في جَبْرِهِ لَا يَكُونُ له أَنْ يَدَعَ ذلك إلَّا بِأَنْ يَكُونَ فيه خَوْفُ تَلَفٍ وَلَا أَحْسَبُ جَبْرًا يَكُونُ فيه تَلَفٌ إذَا نُحِّيَتْ الْجَبَائِرُ عنه ووضيء ( ( ( ووضئ ) ) ) أو يُمِّمَ وَلَكِنَّهُ لَعَلَّهُ أَبْطَأُ لِلْبُرْءِ وأشق ( ( ( وأشفق ) ) ) على الْكَسْرِ وَإِنْ كان يَخَافُ عليه إذَا أُلْقِيَتْ الْجَبَائِرُ وما مَعَهَا فَفِيهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَمْسَحَ بِالْمَاءِ على الْجَبَائِرِ وَيَتَيَمَّمَ وَيُعِيدَ كُلَّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا إذَا قَدَرَ على الْوُضُوءِ
____________________
(1/43)
________________________________________
وَالْآخَرُ لَا يُعِيدُ وَمَنْ قال يَمْسَحُ على الْجَبَائِرِ قال لَا يَضَعُهَا إلَّا على وُضُوءٍ فَإِنْ لم يَضَعْهَا على وُضُوءٍ لم يَمْسَحْ عليها كما يقول في الْخُفَّيْنِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وقد روى حَدِيثٌ عن عَلِيٍّ رضي اللَّهُ عنه أَنَّهُ انْكَسَرَ إحْدَى زَنْدَيْ يَدَيْهِ فَأَمَرَهُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنْ يَمْسَحَ بِالْمَاءِ على الْجَبَائِرِ وَلَوْ عَرَفْت إسْنَادَهُ بِالصِّحَّةِ قُلْت بِهِ ( قال الرَّبِيعُ ) أَحَبُّ إلَى الشَّافِعِيِّ أَنْ يُعِيدَ مَتَى قَدَرَ على الْوُضُوءِ أو التَّيَمُّمِ لِأَنَّهُ لم يُصَلِّ وبضوء ( ( ( بوضوء ) ) ) بِالْمَاءِ وَلَا يَتَيَمَّمُ وَإِنَّمَا جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى التَّيَمُّمَ بَدَلًا من الْمَاءِ فلما لم يَصِلْ إلَى الْعُضْوِ الذي عليه الْمَاءُ وَالصَّعِيدُ كان عليه إذَا قَدَرَ أَنْ يُعِيدَهُ وَهَذَا مِمَّا أستخير اللَّهُ فيه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْقَوْلُ في الْوُضُوءِ إذَا كان الْقُرْحُ وَالْكَسْرُ الْقَوْلُ في الْغُسْلِ من الْجَنَابَةِ لَا يَخْتَلِفَانِ إذَا كان ذلك في مَوَاضِعِ الْوُضُوءِ فَأَمَّا إذَا لم يَكُنْ في مَوَاضِعِ الْوُضُوءِ فَذَلِكَ ليس عليه غُسْلُهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْحَائِضُ تَطْهُرُ مِثْلَ الْجُنُبِ في جَمِيعِ ما وَصَفْت وَهَكَذَا لو وَجَبَ على رَجُلٍ غُسْلٌ بِوَجْهِهِ غَسَلَ أو امْرَأَةٍ كان هَكَذَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا كان على الْحَائِضِ أَثَرُ الدَّمِ وَعَلَى الْجُنُبِ النَّجَاسَةُ فَإِنْ قَدَرَا على مَاءٍ اغْتَسَلَا وَإِنْ لم يَقْدِرَا عليه تَيَمَّمَا وَصَلَّيَا وَلَا يُعِيدَانِ الصَّلَاةَ في وَقْتٍ وَلَا غَيْرِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا يُجْزِئُ مَرِيضًا غير الْقَرِيحِ وَلَا أَحَدًا في بَرْدٍ شَدِيدٍ يَخَافُ التَّلَفَ إنْ اغْتَسَلَ أو ذَا مَرَضٍ شَدِيدٍ يَخَافُ من الْمَاءِ إنْ اغْتَسَلَ وَلَا ذَا قُرُوحٍ أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ إلَّا غُسْلُ النَّجَاسَةَ وَالْغُسْلَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَغْلَبُ عِنْدَهُ أَنَّهُ يَتْلَفُ إنْ فَعَلَ وَيَتَيَمَّمُ في ذلك الْوَقْتِ ويصلى وَيَغْتَسِلُ وَيَغْسِلُ النَّجَاسَةَ إذَا ذَهَبَ ذلك عنه وَيُعِيدُ كُلَّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا في الْوَقْتِ الذي قُلْت لَا يُجْزِيهِ فيه إلَّا الْمَاءُ وَإِنْ لم يَقْدِرَا عليه تَيَمَّمَا وَصَلَّيَا وَلَا يُعِيدَانِ الصَّلَاةَ في وَقْتٍ وَلَا غَيْرِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكَذَلِكَ كُلُّ نَجَاسَةٍ أَصَابَتْهُمَا مُغْتَسِلَيْنِ أو مُتَوَضِّئَيْنِ فَلَا يُطَهِّرُ النَّجَاسَةَ إلَّا الْمَاءُ فإذا لم يَجِدْ من أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ من حَائِضٍ وَجُنُبٍ ومتوضيء ( ( ( ومتوضئ ) ) ) مَاءً تَيَمَّمَ وَصَلَّى وإذا وَجَدَ الْمَاءَ غَسَلَ ما أَصَابَ النَّجَاسَةُ منه وَاغْتَسَلَ إنْ كان عليه غُسْلٌ وَتَوَضَّأَ إنْ كان عليه وُضُوءٌ وَأَعَادَ كُلَّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا وَالنَّجَاسَةُ عليه لِأَنَّهُ لَا يُطَهِّرُ النَّجَاسَةَ إلَّا الْمَاءُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ وَجَدَ ما يُنَقِّي النَّجَاسَةَ عنه من الْمَاءِ وهو مُسَافِرٌ فلم يَجِدْ ما يُطَهِّرُهُ لِغُسْلٍ إنْ كان عليه أو وُضُوءٍ غَسَلَ أَثَرَ النَّجَاسَةِ عنه وَتَيَمَّمَ وَصَلَّى وَلَا إعَادَةَ عليه لِأَنَّهُ صلى طَاهِرًا من النَّجَاسَةِ وَطَاهِرًا بِالتَّيَمُّمِ من بَعْدِ الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ الْوَاجِبِ عليه ( قال ) وإذا وَجَدَ الْجُنُبُ مَاءً يَغْسِلُهُ وهو يَخَافُ الْعَطَشَ فَهُوَ كَمَنْ لم يَجِدْ مَاءً وَلَهُ أَنْ يَغْسِلَ النَّجَاسَةَ إنْ أَصَابَتْهُ عنه وَيَتَيَمَّمَ وَلَا يُجْزِيهِ في النَّجَاسَةِ إلَّا ما وَصَفْت من غَسْلِهَا فَإِنْ خَافَ إذَا غَسَلَ النَّجَاسَةَ الْعَطَشَ قبل الْوُصُولِ إلَى الْمَاءِ مَسَحَ النَّجَاسَةَ وَتَيَمَّمَ وَصَلَّى ثُمَّ أَعَادَ الصَّلَاةَ إذَا طَهَّرَ النَّجَاسَةَ بِالْمَاءِ لَا يُجْزِيهِ غَيْرُ ذلك + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ كان لَا يَخَافُ الْعَطَشَ وكان معه مَاءٌ لَا يَغْسِلُهُ إنْ غَسَلَ النَّجَاسَةَ وَلَا النَّجَاسَةَ إنْ أَفَاضَهُ عليه غَسَلَ النَّجَاسَةَ ثُمَّ غَسَلَ بِمَا بقى من الْمَاءِ معه ما شَاءَ من جَسَدِهِ لِأَنَّهُ تَعَبُّدٌ بِغُسْلِ جَسَدِهِ لَا بَعْضِهِ فَالْغُسْلُ على كُلِّهِ فَأَيُّهَا شَاءَ غَسَلَ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ أو غَيْرَهَا وَلَيْسَتْ أَعْضَاءُ الْوُضُوءِ بِأَوْجَبَ في الْجَنَابَةِ من غَيْرِهَا ثُمَّ يَتَيَمَّمُ ويصلى وَلَيْسَ عليه إعَادَةٌ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ لِأَنَّهُ صلى طَاهِرًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ قال قَائِلٌ لِمَ لم يُجِزْهُ في النَّجَاسَةِ تُصِيبُهُ إلَّا غَسْلُهَا بِالْمَاءِ وَأَجْزَأَ في الْجَنَابَةِ وَالْوُضُوءِ أَنْ يَتَيَمَّمَ قِيلَ له أَصْلُ الطَّهَارَةِ الْمَاءُ إلَّا حَيْثُ جَعَلَ اللَّهُ التُّرَابَ طَهَارَةً وَذَلِكَ في السَّفَرِ وَالْإِعْوَازِ من الْمَاءِ أو الْحَضَرِ أو السَّفَرِ وَالْمَرَضِ فَلَا يَطْهُرُ بَشَرٌ وَلَا غَيْرُهُ مَاسَّتْهُ نَجَاسَةٌ إلَّا بِالْمَاءِ إلَّا حَيْثُ جَعَلَ اللَّهُ الطَّهَارَةَ بِالتُّرَابِ وَإِنَّمَا جَعَلَهَا حَيْثُ تَعَبَّدَهُ بِوُضُوءٍ أو غُسْلٍ وَالتَّعَبُّدُ بِالْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ فَرْضُ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) لَا يَعْدُو بِالْجَبَائِرِ أَبَدًا مَوْضِعَ الْكَسْرِ إذَا كان لَا يُزِيلُهَا
(1/44)
________________________________________
تَعَبُّدٍ ليس بِإِزَالَةِ نَجَاسَةٍ قَائِمَةٍ وَالنَّجَاسَةُ إذَا كانت على شَيْءٍ من الْبَدَنِ أو الثَّوْبِ فَهُوَ مُتَعَبِّدٌ بأزالتها بِالْمَاءِ حتى لَا تَكُونَ مَوْجُودَةً في بَدَنِهِ وَلَا في ثَوْبِهِ إذَا كان إلَى إخْرَاجِهَا سَبِيلٌ وَهَذَا تَعَبُّدٌ لِمَعْنًى مَعْلُومٍ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) إذَا أَصَابَتْ الْمَرْأَةَ جَنَابَةٌ ثُمَّ حَاضَتْ قبل أَنْ تَغْتَسِلَ من الْجَنَابَةِ لم يَكُنْ عليها غُسْلُ الْجَنَابَةِ وَهِيَ حَائِضٌ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَغْتَسِلُ فَتَطْهُرُ بِالْغُسْلِ وَهِيَ لَا تَطْهُرُ بِالْغُسْلِ من الْجَنَابَةِ وَهِيَ حَائِضٌ فإذا ذَهَبَ الْحَيْضُ عنها أَجْزَأَهَا غُسْلٌ وَاحِدٌ وَكَذَلِكَ لو احْتَلَمَتْ وَهِيَ حَائِضٌ أَجْزَأَهَا غُسْلٌ وَاحِدٌ لِذَلِكَ كُلِّهِ ولم يَكُنْ عليها غُسْلٌ وَإِنْ كَثُرَ احْتِلَامُهَا حتى تَطْهُرَ من الْحَيْضِ فَتَغْتَسِلَ غُسْلًا وَاحِدًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْحَائِضُ في الْغُسْلِ كَالْجُنُبِ لَا يَخْتَلِفَانِ إلَّا أَنِّي أُحِبُّ لِلْحَائِضِ إذَا اغْتَسَلَتْ من الْحَيْضِ أَنْ تَأْخُذَ شيئأ من مِسْكٍ فَتَتْبَعَ بِهِ آثَارَ الدَّمِ فَإِنْ لم يَكُنْ مِسْكٌ فَطِيبٌ ما كان اتِّبَاعًا لِلسُّنَّةِ وَالْتِمَاسًا لِلطِّيبِ فَإِنْ لم تَفْعَلْ فَالْمَاءُ كَافٍ مِمَّا سِوَاهُ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا بن عُيَيْنَةَ عن مَنْصُورٍ الْحَجَبِيِّ عن أُمِّهِ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ عن عَائِشَةَ قالت جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم تَسْأَلُهُ عن الْغُسْلِ من الْحَيْضِ فقال خُذِي فِرْصَةً من مِسْكٍ فَتَطَهَّرِي بها فقالت كَيْفَ أَتَطَهَّرُ بها قال تَطَهَّرِي بها قالت كَيْفَ أَتَطَهَّرُ بها فقال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم سُبْحَانَ اللَّهِ وَاسْتَتَرَ بِثَوْبِهِ تَطَهَّرِي بها فَاجْتَذَبْتهَا وَعَرَفْت الذي أَرَادَ وَقُلْت لها تَتَّبِعِي بها أَثَرَ الدَّمِ يَعْنِي الْفَرْجَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالرَّجُلُ الْمُسَافِرُ لَا مَاءَ معه وَالْمُعْزِبُ في الْإِبِلِ له أَنْ يُجَامِعَ أَهْلَهُ وَيُجْزِئُهُ التَّيَمُّمُ إذَا غَسَلَ ما أَصَابَ ذَكَرَهُ وَغَسَلَتْ الْمَرْأَةُ ما أَصَابَ فَرْجِهَا أَبَدًا حتى يَجِدَا الْمَاءَ فإذا وَجَدَا الْمَاءَ فَعَلَيْهِمَا أَنْ يَغْتَسِلَا
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ عن عَبَّادِ بن مَنْصُورٍ عن أبي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ عن عِمْرَانَ بن حُصَيْنٍ رضي اللَّهُ تَعَالَى عنه أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَمَرَ رَجُلًا كان جُنُبًا أَنْ يَتَيَمَّمَ ثُمَّ يصلى فإذا وَجَدَ الْمَاءَ اغْتَسَلَ وَأَخْبَرَنَا بِحَدِيثِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم حين قال لِأَبِي ذَرٍّ إنْ وَجَدْت الْمَاءَ فَأَمْسِسْهُ جِلْدَك - * جِمَاعُ التَّيَمُّمِ لِلْمُقِيمِ وَالْمُسَافِرِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قال اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ } الْآيَةَ وقال في سِيَاقِهَا { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أو على سَفَرٍ } إلَى { فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ منه } + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَدَلَّ حُكْمُ اللَّهِ عز وجل على أَنَّهُ أَبَاحَ التَّيَمُّمَ في حَالَيْنِ أَحَدِهِمَا السَّفَرُ وَالْإِعْوَازُ من الْمَاءِ وَالْآخَرِ لِلْمَرِيضِ في حَضَرٍ كان أو في سَفَرٍ وَدَلَّ ذلك على أَنَّ لِلْمُسَافِرِ طَلَبَ الْمَاءِ لِقَوْلِهِ { فلم تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا } + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وكان كُلُّ من خَرَجَ مُجْتَازًا من بَلَدٍ إلَى غَيْرِهِ يَقَعُ عليه اسْمُ السَّفَرِ قَصَرَ السَّفَرُ أَمْ طَالَ ولم أَعْلَمْ من السُّنَّةِ دَلِيلًا على أَنَّ لِبَعْضِ الْمُسَافِرِينَ أَنْ يَتَيَمَّمَ دُونَ بَعْضٍ وكان ظَاهِرُ الْقُرْآنِ أَنَّ كُلَّ مُسَافِرٍ سَفَرًا بَعِيدًا أو قَرِيبًا يَتَيَمَّمُ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا بن عُيَيْنَةَ عن بن عَجْلَانَ عن نَافِعٍ عن
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) ولم يَجْعَلْ التُّرَابَ بَدَلًا من نَجَاسَةٍ تُصِيبُهُ وَأَمَرَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِغَسْلِ دَمِ الْحَيْضِ من الثَّوْبِ وهو نَجَاسَةٌ فَكَانَتْ النَّجَاسَةُ عِنْدَنَا على أَصْلِهَا لَا يُطَهِّرُهَا إلَّا الْمَاءُ وَالتَّيَمُّمُ يُطَهِّرُ حَيْثُ جُعِلَ وَلَا يَتَعَدَّى بِهِ حَيْثُ رَخَّصَ اللَّهُ تَعَالَى فيه وما خَرَجَ من ذلك فَهُوَ على أَصْلِ حُكْمِ اللَّهِ في الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ
(1/45)
________________________________________
بن عُمَرَ أَنَّهُ أَقْبَلَ من الْجَرْفِ حتى إذَا كان بِالْمِرْبَدِ تَيَمَّمَ فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَصَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ دخل الْمَدِينَةَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ فلم يُعِدْ الصَّلَاةَ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْمَوَاقِيتِ لِلصَّلَاةِ فلم يَكُنْ لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَهَا قَبْلَهَا وَإِنَّمَا أُمِرْنَا بِالْقِيَامِ إلَيْهَا إذَا دخل وَقْتُهَا وَكَذَلِكَ أَمَرَهُ بِالتَّيَمُّمِ عِنْدَ الْقِيَامِ إلَيْهَا وَالْإِعْوَازِ من الْمَاءِ فَمَنْ تَيَمَّمَ لِصَلَاةٍ قبل دُخُولِ وَقْتِهَا وَطَلَبِ الْمَاءَ لم يَكُنْ له أَنْ يُصَلِّيَهَا بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ وَإِنَّمَا له أَنْ يُصَلِّيَهَا إذَا دخل وَقْتُهَا الذي إذَا صَلَّاهَا فيه أَجْزَأَتْ عنه وَطَلَبَ الْمَاءَ فَأَعْوَزَهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فإذا دخل وَقْتُ الصَّلَاةِ فَلَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَلَا يَنْتَظِرَ آخِرَ الْوَقْتِ لِأَنَّ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى يَدُلُّ على أَنْ يَتَيَمَّمَ إذَا قام إلَى الصَّلَاةِ فَأَعْوَزَهُ الْمَاءُ وهو إذَا صلى حِينَئِذٍ أَجْزَأَ عنه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ تَلَوَّمَ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ كان ذلك له وَلَسْت أَسْتَحِبُّهُ كَاسْتِحْبَابِي في كل حَالِ تَعْجِيلَ الصَّلَاةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ على ثِقَةٍ من وُجُودِ الْمَاءِ واحب أَنْ يُؤَخِّرَ التَّيَمُّمَ إلَى أَنْ يُؤَيَّسَ منه أو يَخَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ فَيَتَيَمَّمُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ تَيَمَّمَ وَلَيْسَ معه مَاءٌ قبل طَلَبِ الْمَاءِ أَعَادَ التَّيَمُّمَ بَعْدَ أَنْ يَطْلُبَهُ حتى يَكُونَ تَيَمَّمَ بَعْدَ أَنْ يَطْلُبَهُ وَلَا يَجِدَهُ وَطَلَبُ الْمَاءِ أَنْ يَطْلُبَهُ وَإِنْ كان على غَيْرِ عِلْمٍ من أَنَّهُ ليس معه شَيْءٌ فإذا عَلِمَ أَنَّهُ ليس معه طَلَبَهُ مع غَيْرِهِ وَإِنْ بَذَلَهُ غَيْرُهُ بِلَا ثَمَنٍ أو بِثَمَنِ مِثْلِهِ وهو وَاجِدٌ لِثَمَنِ مِثْلِهِ في مَوْضِعِهِ ذلك غَيْرُ خَائِفٍ إنْ اشْتَرَاهُ الْجُوعَ في سَفَرٍ لم يَكُنْ له أَنْ يَتَيَمَّمَ وهو يَجِدُهُ بِهَذِهِ الْحَالِ وإن امْتَنَعَ عليه من أَنْ يُعْطَاهُ مُتَطَوِّعًا له بِإِعْطَائِهِ أو بَاعَهُ إلَّا بِأَكْثَرَ من ثَمَنِهِ لم يَكُنْ عليه أَنْ يَشْتَرِيَهُ وَلَوْ كان مُوسِرًا وَكَانَتْ الزِّيَادَةُ على ثَمَنِهِ قليلة ( ( ( قليلا ) ) ) + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كان وَاجِدًا بِئْرًا وَلَا حَبْلَ معه فَإِنْ كان لَا يَقْدِرُ على أَنْ يَصِلَ إلَيْهَا حَلًّا أو حَبْلًا أو ثِيَابًا فَلَا حَلَّ حتى يَصِلَ أَنْ يَأْخُذَ منها بِإِنَاءٍ أو رَامٍ شَنًّا أو دَلْوًا فَإِنْ لم يَقْدِرْ دَلَّى طَرَفَ الثَّوْبِ ثُمَّ اعْتَصَرَهُ حتى يَخْرُجَ منه مَاءٌ ثُمَّ أَعَادَهُ فَيَفْعَلُ ذلك حتى يَصِيرَ له من الْمَاءِ ما يَتَوَضَّأُ بِهِ لم يَكُنْ له أَنْ يَتَيَمَّمْ وهو يَقْدِرُ على هذا أَنْ يَفْعَلَهُ بِنَفْسِهِ أو بِمَنْ يَفْعَلُهُ له + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كان لَا يَقْدِرُ على هذا وكان يَقْدِرُ على نُزُولِهَا بِأَمْرٍ ليس عليه فيه خَوْفٌ نَزَلَهَا فَإِنْ لم يَقْدِرْ على ذلك إلَّا بِخَوْفٍ لم يَكُنْ عليه أَنْ يَنْزِلَهَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ دُلَّ على مَاءٍ قَرِيبٍ من حَيْثُ تَحْضُرُهُ الصَّلَاةُ فَإِنْ كان لَا يَقْطَعُ بِهِ صُحْبَةَ أَصْحَابِهِ وَلَا يَخَافُ على رَحْلِهِ إذَا وَجَّهَ إلَيْهِ وَلَا في طَرِيقِهِ إلَيْهِ وَلَا يَخْرُجُ من الْوَقْتِ حتى يَأْتِيَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَهُ وَإِنْ كان يَخَافُ ضَيَاعَ رَحْلِهِ وكان أَصْحَابُهُ لَا يَنْتَظِرُونَهُ أو خَافَ طَرِيقَهُ أو فَوْتَ وَقْتٍ إنْ طَلَبَهُ فَلَيْسَ عليه طَلَبُهُ وَلَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ تَيَمَّمَ وَصَلَّى ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ كان في رَحْلِهِ مَاءٌ أَعَادَ الصَّلَاةَ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ بِئْرًا كانت منه قَرِيبًا يَقْدِرُ على مَائِهَا لو عَلِمَهَا لم يَكُنْ عليه إعَادَةٌ وَلَوْ أَعَادَ كان احْتِيَاطًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْفَرْقُ بين ما في رَحْلِهِ وَالْبِئْرِ لَا يَعْلَمُ وَاحِدًا مِنْهُمَا أَنَّ ما في رَحْلِهِ شَيْءٌ كَعِلْمِهِ أَمْرَ نَفْسِهِ وهو مُكَلَّفٌ في نَفْسِهِ الْإِحَاطَةَ وما ليس في مِلْكِهِ فَهُوَ شَيْءٌ في غَيْرِ مِلْكِهِ وهو مُكَلَّفٌ في غَيْرِهِ الظَّاهِرَ لَا الْإِحَاطَةَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ كان في رَحْلِهِ مَاءٌ فَحَالَ الْعَدُوُّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَحْلِهِ أو حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ سَبُعٌ أو حَرِيقٌ حتى لَا يَصِلَ إلَيْهِ تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَهَذَا غَيْرُ وَاجِدٍ لِلْمَاءِ إذَا كان لَا يَصِلُ إلَيْهِ وَإِنْ كان في رَحْلِهِ مَاءٌ فَأَخْطَأَ رَحْلَهُ وَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْجَرْفُ قَرِيبٌ من الْمَدِينَةِ - * بَابُ مَتَى يَتَيَمَّمُ لِلصَّلَاةِ - *
(1/46)
________________________________________
طَلَبَ مَاءً فلم يَجِدْهُ تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَلَوْ رَكِبَ الْبَحْرَ فلم يَكُنْ معه مَاءٌ في مَرْكَبِهِ فلم يَقْدِرْ على الِاسْتِقَاءِ من الْبَحْرِ لِلشِّدَّةِ بِحَالٍ وَلَا على شَيْءٍ يُدْلِيهِ يَأْخُذُ بِهِ من الْبَحْرِ بِحَالٍ تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَلَا يُعِيدُ وَهَذَا غَيْرُ قَادِرٍ على الْمَاءِ - * بَابُ النِّيَّةِ في التَّيَمُّمِ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا يجزئ التَّيَمُّمُ إلَّا بَعْدَ الطَّلَبِ وَإِنْ تَيَمَّمَ قبل أَنْ يَطْلُبَ الْمَاءَ لم يُجِزْهُ التَّيَمُّمُ وكان عليه أَنْ يَعُودَ لِلتَّيَمُّمِ بَعْدَ طَلَبِهِ الْمَاءَ وَإِعْوَازِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا نَوَى التَّيَمُّمَ لِيَتَطَهَّرَ لِصَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ صلى بَعْدَهَا النَّوَافِلَ وَقَرَأَ في الْمُصْحَفِ وَصَلَّى على الْجَنَائِزِ وَسَجَدَ سُجُودَ الْقُرْآنِ وَسُجُودَ الشُّكْرِ فإذا حَضَرَتْ مَكْتُوبَةٌ غَيْرُهَا ولم يُحْدِثْ لم يَكُنْ له أَنْ يُصَلِّيَهَا إلَّا بِأَنْ يَطْلُبَ لها الْمَاءَ بَعْدَ الْوَقْتِ فإذا لم يَجِدْ اسْتَأْنَفَ نِيَّةً يَجُوزُ له بها التَّيَمُّمُ لها + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ أَرَادَ الْجَمْعَ بين الصَّلَاتَيْنِ فَصَلَّى الْأُولَى مِنْهُمَا وَطَلَبَ الْمَاءَ فلم يَجِدْهُ أَحْدَثَ نِيَّةً يَجُوزُ له بها التَّيَمُّمُ ثُمَّ تَيَمَّمَ ثُمَّ صلى الْمَكْتُوبَةَ التي تَلِيهَا وَإِنْ كان قد فَاتَتْهُ صَلَوَاتٌ اسْتَأْنَفَ التَّيَمُّمَ لِكُلِّ صَلَاةٍ منها كما وَصَفْت لَا يُجْزِيهِ غَيْرُ ذلك فَإِنْ صلى صَلَاتَيْنِ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ أَعَادَ الْآخِرَةَ مِنْهُمَا لِأَنَّ التَّيَمُّمَ يُجْزِيهِ لِلْأُولَى وَلَا يُجْزِيهِ لِلْآخِرَةِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ تَيَمَّمَ يَنْوِي نَافِلَةً أو جِنَازَةً أو قِرَاءَةَ مُصْحَفٍ أو سُجُودَ قُرْآنٍ أو سُجُودَ شُكْرٍ لم يَكُنْ له أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ مَكْتُوبَةً حتى ينوى بِالتَّيَمُّمِ الْمَكْتُوبَةَ ( قال ) وَكَذَلِكَ إنْ تَيَمَّمَ فَجَمَعَ بين صَلَوَاتٍ فَائِتَاتٍ أَجْزَأَهُ التَّيَمُّمُ لِلْأُولَى مِنْهُنَّ ولم يُجِزْهُ لِغَيْرِهَا وَأَعَادَ كُلَّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا بِتَيَمُّمٍ لِصَلَاةٍ غَيْرِهَا وَيَتَيَمَّمُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ تَيَمَّمَ ينوى بِالتَّيَمُّمِ الْمَكْتُوبَةَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يصلى قَبْلَهَا نَافِلَةً وَعَلَى جِنَازَةٍ وَقِرَاءَةِ مُصْحَفٍ وَيَسْجُدُ سُجُودَ الشُّكْرِ وَالْقُرْآنِ فَإِنْ قال قَائِلٌ لِمَ لَا يصلى بِالتَّيَمُّمِ فَرِيضَتَيْنِ وَيُصَلِّي بِهِ النَّوَافِلَ قبل الْفَرِيضَةِ وَبَعْدَهَا قِيلَ له إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى إنَّ اللَّهَ عز وجل لَمَّا أَمَرَ الْقَائِمَ إلَى الصَّلَاةِ إذَا لم يَجِدْ الْمَاءَ أَنْ يَتَيَمَّمَ دَلَّ على أَنَّهُ لَا يُقَالُ له لم يَجِدْ الْمَاءَ إلَّا وقد تَقَدَّمَ قبل طَلَبِهِ الْمَاءَ وَالْإِعْوَازُ منه نِيَّةٌ في طَلَبِهِ وَإِنَّ اللَّهَ إنَّمَا عَنَى فَرْضَ الطَّلَبِ لِمَكْتُوبَةٍ فلم يَجُزْ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ أَنْ تَكُونَ نِيَّتُهُ في التَّيَمُّمِ لِغَيْرِ مَكْتُوبَةٍ ثُمَّ يصلى بِهِ مَكْتُوبَةً وكان عليه في كل مَكْتُوبَةٍ ما عليه في الْأُخْرَى فَدَلَّ على أَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَكُونُ له طَهَارَةً إلَّا بِأَنْ يَطْلُبَ الْمَاءَ فَيَعُوزُهُ فَقُلْنَا لَا يُصَلِّي مَكْتُوبَتَيْنِ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ عليه في كل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا ما عليه في الْأُخْرَى وَكَانَتْ النَّوَافِلُ أَتْبَاعًا لِلْفَرَائِضِ لَا لها حُكْمٌ سِوَى حُكْمَ الْفَرَائِضِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) ولم يَكُنْ التَّيَمُّمُ إلَّا على شَرْطٍ أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا تَيَمَّمَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا يجزئ التَّيَمُّمُ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَطْلُبَ الْمَاءَ فلم يَجِدْهُ فَيُحْدِثَ نِيَّةَ التَّيَمُّمِ
(1/47)
________________________________________
فَوَجَدَ الْمَاءَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَهَكَذَا الْمُسْتَحَاضَةُ وَمَنْ بِهِ عِرْقٌ سَائِلٌ وهو وَاجِدٌ لِلْمَاءِ لَا يَخْتَلِفُ هو وَالْمُتَيَمِّمُ في أَنَّ على كل وَاحِدٍ منهم أَنْ يَتَوَضَّأَ لِكُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ لِأَنَّهَا طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ لَا طَهَارَةٌ على كَمَالٍ فَإِنْ قال قَائِلٌ فَإِنْ كان بِمَوْضِعٍ لَا يَطْمَعُ فيه بِمَاءٍ قِيلَ ليس يَنْقَضِي الطَّمَعُ بِهِ قد يَطْلُعُ عليه الرَّاكِبُ معه الْمَاءُ وَالسَّيْلُ وَيَجِدُ الْحَفِيرَةَ وَالْمَاءَ الظَّاهِرَ وَالِاخْتِبَاءَ حَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) إنْ تَيَمَّمَ فَدَخَلَ في نَافِلَةٍ أو في صَلَاةٍ على جِنَازَةٍ ثُمَّ رَأَى الْمَاءَ مَضَى في صَلَاتِهِ التي دخل فيها ثُمَّ إذَا انْصَرَفَ تَوَضَّأَ إنْ قَدَرَ لِلْمَكْتُوبَةِ فَإِنْ لم يَقْدِرْ أَحْدَثَ نِيَّةً لِلْمَكْتُوبَةِ فَتَيَمَّمَ لها + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا لو ابْتَدَأَ نَافِلَةً فَكَبَّرَ ثُمَّ رَأَى الْمَاءَ مَضَى فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لم يَكُنْ له أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهِمَا وسلم ثُمَّ طَلَبَ الْمَاءَ ( قال ) وإذا تَيَمَّمَ فَدَخَلَ في الْمَكْتُوبَةِ ثُمَّ رَأَى الْمَاءَ لم يَكُنْ عليه أَنْ يَقْطَعَ الصَّلَاةَ وكان له أَنْ يُتِمَّهَا فإذا أَتَمَّهَا تَوَضَّأَ لِصَلَاةٍ غَيْرِهَا ولم يَكُنْ له أَنْ يَتَنَقَّلَ بِتَيَمُّمِهِ لِلْمَكْتُوبَةِ إذَا كان وَاجِدًا لِلْمَاءِ بَعْدَ خُرُوجِهِ منها وَلَوْ تَيَمَّمَ فَدَخَلَ في مَكْتُوبَةٍ ثُمَّ رَعَفَ فَانْصَرَفَ لِيَغْسِلَ الدَّمَ عنه فَوَجَدَ الْمَاءَ لم يَكُنْ له أَنْ يبنى على الْمَكْتُوبَةِ حتى يُحْدِثَ وُضُوءًا وَذَلِكَ أَنَّهُ قد صَارَ في حَالٍ ليس له فيها أَنْ يصلى وهو وَاجِدٌ لِلْمَاءِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ كان إذَا رَعَفَ طَلَبَ الْمَاءَ فلم يَجِدْ منه ما يُوَضِّئُهُ وَوَجَدَ ما يَغْسِلُ الدَّمَ عنه غَسَلَهُ وَاسْتَأْنَفَ تَيَمُّمًا لِأَنَّهُ قد كان صَارَ إلَى حَالٍ لَا يَجُوزُ له أَنْ يصلى ما كانت قَائِمَةً فَكَانَتْ رُؤْيَتُهُ الْمَاءَ في ذلك الْحَالِ تُوجِبُ عليه طَلَبَهُ فإذا طَلَبَهُ فَأَعْوَزَهُ منه كان عليه اسْتِئْنَافُ نِيَّةٍ تُجِيزُ له التَّيَمُّمَ فَإِنْ قال قَائِلٌ ما الْفَرْقُ بين أَنْ يَرَى الْمَاءَ قبل أَنْ يَدْخُلَ في الصَّلَاةِ وَلَا يَكُونُ له الدُّخُولُ فيها حتى يَطْلُبَهُ فَإِنْ لم يَجِدْهُ اسْتَأْنَفَ نِيَّةً وَتَيَمُّمًا وَبَيْنَ دُخُولِهِ في الصَّلَاةِ فَيَرَى الْمَاءَ جَارِيًا إلي جَنْبِهِ وَأَنْتَ تَقُولُ إذَا أُعْتِقَتْ الْأَمَةُ وقد صَلَّتْ رَكْعَةً تَقَنَّعَتْ فِيمَا بقى من صَلَاتِهَا لَا يُجْزِيهَا غَيْرُ ذلك قِيلَ له إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى إنِّي آمُرُ الْأَمَةَ بِالْقِنَاعِ فِيمَا بقى من صَلَاتِهَا وَالْمَرِيضَ بِالْقِيَامِ إذَا أَطَاقَهُ فِيمَا بقى من صَلَاتِهِ لِأَنَّهُمَا في صَلَاتِهِمَا بَعْدُ وَحُكْمُهُمَا في حَالِهِمَا فِيمَا بَقِيَ من صَلَاتِهِمَا أَنْ تَقَنَّعَ هذه حُرَّةً وَيَقُومَ هذا مُطِيقًا وَلَا أَنْقُضُ عَلَيْهِمَا فِيمَا مَضَى من صَلَاتِهِمَا شيئا لِأَنَّ حَالَهُمَا الْأُولَى غَيْرُ حَالِهِمَا الْأُخْرَى وَالْوُضُوءُ وَالتَّيَمُّمُ عَمَلَانِ غَيْرُ الصَّلَاةِ فإذا كَانَا مَضَيَا وَهُمَا يَجْزِيَانِ حَلَّ لِلدَّاخِلِ الصَّلَاةُ وَكَانَا منقضيين ( ( ( منقضين ) ) ) مَفْرُوغًا مِنْهُمَا وكان الدَّاخِلُ مُطِيعًا بِدُخُولِهِ في الصَّلَاةِ وكان ما صلى منها مَكْتُوبًا له فلم يَجُزْ أَنْ يُحْبِطَ عَمَلَهُ عنه ما كان مَكْتُوبًا له فَيَسْتَأْنِفَ وضوء ( ( ( وضوءا ) ) ) وَإِنَّمَا أَحْبَطَ اللَّهُ الْأَعْمَالَ بِالشِّرْكِ بِهِ فلم يَجُزْ أَنْ يُقَالَ له تَوَضَّأْ وبن على صَلَاتِك فَإِنْ حَدَثَتْ حَالَةٌ لَا يَجُوزُ له فيها ابْتِدَاءُ التَّيَمُّمِ وقد تَيَمَّمَ فَانْقَضَى تَيَمُّمُهُ وَصَارَ إلَى صَلَاةٍ وَالصَّلَاةُ غَيْرُ التَّيَمُّمِ فَانْفَصَلَ لِصَلَاةٍ بِعَمَلِ غَيْرِهَا وقد انْقَضَى وهو يجزئ أَنْ يَدْخُلَ بِهِ في الصَّلَاةِ لم يَكُنْ لِلْمُتَيَمِّمِ حُكْمٌ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ في الصَّلَاةِ فلما دخل فيها بِهِ كان حُكْمُهُ مُنْقَضِيًا وَاَلَّذِي يَحِلُّ له أَوَّلَ الصَّلَاةِ يَحِلُّ له آخِرَهَا - * بَابُ كَيْفَ التَّيَمُّمُ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قال اللَّهُ عز وجل { فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ }
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ عن أبي الْحُوَيْرِثِ عبد الرحمن بن مُعَاوِيَةَ عن الْأَعْرَجِ عن بن الصِّمَّةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم تَيَمَّمَ فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَمَعْقُولٌ إذَا كان التَّيَمُّمُ بَدَلًا من
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا كان لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَيَمَّمَ فَتَيَمَّمَ فلم يَدْخُلْ في الصَّلَاةِ حتى وَجَدَ الْمَاءَ قبل أَنْ يُكَبِّرَ لِلْمَكْتُوبَةِ لم يَكُنْ له أَنْ يُصَلِّيَ حتى يَتَوَضَّأَ فَإِنْ كان طَلَعَ عليه رَاكِبٌ بِمَاءٍ فَامْتَنَعَ عليه أَنْ يُعْطِيَهُ منه أو وَجَدَ مَاءً فَحِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ أو لم يَقْدِرْ عليه بِوَجْهٍ لم يُجِزْهُ التَّيَمُّمُ الْأَوَّلُ وَأَحْدَثَ بَعْدَ إعْوَازِهِ من الْمَاءِ الذي رَآهُ نِيَّةً في التَّيَمُّمِ لِلْمَكْتُوبَةِ يَجُوزُ له بها الصَّلَاةُ بَعْدَ تَيَمُّمِهِ
(1/48)
________________________________________
الْوُضُوءِ على الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ أَنْ يُؤْتَى بِالتَّيَمُّمِ على ما يُؤْتَى بِالْوُضُوءِ عليه فِيهِمَا وَإِنَّ اللَّهَ عز وجل إذَا ذَكَرَهُمَا فَقَدْ عَفَا في التَّيَمُّمِ عَمَّا سِوَاهُمَا من أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا يُجْزِئُهُ إلَّا أَنْ يَضْرِبَ ضَرْبَةً لِوَجْهِهِ وَأَحَبُّ إلى أَنْ يَضْرِبَهَا بِيَدَيْهِ مَعًا فَإِنْ اقْتَصَرَ على ضَرْبِهَا بِإِحْدَى يَدَيْهِ وَأَمَرَّهَا على جَمِيعِ وَجْهِهِ أَجْزَأَهُ وَكَذَلِكَ إنْ ضَرَبَهَا بِبَعْضِ يَدَيْهِ إنَّمَا أَنْظُرُ من هذا إلَى أَنْ يُمِرَّهَا على وَجْهِهِ وَكَذَلِكَ إنْ ضَرَبَ التُّرَابَ بِشَيْءٍ فَأَخَذَ الْغُبَارَ من أَدَاتِهِ غير يَدَيْهِ ثُمَّ أَمَرَّهُ على وَجْهِهِ وَكَذَلِكَ إنْ يَمَّمَهُ غَيْرُهُ بِأَمْرِهِ وَإِنْ سَفَتْ عليه الرِّيحُ تُرَابًا عَمَّهُ فَأَمَرَّ ما على وَجْهِهِ منه على وَجْهِهِ لم يُجِزْهُ لِأَنَّهُ لم يَأْخُذْهُ لِوَجْهِهِ وَلَوْ أَخَذَ ما على رَأْسِهِ لِوَجْهِهِ فَأَمَرَّهُ عليه أَجْزَأَهُ وَكَذَلِكَ لو أَخَذَ ما على بَعْضِ بَدَنِهِ غَيْرِ وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَيَضْرِبُ بِيَدَيْهِ مَعًا لِذِرَاعَيْهِ لَا يُجْزِيهِ غَيْرُ ذلك إذَا يَمَّمَ نَفْسَهُ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَمْسَحَ يَدًا إلَّا بِالْيَدِ التي تُخَالِفُهَا فَيَمْسَحَ الْيُمْنَى بِالْيُسْرَى وَالْيُسْرَى بِالْيُمْنَى + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَيُخَلِّلُ أَصَابِعَهُ بِالتُّرَابِ وَيَتَتَبَّعُ مَوَاضِعَ الْوُضُوءِ بِالتُّرَابِ كما يَتَتَبَّعُهَا بِالْمَاءِ ( قال ) وَكَيْفَمَا جاء بِالْغُبَارِ على ذِرَاعَيْهِ أَجْزَأَهُ أو أتى بِهِ غَيْرُهُ بِأَمْرِهِ كما قُلْت في الْوَجْهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَوَجْهُ التَّيَمُّمِ ما وَصَفْت من ضَرْبِهِ بِيَدَيْهِ مَعًا لِوَجْهِهِ ثُمَّ يُمِرَّهُمَا مَعًا عليه وَعَلَى ظَاهِرِ لِحْيَتِهِ وَلَا يُجْزِيهِ غَيْرُهُ وَلَا يَدَعُ إمْرَارَهُ على لِحْيَتِهِ وَيَضْرِبُ بِيَدَيْهِ مَعًا لِذِرَاعَيْهِ ثُمَّ يَضَعُ ذِرَاعَهُ الْيُمْنَى في بَطْنِ كَفِّهِ الْيُسْرَى ثُمَّ يُمِرَّ بَطْنَ رَاحَتِهِ على ظَهْرِ ذِرَاعِهِ وَيُمِرَّ أَصَابِعَهُ على حَرْفِ ذِرَاعِهِ وَأُصْبُعِهِ الْإِبْهَامِ على بَطْنِ ذِرَاعِهِ لِيَعْلَمَ أن ( ( ( أنه ) ) ) قد اسْتَوْظَفَ وَإِنْ اسْتَوْظَفَ في الْأُولَى كَفَاهُ من أَنْ يَقْلِبَ يَدَهُ فإذا فَرَغَ من يُمْنَى يَدَيْهِ يَمَّمَ يُسْرَى ذِرَاعَيْهِ بِكَفِّهِ الْيُمْنَى ( قال ) وَإِنْ بَدَأَ بِيَدَيْهِ قبل وَجْهِهِ أَعَادَ فَيَمَّمَ وَجْهَهُ ثُمَّ يُيَمِّمَ ذِرَاعَيْهِ وَإِنْ بَدَأَ بِيُسْرَى ذِرَاعَيْهِ قبل يُمْنَاهَا لم يَكُنْ عليه إعَادَةٌ وَكَرِهْت ذلك له كما قُلْت في الْوُضُوءِ وَإِنْ كان أَقْطَعَ الْيَدِ أو الْيَدَيْنِ يَمَّمَ ما بقى من الْقَطْعِ وَإِنْ كان أَقْطَعَهُمَا من الْمِرْفَقَيْنِ يَمَّمَ ما بقى من الْمِرْفَقَيْنِ وَإِنْ كان أَقْطَعَهُمَا من الْمَنْكِبَيْنِ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُمِرَّ التُّرَابَ على الْمَنْكِبَيْنِ وَإِنْ لم يَفْعَلْ فَلَا شَيْءَ عليه لِأَنَّهُ لَا يَدِينُ له عَلَيْهِمَا فَرْضُ وُضُوءٍ وَلَا تَيَمُّمٍ وَفَرْضُ التَّيَمُّمِ من الْيَدَيْنِ على ما عليه فَرْضُ الْوُضُوءِ وَلَوْ كان أَقْطَعَهُمَا من الْمِرْفَقَيْنِ فَأَمَرَّ التُّرَابَ على الْعَضُدَيْنِ كان أَحَبَّ إلَيَّ احْتِيَاطًا وَإِنَّمَا قُلْت بهذا لِأَنَّهُ اسْمُ الْيَدِ وَلَيْسَ بِلَازِمٍ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يَمَّمَ ذِرَاعَيْهِ فَدَلَّ على أَنَّ فَرْضَ اللَّهِ عز وجل في التَّيَمُّمِ على الْيَدَيْنِ كَفَرْضِهِ على الْوُضُوءِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فإذا كان أَقْطَعَ فلم يَجِدْ من يُيَمِّمَهُ فَإِنْ قَدَرَ على أَنْ يُلَوِّثَ يَدَيْهِ بِالتُّرَابِ حتى يأتى بِهِ عَلَيْهِمَا أو يَحْتَالَ له بِوَجْهٍ إمَّا بِرِجْلِهِ أو غَيْرِهَا أَجْزَأَهُ وَإِنْ لم يَقْدِرْ على ذلك لَاثَ بِوَجْهِهِ لَوْثًا رَفِيقًا حتى يأتى بِالْغُبَارِ عليه وَفَعَلَ ذلك بِيَدَيْهِ وَصَلَّى وَأَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ فَإِنْ لم يَقْدِرْ على لَوْثِهِمَا مَعًا لَاثَ إحْدَاهُمَا وَصَلَّى وَأَعَادَ الصَّلَاةَ إذَا قَدَرَ على من يُيَمِّمُهُ أو يُوَضِّئُهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا وَجَدَ الرَّجُلُ الْمُسَافِرُ مَاءً لَا يُطَهِّرُ أَعْضَاءَهُ كُلَّهَا لم يَكُنْ عليه أَنْ يَغْسِلَ منها شيئا ( قال الرَّبِيعُ ) وَلَهُ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهُ يَغْسِلُ بِمَا معه من الْمَاءِ بَعْضَ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَيَتَيَمَّمَ بَعْدَ ذلك ( قال الرَّبِيعُ ) لِأَنَّ الطَّهَارَةَ لم تَتِمَّ فيه كما لو كان بَعْضُ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ جَرِيحًا غَسَلَ ما صَحَّ منه وَتَيَمَّمَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَيَمَّمَ الرَّجُلُ إلَّا أَنْ يُيَمِّمَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَيَكُونُ الْمِرْفَقَانِ فِيمَا يُيَمِّمُ فَإِنْ تَرَكَ شيئا من هذا لم يُمِرَّ عليه التُّرَابَ قَلَّ أو كَثُرَ كان عليه أَنْ يُيَمِّمَهُ وَإِنْ صلى قبل أَنْ يُيَمِّمَهُ أَعَادَ الصَّلَاةَ وَسَوَاءٌ كان ذلك مِثْلَ الدِّرْهَمِ أو أَقَلَّ منه أو أَكْثَرَ كُلُّ ما أَدْرَكَهُ الطَّرَفُ منه أو اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ تَرَكَهُ وَإِنْ لم يُدْرِكْهُ طَرَفُهُ وَاسْتَيْقَنَ أَنَّهُ تَرَكَ شيئا فَعَلَيْهِ أعادته وأعادة كل صَلَاةٍ صَلَّاهَا قبل أَنْ يُعِيدَهُ ( قال ) وإذا رَأَى أَنْ قد أَمَسَّ يَدَيْهِ التُّرَابَ على وَجْهِهِ وَذِرَاعَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ ولم يُبْقِ شيئا أَجْزَأَهُ
(1/49)
________________________________________
لِأَنَّ الطَّهَارَةَ لم تَكْمُلْ فيه
أخبرنا مَالِكٌ عن نَافِعٍ عن بن عُمَرَ أَنَّهُ تَيَمَّمَ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قال اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا } + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكُلُّ ما وَقَعَ عليه اسْمُ صَعِيدٍ لم تُخَالِطْهُ نَجَاسَةٌ فَهُوَ صَعِيدٌ طَيِّبٌ يَتَيَمَّمُ بِهِ وَكُلُّ ما حَالَ عن اسْمِ صَعِيدٍ لم يَتَيَمَّمْ بِهِ وَلَا يَقَعُ اسْمُ صَعِيدٍ إلَّا على تُرَابٍ ذِي غُبَارٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَأَمَّا الْبَطْحَاءُ الْغَلِيظَةُ وَالرَّقِيقَةُ وَالْكَثِيبُ الْغَلِيظُ فَلَا يَقَعُ عليه اسْمُ صَعِيدٍ وَإِنْ خَالَطَهُ تُرَابٌ أو مَدَرٌ يَكُونُ له غُبَارٌ كان الذي خَالَطَهُ هو الصَّعِيدُ وإذا ضَرَبَ الْمُتَيَمِّمُ عليه بِيَدَيْهِ فَعَلِقَهُمَا غُبَارٌ أَجْزَأَهُ التَّيَمُّمُ بِهِ وإذا ضَرَبَ بِيَدَيْهِ عليه أو على غَيْرِهِ فلم يَعْلَقْهُ غُبَارٌ ثُمَّ مَسَحَ بِهِ لم يُجِزْهُ وَهَكَذَا كُلُّ أَرْضٍ سَبْخُهَا وَمَدَرُهَا وَبَطْحَاؤُهَا وَغَيْرُهُ فما عَلِقَ منه إذَا ضَرَبَ بِالْيَدِ غُبَارٌ فَتَيَمَّمَ بِهِ أَجْزَأَهُ وما لم يَعْلَقْ بِهِ غُبَارٌ فَتَيَمَّمَ بِهِ لم يُجِزْهُ وَهَكَذَا إنْ نَفَضَ الْمُتَيَمِّمُ ثَوْبَهُ أو بَعْضَ أَدَاتِهِ فَخَرَجَ عليه غُبَارُ تُرَابٍ فَتَيَمَّمَ بِهِ أَجْزَأَهُ إذَا كان التُّرَابُ دَقْعَاءَ فَضَرَبَ فيه الْمُتَيَمِّمُ بِيَدَيْهِ فَعَلِقَهُمَا منه شَيْءٌ كَثِيرٌ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْفُضَ شيئا إذَا بقى في يَدَيْهِ غُبَارٌ يُمَاسَّ الْوَجْهَ كُلَّهُ وَأَحَبُّ إلَيَّ لو بَدَأَ فَوَضَعَ يَدَيْهِ على التُّرَابِ وَضْعًا رَفِيقًا ثُمَّ يَتَيَمَّمُ بِهِ وَإِنْ عَلِقَ بِيَدَيْهِ تُرَابٌ كَثِيرٌ فَأَمَرَّهُ على وَجْهِهِ لم يَضُرَّهُ وَإِنْ عَلِقَهُ شَيْءٌ كَثِيرٌ فَمَسَحَ بِهِ وَجْهَهُ لم يُجِزْهُ أَنْ يَأْخُذَ من الذي على وَجْهِهِ فَيَمْسَحَ بِهِ ذِرَاعَيْهِ وَلَا يُجْزِيهِ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ تُرَابًا غَيْرَهُ لِذِرَاعَيْهِ فَإِنْ أَمَرَّهُ على ذِرَاعَيْهِ عَادَ فَأَخَذَ تُرَابًا آخَرَ ثُمَّ أَمَرَّهُ على ذِرَاعَيْهِ فَإِنْ ضَرَبَ على مَوْضِعٍ من الْأَرْضِ فَيَمَّمَ بِهِ وَجْهَهُ ثُمَّ ضَرَبَ عليه أُخْرَى فَيَمَّمَ بِهِ ذِرَاعَيْهِ فَجَائِزٌ وَكَذَلِكَ إنْ تَيَمَّمَ من مَوْضِعِهِ ذلك جَازَ لِأَنَّ ما أَخَذَ منه في كل ضَرْبَةٍ غَيْرُ ما يَبْقَى بَعْدَهَا ( قال ) وإذا حَتَّ التُّرَابَ من الْجِدَارِ فَتَيَمَّمَ بِهِ أَجْزَأَهُ وَإِنْ وَضَعَ يَدَيْهِ على الْجِدَارِ وَعَلِقَ بِهِمَا غُبَارُ تُرَابٍ فَتَيَمَّمَ بِهِ أَجْزَأَهُ فَإِنْ لم يَعْلَقْ لم يُجِزْهُ وَإِنْ كان التُّرَابُ مُخْتَلِطًا بِنُورَةٍ أو تِبْنٍ رَقِيقٍ أو دَقِيقِ حِنْطَةٍ أو غَيْرِهِ لم يَجُزْ التَّيَمُّمُ بِهِ حتى يَكُونَ تُرَابًا مَحْضًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا حَالَ التُّرَابَ بِصَنْعَةٍ عن أَنْ يَقَعَ عليه اسْمُ تُرَابٍ أو صَعِيدٍ فَتَيَمَّمَ بِهِ لم يَجُزْ وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَطْبُخَ قَصَبَةً أو يَجْعَلَ آجُرًّا ثُمَّ يَدُقَّ وما أَشْبَهَ هذا ( قال ) وَلَا يَتَيَمَّمُ بِنُورَةٍ وَلَا كُحْلٍ وَلَا زِرْنِيخٍ وَكُلُّ هذا حِجَارَةٌ وَكَذَلِكَ إنْ دُقَّتْ الْحِجَارَةُ حتى تَكُونَ كَالتُّرَابِ أو الْفَخَّارِ أو خُرِطَ الْمَرْمَرُ حتى يَكُونَ غُبَارًا لم يَجُزْ التَّيَمُّمُ بِهِ وَكَذَلِكَ الْقَوَارِيرُ تُسْحَقُ وَاللُّؤْلُؤُ وَغَيْرُهُ وَالْمِسْكُ وَالْكَافُورُ وَالْأَطْيَابُ كُلُّهَا وما يُسْحَقُ حتى يَكُونَ غُبَارًا مِمَّا ليس بِصَعِيدٍ فَأَمَّا الطِّينُ الْأَرْمَنِيُّ وَالطِّينُ الطَّيِّبُ الذي يُؤْكَلُ فَإِنْ دُقَّ فَتَيَمَّمَ بِهِ أَجْزَأَهُ وَإِنْ دُقَّ الْكَذَّانُ فَتَيَمَّمَ بِهِ لم يُجِزْهُ لِأَنَّ الْكَذَّانَ حَجَرٌ خُوَارٌ وَلَا يَتَيَمَّمُ بِشَبٍّ وَلَا ذَرِيرَةٍ وَلَا لِبَانِ شَجَرَةٍ وَلَا سِحَالَةِ فِضَّةٍ وَلَا ذَهَبٍ وَلَا شَيْءٍ غَيْرِ ما وَصَفْت من الصَّعِيدِ وَلَا يَتَيَمَّمُ بِشَيْءٍ من الصَّعِيدِ عَلِمَ الْمُتَيَمِّمُ أَنَّهُ أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ بِحَالٍ حتى يَعْلَمَ أَنْ قد طَهُرَ بِالْمَاءِ كما وَصَفْنَا من التُّرَابِ الْمُخْتَلَطِ بِالتُّرَابِ الذي لَا جَسَدَ له قَائِمٌ مِثْلَ الْبَوْلِ وما أَشْبَهَهُ أَنْ يَصُبَّ عليه الْمَاءَ حتى يَغْمُرَهُ وَمِنْ الْجَسَدِ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) لَا يُجْزِيهِ في التَّيَمُّمِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِالْغُبَارِ على ما يَأْتِيَ عليه بِالْوُضُوءِ من وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ - * بَابُ التُّرَابِ الذي يُتَيَمَّمُ بِهِ وَلَا يُتَيَمَّمُ - *
(1/50)
________________________________________
الْقَائِمِ بِأَنْ يُزَالَ ثُمَّ يَصُبَّ عليه الْمَاءَ على مَوْضِعِهِ أو يَحْفِرَ مَوْضِعَهُ حتى يَعْلَمَ أَنَّهُ لم يَبْقَ منه شَيْءٌ وَلَا يَتَيَمَّمُ بِتُرَابِ الْمَقَابِرِ لِاخْتِلَاطِهَا بِصَدِيدِ الْمَوْتَى وَلُحُومِهِمْ وَعِظَامِهِمْ وَلَوْ أَصَابَهَا الْمَطَرُ لم يَجُزْ التَّيَمُّمُ بها لِأَنَّ الْمَيِّتَ قَائِمٌ فيها لَا يُذْهِبُهُ الْمَاءُ إلَّا كما يَذْهَبُ التُّرَابُ وَهَكَذَا كُلُّ ما اخْتَلَطَ بِالتُّرَابِ من الْأَنْجَاسِ مِمَّا يَعُودُ فيه كَالتُّرَابِ وإذا كان التُّرَابُ مَبْلُولًا لم يَتَيَمَّمْ بِهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ طِينٌ وَيَتَيَمَّمُ بِغُبَارٍ من أَيْنَ كان فَإِنْ كانت ثِيَابُهُ وَرِجْلُهُ مَبْلُولَةً اسْتَجَفَّ من الطِّينِ شيئا على بَعْضِ أَدَاتِهِ أو جَسَدِهِ فإذا جَفَّ حَتَّهُ ثُمَّ يَتَيَمَّمُ بِهِ لَا يُجْزِيهِ غَيْرُ ذلك وَإِنْ لَطَّخَ وَجْهَهُ بِطِينٍ لم يُجِزْهُ من التَّيَمُّمِ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عليه اسْمُ صَعِيدٍ وَهَكَذَا إنْ كان التُّرَابُ في سَبْخَةٍ نَدِيَّةٍ لم يَتَيَمَّمْ بها لِأَنَّهَا كَالطِّينِ لَا غُبَارَ لها وَإِنْ كان في الطِّينِ ولم يَجِفَّ له منه شَيْءٌ حتى خَافَ ذَهَابَ الْوَقْتِ صلى ثُمَّ إذَا جَفَّ الطِّينُ تَيَمَّمَ وَأَعَادَ الصَّلَاةَ ولم يَعْتَدَّ بِصَلَاةٍ صَلَّاهَا لَا بِوُضُوءٍ وَلَا تَيَمُّمٍ وإذا كان الرَّجُلُ مَحْبُوسًا في الْمِصْرِ في الْحُشِّ أو في مَوْضِعٍ نَجِسِ التُّرَابِ وَلَا يَجِدُ مَاءً أو يَجِدُهُ وَلَا يَجِدُ مَوْضِعًا طَاهِرًا يصلى عليه وَلَا شيئا طَاهِرًا يَفْرِشُهُ يصلى عليه صلى يُومِئُ إيمَاءً وَأَمَرْتُهُ أَنْ يصلى ولا ( ( ( وأن ) ) ) يُعِيدَ صَلَاتَهُ ها هنا وَإِنَّمَا أَمَرْته بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ على الصَّلَاةِ بِحَالٍ فلم أَرَهُ يَجُوزُ عِنْدِي أَنْ يَمُرَّ بِهِ وَقْتُ صَلَاةٍ لَا يصلى فيها كما أَمْكَنَهُ وَأَمَرْتُهُ أَنْ يُعِيدَ لِأَنَّهُ لم يُصَلِّ كما يُجْزِيهِ وَهَكَذَا الْأَسِيرُ يُمْنَعُ وَالْمُسْتَكْرَهُ وَمَنْ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَأْدِيَةِ الصَّلَاةِ صلى كما قَدَرَ جَالِسًا أو مُومِيًا وَعَادَ فَصَلَّى مُكَمِّلًا لِلصَّلَاةِ إذَا قَدَرَ وَلَوْ كان هذا الْمَحْبُوسُ يَقْدِرُ على الْمَاءِ لم يَكُنْ له إلَّا أَنْ يَتَوَضَّأَ وَإِنْ كان لَا تُجْزِيهِ بِهِ صَلَاتُهُ وَكَذَلِكَ لو قَدَرَ على شَيْءٍ يَبْسُطُهُ ليس بِنَجِسٍ لم يَكُنْ له إلَّا أَنْ يَبْسُطَهُ وَإِنْ لم يَقْدِرْ على ما قال فَأَتَى بِأَيِّ شَيْءٍ قَدَرَ على أَنْ يَأْتِيَ بِهِ جاء بِهِ مِمَّا عليه وَإِنْ كان عليه الْبَدَلُ وَهَكَذَا إنْ حُبِسَ مَرْبُوطًا على خَشَبَةٍ وَهَكَذَا إنْ حُبِسَ مَرْبُوطًا لَا يَقْدِرُ على الصَّلَاةِ أَوْمَأَ إيمَاءً ويقضى في كل هذا إذَا قَدَرَ وَإِنْ مَاتَ قبل أَنْ يَقْدِرَ على الْقَضَاءِ رَجَوْت له أَنْ لَا يَكُونَ عليه مَأْثَمٌ لِأَنَّهُ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَأْدِيَةِ الصَّلَاةِ وقد عَلِمَ اللَّهُ تَعَالَى نِيَّتَهُ في تَأْدِيَتِهَا - * بَابُ ذِكْرِ اللَّهِ عز وجل على غَيْرِ وُضُوءٍ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال أخبرني أبو بَكْرِ بن عُمَرَ بن عبد الرحمن عن نَافِعٍ عن بن عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا مَرَّ على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وهو يَبُولُ فَسَلَّمَ عليه الرَّجُلُ فَرَدَّ عليه النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فلما جَاوَزَهُ نَادَاهُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فقال إنَّمَا حَمَلَنِي على الرَّدِّ عَلَيْك خَشْيَةَ أَنْ تَذْهَبَ فَتَقُولَ إنِّي سَلَّمْت على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فلم يَرُدَّ عَلَيَّ فإذا رَأَيْتنِي على هذه الْحَالِ فَلَا تُسَلِّمْ عَلَيَّ فَإِنَّك إنْ تَفْعَلْ لَا إرد عَلَيْك
أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ عن أبي الْحُوَيْرِثِ عن الْأَعْرَجِ عن بن الصِّمَّةِ قال مَرَرْت على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وهو يَبُولُ فَسَلَّمْت عليه فلم يَرُدَّ عَلَيَّ حتى قام إلَى جِدَارٍ فَحَتَّهُ بِعَصَا كانت معه ثُمَّ مَسَحَ يَدَيْهِ على الْجِدَارِ فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ ثُمَّ رَدَّ على
أخبرنا إبْرَاهِيمُ عن يحيى بن سَعِيدٍ عن سُلَيْمَانَ بن يَسَارٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم ذَهَبَ إلَى بِئْرِ جَمَلٍ لِحَاجَتِهِ ثُمَّ أَقْبَلَ فَسَلَّمَ عليه فلم يَرُدَّ عليه حتى تَمَسَّحَ بِجِدَارٍ ثُمَّ رَدَّ عليه السَّلَامَ (1)
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْحَدِيثَانِ الْأَوَّلَانِ ثَابِتَانِ وَبِهِمَا نَأْخُذُ وَفِيهِمَا وفي الحديث بَعْدَهُمَا دَلَائِلُ منه أَنَّ السَّلَامَ اسْمٌ من أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى فإذا رَدَّهُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قبل التَّيَمُّمِ وَبَعْدَ التَّيَمُّمِ في الْحَضَرِ وَالتَّيَمُّمِ لَا يجزئ الْمَرْءَ وهو صَحِيحٌ في الْوَقْتِ الذي لَا يَكُونُ التَّيَمُّمُ فيه طَهَارَةً لِلصَّلَاةِ دَلَّ ذلك على أَنّ
(1/51)
________________________________________
ذِكْرَ اللَّهِ عز وجل يَجُوزُ وَالْمَرْءُ غَيْرُ طَاهِرٍ لِلصَّلَاةِ ( قال ) وَيُشْبِهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ أَنْ تَكُونَ الْقِرَاءَةُ غير طَاهِرٍ كَذَلِكَ لِأَنَّهَا من ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى ( قال ) وَدَلِيلٌ على أَنَّهُ يَنْبَغِي لِمَنْ مَرَّ على من يَبُولُ أو يَتَغَوَّطُ أَنْ يُكَفَّ عن السَّلَامِ عليه في حَالَتِهِ تِلْكَ وَدَلِيلٌ على أَنَّ رَدَّ السَّلَامِ في تِلْكَ الْحَالِ مُبَاحٌ لِأَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم رَدَّ في حَالَتِهِ تِلْكَ وَعَلَى أَنَّ تَرْكَ الرَّدِّ حتى يُفَارِقَ تِلْكَ الْحَالِ وَيَتَيَمَّمَ مُبَاحٌ ثُمَّ يَرُدَّ وَلَيْسَ تَرْكُ الرَّدِّ مُعَطِّلًا لِوُجُوبِهِ وَلَكِنَّ تَأْخِيرَهُ إلَى التَّيَمُّمِ ( قال ) وَتَرْكُ رَدِّ السَّلَامِ إلَى التَّيَمُّمِ يَدُلُّ على أَنَّ الذِّكْرَ بَعْدَ التَّيَمُّمِ اخْتِيَارًا على الذِّكْرِ قَبْلَهُ وَإِنْ كَانَا مُبَاحَيْنِ لِرَدِّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قبل التَّيَمُّمِ وَبَعْدَهُ ( قال ) فَإِنْ ذَهَبَ ذَاهِبٌ إلَى أَنْ يَقُولَ لَمَّا تَيَمَّمَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم رَدَّ السَّلَامَ لِأَنَّهُ قد جَازَ له قُلْنَا بِالتَّيَمُّمِ لِلْجِنَازَةِ وَالْعِيدَيْنِ إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ ذلك وَخَافَ فَوْتَهُمَا قُلْنَا وَالْجِنَازَةُ وَالْعِيدُ صَلَاةٌ وَالتَّيَمُّمُ لَا يَجُوزُ في الْمِصْرِ لِصَلَاةٍ فَإِنْ زَعَمْت أَنَّهُمَا ذِكْرٌ جَازَ الْعِيدُ بِغَيْرِ تَيَمُّمٍ كما جَازَ في السَّلَامِ بِغَيْرِ تَيَمُّمٍ - * بَابُ ما يُطَهِّرُ الْأَرْضَ وما لَا يُطَهِّرُهَا - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن الزُّهْرِيِّ عن سَعِيدِ بن الْمُسَيِّبِ عن أبي هُرَيْرَةَ رضي اللَّهُ تَعَالَى عنه قال دخل أَعْرَابِيٌّ الْمَسْجِدَ فقال اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا وَلَا تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا فقال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لقد تَحَجَّرْت وَاسِعًا قال فما لَبِثَ أَنْ بَالَ في نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ فَكَأَنَّهُمْ عَجَّلُوا عليه فَنَهَاهُمْ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ثُمَّ أَمَرَ بِذَنُوبٍ من مَاءٍ أو سَجْلٍ من مَاءٍ فَأُهْرِيقَ عليه ثُمَّ قال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم عَلِّمُوا وَيَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا بن عُيَيْنَةَ عن يحيى بن سَعِيدٍ قال سَمِعْت أَنَسَ بن مَالِكٍ يقول بَالَ أَعْرَابِيٌّ في الْمَسْجِدِ فَعَجَّلَ الناس عليه فَنَهَاهُمْ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم عنه وقال صُبُّوا عليه دَلْوًا من مَاءٍ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا كان مَكَانُ الْبَوْلِ خمر ( ( ( خمرا ) ) ) صُبَّ عليه كما يُصَبُّ على الْبَوْلِ لَا يَخْتَلِفَانِ في قَدْرِ ما يُصَبُّ عليه من الْمَاءِ فإذا ذَهَبَ لَوْنُهُ وَرِيحُهُ من التُّرَابِ فَقَدْ طَهُرَ التُّرَابُ الذي خَالَطَهُ ( قال ) وإذا ذَهَبَ لَوْنُهُ ولم يَذْهَبْ رِيحُهُ فَفِيهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا لَا تَطْهُرُ الْأَرْضُ حتى يَذْهَبَ رِيحُهُ وَذَلِكَ أَنَّ الْخَمْرَ لَمَّا كانت الرَّائِحَةُ قَائِمَةً فيه فَهِيَ كَاللَّوْنِ وَالْجَسَدِ فَلَا تَطْهُرُ الْأَرْضُ حتى يَصُبَّ عليها من الْمَاءِ قَدْرَ ما يُذْهِبُهُ فَإِنْ ذَهَبَتْ بِغَيْرِ صَبِّ مَاءٍ لم تَطْهُرْ حتى يُصَبَّ عليها من الْمَاءِ قَدْرُ ما يَطْهُرُ بِهِ الْبَوْلُ وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهُ إذَا صُبَّ على ذلك من الْمَاءِ قَدْرُ ما يُطَهِّرُهَا وَذَهَبَ اللَّوْنُ وَالرِّيحُ ليس بِجَسَدٍ وَلَا لَوْنٍ فَقَدْ طَهُرَتْ الْأَرْضُ وإذا كَثُرَ ما يُصَبُّ من الْخَمْرِ على الْأَرْضِ فَهُوَ كَكَثْرَةِ الْبَوْلِ يُزَادُ عليه من الْمَاءِ كما وَصَفْته يُزَادُ على الْبَوْلِ إذَا كَثُرَ وَكُلُّ ما كان غير جَسَدٍ في هذا الْمَعْنَى لَا يُخَالِفُهُ فَإِنْ كانت جِيفَةً على وَجْهِ الْأَرْضِ فَسَالَ منها ما يَسِيلُ من الْجِيَفِ فَأُزِيلَ جَسَدُهَا صُبَّ على ما خَرَجَ منها من الْمَاءِ كما وَصَفْته يُصَبُّ على الْبَوْلِ وَالْخَمْرِ فإذا صُبَّ الْمَاءُ فلم يُوجَدْ له عَيْنٌ وَلَا لَوْنٌ وَلَا رِيحٌ فَهَكَذَا ( قال ) وَهَكَذَا إذَا كانت عليها عَذِرَةٌ أو دَمٌ أو جَسَدٌ نَجَسٌ فَأُزِيلَ ( قال ) وإذا صَبَّ على الْأَرْضِ شيئا من الذَّائِبِ كَالْبَوْلِ وَالْخَمْرِ وَالصَّدِيدِ وما أَشْبَهَهُ ثُمَّ ذَهَبَ أَثَرُهُ وَلَوْنُهُ وَرِيحُهُ فَكَانَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) فإذا بِيلَ على الْأَرْضِ وكان الْبَوْلُ رَطْبًا مَكَانَهُ أو نَشَّفَتْهُ الْأَرْضُ وكان مَوْضِعُهُ يَابِسًا فَصَبَّ عليه من الْمَاءِ ما يَغْمُرُهُ حتى يَصِيرَ الْبَوْلُ مُسْتَهْلَكًا في التُّرَابِ وَالْمَاءُ جَارِيًا على مَوَاضِعِهِ كُلِّهَا مُزِيلًا لِرِيحِهِ فَلَا يَكُونُ له جَسَدٌ قَائِمٌ وَلَا شَيْءَ في مَعْنَى جَسَدٍ من رِيحٍ وَلَا لَوْنٍ فَقَدْ طَهُرَ وَأَقَلُّ قَدْرِ ذلك ما يُحِيطُ الْعِلْمُ أَنَّهُ كَالدَّلْوِ الْكَبِيرِ على بَوْلِ الرَّجُلِ وَإِنْ كَثُرَ وَذَلِكَ أَكْثَرُ منه أَضْعَافًا لَا أَشُكُّ في أَنَّ ذلك سَبْعُ مَرَّاتٍ أو أَكْثَرُ لَا يُطَهِّرُهُ شَيْءُ غَيْرُهُ ( قال ) فَإِنْ بَالَ على بَوْلِ الْوَاحِدِ آخَرُ لم يُطَهِّرْهُ إلَّا دَلْوَانِ وَإِنْ بَالَ اثْنَانِ معه لم يُطَهِّرْهُ إلَّا ثَلَاثَةٌ وَإِنْ كَثُرُوا لم يَطْهُرْ الْمَوْضِعُ حتى يُفْرَغَ عليه من الْمَاءِ ما يُعْلَمُ أَنْ قد صُبَّ مَكَانَ بَوْلِ كل رَجُلٍ دَلْوٌ عَظِيمٌ أو كَبِيرٌ
(1/52)
________________________________________
في شَمْسٍ أو غَيْرِ شَمْسٍ فَسَوَاءٌ وَلَا يُطَهِّرُهُ إلَّا أَنْ يَصُبَّ عليه الْمَاءَ وَإِنْ أتى على الْأَرْضِ مَطَرٌ يُحِيطُ الْعِلْمُ أَنَّهُ يُصِيبُ مَوْضِعَ الْبَوْلِ منه أَكْثَرُ من الْمَاءِ الذي وَصَفْت أَنَّهُ يُطَهِّرُهُ كان لها طَهُورًا وَكَذَلِكَ إنْ أتى عليها سَيْلٌ يَدُومُ عليها قَلِيلًا حتى تَأْخُذَ الْأَرْضُ منه مِثْلَ ما كانت آخِذَةً مِمَّا صُبَّ عليها وَلَا أَحْسَبُ سَيْلًا يَمُرُّ عليها إلَّا أَخَذَتْ منه مِثْلَ أو أَكْثَرَ مِمَّا كان يُطَهِّرُهَا من مَاءٍ يُصَبُّ عليها فَإِنْ كان الْعِلْمُ يُحِيطُ بِأَنَّ سَيْلًا لو مَسَحَهَا مَسْحَةً لم تَأْخُذْ منه قَدْرَ ما كان يُطَهِّرُهَا لم تَطْهُرْ حتى يَصُبّ عليها ما يُطَهِّرُهَا وَإِنْ صَبَّ على الْأَرْضِ نَجِسًا كَالْبَوْلِ فَبُودِرَ مَكَانُهُ فَحَفَرَ حتى لَا يَبْقَى في الْأَرْضِ منه شَيْءٌ رَطْبٌ ذَهَبَتْ النَّجَاسَةُ كُلُّهَا وَطَهُرَتْ بِلَا مَاءٍ وان يَبِسَ وبقى له أَثَرٌ فَحُفِرَتْ حتى لَا يَبْقَى يُرَى له أَثَرٌ لم تَطْهُرْ لِأَنَّ الْأَثَرَ لَا يَكُونُ منه إلَّا الْمَاءُ طَهُرَ حَيْثُ تَرَدَّدَ إلَّا أَنْ يُحِيطَ الْعِلْمُ أَنْ قد أتى بِالْحَفْرِ على ما يَبْلُغُهُ الْبَوْلُ فَيُطَهِّرُهُ فَأَمَّا كُلُّ جَسَدٍ وَمُسْتَجْسِدٍ قَائِمٍ من الْأَنْجَاسِ مِثْلَ الْجِيفَةِ وَالْعَذِرَةِ وَالدَّمِ وما أَشْبَهَهَا فَلَا تَطْهُرُ الْأَرْضُ منه إلَّا بِأَنْ يَزُولَ عنها ثُمَّ يُصَبَّ على رَطْبٍ إنْ كان منه فيها ما يُصَبُّ على الْبَوْلِ وَالْخَمْرِ فَإِنْ ذَهَبَتْ الْأَجْسَادُ في التُّرَابِ حتى يَخْتَلِطَ بها فَلَا يَتَمَيَّزُ منها كانت كَالْمَقَابِرِ لَا يُصَلَّى فيها وَلَا تَطْهُرُ لِأَنَّ التُّرَابَ غَيْرُ مُتَمَيِّزٍ من الْمُحَرَّمِ الْمُخْتَلَطِ وَهَكَذَا كُلُّ ما اخْتَلَطَ بِمَا في الْكَرَايِيسِ وما أَشْبَهَهُ وإذا ذَهَبَتْ جِيفَةٌ في الْأَرْضِ فَكَانَ عليها من التُّرَابِ ما يُوَارِيهَا وَلَا يَرْطَبُ بِرُطُوبَةٍ إنْ كانت منها كُرِهَتْ الصَّلَاةُ على مَدْفِنِهَا وَإِنْ صلى عليها مُصَلٍّ لم آمُرْهُ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ وَهَكَذَا ما دُفِنَ من الْأَنْجَاسِ مِمَّا لم يَخْتَلِطْ بِالتُّرَابِ وإذا ضُرِبَ اللَّبِنُ مِمَّا فيه بَوْلٌ لم يُصَلِّ عليه حتى يَصُبَّ عليه الْمَاءَ كما يَصُبَّ على ما يُبَلْ عليه من الْأَرْضِ وَأَكْرَهُ أَنْ يُفْرَشَ بِهِ مَسْجِدٌ أو يُبْنَى بِهِ فَإِنْ بنى بِهِ مَسْجِدٌ أو كان منه جُدْرَانُهُ كَرِهْتُهُ وَإِنْ صلى إلَيْهَا مُصَلٍّ لم أَكْرَهْهُ ولم يَكُنْ عليه إعَادَةٌ وَكَذَلِكَ إنْ صلى في مَقْبَرَةٍ أو قَبْرٍ أو جِيفَةٍ أَمَامَهُ وَذَلِكَ أَنَّهُ إنَّمَا كُلِّفَ ما يُمَاسَّهُ من الْأَرْضِ وَسَوَاءٌ إنْ كان اللَّبِنُ الذي ضُرِبَ بِالْبَوْلِ مَطْبُوخًا أو نِيئًا لَا يَطْهُرُ اللَّبِنُ بِالنَّارِ وَلَا تُطَهِّرُ شيئا وَيَصُبُّ عليه الْمَاءَ كُلَّهُ كما وَصَفْت لك وَإِنْ ضُرِبَ اللَّبِنُ بِعِظَامِ مَيْتَةٍ أو لَحْمِهَا أو بِدَمٍ أو بِنَجَسٍ مُسْتَجْسِدٍ من الْمُحَرَّمِ لم يُصَلِّ عليه أَبَدًا طُبِخَ أو لم يُطْبَخْ غُسِلَ أو لم يُغْسَلْ لِأَنَّ الْمَيِّتَ جُزْءٌ قَائِمٌ فيه أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَيِّتَ لو غُسِّلَ بِمَاءِ الدُّنْيَا لم يَطْهُرْ ولم يُصَلَّ عليه إذَا كان جَسَدًا قَائِمًا وَلَا تَتِمُّ صَلَاةُ أَحَدٍ على الْأَرْضِ وَلَا شَيْءٍ يَقُومُ عليه دُونَهَا حتى يَكُونُ جَمِيعُ ما يُمَاسَّ جَسَدَهُ منها طَاهِرًا كُلَّهُ فَإِنْ كان منها شَيْءٌ غَيْرُ طَاهِرٍ فَكَانَ لَا يُمَاسَّهُ وما مَاسَّهُ منها طَاهِرٌ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ وَأَكْرَهُ له أَنْ يصلى إلَّا على مَوْضِعٍ طَاهِرٍ كُلِّهِ وَسَوَاءٌ مَاسَّ من يَدَيْهِ أو رِجْلَيْهِ أو رُكْبَتَيْهِ أو جَبْهَتِهِ أو أَنْفِهِ أو أَيِّ شَيْءٍ مَاسَّ منه وَكَذَلِكَ سَوَاءٌ ما سَقَطَتْ عليه ثِيَابُهُ منه إذَا مَاسَّ من ذلك شيئا نَجِسًا لم تَتِمَّ صَلَاتُهُ وَكَانَتْ عليه الْإِعَادَةُ وَالْبِسَاطُ وما صلى عليه مِثْلُ الْأَرْضِ إذَا قام منه على مَوْضِعٍ طَاهِرٍ وَإِنْ كان الْبَاقِي منه نَجِسًا أَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ وَلَيْسَ هَكَذَا الثَّوْبُ لو لَبِسَ بَعْضَ ثَوْبٍ طَاهِرٍ وكان بَعْضُهُ سَاقِطًا عنه وَالسَّاقِطُ عنه منه غَيْرُ طَاهِرٍ لم تُجِزْهُ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ يُقَالُ له لَابِسٌ لِثَوْبٍ وَيَزُولُ فَيَزُولُ بِالثَّوْبِ معه إذَا كان قَائِمًا على الْأَرْضِ فَحَظُّهُ منها ما يُمَاسُّهُ وإذا زَالَ لم يَزُلْ بها وَكَذَلِكَ ما قام عليه سِوَاهَا وإذا اسْتَيْقَنَ الرَّجُلُ بِأَنْ قد مَاسَّ بَعْدَ الْأَرْضِ نَجَاسَةً أَحْبَبْت أَنْ يَتَنَحَّى عنه حتى يأتى مَوْضِعًا لَا يَشُكُّ أَنَّهُ لم تُصِبْهُ نَجَاسَةٌ وَإِنْ لم يَفْعَلْ أَجْزَأَ عنه حَيْثُ صلى إذَا لم يَسْتَيْقِنْ فيه النَّجَاسَةَ وَكَذَلِكَ إنْ صلى في مَوْضِعٍ فَشَكَّ أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ أَمْ لَا أَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ وَالْأَرْضُ على الطَّهَارَةِ حتى يَسْتَيْقِنَ فيها النَّجَاسَةَ
____________________
(1/53)

Tidak ada komentar:

Posting Komentar