Senin, 14 Maret 2016

Kitab Al-umm 1.10

Kitab Al-Umm Imam Syafi'i 1.10



بَابٌ السَّاعَاتُ التي تُكْرَهُ فيها الصَّلَاةُ - * وهو مَذْكُورٌ في اخْتِلَافِ الحديث
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن مُحَمَّدِ بن يحيى بن حِبَّانَ عن الْأَعْرَجِ عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم نهى عن الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ حتى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَعَنْ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حتى تَطْلُعَ الشَّمْسُ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن نَافِعٍ عن بن عُمَرَ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال لَا يَتَحَرَّى أحدكم فيصلى عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَا عِنْدَ غُرُوبِهَا
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن زَيْدِ بن أَسْلَمَ عن عَطَاءِ بن يَسَارٍ عن الصُّنَابِحِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال إنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ وَمَعَهَا قَرْنُ الشَّيْطَانِ فإذا ارْتَفَعَتْ فَارَقَهَا فإذا اسْتَوَتْ قَارَنَهَا فإذا زَالَتْ فَارَقَهَا فإذا دَنَتْ إلَى الْغُرُوبِ قَارَنَهَا فإذا غَرَبَتْ فَارَقَهَا وَنَهَى رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم عن الصَّلَاةِ في تِلْكَ السَّاعَاتِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) وروى عن إِسْحَاقَ بن عبد اللَّهِ عن سَعِيدِ بن أبي سَعِيدٍ عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم نهى عن الصَّلَاةِ نِصْفَ النَّهَارِ حتى تَزُولَ الشَّمْسُ إلَّا يوم الْجُمُعَةِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ
____________________
(1/147)
________________________________________
قال أخبرنا مَالِكٌ عن بن شِهَابٍ عن بن الْمُسَيِّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم نَامَ عن الصُّبْحِ فَصَلَّاهَا بَعْدَ أَنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ ثُمَّ قال من نسى الصَّلَاةَ فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا فإن اللَّهَ عز وجل يقول { وأقم ( ( ( أقم ) ) ) الصَّلَاةَ لِذِكْرِي }
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا سُفْيَانُ عن عَمْرِو بن دِينَارٍ عن نَافِعِ بن جُبَيْرٍ عن رَجُلٍ من أَصْحَابِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال كان رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم في سَفَرٍ فَعَرَّسَ فقال أَلَا رَجُلٌ صَالِحٌ يَكْلَؤُنَا اللَّيْلَةَ لَا نَرْقُدُ عن الصَّلَاةِ فقال بِلَالٌ أنا يا رَسُولَ اللَّهِ قال فَاسْتَنَدَ بِلَالٌ إلَى رَاحِلَتِهِ وَاسْتَقْبَلَ الْفَجْرَ قال فلم يَفْزَعُوا إلَّا بِحَرِّ الشَّمْسِ في وُجُوهِهِمْ فقال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يا بِلَالُ فقال بِلَالٌ يا رَسُولَ اللَّهِ أَخَذَ بِنَفْسِي الذي أَخَذَ بِنَفْسِك قال فَتَوَضَّأَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ثُمَّ صلى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ ثُمَّ اقْتَادُوا رَوَاحِلَهُمْ شيئا ثُمَّ صلى الْفَجْرَ (1)
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَذَا يُرْوَى عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم مُتَّصِلًا من حديث أَنَسٍ وَعِمْرَانَ بن حُصَيْنٍ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَيَزِيدُ أَحَدُهُمَا عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم من نسى الصَّلَاةَ أو نَامَ عنها فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا وَيَزِيدُ الْآخَرُ أَيْ حين ما كانت
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا سُفْيَانُ عن أبي الزُّبَيْرِ عن عبد اللَّهِ بن بَابَاهُ عن جُبَيْرِ بن مُطْعِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال يا بَنِي عبد مَنَافٍ من ولى مِنْكُمْ من أَمْرِ الناس شيئا فَلَا يَمْنَعَنَّ أَحَدًا طَافَ بهذا الْبَيْتِ وَصَلَّى أَيَّةَ سَاعَةٍ شَاءَ من لَيْلٍ أو نَهَارٍ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مُسْلِمٌ وعبدالمجيد عن بن جُرَيْجٍ عن عَطَاءٍ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم مثله أو مِثْلَ مَعْنَاهُ لَا يُخَالِفُهُ وزاد عَطَاءٌ يا بَنِي عبد الْمُطَّلِبِ يا بَنِي هَاشِمٍ أو يا بَنِي عبد مَنَافٍ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا سُفْيَانُ عن عبد اللَّهِ بن أبي لَبِيدٍ قال سَمِعَتْ أَبَا سَلَمَةَ قال قَدِمَ مُعَاوِيَةُ الْمَدِينَةَ قال فَبَيْنَا هو على الْمِنْبَرِ إذْ قال يا كَثِيرُ بن الصَّلْتِ اذْهَبْ إلَى عَائِشَةَ فَسَلْهَا عن صَلَاة
(1/148)
________________________________________
النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ قال أبو سَلَمَةَ فَذَهَبْت معه وَبَعَثَ بن عَبَّاسٍ عَبْدَ اللَّهِ بن الحرث بن نَوْفَلٍ مَعَنَا قال اذْهَبْ فَاسْمَعْ ما تَقُولُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ قال فَجَاءَهَا فَسَأَلَهَا فقالت له عَائِشَةُ لَا عِلْمَ لي وَلَكِنْ اذْهَبْ إلي أُمِّ سَلَمَةَ فَسَلْهَا قال فَذَهَبْنَا معه إلَى أُمِّ سَلَمَةَ فقالت دخل عَلَيَّ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ بَعْدَ الْعَصْرِ فَصَلَّى عِنْدِي رَكْعَتَيْنِ لم أَكُنْ أَرَاهُ يُصَلِّيهِمَا فَقُلْت يا رَسُولَ اللَّهِ لقد صَلَّيْت صَلَاةً لم أَكُنْ أَرَاك تُصَلِّيهَا قال إنِّي كُنْت أصلى رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ وأنه قَدِمَ على وَفْدُ بَنِي تَمِيمٍ أو صَدَقَةٌ فَشَغَلُونِي عنهما فَهُمَا هَاتَانِ الرَّكْعَتَانِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن بن قَيْسٍ عن مُحَمَّدِ بن ابراهيم التَّيْمِيِّ عن جَدِّهِ قَيْسٍ قال رَآنِي رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وأنا أصلى رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الصُّبْحِ فقال ما هَاتَانِ الرَّكْعَتَانِ يا قَيْسُ فَقُلْت لم أَكُنْ صَلَّيْت رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ فَسَكَتَ عنه النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ قال قَائِلٌ فَأَيْنَ الدَّلَالَةَ عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قِيلَ في قَوْلِهِ من نسى صَلَاةً أو نَامَ عنها فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا فإن اللَّهَ عز وجل يقول { وأقم ( ( ( أقم ) ) ) الصَّلَاةَ لِذِكْرِي } وَأَمْرُهُ أَنْ لَا يُمْنَعَ أَحَدٌ طَافَ بِالْبَيْتِ وَصَلَّى أَيَّ سَاعَةٍ شَاءَ وَصَلَّى الْمُسْلِمُونَ على جَنَائِزِهِمْ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَفِيمَا رَوَتْ أُمُّ سَلَمَةَ من أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم صلى في بَيْتِهَا رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ كان يُصَلِّيهِمَا بَعْدَ الظُّهْرِ فَشُغِلَ عنهما بِالْوَفْدِ فَصَلَّاهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ لِأَنَّهُ كان يُصَلِّيهِمَا بَعْدَ الظُّهْرِ فَشُغِلَ عنهما قال وَرَوَى قَيْسٌ جَدُّ يحيى بن سَعِيدٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم رَآهُ يصلى رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الصُّبْحِ فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ بِأَنَّهُمَا رَكْعَتَا الْفَجْرِ فَأَقَرَّهُ لِأَنَّ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ مُؤَكَّدَتَانِ مَأْمُورٌ بِهِمَا فَلَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَهْيُهُ عن الصَّلَاةِ في السَّاعَاتِ التي نهى عنها على ما وَصَفْت من كل صَلَاةٍ لَا تَلْزَمُ فَأَمَّا كُلُّ صَلَاةٍ كان يُصَلِّيهَا صَاحِبُهَا فَأَغْفَلَهَا أو شُغِلَ عنها وَكُلُّ صَلَاةٍ أُكِّدَتْ وَإِنْ لم تَكُنْ فَرْضًا كَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَالْكُسُوفِ فَيَكُونُ نهى النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فِيمَا سِوَى هذا ثَابِتًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) والنهى عن الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ وَنِصْفَ النَّهَارِ مِثْلُهُ إذَا غَابَ حَاجِبُ الشَّمْسِ وَبَرَزَ لَا اخْتِلَافَ فيه لِأَنَّهُ نهى وَاحِدٌ وَهَذَا مِثْلُ نَهْيِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم عن الصَّلَاةِ نِصْفَ النَّهَارِ حتى تَزُولَ الشَّمْسُ إلَّا يوم الْجُمُعَةِ لِأَنَّ من شَأْنِ الناس التَّهْجِيرَ لِلْجُمُعَةِ وَالصَّلَاةَ إلَى خُرُوجِ الْإِمَامِ ( قال ) وَهَذَا مِثْلُ الحديث في نهى النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم عن صِيَامِ الْيَوْمِ قبل شَهْرِ رَمَضَانَ إلَّا أَنْ يُوَافِقَ ذلك صَوْمَ رَجُلٍ كان يَصُومُهُ - * بَابٌ الْخِلَافُ في هذا الْبَابِ - * حدثنا الرَّبِيعُ + قال الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَخَالَفْنَا بَعْضُ أَهْلِ نَاحِيَتِنَا وَغَيْرُهُ فقال يُصَلَّى على الْجَنَائِزِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ ما لم تُقَارِبْ الشَّمْسُ أَنْ تَطْلُعَ وما لم تَتَغَيَّرْ الشَّمْسُ وَاحْتَجَّ في ذلك بِشَيْءٍ رَوَاهُ عن بن عُمَرَ يُشْبِهُ بَعْضَ ما قال + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وبن عُمَرَ إنَّمَا سمع من النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم النَّهْيَ أَنْ يَتَحَرَّى أَحَدٌ فيصلى عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا ولم أَعْلَمْهُ روى عنه النَّهْيُ عن الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَلَا بَعْدَ الصُّبْحِ فَذَهَبَ بن عُمَرَ إلَى أَنَّ النهى مُطْلَقٌ على كل شَيْءٍ فَنَهَى عن الصَّلَاةِ على الْجَنَائِزِ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ في هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ وَصَلَّى عليها بَعْدَ الصُّبْحِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ لِأَنَّا لم
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَيْسَ بَعْدَ هذا اختلافا ( ( ( اختلاف ) ) ) في الحديث بَلْ بَعْضُ هذه الْأَحَادِيثِ يَدُلُّ على بَعْضٍ فَجِمَاعُ نهى رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَاَللَّهُ أَعْلَمُ عن الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حتى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وبعد ما تَبْدُو حتى تَبْرُزَ وعن الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ حتى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ مَغِيبِ بَعْضِهَا حتى يَغِيبَ كُلُّهَا وَعَنْ الصَّلَاةِ نِصْفَ النَّهَارِ حتى تَزُولَ الشَّمْسُ إلَّا يوم الْجُمُعَةِ ليس على كل صَلَاةٍ لَزِمَتْ المصلى بِوَجْهٍ من الْوُجُوهِ أو تَكُونُ الصَّلَاةُ مُؤَكَّدَةً فَآمُرُ بها وَإِنْ لم تَكُنْ فَرْضًا أو صَلَاةً كان الرَّجُلُ يُصَلِّيهَا فَأَغْفَلَهَا فإذا ( ( ( وإذا ) ) ) كانت وَاحِدَةٌ من هذه الصَّلَوَاتِ صُلِّيَتْ في هذه الْأَوْقَاتِ بِالدَّلَالَةِ عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ثُمَّ إجْمَاعِ الناس في الصَّلَاةِ على الْجَنَائِزِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ
(1/149)
________________________________________
نَعْلَمْهُ رَوَى النهى عن الصَّلَاةِ في هذه السَّاعَاتِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَذَهَبَ أَيْضًا إلَى أَنْ لَا يُصَلِّيَ أَحَدٌ لِلطَّوَافِ بَعْدَ الصُّبْحِ حتى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَلَا بَعْدَ الْعَصْرِ حتى تَغْرُبَ الشَّمْسُ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ طَافَ بَعْدَ الصُّبْحِ ثُمَّ نَظَرَ فلم يَرَ الشَّمْسَ طَلَعَتْ فَرَكِبَ حتى أَنَاخَ بِذِي طُوًى فَصَلَّى + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ كان عُمَرُ كَرِهَ الصَّلَاةَ في تِلْكَ السَّاعَةِ فَهُوَ مِثْلُ مَذْهَبِ بن عُمَرَ وَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ عَلِمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم نهى عن الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَبَعْدَ الْعَصْرِ فرأي نَهْيَهُ مُطْلَقًا فَتَرَكَ الصَّلَاةَ في تِلْكَ السَّاعَةِ حتى طَلَعَتْ الشَّمْسُ وَيَلْزَمُ من قال هذا أَنْ يَقُولَ لَا صَلَاةَ في جَمِيعِ السَّاعَاتِ التي نهى النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم عن الصَّلَاةِ فيها لِطَوَافٍ وَلَا على جِنَازَةٍ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُهُ أَنْ لَا يصلى فيها صَلَاةً فَائِتَةً وَذَلِكَ من حِينِ يصلى الصُّبْحَ إلَى أَنْ تَبْرُزَ الشَّمْسُ وَحِينَ يصلى الْعَصْرَ إلَى أَنْ يَتَتَامَّ مَغِيبُهَا وَنِصْفَ النَّهَارِ إلَى أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وفي هذا الْمَعْنَى أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ سمع النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم يَنْهَى أَنْ تُسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةُ أو بَيْتُ الْمَقْدِسِ لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ قال أبو أَيُّوبَ فَقَدِمْنَا الشَّامَ فَوَجَدْنَا مَرَاحِيضَ قد صُنِعَتْ فَنَنْحَرِفُ وَنَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَعَجِبَ بن عُمَرَ مِمَّنْ يقول لَا تُسْتَقْبَلُ الْقِبْلَةُ وَلَا بَيْتَ الْمَقْدِسِ لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ وقال رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم على لَبِنَتَيْنِ مُسْتَقْبِلًا بَيْتَ الْمَقْدِسِ لِحَاجَتِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) عَلِمَ أبو أَيُّوبَ النهى فَرَآهُ مُطْلَقًا وَعَلِمَ بن عُمَرَ اسْتِقْبَالَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لِحَاجَتِهِ ولم يَعْلَمْ النَّهْيَ وَمَنْ عَلِمَهُمَا مَعًا قال النَّهْيُ عن اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ في الصَّحْرَاءِ التي لَا ضَرُورَةَ على ذَاهِبٍ فيها وَلَا سِتْرَ فيها لِذَاهِبٍ لِأَنَّ الصَّحْرَاءَ سَاحَةٌ يَسْتَقْبِلُهُ الْمُصَلِّي أو يَسْتَدْبِرُهُ فَتُرَى عَوْرَتُهُ إنْ كان مُقْبِلًا أو مُدْبِرًا وقال لَا بَأْسَ بِذَلِكَ في الْبُيُوتِ لِضِيقِهَا وَحَاجَةِ الْإِنْسَانِ إلَى الْمِرْفَقِ فيها وَسِتْرِهَا وَإِنَّ أَحَدًا لَا يَرَى من كان فيها إلَّا أَنْ يَدْخُلَ أو يُشْرِفَ عليه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وفي هذا الْمَعْنَى أَنَّ أُسَيْدَ بن حُضَيْرٍ وَجَابِرَ بن عبد اللَّهِ صَلَّيَا مَرِيضَيْنِ قَاعِدَيْنِ بِقَوْمٍ أَصِحَّاءَ فَأَمَرَاهُمْ بِالْقُعُودِ مَعَهُمَا وَذَلِكَ أَنَّهُمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ عَلِمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم صلى جَالِسًا وَصَلَّى وَرَاءَهُ قَوْمٌ قِيَامًا فَأَمَرَهُمْ بِالْجُلُوسِ فَأَخَذَا بِهِ وكان الْحَقُّ عَلَيْهِمَا وَلَا أَشُكُّ أَنْ قد عَزَبَ عنهما أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم صلى في مَرَضِهِ الذي مَاتَ فيه جَالِسًا وأبو بَكْرٍ إلَى جَنْبِهِ قَائِمًا وَالنَّاسُ من وَرَائِهِ قِيَامًا فَنَسَخَ هذا أَمْرَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم بِالْجُلُوسِ وَرَاءَهُ إذَا صلى شَاكِيًا وَجَالِسًا وَوَاجِبٌ على كل من عَلِمَ الْأَمْرَيْنِ مَعًا أَنْ يَصِيرَ إلَى أَمْرِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم الْآخِرِ إذَا كان نَاسِخًا لِلْأَوَّلِ أو إلَى أَمْرِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم الدَّالِّ بَعْضُهُ على بَعْضٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وفي مِثْلِ هذا الْمَعْنَى أَنَّ عَلِيَّ بن أبي طَالِبٍ رضي اللَّهُ عنه خَطَبَ الناس وَعُثْمَانُ بن عَفَّانَ مَحْصُورٌ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم نَهَاهُمْ عن إمْسَاكِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ وكان يقول بِهِ لِأَنَّهُ سَمِعَهُ من النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَعَبْدُ اللَّهِ بن وَاقِدٍ رَوَاهُ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَغَيْرُهُمَا فلما رَوَتْ عَائِشَةُ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم نهى عنه عِنْدَ الدَّافَّةِ ثُمَّ قال كُلُوا وَتَزَوَّدُوا وَادَّخِرُوا وَتَصَدَّقُوا وَرَوَى جَابِرُ بن عبد اللَّهِ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ نهى عن لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ ثُمَّ قال كُلُوا وَتَزَوَّدُوا وَتَصَدَّقُوا كان يَجِبُ على من عَلِمَ الْأَمْرَيْنِ مَعًا أَنْ
                                                                            ____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَمَنْ عَلِمَ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم نهى عن الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ كما نهى عنها عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا لَزِمَهُ أَنْ يَعْلَمَ ما قُلْنَا من أَنَّهُ إنَّمَا نهى عنها فِيمَا لَا يَلْزَمُ وَمَنْ رَوَى يَعْلَمُ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم صلى بَعْدَ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ كان يُصَلِّيهِمَا بَعْدَ الظُّهْرِ شُغِلَ عنهما وَأَقَرَّ قَيْسًا على رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الصُّبْحِ لَزِمَهُ أَنْ يَقُولَ نهى عنها فِيمَا لَا يَلْزَمُ ولم يَنْهَ الرَّجُلَ عنه فِيمَا اعْتَادَ من صَلَاةِ النَّافِلَةِ وَفِيمَا تُؤَكِّد منها عليه وَمَنْ ذَهَبَ هذا عليه وَعَلِمَ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم نهى عن الصَّلَاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ حتى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ الْعَصْرِ حتى تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَلَا يَجُوزُ له أَنْ يَقُولَ إلَّا بِمَا قُلْنَا بِهِ أو يَنْهَى عن الصَّلَاةِ على الْجَنَائِزِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ بِكُلِّ حَالٍ
(1/150)
________________________________________
يَقُولَ نهى النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم عنه لِمَعْنًى وإذا كان مثله فَهُوَ منهى عنه وإذا لم يَكُنْ مثله لم يَكُنْ مَنْهِيًّا عنه أو يقول نهى عنه النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم في وَقْتٍ ثُمَّ أَرْخَصَ فيه من بَعْدُ وَالْآخِرُ من أَمْرِهِ نَاسِخٌ لِلْأَوَّلِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلِهَذَا أَشْبَاهٌ غَيْرُهُ في الْأَحَادِيثِ وَإِنَّمَا وَضَعْت هذه الْجُمْلَةَ عليه لِتَدُلَّ على أُمُورٍ غَلِطَ فيها بَعْضُ من نَظَرَ في الْعِلْمِ لِيَعْلَمَ من عَلِمَهُ إن من متقدمى الصُّحْبَةِ وَأَهْلِ الْفَضْلِ وَالدِّينِ وَالْأَمَانَةِ من يَعْزُبُ عنه من سُنَنِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم شَيْءٌ عَلِمَهُ غَيْرُهُ مِمَّنْ لَعَلَّهُ لَا يُقَارِبُهُ في تَقَدُّمِ صُحْبَتِهِ وَعِلْمِهِ وَيَعْلَمُ أَنَّ عِلْمَ خَاصِّ السُّنَنِ إنَّمَا هو عِلْمٌ خَاصٌّ لِمَنْ فَتَحَ اللَّهُ عز وجل له عِلْمَهُ لَا أَنَّهُ عَامٌّ مَشْهُورٌ شُهْرَةَ الصَّلَاةِ وَجُمَلِ الْفَرَائِضِ التي كُلِّفَتْهَا الْعَامَّةُ وَلَوْ كان مَشْهُورًا شُهْرَةَ جُمَلِ الْفَرَائِضِ ما كان الْأَمْرُ فِيمَا وَصَفْت من هذا وَأَشْبَاهِهِ كما وَصَفْت وَيَعْلَمَ أَنْ الحديث إذَا رَوَاهُ الثِّقَاتُ عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَذَلِكَ ثُبُوتُهُ وَأَنْ لَا نُعَوِّلَ على حَدِيثٍ لِيُثْبِتَ أَنْ وَافَقَهُ بَعْضُ أَصْحَابِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَلَا يَرُدُّ لِأَنَّ عَمَلَ بَعْضِ أَصْحَابِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم عَمَلًا خَالَفَهُ لِأَنَّ لِأَصْحَابِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَالْمُسْلِمِينَ كُلِّهِمْ حَاجَةً إلَى أَمْرِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَعَلَيْهِمْ اتِّبَاعُهُ لَا أَنَّ شيئا من أَقَاوِيلِهِمْ تَبِعَ ما روى عنه وَوَافَقَهُ يَزِيدُ قَوْلَهُ شِدَّةً وَلَا شيئا خَالَفَهُ من أَقَاوِيلِهِمْ يُوهِنُ ما رَوَى عنه الثِّقَةُ لِأَنَّ قَوْلَهُ الْمَفْرُوضُ اتِّبَاعُهُ عليهم وَعَلَى الناس وَلَيْسَ هَكَذَا قَوْلُ بَشَرٍ غَيْرِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ قال قَائِلٌ صَحَّ الْحَدِيثُ المروى عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إذَا خَالَفَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ جَازَ له أَنْ يَتَّهِمَ عن بَعْضِ أَصْحَابِهِ لِخِلَافِهِ لِأَنَّ كُلًّا رَوَى خَاصَّةً معا ( ( ( ومعا ) ) ) وَإِنَّ بَيْنَهُمَا مِمَّا روى عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَوْلَى أَنْ يُصَارَ إلَيْهِ وَمَنْ قال منهم قَوْلًا لم يَرْوِهِ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لم يَجُزْ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ إنَّمَا قَالَهُ عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لِمَا وَصَفْت من أَنَّهُ يَعْزُبُ عن بَعْضِهِمْ بَعْضُ قَوْلِهِ ولم يَجُزْ أَنْ نَذْكُرَهُ عنه إلَّا رَأْيًا له ما لم يَقُلْهُ عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَإِنْ كان هَكَذَا لم يَجُزْ أَنْ يُعَارَضَ بِقَوْلِ أَحَدٍ قَوْلُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَلَوْ قال قَائِلٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إلَّا عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم لم يَحِلَّ له خِلَافُ من وَضَعَهُ هذا الْمَوْضِعَ وَلَيْسَ من الناس أَحَدٌ بَعْدَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إلَّا وقد أُخِذَ من قَوْلِهِ وَتُرِكَ لِقَوْلِ غَيْرِهِ من أَصْحَابِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَلَا يَجُوزُ في قَوْلِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنْ يُرَدَّ لِقَوْلِ أَحَدٍ غَيْرِهِ فَإِنْ قال قَائِلٌ فَاذْكُرْ لي في هذا ما يَدُلُّ على ما وَصَفْت فيه قِيلَ له ما وَصَفْت في هذا الْبَابِ وَغَيْرِهِ مُتَفَرِّقًا وَجُمْلَةً وَمِنْهُ أَنَّ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ إمَامُ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُقَدَّمُ في الْمَنْزِلَةِ وَالْفَضْلِ وَقِدَمِ الصُّحْبَةِ وَالْوَرَعِ وَالثِّقَةُ وَالثَّبْتُ وَالْمُبْتَدِئُ بِالْعِلْمِ قبل أَنْ يَسْأَلَهُ وَالْكَاشِفُ عنه لِأَنَّ قَوْلَهُ حُكْمٌ يَلْزَمُ حتى كان يقضى بَيْن الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ أَنَّ الدِّيَةَ لِلْعَاقِلَةِ وَلَا تَرِثُ الْمَرْأَةُ من دِيَةِ زَوْجِهَا شيئا حتى أخبره أو كَتَبَ إلَيْهِ الضَّحَّاكُ بن سُفْيَانَ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كَتَبَ إلَيْهِ أَنْ يُوَرِّثَ امْرَأَةَ أَشْيَمَ الضَّبَابِيِّ من دِيَةِ زَوْجِهَا فَرَجَعَ إلَيْهِ عُمَرُ وَتَرَكَ قَوْلَهُ وكان عُمَرُ يقضى أَنَّ في الْإِبْهَامِ خَمْسَ عَشْرَةَ وَالْوُسْطَى وَالْمُسَبِّحَةِ عَشْرًا عَشْرًا وفي التي تلى الْخِنْصَرَ تِسْعًا وفي الْخِنْصَرِ سِتًّا حتى وَجَدَ كِتَابًا عِنْدَ آلِ عَمْرِو بن حَزْمٍ الذي كَتَبَهُ له النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وفي كل أُصْبُعٍ مِمَّا هُنَالِكَ عَشْرٌ من الْإِبِلِ فَتَرَكَ الناس قَوْلَ عُمَرَ وَصَارُوا إلَى كِتَابِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فَفَعَلُوا في تَرْكِ أَمْرِ عُمَرَ لِأَمْرِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فِعْلَ عُمَرَ في فِعْلِ نَفْسِهِ في أَنَّهُ تَرَكَ فِعْلَ نَفْسِهِ لِأَمْرِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَذَلِكَ الذي أَوْجَبَ اللَّهُ جل وعز عليه وَعَلَيْهِمْ وَعَلَى جَمِيعِ خَلْقِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وفي هذا دَلَالَةٌ على أَنَّ حَاكِمَهُمْ كان يَحْكُمُ بِرَأْيِهِ فِيمَا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فيه سُنَّةٌ لم يَعْلَمْهَا
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكُلٌّ قال بِمَا سَمِعَهُ من رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وكان من رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ما يَدُلُّ على أَنَّهُ قَالَهُ على مَعْنًى دُونَ مَعْنًى أو نَسَخَهُ فَعَلِمَ الْأَوَّلَ ولم يَعْلَمْ غَيْرَهُ فَلَوْ عَلِمَ أَمْرَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فيه صَارَ إلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ
(1/151)
________________________________________
ولم يَعْلَمْهَا أَكْثَرُهُمْ وَذَلِكَ يَدُلُّ على أَنَّ عِلْمَ خَاصِّ الْأَحْكَامِ خَاصٌّ كما وَصَفْت لَا عَامٌّ كَعَامِّ جُمَلِ الْفَرَائِضِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَخَالَفَ عَلِيًّا وَعَبْدَ الرحمن فلم يَحُدَّهَا حَدَّهَا عِنْدَهُمَا وهو الرَّجْمُ قال وَخَالَفَ عُثْمَانَ أَنْ لَا يَحُدَّهَا بِحَالٍ وَجَلَدَهَا مِائَةً وَغَرَّبَهَا عَامًا فلم يُرْوَ عن أَحَدٍ منهم من خِلَافِهِ بَعْدَ حَدِّهِ إيَّاهَا حَرْفٌ ولم يُعْلَمْ خِلَافُهُمْ له إلَّا بِقَوْلِهِمْ الْمُتَقَدِّمِ قبل فِعْلِهِ ( قال ) وقال بَعْضُ من يقول ما لَا يَنْبَغِي له إذْ قَبِلَ حَدَّ عُمَرَ مَوْلَاةُ حَاطِبٍ كَذَا لم يَكُنْ عُمَرُ لِيَحُدَّهَا إلَّا بِإِجْمَاعِ أَصْحَابِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم جَهَالَةً بِالْعِلْمِ وَجُرْأَةً على قَوْلِ ما لَا يَعْلَمُ فَمَنْ اجْتَرَأَ على أَنْ يَقُولَ إنَّ قَوْلَ رَجُلٍ أو عَمَلَهُ في خَاصِّ الْأَحْكَامِ ما لم يُحْكَ عنه وَعَنْهُمْ قال عِنْدَنَا ما لم يُعْلَمْ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَقَضَى عُمَرُ بن الْخَطَّابِ في أَنْ لَا تُبَاعَ أُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ وَخَالَفَهُ عَلِيٌّ وَقَضَى عُمَرُ في الضِّرْسِ بِجَمَلٍ وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ فَجَعَلَ الضِّرْسَ سِنًّا فيها خَمْسٌ من الْإِبِلِ وقال عُمَرُ وَعَلِيٌّ وبن مَسْعُودٍ وأبو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ وَغَيْرُهُمْ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَقَسَمَ أبو بَكْرٍ حتى لقى اللَّهَ عز وجل فَسَوَّى بين الْحُرِّ وَالْعَبْدِ ولم يُفَضِّلْ بين أَحَدٍ بِسَابِقَةٍ وَلَا نَسَبٍ ثُمَّ قَسَمَ عُمَرُ فَأَلْغَى الْعَبِيدَ وَفَضَّلَ بِالنَّسَبِ وَالسَّابِقَةِ ثُمَّ قَسَمَ عَلِيٌّ فَأَلْغَى الْعَبِيدَ وَسَوَّى بين الناس وَهَذَا أَعْظَمُ ما يَلِي الْخُلَفَاءُ وَأَعَمُّهُ وَأَوْلَاهُ أَنْ لَا يَخْتَلِفُوا فيه وَإِنَّمَا لله ( ( ( جعل ) ) ) جل ( ( ( الله ) ) ) وعز في الْمَالِ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ قِسْمِ الْفَيْءِ وَقِسْمِ الْغَنِيمَةِ وَقِسْمِ الصَّدَقَةِ فَاخْتَلَفَ الْأَئِمَّةُ فيها ولم يَمْتَنِعْ أَحَدٌ من أَخْذِ ما أَعْطَاهُ أبو بَكْرٍ وَلَا عُمَرُ وَلَا عَلِيٌّ وفي هذا دَلَالَةٌ على أَنَّهُمْ يُسَلِّمُونَ لِحَاكِمِهِمْ وَإِنْ كان رَأْيُهُمْ خِلَافَ رَأْيِهِ وَإِنْ كان حَاكِمُهُمْ قد يَحْكُمُ بِخِلَافِ آرَائِهِمْ لَا أَنَّ جَمِيعَ أَحْكَامِهِمْ من جِهَةِ الْإِجْمَاعِ منهم وَعَلَى أَنَّ من أدعى أَنَّ حُكْمَ حَاكِمِهِمْ إذَا كان بين أَظْهُرِهِمْ ولم يَرُدُّوهُ عليه فَلَا يَكُونُ إلَّا وقد رَأَوْا رَأْيَهُ قِيلَ إنَّهُمْ لو رَأَوْا رَأْيَهُ فيه لم يُخَالِفُوهُ بَعْدَهُ فَإِنْ قال قَائِلٌ قد رَأَوْهُ في حَيَاتِهِ ثُمَّ خِلَافُهُ بَعْدَهُ قِيلَ له فَيَدْخُلُ عَلَيْك في هذا إنْ كان كما قُلْت إن إجْمَاعَهُمْ لَا يَكُونُ حُجَّةً عِنْدَهُمْ إذَا كان لهم أَنْ يُجْمِعُوا على قَسْمِ أبي بَكْرٍ ثُمَّ يُجْمِعُوا على قَسْمِ عُمَرَ ثُمَّ يُجْمِعُوا على قَسْمِ عَلِيٍّ وَكُلُّ وَاحِدٍ منهم يُخَالِفُ صَاحِبَهُ فَإِجْمَاعُهُمْ إذًا ليس بِحُجَّةٍ عِنْدَهُمْ أَوَّلًا وَلَا آخِرًا وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ إذَا لم يَكُنْ عِنْدَهُمْ حُجَّةٌ أَنْ يَكُونَ على من بَعْدَهُمْ حُجَّةً فَإِنْ قال قَائِلٌ فَكَيْفَ تَقُولُ قُلْت لَا يُقَالُ لِشَيْءٍ من هذا إجْمَاعٌ وَلَكِنْ يُنْسَبُ كُلُّ شَيْءٍ منه إلَى فَاعِلِهِ فَيُنْسَبُ إلَى أبي بَكْرٍ فِعْلُهُ وَإِلَى عُمَرَ فِعْلُهُ وَإِلَى عَلِيٍّ فِعْلُهُ وَلَا يُقَالُ لِغَيْرِهِمْ مِمَّنْ أَخَذَ منهم مُوَافَقَةً لهم وَلَا مُخَالِفَةً وَلَا يُنْسَبُ إلَى سَاكِتٍ قَوْلُ قَائِلٍ وَلَا عَمَلُ عَامِلٍ إنَّمَا يُنْسَبُ إلَى كُلٍّ قَوْلُهُ وَعَمَلُهُ وفي هذا ما يَدُلُّ على أَنَّ ادِّعَاءَ الْإِجْمَاعِ في كَثِيرٍ من خَاصِّ الْأَحْكَامِ ليس كما يقول من يَدَّعِيهِ فَإِنْ قال قَائِلٌ أَفَتَجِدُ مِثْلَ هذا قُلْنَا إنَّمَا بَدَأْنَا بِهِ لِأَنَّهُ أَشْهَرُ ما صَنَعَ الْأَئِمَّةُ وَأَوْلَى أَنْ لَا يَخْتَلِفُوا فيه وَأَنْ لَا يَجْهَلَهُ الْعَامَّةُ وَنَحْنُ نَجِدُ كَثِيرًا من ذلك أَنَّ أَبَا بَكْرٍ جَعَلَ الْجَدَّ أَبًا ثُمَّ طَرَحَ الْإِخْوَةَ معه ثُمَّ خَالَفَهُ فيه عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَمِنْ ذلك أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَأَى على بَعْضِ أَهْلِ الرِّدَّةِ فِدَاءً وَسَبْيًا وَحَبَسَهُمْ لِذَلِكَ فَأَطْلَقَهُمْ عُمَرُ وقال لَا سَبْيَ وَلَا فِدَاءَ مع غَيْرِ هذا مِمَّا سَكَتْنَا عنه وَنَكْتَفِي بهذا منه
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مُسْلِمُ بن خَالِدٍ عن بن جُرَيْجٍ عن هِشَامِ بن عُرْوَةَ عن أبيه أَنَّ يحيى بن حَاطِبٍ حدثه قال توفى حَاطِبٌ فَأَعْتَقَ من صلى من رَقِيقِهِ وَصَامَ وَكَانَتْ له أَمَةٌ نُوبِيَّةٌ قد صَلَّتْ وَصَامَتْ وَهِيَ أَعْجَمِيَّةٌ لم تَفْقَهْ فلم تُرِعْهُ إلَّا بِحَمْلِهَا وَكَانَتْ ثَيِّبًا فَذَهَبَ إلَى عُمَرَ فَحَدَّثَهُ فقال له عُمَرُ لَأَنْتَ الرَّجُلُ لَا يَأْتِي بِخَيْرٍ فَأَفْزَعَهُ ذلك فَأَرْسَلَ إلَيْهَا عُمَرُ فقال أَحَبَلْت فقالت نعم من مرعرس ( ( ( مرعوش ) ) ) بِدِرْهَمَيْنِ وإذا هِيَ تَسْتَهِلُّ بِذَلِكَ وَلَا تَكْتُمُهُ قال وَصَادَفَ عَلِيًّا وَعُثْمَانَ وَعَبْدَ الرحمن بن عَوْفٍ فقال أَشِيرُوا عَلَيَّ قال وكان عُثْمَانُ جَالِسًا فَاضْطَجَعَ فقال عَلِيٌّ وَعَبْدُ الرحمن قد وَقَعَ عليها الْحَدُّ فقال أَشِرْ عَلَيَّ يا عُثْمَانُ فقال قد أَشَارَ عَلَيْك أَخَوَاك فقال أَشِرْ أنت عَلَيَّ قال أَرَاهَا تَسْتَهِلُّ بِهِ كَأَنَّهَا لَا تَعْلَمُهُ وَلَيْسَ الْحَدُّ إلَّا على من عَلِمَهُ فقال عُمَرُ صَدَقْت صَدَقْت وَاَلَّذِي نَفْسِي بيده ما الْحَدُّ إلَّا على من عَلِمَهُ فَجَلَدَهَا عُمَرُ مِائَةً وَغَرَّبَهَا عَامًا
(1/152)

Kitab Al-umm 1.9

Kitab Al-Umm Imam Syafi'i 1.9



من لم يَسْمَعْ كَلَامَهُ فَيَكُونَ مثله وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ سَأَلَ من سمع كَلَامَهُ ولم يَسْمَعْ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم رَدَّ عليه فلما لم يَسْمَعْ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم رَدَّ عليه كان في مَعْنَى ذِي الْيَدَيْنِ من أَنَّهُ لم يَسْتَدِلَّ لِلنَّبِيِّ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِقَوْلٍ ولم يَدْرِ أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ أَمْ نسى النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فَأَجَابَهُ وَمَعْنَاهُ مَعْنَى ذِي الْيَدَيْنِ من أَنَّ الْفَرْضَ عليهم جَوَابُهُ أَلَا تَرَى أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لَمَّا أَخْبَرُوهُ فَقَبِلَ قَوْلَهُمْ ولم يَتَكَلَّمْ ولم يَتَكَلَّمُوا حتى بَنَوْا على صَلَاتِهِمْ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَقُلْت هذا فَرْقٌ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ فقال من حَضَرَهُ هذا فَرْقٌ بَيِّنٌ لَا يَرُدُّهُ عَالِمٌ لِبَيَانِهِ وَوُضُوحِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فقال إنَّ من أَصْحَابِكُمْ من قال ما تَكَلَّمَ بِهِ الرَّجُلُ في أَمْرِ الصَّلَاةِ لم يُفْسِدْ صَلَاتَهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَقُلْت له إنَّمَا الْحُجَّةُ عَلَيْنَا ما قُلْنَا لَا ما قال غَيْرُنَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وقال قد كَلَّمْت غير وَاحِدٍ من أَصْحَابِك فما احْتَجَّ بهذا وَلَقَدْ قال الْعَمَلُ على هذا + ( قال محمد بن إدْرِيسَ ) فَقُلْت له قد أَعْلَمْتُك أَنَّ الْعَمَلَ ليس له مَعْنًى وَلَا حُجَّةَ لَك عَلَيْنَا بِقَوْلِ غَيْرِنَا قال أَجَلْ فَقُلْت فَدَعْ ما لَا حُجَّةَ لَك فيه + ( قال محمد بن إدْرِيسَ ) وَقُلْت له لقد أَخْطَأْت في خِلَافِك حَدِيثَ ذِي الْيَدَيْنِ مع ثُبُوتِهِ وَظَلَمْت نَفْسَك بِأَنَّك زَعَمْت أَنَّا وَمَنْ قال بِهِ نُحِلُّ الْكَلَامَ وَالْجِمَاعَ وَالْغِنَاءَ في الصَّلَاةِ وما أَحْلَلْنَا وَلَا هُمْ من هذا شيئا قَطُّ وقد زَعَمْت أَنَّ المصلى إذَا سَلَّمَ قبل أَنْ تَكْمُلَ الصَّلَاةُ وهو ذَاكِرٌ لِأَنَّهُ لم يُكْمِلْهَا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّ السَّلَامَ زَعَمْت في غَيْرِ مَوْضِعِهِ كَلَامٌ وَإِنْ سَلَّمَ وهو يَرَى أَنَّهُ قد أَكْمَلَ بَنَى فَلَوْ لم يَكُنْ عَلَيْك حُجَّةٌ إلَّا هذا كَفَى بها عَلَيْك حُجَّةً وَنَحْمَدُ اللَّهَ على عَيْبِكُمْ خِلَافَ الحديث وَكَثْرَةِ خِلَافِكُمْ له - * بَابٌ كَلَامُ الْإِمَامِ وَجُلُوسُهُ بَعْدَ السَّلَامِ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن سَعْدٍ عن بن شِهَابٍ قال أَخْبَرَتْنِي هِنْدُ بِنْتُ الحرث بن عبد اللَّهِ بن أبي رَبِيعَةَ عن أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قالت كان رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إذَا سَلَّمَ من صَلَاتِهِ قام النِّسَاءُ حين يَقْضِي تَسْلِيمَهُ وَمَكَثَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم في مَكَانِهِ يَسِيرًا قال بن شِهَابٍ فنرى ( ( ( فترى ) ) ) مُكْثَهُ ذلك وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِكَيْ يَنْفُذَ النِّسَاءُ قبل أَنْ يُدْرِكَهُنَّ من انْصَرَفَ من الْقَوْمِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا بن عُيَيْنَةَ عن عَمْرِو بن دِينَارٍ عن أبي مَعْبَدٍ عن بن عَبَّاسٍ قال كُنْت أَعْرِفُ انْقِضَاءَ صَلَاةِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِالتَّكْبِيرِ قال عَمْرُو بن دِينَارٍ ثُمَّ ذَكَرْته لِأَبِي مَعْبَدٍ بَعْدُ فقال لم أُحَدِّثْكَهُ قال عَمْرٌو قد حَدَّثْتنِيهِ قال وكان من أَصْدَقِ موالى بن عَبَّاسٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) كَأَنَّهُ نَسِيَهُ بعد ما حدثه إيَّاهُ + أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ قال حدثني مُوسَى بن عُقْبَةَ عن أبي الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سمع عَبْدَ اللَّهِ بن الزُّبَيْرِ يقول كان رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إذَا سَلَّمَ من صَلَاتِهِ يقول بِصَوْتِهِ الْأَعْلَى لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ له له الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وهو على كل شَيْءٍ قَدِيرٌ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ وَلَا نَعْبُدُ إلَّا إيَّاهُ له النِّعْمَةُ وَلَهُ الْفَضْلُ وَلَهُ الثَّنَاءُ الْحَسَنُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُخْلِصِينَ له الدَّيْنَ وَلَوْ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَمَّا قَبَضَ اللَّهُ عز وجل رَسُولَهُ صلى اللَّهُ عليه وسلم تَنَاهَتْ فَرَائِضُهُ فَلَا يزاد ( ( ( بدل ) ) ) فيها وَلَا يُنْقَصُ منها أَبَدًا قال نعم
(1/126)
________________________________________
كَرِهَ الْكَافِرُونَ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأَحْسَبُهُ إنَّمَا جَهَرَ قَلِيلًا لِيَتَعَلَّمَ الناس منه وَذَلِكَ لِأَنَّ عَامَّةَ الرِّوَايَاتِ التي كَتَبْنَاهَا مع هذا وَغَيْرِهَا ليس يُذْكَرُ فيها بَعْدَ التَّسْلِيمِ تَهْلِيلٌ وَلَا تَكْبِيرٌ وقد يُذْكَرُ أَنَّهُ ذَكَرَ بَعْدَ الصَّلَاةِ بِمَا وَصَفْت وَيُذْكَرُ انْصِرَافُهُ بِلَا ذِكْرٍ وَذَكَرَتْ أُمُّ سَلَمَةَ مُكْثَهُ ولم يُذْكَرْ جَهْرًا وَأَحْسَبُهُ لم يَمْكُثْ إلَّا لِيَذْكُرَ ذِكْرًا غير جَهْرٍ فَإِنْ قال قَائِلٌ وَمِثْلُ مَاذَا قُلْت مِثْلُ أَنَّهُ صلى على الْمِنْبَرِ يَكُونُ قِيَامُهُ وَرُكُوعُهُ عليه وَتَقَهْقَرَ حتى يَسْجُدَ على الْأَرْضِ وَأَكْثَرُ عُمْرِهِ لم يُصَلِّ عليه وَلَكِنَّهُ فِيمَا أَرَى أَحَبَّ أَنْ يُعَلِّمَ من لم يَكُنْ يَرَاهُ مِمَّنْ بَعُدَ عنه كَيْفَ الْقِيَامُ وَالرُّكُوعُ وَالرَّفْعُ يُعَلِّمُهُمْ أَنَّ في ذلك كُلِّهِ سَعَةً وأستحب أَنْ يَذْكُرَ الْإِمَامُ اللَّهَ شيئا في مَجْلِسِهِ قَدْرَ ما يَتَقَدَّمُ من انْصَرَفَ من النِّسَاءِ قَلِيلًا كما قالت أُمُّ سَلَمَةَ ثُمَّ يَقُومُ وَإِنْ قام قبل ذلك أو جَلَسَ أَطْوَلَ من ذلك فَلَا شَيْءَ عليه وَلِلْمَأْمُومِ أَنْ يَنْصَرِفَ إذَا قَضَى الْإِمَامُ السَّلَامَ قبل قِيَامِ الْإِمَامِ وَأَنْ يُؤَخِّرَ ذلك حتى يَنْصَرِفَ بَعْدَ انْصِرَافِ الْإِمَامِ أو معه أَحَبُّ إلَيَّ له وَأَسْتَحِبُّ لِلْمُصَلَّى مُنْفَرِدًا وَلِلْمَأْمُومِ أَنْ يُطِيلَ الذِّكْرَ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَيُكْثِرَ الدُّعَاءَ رَجَاءَ الْإِجَابَةِ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ - * بَابٌ انْصِرَافُ الْمُصَلِّي إمَامًا أو غير إمَامٍ عن يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ - *
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن عبد الْمَلِكِ بن عُمَيْرٍ عن أبي الْأَوْبَرِ الْحَارِثِيِّ قال سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَةَ يقول كان النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم يَنْحَرِفُ من الصَّلَاةِ عن يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن سُلَيْمَانَ بن مِهْرَانَ عن عُمَارَةَ عن الْأَسْوَدِ عن عبد اللَّهِ قال لَا يَجْعَلَنَّ أحدكم لِلشَّيْطَانِ من صَلَاتِهِ جُزْءًا يَرَى أَنَّ حَقًّا عليه أَنْ لَا يَنْفَتِلَ إلَّا عن يَمِينِهِ فَلَقَدْ رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَكْثَرَ ما يَنْصَرِفُ عن يَسَارِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فإذا قام المصلى من صَلَاتِهِ إمَامًا أو غير إمَامٍ فَلْيَنْصَرِفْ حَيْثُ أَرَادَ إنْ كان حَيْثُ يُرِيدُ يَمِينًا أو يَسَارًا أو مُوَاجِهَةَ وَجْهِهِ أو من وَرَائِهِ انْصَرَفَ كَيْفَ أَرَادَ لَا اخْتِيَارَ في ذلك أَعْلَمُهُ لِمَا
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَذَا من الْمُبَاحِ للامام وَغَيْرِ الْمَأْمُومِ قال وَأَيُّ إمَامٍ ذَكَرَ اللَّهَ بِمَا وَصَفْت جَهْرًا أو سِرًّا أو بِغَيْرِهِ فَحَسَنٌ وَأَخْتَارُ للامام وَالْمَأْمُومِ أَنْ يَذْكُرَا اللَّهَ بَعْدَ الِانْصِرَافِ من الصَّلَاةِ وَيُخْفِيَانِ الذِّكْرَ إلَّا أَنْ يَكُونَ إمَامًا يَجِبُ أَنْ يُتَعَلَّمَ منه فَيَجْهَرَ حتى يَرَى أَنَّهُ قد تُعُلِّمَ منه ثُمَّ يُسِرُّ فإن اللَّهَ عز وجل يقول { وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِك وَلَا تُخَافِتْ بها } يعنى وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ الدُّعَاءَ وَلَا تَجْهَرْ تَرْفَعْ وَلَا تُخَافِتْ حتى لَا تُسْمِعَ نَفْسَك وَأَحْسَبُ ما رَوَى بن الزُّبَيْرِ من تَهْلِيلِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وما رَوَى بن عَبَّاسٍ من تَكْبِيرِهِ كما رَوَيْنَاهُ
(1/127)
________________________________________
روى أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كان يَنْصَرِفُ عن يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ وَإِنْ لم يَكُنْ له حَاجَةٌ في نَاحِيَةٍ وكان يَتَوَجَّهُ ما شَاءَ أَحْبَبْت له أَنْ يَكُونَ تَوَجُّهُهُ عن يَمِينِهِ لِمَا كان النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم يُحِبُّ التَّيَامُنَ غير مُضَيَّقٍ عليه في شَيْءٍ من ذلك وَلَا أَنْ يَنْصَرِفَ حَيْثُ لَيْسَتْ له حَاجَةٌ أَيْنَ كان انْصِرَافُهُ - * بَابٌ سُجُودُ السَّهْوِ وَلَيْسَ في التَّرَاجِمِ وَفِيهِ نُصُوصٌ - * فَمِنْهَا في بَابِ الْقِيَامِ من الْجُلُوسِ نَصَّ على أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ بِتَرْكِ الهيآت ( ( ( الهيئات ) ) ) فقال لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ السُّنَّةَ لِمَنْ قام من جُلُوسِهِ أَنْ يَعْتَمِدَ على الْأَرْضِ بِيَدَيْهِ وَأَيَّ قِيَامٍ قَامَهُ سِوَى هذا كَرِهْته له وَلَا إعَادَةَ فيه عليه وَلَا سُجُودَ سَهْوٍ لِأَنَّ هذا كُلَّهُ هَيْئَةٌ في الصَّلَاةِ وَهَكَذَا نَقُولُ في كل هَيْئَةٍ في الصَّلَاةِ نَأْمُرُ بها وَنَنْهَى عن خِلَافِهَا وَلَا نُوجِبُ سُجُودَ سَهْوٍ وَلَا إعَادَةً بِمَا نَهَيْنَا عنه منها وَذَلِكَ مِثْلُ الْجُلُوسِ وَالْخُشُوعِ وَالْإِقْبَالِ على الصَّلَاةِ وَالْوَقَارِ فيها وَلَا نَأْمُرُ من تَرَكَ من هذا شيئا بِإِعَادَةٍ وَلَا سُجُودِ سَهْوٍ وَكَرَّرَ ذلك في أَبْوَابِ الصَّلَاةِ كَثِيرًا مِمَّا سَبَقَ وَمِنْهَا نَصُّهُ في بَابِ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فقال من تَرَكَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ وَالصَّلَاةَ على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم في التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ سَاهِيًا فَلَا إعَادَةَ عليه وَعَلَيْهِ سَجْدَتَا السَّهْوِ لِتَرْكِهِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَبِهَذَا قُلْنَا إذَا تَرَكَ المصلى التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ لم يَكُنْ عليه إعَادَةٌ وَكَذَا إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ الْقِيَامَ من اثْنَتَيْنِ ثُمَّ ذَكَرَ جَالِسًا تم ( ( ( أتم ) ) ) على جُلُوسِهِ وَلَا سُجُودَ لِلسَّهْوِ عليه وَإِنْ ذَكَرَ بعد ما نَهَضَ عَادَ فَجَلَسَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنَّمَا فَرَّقْت بين التَّشَهُّدَيْنِ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قام في الثَّانِيَةِ فلم يَجْلِسْ فَسَجَدَ لِلسَّهْوِ ولم يَخْتَلِفْ أَحَدٌ عَلِمْته أَنَّ التَّشَهُّدَ الْآخِرَ الذي يَخْرُجُ بِهِ من الصَّلَاةِ مُخَالِفٌ لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ في أَنْ ليس لِأَحَدٍ قِيَامٌ منه إلَّا بِالْجُلُوسِ وَمِنْهَا نَصُّهُ في آخِرِ التَّرْجَمَةِ الْمَذْكُورَةِ الدَّالُّ على أَنَّ من ارْتَكَبَ مَنْهِيًّا عنه يُبْطِلُ عَمْدُهُ الصَّلَاةَ فإنه يَسْجُدُ إذَا فَعَلَهُ سَهْوًا ولم تَبْطُلْ الصَّلَاةُ بِسَهْوِهِ فقال وَلَوْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ مع الْإِمَامِ فَسَهَا عن التَّشَهُّدِ الْآخِرِ حتى سَلَّمَ الْإِمَامُ لم يُسَلِّمْ وَتَشَهَّدَ هو فَإِنْ سَلَّمَ مع الْإِمَامِ سَاهِيًا وَخَرَجَ وَبَعْدَ مَخْرَجِهِ أَعَادَ الصَّلَاةَ وَإِنْ قَرُبَ دخل فَكَبَّرَ ثُمَّ جَلَسَ وَتَشَهَّدَ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ وسلم وَمِنْهَا ما ذَكَرَهُ في الْقِيَامِ من اثْنَتَيْنِ وهو مَذْكُورٌ قبل هذه التَّرْجَمَةِ بِأَرْبَعِ تَرَاجِمَ فَنَقَلْنَاهُ إلَى هُنَا وَفِيهِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن بن شِهَابٍ عن الْأَعْرَجِ عن عبد اللَّهِ بن بُحَيْنَةَ أَنَّهُ قال إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قام من اثْنَتَيْنِ من الظُّهْرِ لم يَجْلِسْ فِيهِمَا فلما قَضَى صَلَاتَهُ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ بَعْدَ ذلك
(1/128)
________________________________________
ما بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَسْتَتِمَّ قَائِمًا وَعَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ فَإِنْ قام من الْجُلُوسِ الْآخِرِ عَادَ فَجَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ لِلسَّهْوِ وَكَذَلِكَ لو قام فَانْصَرَفَ فَإِنْ كان انْصَرَفَ انْصِرَافًا قَرِيبًا قَدْرَ ما لو كان سَهَا عن شَيْءٍ من الصَّلَاةِ أَتَمَّهُ وَسَجَدَ رَجَعَ فَتَشَهَّدَ التَّشَهُّدَ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ وَإِنْ كان أَبْعَدَ اسْتَأْنَفَ الصَّلَاةَ أو جَلَسَ فنسى ولم يَتَشَهَّدْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَلَوْ جَلَسَ في
____________________
(1/129)
________________________________________
الْآخِرَةِ ولم يَتَشَهَّدْ حتى يُسَلِّمَ وَيَنْصَرِفَ وَيَبْعُدَ أَعَادَ الصَّلَاةَ لِأَنَّ الْجُلُوسَ إنَّمَا هو لِلتَّشَهُّدِ وَلَا يَصْنَعُ الْجُلُوسَ إذَا لم يَكُنْ معه التَّشَهُّدُ شيئا كما لو قام قَدْرَ الْقِرَاءَةِ ولم يَقْرَأْ لم يُجْزِهِ الْقِيَامُ وَلَوْ تَشَهَّدَ التَّشَهُّدَ الْآخِرَ وهو قَائِمٌ أو رَاكِعٌ أو مُتَقَاصَرٌ غَيْرُ جَالِسٍ لم يُجْزِهِ كما لو قَرَأَ وهو جَالِسٌ لم يُجْزِهِ إذَا كان مِمَّنْ يُطِيقُ الْقِيَامَ وَكُلُّ ما قُلْت لَا يُجْزِئُ في التَّشَهُّدِ فَكَذَلِكَ لَا يُجْزِئُ في الصَّلَاةِ على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَلَا يُجْزِئُ التَّشَهُّدُ من الصَّلَاةِ على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَلَا الصَّلَاةُ على النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم من التَّشَهُّدِ حتى يأتى بِهِمَا جميعا وَمِنْ النُّصُوصِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِسُجُودِ السَّهْوِ ما سَبَقَ في بَابِ كَيْفَ الْقِيَامُ من الرُّكُوعِ وهو قَوْلُ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَإِنْ ذَهَبَتْ الْعِلَّةُ عنه بعد ما يَصِيرُ سَاجِدًا لم يَكُنْ عليه وَلَا له أَنْ يَقُومَ إلَّا لِمَا يَسْتَقْبِلُ من الرُّكُوعِ فَإِنْ فَعَلَ فَعَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ لِأَنَّهُ زَادَ في الصَّلَاةِ ما ليس عليه وإذا اعْتَدَلَ قَائِمًا لم أُحِبَّ له يَتَلَبَّثُ حتى يَقُولَ ما أَحْبَبْت له الْقَوْلَ ثُمَّ يهوى سَاجِدًا أو يَأْخُذُ في التَّكْبِيرِ فيهوى وهو فيه وَبَعْدَ أَنْ يَصِلَ الْأَرْضَ سَاجِدًا مع انْقِضَاءِ التَّكْبِيرِ وَإِنْ أَخَّرَ التَّكْبِيرَ عن ذلك أو كَبَّرَ مُعْتَدِلًا أو تَرَكَ التَّكْبِيرَ كَرِهْت ذلك له وَلَا إعَادَةَ وَلَا سُجُودَ لِلسَّهْوِ عليه وَلَوْ أَطَالَ الْقِيَامَ بِذِكْرِ اللَّهِ عز وجل يَدْعُو أو سَاهِيًا وهو لَا ينوى بِهِ الْقُنُوتَ كَرِهْت ذلك له وَلَا إعَادَةَ وَلَا سُجُودَ لِلسَّهْوِ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ من عَمَلِ الصَّلَاةِ في غَيْرِ هذا الْمَوْضِعِ وَهَذَا مَوْضِعُ ذِكْرٍ غَيْرِ قِرَاءَةٍ فَإِنْ زَادَ فيه فَلَا نوجب ( ( ( توجب ) ) ) عليه سَهْوًا وَكَذَلِكَ لو أَطَالَ الْقِيَامَ ينوى بِهِ الْقُنُوتَ كان عليه سُجُودُ السَّهْوِ لِأَنَّ الْقُنُوتَ عَمَلٌ مَعْدُودٌ من عَمَلِ الصَّلَاةِ فإذا عَمِلَهُ في غَيْرِ مَوْضِعِهِ أَوْجَبَ عليه السَّهْوَ وفي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيِّ نُصُوصٌ في سُجُودِ السَّهْوِ لم نَرَهَا في الْأُمِّ قال الْمُزَنِيّ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) سُجُودُ السَّهْوِ كُلُّهُ عِنْدَنَا في الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ قبل السَّلَامِ وهو النَّاسِخُ وَالْآخِرُ من الْأَمْرَيْنِ وَلَعَلَّ مَالِكًا لم يَعْلَمْ النَّاسِخَ وَالْمَنْسُوخَ من هذا وَقَالَهُ في الْقَدِيمِ فَمَنْ سَجَدَ قبل السَّلَامِ أَجْزَأَهُ التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ وَلَوْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ تَشَهَّدَ ثُمَّ سَلَّمَ هذا نَقْلُ جَمْعِ الْجَوَامِعِ ثُمَّ ذَكَرَ رِوَايَةَ الْبُوَيْطِيِّ وَنَحْنُ نَذْكُرُهَا مع غَيْرِهَا في مُخْتَصَرِ الْبُوَيْطِيِّ وَكُلُّ سَهْوٍ في الصَّلَاةِ نَقْصًا كان أو زِيَادَةً سَهْوًا وَاحِدًا كان أَمْ اثْنَيْنِ أُمّ ثَلَاثَةً فَسَجْدَتَا السَّهْوِ تجزي ( ( ( تجزئ ) ) ) من ذلك كُلِّهِ قبل السَّلَامِ وَفِيهِمَا تَشَهُّدٌ وَسَلَامٌ وقد روى عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ قام من اثْنَتَيْنِ فَسَجَدَ قبل السَّلَامِ وَهَذَا نُقْصَانٌ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَمَنْ شَكَّ في صَلَاتِهِ فلم يَدْرِ أَثْلَاثًا صلى أَمْ أَرْبَعًا فَعَلَيْهِ أَنْ يبنى على ما اسْتَيْقَنَ وَكَذَلِكَ قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فإذا فَرَغَ من صَلَاتِهِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ سَجَدَ سجدتي ( ( ( سجدتين ) ) ) السهو ( ( ( للسهو ) ) ) قبل السَّلَامِ وَاحْتَجَّ في ذلك بِحَدِيثِ أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَبِحَدِيثِ بن بُحَيْنَةَ أَنَّهُ سَجَدَ قبل السَّلَامِ في جَمْعِ الْجَوَامِعِ
(1/130)
________________________________________
وقد روى عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إذَا شَكَّ أحدكم في صَلَاتِهِ فلم يَدْرِ كَمْ صلى فَلْيَبْنِ على ما اسْتَيْقَنَ وَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ قبل السَّلَامِ وَهَذَا زِيَادَةٌ وقال في تَرْجَمَةٍ بَعْدَ ذلك وَمَنْ لم يَدْرِ كَمْ صلى وَاحِدَةً أو اثْنَتَيْنِ أو ثَلَاثًا أو أَرْبَعًا فَلْيَبْنِ على يَقِينِهِ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قبل السَّلَامِ وَلِسَجْدَتَيْ السَّهْوِ تَشَهُّدٌ وَسَلَامٌ وما ذَكَرَهُ الْبُوَيْطِيُّ من التَّشَهُّدِ لِسَجْدَتَيْ السَّهْوِ أَنَّهُمَا قبل السَّلَامِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ قبل السَّلَامِ ثُمَّ يَتَشَهَّدُ ثُمَّ يُسَلِّمُ ولم أَرَ أَحَدًا من الْأَصْحَابِ ذَكَرَ هذا إلَّا فِيمَا إذَا سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ في صُوَرِهِ الْمَعْرُوفَةِ فَإِنْ حُمِلَ كَلَامُ الْبُوَيْطِيِّ على صُوَرِهِ بَعْدَ السَّلَامِ كان مُمْكِنًا وفي آخِرِ سُجُودِ السَّهْوِ من مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيِّ سَمِعْت الشَّافِعِيَّ يقول إذَا كانت سَجْدَتَا السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ تَشَهَّدَ لَهُمَا وإذا كَانَتَا قبل السَّلَامِ أَجْزَأَهُ التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ وقد سَبَقَ عن الْقَدِيمِ مِثْلُ هذا وَحَكَى الشَّيْخُ أبو حَامِدٍ ما ذَكَرَهُ الْمُزَنِيّ وَأَنَّهُ في الْقَدِيمِ وقال أنه أَجْمَعَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ إذَا سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ لِلسَّهْوِ تَشَهَّدَ ثُمَّ سَلَّمَ وقال الْمَاوَرْدِيُّ إنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَةِ أَصْحَابِهِ الْفُقَهَاءِ قال وقال بَعْضُ أَصْحَابِنَا إنْ كان يَرَى سُجُودَ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ تَشَهَّدَ وسلم بَلْ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ لَا غَيْرُ قال الْمَاوَرْدِيُّ وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ لِرِوَايَةِ عِمْرَانَ بن الْحُصَيْنِ رضي اللَّهُ عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قام من ثَلَاثٍ من الْعَصْرِ نَاسِيًا حتى أخبره الْخِرْبَاقُ فَصَلَّى ما بقى وسلم وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَتَشَهَّدَ ثُمَّ سَلَّمَ وما ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ من حديث عِمْرَانَ بن الْحُصَيْنِ بِهَذِهِ السِّيَاقَةِ غَرِيبٌ وَإِنَّمَا جَاءَتْ عنه رِوَايَةٌ تَفَرَّدَ بها أَشْعَثُ بن عبد الْمَلِكِ الْحُمْرَانِيُّ عن مُحَمَّدِ بن سِيرِينَ عن خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عن أبي قِلَابَةَ عن أبي الْمُهَلَّبِ عن عِمْرَانَ بن حُصَيْنٍ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم صلى بِهِمْ فَسَهَا فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ تَشَهَّدَ بَعْدُ ثُمَّ سَلَّمَ رَوَى ذلك أبو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وقال التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ وما حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ يقتضى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بين أَنْ يَكُونَ سُجُودُ السَّهْوِ قبل السَّلَامِ أو بَعْدَهُ فَيُحْتَجُّ بِهِ لِمَا ذَكَرَهُ البويطى لِمَا سَبَقَ وَقُلْنَا إنَّهُ غَرِيبٌ لم نَرَ أَحَدًا من الْأَصْحَابِ قال بِهِ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ جَمْعٌ من الْأَصْحَابِ أَنَّ الذي يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ لَا يَتَشَهَّدُ أَيْضًا وَالْمَذْهَبُ الْمُعْتَمَدُ ما تَقَدَّمَ في نَقْلِ الْمُزَنِيّ وَالْقَدِيمِ وَقَطَعَ بِهِ الشَّيْخُ أبو حَامِدٍ وَجَرَى عليه غَيْرُهُ وفي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيِّ في بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ وَإِنْ ذَكَرَ أَنَّهُ في الْخَامِسَةِ سَجَدَ أو لم يَسْجُدْ قَعَدَ في الرَّابِعَةِ أو لم يَقْعُدْ فإنه يَجْلِسُ في الرَّابِعَةِ وَيَتَشَهَّدُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَإِنْ ذَكَرَ في الثَّانِيَةِ أَنَّهُ نَاسٍ لِسَجْدَةٍ من أُولَى بَعْدَ ما اعْتَدَلَ قَائِمًا فإنه يَسْجُدُ لِلْأُولَى حتى تَتِمَّ قبل الثَّانِيَةِ وَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ أَنْ يَفْرُغَ من الثَّانِيَةِ أَنَّهُ نَاسٍ لِسَجْدَةٍ من الْأُولَى كان عَمَلُهُ في الثَّانِيَةِ كَلَا عَمَلٍ فإذا سَجَدَ فيها كانت من حُكْمِ الْأُولَى وَتَمَّتْ الْأُولَى بِهَذِهِ السَّجْدَةِ وَسَقَطَتْ الثَّانِيَةُ فَإِنْ ذَكَرَ في الرَّابِعَةِ أَنَّهُ نَسِيَ سَجْدَةً من كل رَكْعَةٍ فإن الْأُولَى صَحِيحَةٌ إلَّا سَجْدَةً وَعَمَلُهُ في الثَّانِيَةِ كَلَا عَمَلٍ فلما سَجَدَ فيها سَجْدَةً كانت من حُكْمِ الْأُولَى وَتَمَّتْ الْأُولَى وَبَطَلَتْ الثَّانِيَةُ وَكَانَتْ الثَّالِثَةُ ثَانِيَةً فلما قام في ثَالِثَةٍ قبل أَنْ يُتِمَّ الثَّانِيَةَ التي كانت عِنْدَهُ ثَالِثَةً كان عَمَلُهُ كَلَا عَمَلٍ فلما سَجَدَ فيها سَجْدَةً كانت من حُكْمِ الثَّانِيَةِ فَتَمَّتْ الثَّانِيَةُ وَبَطَلَتْ الثَّالِثَةُ التي كانت رَابِعَةً عِنْدَهُ ثُمَّ يَقُومُ فيبنى رَكْعَتَيْنِ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ وَقَبْلَ التَّسْلِيمِ وَعَلَى هذا الْبَابِ كُلِّهِ وَقِيَاسِهِ وَإِنْ شَكَّ هل سَهَا أَمْ لَا فَلَا سَهْوَ عليه وَإِنْ اسْتَيْقَنَ السَّهْوَ ثُمَّ شَكَّ هل سَجَدَ لِلسَّهْوِ أَمْ لَا سَجَدَهُمَا وَإِنْ شَكَّ هل سَجَدَ سَجْدَةً أو سَجْدَتَيْنِ سَجَدَ أُخْرَى وَإِنْ سَهَا سَهْوَيْنِ أو أَكْثَرَ فَلَيْسَ عليه إلَّا سَجْدَتَا السَّهْوِ وإذا ذَكَرَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ بَعْدَ أَنْ يُسَلِّمَ فَإِنْ كان قَرِيبًا أَعَادَهُمَا وسلم وَإِنْ تَطَاوَلَ لم يُعِدْ وَمَنْ سَهَا خَلْفَ إمَامِهِ فَلَا سُجُودَ عليه وَإِنْ سَهَا إمَامُهُ سَجَدَ معه فَإِنْ لم يَسْجُدْ إمَامُهُ سَجَدَ من خَلْفَهُ بِأَنْ كان قد سَبَقَهُ
____________________
(1/131)
________________________________________
إمَامُهُ بِبَعْضِ صَلَاتِهِ سَجَدَهُمَا بَعْدَ الْقَضَاءِ اتِّبَاعًا لِإِمَامِهِ لَا لِمَا يَبْقَى من صَلَاتِهِ ( قال الشَّافِعِيُّ ) السَّهْوُ في الصَّلَاةِ يَكُونُ من وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَدَعَ ما عليه من عَمَلِ الصَّلَاةِ وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَقُومَ في مَثْنَى فَلَا يَجْلِسَ أو مِثْلُ أَنْ يَنْصَرِفَ قبل أَنْ يُكْمِلَ وما أَشْبَهَهُ وَالْآخَرُ أَنْ يَعْمَلَ في الصَّلَاةِ ما ليس عليه وهو أَنْ يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ قبل أَنْ يَسْجُدَ أو يَسْجُدَ أَكْثَرَ من سَجْدَتَيْنِ وَيَجْلِسَ حَيْثُ له أَنْ يَقُومَ أو يَسْجُدَ قبل أَنْ يَرْكَعَ وَإِنْ تَرَكَ الْقُنُوتَ في الْفَجْرِ سَجَدَ لِلسَّهْوِ لِأَنَّهُ من عَمَلِ الصَّلَاةِ وقد تَرَكَهُ وَإِنْ تَرَكَهُ في الْوِتْرِ لم يَجِبْ عليه إلَّا في النِّصْفِ الْآخِرِ من شَهْرِ رَمَضَانَ فإنه إنْ تَرَكَهُ سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَالسَّهْوُ في الْفَرِيضَةِ وَالنَّافِلَةِ سَوَاءٌ وَعَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ والمصلى وَالْجَمَاعَةِ وَالْمُنْفَرِدِ سَوَاءٌ وَهَذَا الْآخَرُ هو مُقْتَضَى إطْلَاقِ نُصُوصِ الْأُمِّ وَغَيْرِهَا وَلَكِنْ لِلتَّصْرِيحِ بِهِ نَظَرٌ (1)
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأَرَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ ما كان يَعْمَلُهُ سَاهِيًا وَجَبَتْ عليه سَجْدَتَا السَّهْوِ إذَا كان مِمَّا لَا يُنْقِضُ الصَّلَاةَ فإذا فَعَلَهُ عَامِدًا سَجَدَ فيه وَإِنْ تَطَوَّعَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ وَصَلَ الصَّلَاةَ حتى تَكُونَ أَرْبَعًا أو أَكْثَرَ سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَإِنْ فَعَلَهَا ولم يَسْجُدْ حتى دخل في صَلَاةٍ أُخْرَى فَلَا يَسْجُدُهُمَا قَالَهُ في الْقَدِيمِ كَذَا في جَمْعِ الْجَوَامِعِ فَإِنْ كان الْمُرَادُ أَنَّهُ سَلَّمَ وَتَطَاوَلَ الْفَصْلُ فَكَذَلِكَ في الْجَدِيدِ أَيْضًا وَمَنْ أَدْرَكَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ مع الْإِمَامِ سَجَدَهُمَا فَإِنْ كان مُسَافِرًا وَالْإِمَامُ مُقِيمٌ صلى أَرْبَعًا وَإِنْ أَدْرَكَ أَحَدَهُمَا سَجَدَ ولم يَقْضِ الْآخَرَ وَبَنَى على صَلَاةِ الْإِمَامِ وَإِنْ كان الْإِمَامُ مُسَافِرًا فَسَهَا سَجَدُوا معه ثُمَّ قَضَوْا ما بقى عليهم وَمَنْ سَهَا عن سَجْدَتَيْ السَّهْوِ حتى يَقُومَ من مَجْلِسِهِ أو عَمَدَ تَرْكَهُمَا فَفِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا يَسْجُدُ مَتَى ذَكَرَهُمَا وَالْآخَرُ لَا يَعُودُ لَهُمَا قَالَهُ في الْقَدِيمِ قَالَهُ في جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَهَذَا الثَّانِي إنْ كان مع طُولِ الْفَصْلِ أو كان قد سَلَّمَ عَامِدًا فإنه لَا يَعُودُ إلَى السُّجُودِ في الصُّورَتَيْنِ على الْجَدِيدِ وفي رِوَايَةِ الْبُوَيْطِيِّ وَإِنْ تَرَكُوا سُجُودَ السَّهْوِ عَامِدِينَ أو جَاهِلِينَ لم يَبِنْ أَنْ يَكُونَ عليهم إعَادَةُ الصَّلَاةِ وَأُحِبُّ أن كَانُوا قَرِيبًا عَادُوا لِسَجْدَتَيْ السَّهْوِ وَإِنْ تَطَاوَلَتْ فَلَيْسَ عليهم إعَادَةُ التَّطَاوُلِ عِنْدَهُ ما لم يَخْرُجْ من الْمَسْجِدِ وَيَكُونُ قَدْرَ كَلَامِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَمَسْأَلَتِهِ وَإِنْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ وَقَبْلَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ فَكَالصَّلَاةِ إنْ تَقَارَبَ رُجُوعُهُ أَشَارَ إلَيْهِمْ أَنْ اُمْكُثُوا وَيَتَوَضَّأُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَإِنْ لم يَتَقَارَبْ أَشَارَ إلَيْهِمْ لِيَسْجُدُوا قَالَهُ في الْقَدِيمِ وَمَنْ شَكَّ في السَّهْوِ فَلَا سُجُودَ عليه هذا كُلُّهُ نَقْلُ جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَفِيهِ في بَابِ الشَّكِّ في الصَّلَاةِ وما يُلْغَى منها وما يَجِبُ عن الشَّافِعِيِّ فَإِنْ نسى أَرْبَعَ سَجَدَات
(1/132)
________________________________________
لَا يدرى من أَيَّتِهِنَّ هُنَّ نَزَّلْنَاهَا على الْأَشَدِّ فَجَعَلْنَاهُ نَاسِيًا السَّجْدَةَ من الأولي وَسَجْدَتَيْنِ من الثَّانِيَةِ وَتَمَّتْ الثَّالِثَةُ ونسى من الرَّابِعَةِ سَجْدَةً فَأَضِفْ إلَى الْأُولَى من الثَّالِثَةِ سَجْدَةً فَتَمَّتْ له رَكْعَةٌ وَبَطَلَتْ السَّجْدَةُ التي بَقِيَتْ من الثَّالِثَةِ وَنُضِيفُ إلَى الرَّابِعَةِ سَجْدَةً يَسْجُدُهَا فَكَأَنَّهُ تَمَّ له ثَانِيَةٌ ويأتى بِرَكْعَتَيْنِ بِسُجُودِهِمَا وَسُجُودِ السَّهْوِ - * بَابٌ سُجُودُ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ - * وقد تَرْجَمَ سُجُودَ الْقُرْآنِ في اخْتِلَافِ عَلِيٍّ وبن مَسْعُودٍ رضى اللَّهُ عنهما وفي اخْتِلَافِ الحديث وفي اخْتِلَافِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى مَرَّتَيْنِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَفِيهِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ هُشَيْمٌ عن شُعْبَةَ عن عَاصِمٍ عن زِرٍّ عن عَلِيٍّ رضي اللَّهُ عنه قال عَزَائِمُ السُّجُودِ أَلَمْ تَنْزِيلُ وَالنَّجْمِ واقرأ بِاسْمِ رَبِّك الذي خَلَقَ وَلَسْنَا وَلَا إيَّاهُمْ نَقُولُ بهذا نَقُولُ في الْقُرْآنِ عَدَدُ سُجُودِ مِثْلِ هذه
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ هُشَيْمٌ عن أبي عبد اللَّهِ الْجُعْفِيِّ عن أبي عبد الرحمن السُّلَمِيِّ عن عَلِيٍّ رضي اللَّهُ عنه قال كان يَسْجُدُ في الْحَجِّ سَجْدَتَيْنِ وَبِهَذَا نَقُولُ وَهَذَا قَوْلُ الْعَامَّةِ قَبْلَنَا وَيُرْوَى عن عُمَرَ وبن عمر وبن عَبَّاسٍ رضي اللَّهُ عَنْهُمْ وَهُمْ يُنْكِرُونَ السَّجْدَةَ الْآخِرَةَ في الْحَجِّ وَهَذَا الْحَدِيثُ عن عَلِيٍّ رضي اللَّهُ عنه يُخَالِفُونَهُ
____________________
(1/133)
________________________________________
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا بن مَهْدِيٍّ عن سُفْيَانَ عن مُحَمَّدِ بن قَيْسٍ عن أبي مُوسَى أَنَّ عَلِيًّا رضي اللَّهُ عنه لَمَّا رَمَى بِالْمِجْدَحِ خَرَّ سَاجِدًا وَنَحْنُ نَقُولُ لَا بَأْسَ بِسَجْدَةِ الشُّكْرِ وَنَسْتَحِبُّهَا وَيُرْوَى عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ سَجَدَهَا وَعَنْ أبي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي اللَّهُ عنهما وَهُمْ يُنْكِرُونَهَا ويكرهونها ( ( ( يكرهونها ) ) ) وَنَحْنُ نَقُولُ لَا بَأْسَ بِالسَّجْدَةِ لِلَّهِ تَعَالَى في الشُّكْرِ
____________________
(1/134)
________________________________________
وَأَمَّا الثَّانِي وهو الذي في اخْتِلَافِ الحديث فَفِيهِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا محمد بن إسْمَاعِيلَ عن بن أبي ذِئْبٍ عن الحرث بن عبد الرحمن عن مُحَمَّدِ بن عبد الرحمن عن ثَوْبَانَ عن أبي هُرَيْرَةَ رضي اللَّهُ عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قَرَأَ بِالنَّجْمِ فَسَجَدَ وَسَجَدَ الناس معه إلَّا رَجُلَيْنِ قال أَرَادَ الشُّهْرَةَ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا
____________________
(1/135)
________________________________________
محمد بن إسْمَاعِيلَ عن بن أبي ذِئْبٍ عن يَزِيدَ عن عبد اللَّهِ بن قُسَيْطٍ عن عَطَاءِ بن يَسَارٍ عن زَيْدِ بن ثَابِتٍ أَنَّهُ قَرَأَ عِنْدَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِالنَّجْمِ فلم يَسْجُدْ فيها
( قال الشَّافِعِيُّ ) وفي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ دَلِيلٌ على أَنَّ سُجُودَ الْقُرْآنِ ليس بِحَتْمٍ وَلَكِنَّا نُحِبُّ أَنْ لَا يُتْرَكَ لِأَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم سَجَدَ في النَّجْمِ وَتَرَكَ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأَمَّا حَدِيثُ زَيْدٍ أَنَّهُ قَرَأَ عِنْدَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم النَّجْمَ فلم يَسْجُدْ فَهُوَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ زَيْدًا لم يَسْجُدْ وهو الْقَارِئُ فلم يَسْجُدْ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم ولم يَكُنْ عليه فَرْضًا فَيَأْمُرُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم بِهِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ عن زَيْدِ بن أَسْلَمَ عن عَطَاءِ بن يَسَارٍ أَنَّ رَجُلًا قَرَأَ عِنْدَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم السَّجْدَةَ فَسَجَدَ فَسَجَدَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم ثُمَّ قَرَأَ آخَرُ عِنْدَهُ السَّجْدَةَ فلم يسجد فلم يَسْجُدْ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فقال يا رَسُولَ اللَّهِ قَرَأَ فُلَانٌ عِنْدَك السَّجْدَةَ فَسَجَدْت وَقَرَأْت عِنْدَك السَّجْدَةَ فلم تَسْجُدْ فقال النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كُنْت إمَامًا فَلَوْ سَجَدْت سَجَدْت مَعَك + ( قال الشَّافِعِيُّ ) إنِّي لَأَحْسَبُهُ زَيْدَ بن ثَابِتٍ لِأَنَّهُ يُحْكَى أَنَّهُ قَرَأَ عِنْدَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم النَّجْمَ فلم يَسْجُدْ وَإِنَّمَا رَوَى الْحَدِيثَيْنِ مَعًا عَطَاءُ بن يَسَارٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَأُحِبُّ أَنْ يَبْدَأَ الذي يَقْرَأُ السَّجْدَةَ فَيَسْجُدُ وَأَنْ يَسْجُدَ من سَمِعَهُ فَإِنْ قال قَائِلٌ فَلَعَلَّ أَحَدَ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ نَسَخَ الْآخَرَ قِيلَ فَلَا يدعى أَحَدٌ أَنَّ السُّجُودَ في النَّجْمِ مَنْسُوخٌ إلَّا جَازَ لِأَحَدٍ أَنْ يدعى أَنَّ تَرْكَ السُّجُودِ مَنْسُوخٌ وَالسُّجُودُ نَاسِخٌ ثُمَّ يَكُونُ أَوْلَى لِأَنَّ السُّنَّةَ السُّجُودُ لِقَوْلِ اللَّهِ جل وعز { فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا } وَلَا يُقَالُ لِوَاحِدٍ من هذا نَاسِخٌ وَلَا مَنْسُوخٌ وَلَكِنْ يُقَالُ هذا اخْتِلَافٌ من جِهَةِ الْمُبَاحِ وَأَمَّا الثَّالِثُ وهو الذي في اخْتِلَافِ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ رضي اللَّهُ عنهما فَفِيهِ سَأَلْت الشَّافِعِيَّ عن السُّجُودِ في { إذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ } قال فيها سَجْدَةٌ فَقُلْت له وما الْحُجَّةُ أَنَّ فيها سَجْدَةً فقال
أخبرنا مَالِكٌ عن عبد اللَّهِ بن يَزِيدَ مولى الْأَسْوَدِ بن سُفْيَانَ عن أبي سَلَمَةَ بن عبد الرحمن أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي اللَّهُ عنه قَرَأَ لهم { إذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ } فَسَجَدَ فيها فلما انْصَرَفَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وفي النَّجْمِ سَجْدَةٌ وَلَا أُحِبُّ أَنْ يَدَعَ شيئا من سُجُودِ الْقُرْآنِ وَإِنْ تَرَكَهُ كَرِهْته له وَلَيْسَ عليه قَضَاؤُهُ لِأَنَّهُ ليس بِفَرْضٍ فَإِنْ قال قَائِلٌ ما دَلَّ على أَنَّهُ ليس بِفَرْضٍ قِيلَ السُّجُودُ صَلَاةٌ قال اللَّهُ تَعَالَى { إنَّ الصَّلَاةَ كانت على الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا } فَكَانَ الْمَوْقُوتُ يَحْتَمِلُ مُؤَقَّتًا بِالْعَدَدِ وَمُؤَقَّتًا بِالْوَقْتِ فَأَبَانَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّ اللَّهَ عز وجل فَرَضَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فقال رَجُلٌ يا رَسُولَ اللَّهِ هل على غَيْرُهَا قال لَا إلَّا أَنْ تَطَوَّعَ فلما كان سُجُودُ الْقُرْآنِ خَارِجًا من الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ كانت سُنَّةَ اخْتِيَارِ فَأَحَبُّ إلَيْنَا أَنْ لَا يَدَعَهُ وَمَنْ تَرَكَهُ تَرَكَ فَضْلًا لَا فَرْضًا وَإِنَّمَا سَجَدَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم في النَّجْمِ لِأَنَّ فيها سُجُودًا في حديث أبي هُرَيْرَةَ وفي سُجُودِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم في النَّجْمِ دَلِيلٌ على ما وَصَفْت لِأَنَّ الناس سَجَدُوا معه إلَّا رَجُلَيْنِ وَالرَّجُلَانِ لَا يَدَعَانِ الْفَرْضَ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَكَاهُ أَمَرَهُمَا رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِإِعَادَتِهِ
(1/136)
________________________________________
أَخْبَرَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم سَجَدَ فيها
أخبرنا مَالِكٌ عن بن شِهَابٍ عن الْأَعْرَجِ أَنَّ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ قَرَأَ وَالنَّجْمِ إذَا هَوَى فَسَجَدَ فيها ثُمَّ قام فَقَرَأَ سُورَةً أُخْرَى
أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا بَعْضُ أَصْحَابِنَا عن مَالِكٍ أَنَّ عُمَرَ بن عبد الْعَزِيزِ أَمَرَ مُحَمَّدَ بن مُسْلِمٍ أَنْ يَأْمُرَ الْقُرَّاءَ أَنْ يَسْجُدُوا في إذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1)
____________________
1- أخبرنا الرَّبِيعُ سَأَلَتْ الشَّافِعِيَّ عن السُّجُودِ في سُورَةِ الْحَجِّ فقال فيها سَجْدَتَانِ فَقُلْت وما الْحُجَّةُ في ذلك فقال
أخبرنا مَالِكٌ عن نَافِعٍ عن بن عُمَرَ أَنَّهُ سَجَدَ في سُورَةِ الْحَجِّ سَجْدَتَيْنِ
أخبرنا مَالِكٌ عن نَافِعٍ عن رَجُلٍ من أَهْلِ مِصْرَ أَنَّ عُمَرَ سَجَدَ في الْحَجِّ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ قال إنَّ هذه السُّورَةَ فُضِّلَتْ بِسَجْدَتَيْنِ فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ فَإِنَّا نَقُولُ اجْتَمَعَ الناس على أَنَّ سُجُودَ الْقُرْآنِ إحْدَى عَشْرَةَ سَجْدَةً ليس في الْمُفَصَّلِ منها شَيْءٌ فقال الشَّافِعِيُّ إنَّهُ يَجِبُ عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَقُولُوا اجْتَمَعَ الناس إلَّا لِمَا إذَا لقى أَهْلُ الْعِلْمِ فَقِيلَ لهم اجْتَمَعَ الناس على ما قُلْتُمْ أنهم اجْتَمَعُوا عليه قالوا نعم وكان أَقَلُّ أَقْوَالِهِمْ لَك أَنْ يَقُولُوا لَا نَعْلَمُ من أَهْلِ الْعِلْمِ له مُخَالِفًا فِيمَا قُلْتُمْ اجْتَمَعَ الناس عليه وَأَمَّا أَنْ تَقُولُوا اجْتَمَعَ الناس وَأَهْلُ الْعِلْمِ مَعَكُمْ يَقُولُونَ ما اجْتَمَعَ الناس على ما زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ اجْتَمَعُوا عليه فأمر إن أَسَأْتُمْ بِهِمَا النَّظَرَ لِأَنْفُسِكُمْ في التَّحَفُّظِ في الحديث وَأَنْ تَجْعَلُوا السَّبِيلَ لِمَنْ سمع قَوْلَكُمْ اجْتَمَعَ الناس إلَى رَدِّ قَوْلِكُمْ وَلَا سِيَّمَا إذَا كُنْتُمْ إنَّمَا أَنْتُمْ مَقْصُورُونَ على عِلْمِ مَالِكٍ رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاهُ وَكُنْتُمْ تَرْوُونَ عن عُمَرَ بن عبد الْعَزِيزِ أَنَّهُ أَمَرَ من يَأْمُرُ الْقُرَّاءَ أَنْ يَسْجُدُوا فيها وَأَنْتُمْ قد تَجْعَلُونَ قَوْلَ عُمَرَ بن عبد الْعَزِيزِ أَصْلًا من أُصُولِ الْعِلْمِ فَتَقُولُونَ كان لَا يُحَلِّفُ الرَّجُلَ الْمُدَّعَى عليه إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا مُخَالَطَةٌ فَتَرَكْتُمْ بها قَوْلَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم الْبَيِّنَةُ على المدعى وَالْيَمِينُ على الْمُدَّعَى عليه لِقَوْلِ عُمَرَ ثُمَّ تَجِدُونَ عُمَرَ يَأْمُرُ بِالسُّجُودِ في { إذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ } وَمَعَهُ سُنَّةُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَرَأْيُ أبي هُرَيْرَةَ ولم تُسَمُّوا أَحَدًا خَالَفَ هذا وَهَذَا عِنْدَكُمْ الْعَمَلُ لِأَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم في زَمَانِهِ ثُمَّ أبو هُرَيْرَةَ في الصَّحَابَةِ ثُمَّ عُمَرُ بن عبد الْعَزِيزِ في التَّابِعِينَ وَالْعَمَلُ يَكُونُ عِنْدَكُمْ بِقَوْلِ عُمَرَ وَحْدَهُ وَأَقَلُّ ما يُؤْخَذُ عَلَيْكُمْ في هذا أَنْ يُقَالَ كَيْفَ زَعَمْتُمْ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ سَجَدَ في إذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ وَأَنَّ عُمَرَ أَمَرَ بِالسُّجُودِ فيها وَأَنَّ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ سَجَدَ في النَّجْمِ ثُمَّ زَعَمْتُمْ أَنَّ الناس اجْتَمَعُوا أَنْ لَا سُجُودَ في الْمُفَصَّلِ وَهَذَا من أَصْحَابِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَهَذَا من عُلَمَاءِ التَّابِعِينَ فقال قَوْلُكُمْ اجْتَمَعَ الناس لِمَا حَكَوْا فيه غير ما قُلْتُمْ بَيِّنٌ في قَوْلِكُمْ أَنْ ليس كما قُلْتُمْ ثُمَّ رَوَيْتُمْ عن عُمَرَ بن الْخَطَّابِ أَنَّهُ سَجَدَ في النَّجْمِ ثُمَّ لَا تَرْوُونَ عن غَيْرِهِ خِلَافَهُ ثُمَّ رَوَيْتُمْ عن عُمَر
(1/137)
________________________________________
وبن عُمَرَ أَنَّهُمَا سَجَدَا في سُورَةِ الْحَجِّ سَجْدَتَيْنِ وَتَقُولُونَ ليس فيها إلَّا وَاحِدَةٌ وَتَزْعُمُونَ أَنَّ الناس أَجْمَعُوا أَنْ ليس فيها إلَّا وَاحِدَةٌ ثُمَّ تَقُولُونَ أَجْمَعَ الناس وَأَنْتُمْ تَرْوُونَ خِلَافَ ما تَقُولُونَ وَهَذَا لَا يُعْذَرُ أَحَدٌ بِأَنْ يَجْهَلَهُ وَلَا يَرْضَى أَحَدٌ أَنْ يَكُونَ مَأْخُوذًا عليه فيه لِمَا فيه مِمَّا لَا يَخْفَى عن أَحَدٍ يَعْقِلُ إذَا سَمِعَهُ أَرَأَيْتُمْ إذَا قِيلَ لَكُمْ أَيُّ الناس اجْتَمَعَ على أَنْ لَا سُجُودَ في الْمُفَصَّلِ وَأَنْتُمْ تَرْوُونَ عن أَئِمَّةِ الناس السُّجُودَ فيه وَلَا تَرْوُونَ عن غَيْرِهِمْ مِثْلَهُمْ خِلَافَهُمْ أَلَيْسَ أَنْ تَقُولُوا أَجْمَعَ الناس أَنَّ في الْمُفَصَّلِ سُجُودًا أَوْلَى بِكُمْ من أَنْ تَقُولُوا اجْتَمَعَ الناس على أَنْ لَا سُجُودَ في الْمُفَصَّلِ فَإِنْ قُلْتُمْ لَا يَجُوزُ إذَا لم نَعْلَمْهُمْ أَجْمَعُوا أَنْ نَقُولَ اجْتَمَعُوا فَقَدْ قُلْتُمْ اجْتَمَعُوا ولم تَرْوُوا عن أَحَدٍ من الْأَئِمَّةِ قَوْلَكُمْ وَلَا أَدْرِي من الناس عِنْدَكُمْ أَخَلْقًا كَانُوا فما اسْمُ وَاحِدٍ منهم وما ذَهَبْنَا بِالْحُجَّةِ عَلَيْكُمْ إلَّا من قَوْلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وما جَعَلْنَا الْإِجْمَاعَ إلَّا إجْمَاعَهُمْ فَأُحْسِنُوا النَّظَرَ لِأَنْفُسِكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تَقُولُوا أَجْمَعَ الناس بِالْمَدِينَةِ حتى لَا يَكُونَ بِالْمَدِينَةِ مُخَالِفٌ من أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَكِنْ قُولُوا فِيمَا اخْتَلَفُوا فيه أخبرنا كَذَا كَذَا وَلَا تَدَّعُوا الْإِجْمَاعَ فَدَعُوا ما يُوجَدُ على أَلْسِنَتِكُمْ خِلَافُهُ فما أَعْلَمُهُ يُؤْخَذُ على أَحَدٍ يَتَثَبَّتُ على عِلْمٍ أَقْبَحَ من هذا ( قُلْت ) لِلشَّافِعِيِّ أَفَرَأَيْت إنْ كان قَوْلِي اجْتَمَعَ الناس عليه أعنى من رَضِيت من أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَإِنْ كَانُوا مُخْتَلِفِينَ فقال الشَّافِعِيُّ أَرَأَيْتُمْ إنْ قال من يُخَالِفُكُمْ وَيَذْهَبُ إلَى قَوْلِ من يُخَالِفُكُمْ قَوْلُ من أَخَذْت بِقَوْلِهِ اجْتَمَعَ الناس أَيَكُونُ صَادِقًا فَإِنْ كان صَادِقًا وكان بِالْمَدِينَةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ يُخَالِفُكُمَا اجْتَمَعَ الناس على قَوْلِهِ فَإِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ مَعًا بِالتَّأْوِيلِ فَبِالْمَدِينَةِ إجْمَاعٌ من ثَلَاثَةِ وُجُوهٍ مُخْتَلِفَةٍ وَإِنْ قُلْتُمْ الْإِجْمَاعُ هو ضِدُّ الْخِلَافِ فَلَا يُقَالُ إجْمَاعٌ إلَّا لِمَا لَا خِلَافَ فيه بِالْمَدِينَةِ قُلْت هذا هو الصِّدْقُ الْمَحْضُ فَلَا نفارقه ( ( ( تفارقه ) ) ) وَلَا تَدَّعُوا الْإِجْمَاعَ أَبَدًا إلَّا فِيمَا لَا يُوجَدُ بِالْمَدِينَةِ فيه اخْتِلَافٌ وهو لَا يُوجَدُ بِالْمَدِينَةِ إلَّا وَيُوجَدُ بِجَمِيعِ الْبُلْدَانِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مُتَّفِقِينَ فيه لم يُخَالِفْ أَهْلُ الْبُلْدَانِ أَهْلَ الْمَدِينَةِ إلَّا فِيمَا اخْتَلَفَ فيه أَهْلُ الْمَدِينَةِ بَيْنَهُمْ (1)
____________________
1- ( وقال لي الشَّافِعِيُّ ) وَاجْعَلْ ما وَصَفْنَا على هذا الْبَابِ كَافِيًا لَك لَا على ما سِوَاهُ إذَا أَرَدْت أَنْ تَقُولَ أَجْمَعَ الناس فَإِنْ كَانُوا لم يَخْتَلِفُوا فَقُلْهُ وَإِنْ كَانُوا اخْتَلَفُوا فَلَا تَقُلْهُ فإن الصِّدْقَ في غَيْرِهِ ( وَتَرْجَمَ مَرَّةً أُخْرَى في سُجُودِ الْقُرْآنِ ) وَفِيهَا سَأَلْت الشَّافِعِيَّ عن السُّجُودِ في سُورَةِ الْحَجِّ فقال فيها سَجْدَتَانِ فَقُلْت وما الْحُجَّةُ في ذلك فقال
أخبرنا مَالِكٌ عن نَافِعٍ أَنَّ رَجُلًا من أَهْلِ مِصْرَ أخبره أَنَّ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ سَجَدَ في سُورَةِ الْحَجِّ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ قال إنَّ هذه السُّورَةَ فُضِّلَتْ بِسَجْدَتَيْنِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن سَعْدِ بن إبْرَاهِيمَ عن الزُّهْرِيِّ عن عبد اللَّهِ بن ثَعْلَبَةَ بن صَفِيَّةَ أَنَّ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ صلى بِهِمْ بِالْجَابِيَةِ فَقَرَأَ سُورَةَ الْحَجِّ فَسَجَدَ فيها سَجْدَتَيْنِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ عن نَافِعٍ عن بن عُمَرَ أَنَّهُ سَجَدَ في سُورَةِ الْحَجِّ سَجْدَتَيْنِ فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ فَإِنَّا لَا نَسْجُدُ فيها إلَّا سَجْدَةً وَاحِدَةً فقال الشَّافِعِيُّ فَقَدْ خَالَفْتُمْ ما رَوَيْتُمْ عن عُمَرَ بن الْخَطَّابِ وَعَبْدِ اللَّهِ بن عُمَرَ مَعًا إلَى غَيْرِ قَوْلِ أَحَدٍ من أَصْحَابِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسل
(1/138)
________________________________________
عَامَّةً فَكَيْفَ تَتَّخِذُونَ قَوْلَ بن عُمَرَ وَحْدَهُ حُجَّةً وَقَوْلَ عُمَرَ حُجَّةً وَحْدَهُ حتى تَرُدُّوا بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّنَّةَ وَتَبْتَنُونَ عليها عَدَدًا من الْفِقْهِ ثُمَّ تَخْرُجُونَ من قَوْلِهِمَا لِرَأْيِ أَنْفُسِكُمْ هل تَعْلَمُونَهُ مستدرك ( ( ( مستدركا ) ) ) على أَحَدٍ قول ( ( ( قولا ) ) ) الْعَوْرَةُ فيه أَبْيَنُ منها فِيمَا وَصَفْنَا من أَقَاوِيلِكُمْ - * بَابُ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ وَلَيْسَ في التَّرَاجِمِ وَفِيهِ نُصُوصٌ وَكَلَامٌ مَنْثُورٌ - * فَمِنْ ذلك اخْتِلَافُ عَلِيٍّ وبن مَسْعُودٍ رضي اللَّهُ عنهما بن مَهْدِيٍّ عن سُفْيَانَ عن أبي إِسْحَاقَ عن عَاصِمٍ عن عَلِيٍّ قال كان رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يُصَلِّي دُبُرَ كل صَلَاةٍ رَكْعَتَيْنِ إلَّا الْعَصْرَ وَالصُّبْحَ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) أو رأيتم إذَا اسْتَحْبَبْنَا رَكْعَتَيْ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَذَا يُخَالِفُ الحديث الْأَوَّلَ يَعْنِي الذي رَوَاهُ قبل هذا عن عَلِيٍّ عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ قال لَا تُصَلُّوا بَعْدَ الْعَصْرِ إلَّا أَنْ تُصَلُّوا وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ وَسَنَذْكُرُ هذا بِتَمَامِهِ في بَابِ السَّاعَاتِ التي تُكْرَهُ فيها الصَّلَاةُ وَمِنْ ذلك في اخْتِلَافِ عَلِيٍّ وبن مَسْعُودٍ أَيْضًا في سُنَّةِ الْجُمُعَةِ أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال قال بن مَهْدِيٍّ عن سُفْيَانَ عن أبي حُصَيْنٍ عن أبي عبد الرحمن أَنَّ عَلِيًّا رضي اللَّهُ عنه قال من كان مُصَلِّيًا بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَلْيُصَلِّ بَعْدَهَا سِتَّ رَكَعَاتٍ وَلَسْنَا وَلَا إيَّاهُمْ نَقُولُ بهذا أَمَّا نَحْنُ فَنَقُولُ يصلى أَرْبَعًا وَمِنْ ذلك في اخْتِلَافِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ رضي اللَّهُ عنهما في بَابِ الْقِرَاءَةِ في الْعِيدَيْنِ وَالْجُمُعَةِ رَدًّا على من قال لَا نُبَالِي بِأَيِّ سُورَةٍ قَرَأَ
(1/139)
________________________________________
الْفَجْرِ وَالْوِتْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ لو قال قَائِلٌ لَا أُبَالِي أَنْ لَا أَفْعَلَ من هذا شيئا هل الْحُجَّةُ عليه إلَّا أَنْ يَقُولَ قَوْلَكُمْ لَا أُبَالِي جَهَالَةٌ وَتَرْكٌ لِلسُّنَّةِ يَنْبَغِي أَنْ تَسْتَحِبُّوا ما صَنَعَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِكُلِّ حَالٍ وَمِنْ ذلك فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْوِتْرِ وقد ذَكَرَهُ في أَبْوَابٍ منها في اخْتِلَافِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ - * بَابٌ ما جاء في الْوِتْرِ بِرَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وكان عُثْمَانُ يحيى اللَّيْلَ بِرَكْعَةٍ وَهِيَ وِتْرُهُ وَأَوْتَرَ مُعَاوِيَةُ بِوَاحِدَةٍ فقال بن عَبَّاسٍ أَصَابَ فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ فَإِنَّا نَقُولُ لَا نُحِبُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُوتِرَ بِأَقَلَّ من ثَلَاثٍ وَيُسَلِّمُ من الرَّكْعَتَيْنِ وَالرَّكْعَةِ من الْوِتْرِ فقال الشَّافِعِيُّ لَسْت أَعْرِفُ لِمَا تَقُولُونَ وَجْهًا وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ إنْ كُنْتُمْ ذَهَبْتُمْ إلَى أَنَّكُمْ تَكْرَهُونَ أَنْ يصلى رَكْعَةً مُنْفَرِدَةً فَأَنْتُمْ إذَا صلى رَكْعَتَيْنِ قَبْلَهَا ثُمَّ سَلَّمَ تَأْمُرُونَهُ بِإِفْرَادِ الرَّكْعَةِ لِأَنَّ من سَلَّمَ من صَلَاةٍ فَقَدْ فَصَلَهَا عَمَّا بَعْدَهَا أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّجُلَ يصلى النَّافِلَةَ بِرَكَعَاتٍ يُسَلِّمُ في كل رَكْعَتَيْنِ فَيَكُونُ كُلُّ رَكْعَتَيْنِ يُسَلِّمُ بَيْنَهُمَا مُنْقَطِعَتَيْنِ من الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا وَبَعْدَهُمَا وَأَنَّ السَّلَامَ أَفْضَلُ لِلْفَصْلِ أَلَا تَرَى أَنَّ رَجُلًا لو فَاتَتْهُ صَلَوَاتٌ فَقَضَاهُنَّ في مَقَامٍ يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِسَلَامٍ كانت كُلُّ صَلَاةٍ غير الصَّلَاةِ التي قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا لِخُرُوجِهِ من كل صَلَاةٍ بِالسَّلَامِ وَإِنْ كان إنَّمَا أَرَدْتُمْ أَنَّكُمْ كَرِهْتُمْ أَنْ يصلى وَاحِدَةً لِأَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم صلى أَكْثَرَ منها وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يصلى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُوتِرُ منها بِوَاحِدَةٍ وَإِنْ كان أَرَادَ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى فَأَقَلُّ مَثْنَى مَثْنَى أَرْبَعٌ فَصَاعِدًا وَوَاحِدَةٌ غَيْرُ مَثْنَى وقد أَوْتَرَ بِوَاحِدَةٍ في الْوِتْرِ كما أَمَرَ بِمَثْنَى وقد
أخبرنا عبدالمجيد عن بن جُرَيْجٍ عن هِشَامِ بن عُرْوَةَ عن أبيه عن
____________________
1- أخبرنا الرَّبِيعُ قال سَأَلَتْ الشَّافِعِيَّ عن الْوِتْرِ أَيَجُوزُ أَنْ يُوتِرَ الرَّجُلُ بِوَاحِدَةٍ ليس قَبْلَهَا شَيْءٌ فقال نعم وَاَلَّذِي أَخْتَارُ أَنْ صلى ( ( ( صل ) ) ) عَشْرَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ أَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ فما الْحُجَّةُ في أَنَّ الْوِتْرَ يَجُوزُ بِوَاحِدَةٍ فقال الْحُجَّةُ فيه السُّنَّةُ وَالْآثَارُ
أخبرنا مَالِكٌ عن نَافِعٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بن دِينَارٍ عن بن عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى فإذا أخشى ( ( ( خشي ) ) ) أحدكم الصُّبْحَ صلى رَكْعَةً وَاحِدَةً تُوتِرُ له ما قد صلى
أخبرنا مَالِكٌ عن أبي شِهَابٍ عن عُرْوَةَ عن عَائِشَةَ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كان يصلى بِاللَّيْلِ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُوتِرُ منها بِوَاحِدَةٍ
أخبرنا مَالِكٌ عن بن شِهَابٍ أَنَّ سَعْدَ بن أبي وَقَّاصٍ كان يُوتِرُ بِرَكْعَةٍ
أخبرنا مَالِكٌ عن نَافِعٍ أَنَّ بن عُمَرَ كان يُسَلِّمُ من الرَّكْعَةِ وَالرَّكْعَتَيْنِ من الْوِتْرِ حتى يَأْمُرَ بِبَعْضِ حَاجَتِهِ
(1/140)
________________________________________
عَائِشَةَ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كان يُوتِرُ بِخَمْسِ رَكَعَاتٍ لَا يَجْلِسُ وَلَا يُسَلِّمُ إلَّا في الْآخِرَةِ مِنْهُنَّ فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ فما معني هذا فقال هذه نَافِلَةٌ تَسَعُ أَنْ يُوتِرَ بِوَاحِدَةٍ وَأَكْثَرَ وَنَخْتَارُ ما وَصَفْت من غَيْرِ أَنْ نُضِيفَ غَيْرَهُ وَقَوْلُكُمْ وَاَللَّهُ يَغْفِرُ لنا وَلَكُمْ لَا يُوَافِقُ سُنَّةً وَلَا أَثَرًا وَلَا قِيَاسًا وَلَا مَعْقُولًا قَوْلُكُمْ خَارِجٌ من كل شَيْءٍ من هذا وَأَقَاوِيلُ الناس إمَّا أَنْ تَقُولُوا لَا يُوتِرُ إلَّا بِثَلَاثٍ كما قال بَعْضُ الشَّرْقِيِّينَ وَلَا يُسَلِّمُ في وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ كيلا ( ( ( كي ) ) ) يَكُونَ الْوِتْرُ وَاحِدَةً وَإِمَّا أَنْ لَا تَكْرَهُوا الْوِتْرَ بِوَاحِدَةٍ وَكَيْفَ تَكْرَهُونَ الْوِتْرَ بِوَاحِدَةٍ وَأَنْتُمْ تَأْمُرُونَ بِالسَّلَامِ فيها وإذا أَمَرْتُمْ بِهِ فَهِيَ وَاحِدَةٌ وَإِنْ قُلْتُمْ كَرِهْنَاهُ لِأَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لم يُوتِرْ بِوَاحِدَةٍ ليس قَبْلَهَا شَيْءٌ فلم يُوتِرْ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم بِثَلَاثٍ ليس فِيهِنَّ شَيْءٌ فَقَدْ اسْتَحْسَنْتُمْ أَنْ تُوتِرُوا بِثَلَاثٍ وَمِنْهَا في اخْتِلَافِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ - * بَابٌ في الْوِتْرِ - * أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا مَالِكٌ عن نَافِعٍ قال كُنْت مع بن عُمَرَ لَيْلَةً وَالسَّمَاءُ مُتَغَيِّمَةٌ فخشى بن عُمَرَ الصُّبْحَ فَأَوْتَرَ بِوَاحِدَةٍ ثُمَّ تَكَشَّفَ الْغَيْمُ فَرَأَى عليه لَيْلًا فَشَفَعَ بِوَاحِدَةٍ قال لي الشَّافِعِيُّ وَأَنْتُمْ تُخَالِفُونَ بن عُمَرَ من هذا في مَوْضُوعَيْنِ فَتَقُولُونَ لَا يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ وَمَنْ أَوْتَرَ بِوَاحِدَةٍ لم يُشْفِعْ وِتْرَهُ قال وَلَا أَعْلَمُكُمْ تَحْفَظُونَ عن أَحَدٍ أَنَّهُ قال لَا يَشْفَعُ وِتْرَهُ فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ فما تَقُولُ أنت في هذا فقال بِقَوْلِ بن عُمَرَ أنه كان يُوتِرُ بِرَكْعَةٍ قال أَفَتَقُولُ يَشْفَعُ بِوِتْرِهِ فَقُلْت لَا فقال فما حُجَّتُك فيه فَقُلْت رَوَيْنَا عن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَرِهَ لِابْنِ عُمَرَ أَنْ يُشْفِعَ وِتْرَهُ وقال إذَا أَوْتَرْت من أَوَّلِ اللَّيْلِ فَاشْفَعْ من آخِرِهِ وَلَا تُعِدْ وِتْرًا وَلَا تَشْفَعهُ وَأَنْتُمْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ لَا تَقْبَلُونَ إلَّا حَدِيثَ صَاحِبِكُمْ وَلَيْسَ من حديث صَاحِبِكُمْ خِلَافُ بن عُمَرَ وَمِنْهَا في اخْتِلَافِ على وبن مَسْعُودٍ رضي اللَّهُ عنهما في بَابِ الْوِتْرِ وَالْقُنُوتِ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا هُشَيْمٌ عن عبد الْمَلِكِ بن أبي سُلَيْمَانَ عن عبد الرَّحِيمِ عن زَاذَانَ أَنَّ عَلِيًّا رضي اللَّهُ عنه كان يُوتِرُ بِثَلَاثٍ يَقْرَأُ في كل رَكْعَةٍ بِتِسْعِ سُوَرٍ من الْمُفَصَّلِ وَهُمْ يَقُولُونَ نَقْرَأُ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّك الْأَعْلَى وَالثَّانِيَةُ قُلْ يا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَالثَّالِثَةُ نَقْرَأُ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وقل هو اللَّهُ أَحَدٌ وَأَمَّا نَحْنُ فَنَقُولُ يَقْرَأُ فيها بقل هو اللَّهُ أَحَدٌ وقل أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وقل أَعُوذُ بِرَبِّ الناس وَيَفْصِلُ بين الرَّكْعَتَيْنِ وَالرَّكْعَةِ بِالتَّسْلِيمِ وَمِنْهَا في اخْتِلَافِ الحديث في بَابِ الْوِتْرِ (1)
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وقد سَمِعْت أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أَوْتَرَ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَآخِرَهُ في حَدِيثٍ يَثْبُتُ مِثْلُهُ وَحَدِيثٍ دُونَهُ وَذَلِكَ فِيمَا وَصَفْت من الْمُبَاحِ له أَنْ يُوتِرَ في اللَّيْلِ كُلِّهِ وَنَحْنُ نُبِيحُ له في الْمَكْتُوبَةِ أَنْ يصلى في أَوَّلِ الْوَقْتِ وَآخِرِهِ وَهَذَا في الْوِتْرِ أَوْسَعُ منه
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا سُفْيَانُ قال أخبرنا أبو يَعْفُورٍ عن مُسْلِمٍ عن مَسْرُوقٍ عن عَائِشَةَ قالت من ك
(1/141)
________________________________________
اللَّيْلِ قد أَوْتَرَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَانْتَهَى وِتْرُهُ إلَى السَّحَرِ وفي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيِّ في بَابِ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ (1)
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) التَّطَوُّعُ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا صَلَاةُ جَمَاعَةٍ مُؤَكَّدَةٍ فَلَا أُجِيزُ تَرْكَهَا لِمَنْ قَدَرَ عليها وَهِيَ صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ وَخُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَصَلَاةُ مُنْفَرِدٍ وَبَعْضُهَا أَوْكَدُ من بَعْضٍ فأكد من ذلك الْوِتْرُ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ صَلَاةُ التَّهَجُّدِ ثُمَّ رَكْعَتَا الْفَجْرِ قال وَلَا أُرَخِّصُ لِمُسْلِمٍ في تَرْكِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَإِنْ لم أَوْجَبَهُمَا وَمَنْ تَرَكَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا أَسْوَأُ حَالًا مِمَّنْ تَرَكَ جَمِيعَ النَّوَافِلِ فَأَمَّا قِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَصَلَاةُ الْمُنْفَرِدِ أَحَبُّ إلى منه وَرَأَيْتهمْ بِالْمَدِينَةِ يَقُومُونَ بِتِسْعٍ وَثَلَاثِينَ وَأَحَبُّ إلى عِشْرُونَ لِأَنَّهُ روى عن عُمَرَ وَكَذَلِكَ يَقُومُونَ بِمَكَّةَ وَيُوتِرُونَ بِثَلَاثٍ ( قال الْمُزَنِيّ ) وَلَا أَعْلَم
(1/142)
________________________________________
الشَّافِعِيَّ ذَكَرَ مَوْضِعَ الْقُنُوتِ من الْوِتْرِ وَيُشْبِهُ قَوْلَهُ بَعْدَ الرُّكُوعِ كما قال في قُنُوتِ الصُّبْحِ وَلَمَّا كان قَوْلُ من رَفَعَ رَأْسَهُ بَعْدَ الرُّكُوعِ سمع اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وهو دُعَاءٌ كان هذا الْمَوْضِعُ لِلْقُنُوتِ الذي هو دُعَاءٌ أَشْبَهَ وَلِأَنَّ من قال يَقْنُتُ قبل الرُّكُوعِ يَأْمُرُهُ يُكَبِّرُ قَائِمًا ثُمَّ يَدْعُو وَإِنَّمَا حُكْمُ من يُكَبِّرُ بَعْدَ الْقِيَامِ إنَّمَا هو لِلرُّكُوعِ فَهَذِهِ تَكْبِيرَةٌ زَائِدَةٌ في الصَّلَاةِ لم تَثْبُتْ بِأَصْلٍ وَلَا قِيَاسٍ وفي كِتَابِ اخْتِلَافِ عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ بن مَسْعُودٍ
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال قال هُشَيْمٌ عن عَطَاءِ بن السَّائِبِ إنَّ عَلِيًّا كان يَقْنُتُ في الْوِتْرِ بَعْدَ الرُّكُوعِ وَهُمْ لَا يَأْخُذُونَ بهذا يَقُولُونَ يَقْنُتُ قبل الرُّكُوعِ وَإِنْ لم يَقْنُتْ قبل الرُّكُوعِ لم يَقْنُتْ بَعْدَهُ وَعَلَيْهِ سَجْدَتَا السَّهْوِ (1)
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَآخِرُ اللَّيْلِ أَحَبُّ إلى من أَوَّلِهِ وأن جزء ( ( ( جزأ ) ) ) اللَّيْلَ أَثْلَاثًا فَالْأَوْسَطُ أَحَبُّ إلى أَنْ يَقُومَهُ فَإِنْ فَاتَهُ الْوِتْرُ حتى يصلى الصُّبْحَ لم يَقْضِ قال بن مَسْعُودٍ الْوِتْرُ ما بين الْعِشَاءِ وَالْفَجْرِ وَإِنْ فَاتَتْ رَكْعَتَا الْفَجْرِ حتى تُقَامَ الظُّهْرُ لم يَقْضِ لِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قال إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَّا الْمَكْتُوبَةُ وفي اخْتِلَافِ عَلِيٍّ وبن مَسْعُودٍ رضي اللَّهُ عنهما
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا بن عُلَيَّةَ عن أبي هَارُونَ الْغَنَوِيِّ عن خَطَّابِ بن عبد اللَّهِ قال قال عَلِيٌّ رضي اللَّهُ عنه الْوِتْرُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ فَمَنْ شَاءَ أَنْ يُوتِرَ أَوَّلَ اللَّيْلِ أَوْتَرَ ثُمَّ إنْ اسْتَيْقَظَ فَشَاءَ أَنْ يَشْفَعَهَا بِرَكْعَةٍ ويصلى رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حتى يُصْبِحَ وَإِنْ شَاءَ أَوْتَرَ آخِرَ اللَّيْلِ وَهُم
(1/143)
________________________________________
يَكْرَهُونَ أَنْ يَنْقُضَ الرَّجُلُ وِتْرَهُ وَيَقُولُونَ إذَا أَوْتَرَ صلى مَثْنَى مَثْنَى
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال يَزِيدُ بن هَارُونَ عن حَمَّادٍ عن عَاصِمٍ عن أبي عبد الرحمن أَنَّ عَلِيًّا رضي اللَّهُ عنه حين ثَوَّبَ الْمُؤَذِّنُ فقال أَيْنَ السَّائِلُ عن الْوِتْرِ نعم سَاعَةُ الْوِتْرِ هذه ثُمَّ قَرَأَ { وَاللَّيْلِ إذَا عَسْعَسَ وَالصُّبْحِ إذَا تَنَفَّسَ } وَهُمْ لَا يَأْخُذُونَ بهذا وَيَقُولُونَ لَيْسَتْ هذه من سَاعَاتِ الْوِتْرِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) هُشَيْمٌ عن حُصَيْنٍ قال حدثنا بن ظَبْيَانَ قال كان عَلِيٌّ رضي اللَّهُ عنه يَخْرُجُ إلَيْنَا وَنَحْنُ نَنْظُرُ إلَى تَبَاشِيرِ الصُّبْحِ فيقول الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ فإذا قام الناس قال نعم سَاعَةُ الْوِتْرِ هذه فإذا طَلَعَ الْفَجْرُ صلى رَكْعَتَيْنِ فَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ وفي الْبُوَيْطِيِّ يَقْرَأُ في رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ قُلْ يا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وقل هو اللَّهُ أَحَدٌ أَحَبُّ إلى وَإِنْ قَرَأَ غير
____________________
(1/144)
________________________________________
هذا مع أُمِّ الْقُرْآنِ أَجُزْأَهُ وَفِيهِ في آخِرِ تَرْجَمَةِ طَهَارَةِ الْأَرْضِ وَمَنْ دخل مَسْجِدًا فَلْيَرْكَعْ فيه قبل أَنْ يَجْلِسَ فإن
____________________
(1/145)
________________________________________
رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَمَرَ بِذَلِكَ وقال تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ رَكْعَتَانِ
____________________
(1/146)