Sabtu, 12 Maret 2016

Kitab Al-umm 1.5

Kitab Al-Umm Imam Syafi'i 1.5



أَوْكَدُ من بَعْضِ الْوِتْرِ وهو يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ صَلَاةَ التَّهَجُّدِ ثُمَّ رَكْعَتَا الْفَجْرِ وَلَا أُرَخِّصُ لِمُسْلِمٍ في تَرْكِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنْ لم أُوجِبْهُمَا عليه وَمَنْ تَرَكَ صَلَاةً وَاحِدَةً مِنْهُمَا كان أَسْوَأَ حَالًا مِمَّنْ تَرَكَ جَمِيعَ النَّوَافِلِ في اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ - * عَدَدُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الِاسْتِئْذَانَ فقال في سِيَاقِ الْآيَةِ { وإذا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمْ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا } وقال عز وجل { وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حتى إذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ منهم رُشْدًا فَادْفَعُوا إلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ } ولم يذكر الرُّشْدَ الذي يَسْتَوْجِبُونَ بِهِ أَنْ تُدْفَعَ إلَيْهِمْ أَمْوَالُهُمْ إلَّا بَعْدَ بُلُوغِ النِّكَاحِ وَفَرَضَ اللَّهُ عز وجل الْجِهَادَ فَأَبَانَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِهِ على من اسْتَكْمَلَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً بِأَنْ أَجَازَ بن عُمَرَ عَامَ الْخَنْدَقِ بن خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَرَدَّهُ عَامَ أُحُدٍ بن أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً فإذا بَلَغَ الْغُلَامُ الْحُلُمَ وَالْجَارِيَةُ الْمَحِيضَ غير مَغْلُوبِينَ على عُقُولِهِمَا أَوْجَبْت عَلَيْهِمَا الصَّلَاةَ وَالْفَرَائِضَ كُلَّهَا وَإِنْ كَانَا ابْنَيْ أَقَلَّ من خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَجَبَتْ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَأَمَرَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالصَّلَاةِ إذَا عَقَلَهَا فإذا لم يَعْقِلَا لم يَكُونَا كَمَنْ تَرَكَهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ وَأُؤَدِّبُهُمَا على تَرْكِهَا أَدَبًا خَفِيفًا وَمَنْ غُلِبَ على عَقْلِهِ بِعَارِضِ مَرَضٍ أَيِّ مَرَضٍ كان ارْتَفَعَ عنه الْفَرْضُ في قَوْلِ اللَّهِ عز وجل { وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبَابِ } وَقَوْلِهِ { إنَّمَا يَتَذَكَّرُ أولوا ( ( ( أولو ) ) ) الْأَلْبَابِ } وَإِنْ كان مَعْقُولًا لَا يُخَاطَبُ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ إلَّا من عَقَلَهُمَا - * صَلَاةُ السَّكْرَانِ وَالْمَغْلُوبِ على عَقْلِهِ - * قال اللَّهُ تَعَالَى { لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حتى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ } + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يُقَالُ نَزَلَتْ قبل تَحْرِيمِ الْخَمْرِ وَأَيُّمَا كان نُزُولُهَا قبل تَحْرِيمِ الْخَمْرِ أو بَعْدَهُ فَمَنْ صلى سَكْرَانَ لم تَجُزْ صَلَاتُهُ لِنَهْيِ اللَّهِ عز وجل إيَّاهُ عن الصَّلَاةِ حتى يَعْلَمَ ما يقول وَإِنْ مَعْقُولًا أَنَّ الصَّلَاةَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَإِمْسَاكٌ في مَوَاضِعَ مُخْتَلِفَةٍ وَلَا يُؤَدِّي هذا إلَّا من أُمِرَ بِهِ مِمَّنْ عَقَلَهُ وَعَلَيْهِ إذَا صلى سَكْرَانَ أَنْ يُعِيدَ إذَا صَحَا وَلَوْ صلى شَارِبُ مُحَرَّمٍ غَيْرُ سَكْرَانَ كان عَاصِيًا في شُرْبِهِ الْمُحَرَّمَ ولم يَكُنْ عليه إعَادَةُ صَلَاةٍ لِأَنَّهُ مِمَّنْ يَعْقِلُ ما يقول وَالسَّكْرَانُ الذي لَا يَعْقِلُ ما يقول وَأَحَبُّ إلَيَّ لو أَعَادَ وَأَقَلُّ السُّكْرِ أَنْ يَكُونَ يَغْلِبُ على عَقْلِهِ في بَعْضِ ما لم يَكُنْ يَغْلِبُ عليه قبل الشُّرْبِ وَمَنْ غَلَبَ على عَقْلِهِ بِوَسَنٍ ثَقِيلٍ فَصَلَّى وهو لَا يَعْقِلُ أَعَادَ الصَّلَاةَ إذَا عَقَلَ وَذَهَبَ عنه الْوَسَنُ وَمَنْ شَرِبَ شيئا لِيَذْهَبَ عَقْلُهُ كان عَاصِيًا بِالشُّرْبِ ولم تُجْزِ عنه صَلَاتُهُ وَعَلَيْهِ وَعَلَى السَّكْرَانِ إذَا أَفَاقَا قَضَاءُ كل صَلَاةٍ صَلَّيَاهَا وَعُقُولُهُمَا ذَاهِبَةٌ وَسَوَاءٌ شَرِبَا نَبِيذًا لَا يَرَيَانِهِ يُسْكِرُ أو نَبِيذًا يَرَيَانِهِ يُسْكِرُ فِيمَا وَصَفْت من الصَّلَاةِ وَإِنْ افْتَتَحَا الصَّلَاةَ يَعْقِلَانِ فلم يُسَلِّمَا من الصَّلَاةِ حتى يَغْلِبَا على عُقُولِهِمَا أَعَادَا الصَّلَاةَ لِأَنَّ ما أَفْسَدَ أَوَّلَهَا أَفْسَدَ آخِرَهَا وَكَذَلِكَ إنْ كَبَّرَا ذَاهِبَيْ الْعَقْلِ ثُمَّ أَفَاقَا قبل أَنْ يَفْتَرِقَا فَصَلَّيَا جَمِيعَ الصَّلَاةِ إلَّا التَّكْبِيرَ مُفِيقِينَ كانت عَلَيْهِمَا الْإِعَادَةُ لِأَنَّهُمَا دَخَلَا الصَّلَاةَ وَهُمَا لَا يَعْقِلَانِ وَأَقَلُّ ذَهَابِ الْعَقْلِ الذي يُوجِبُ إعَادَةَ الصَّلَاةِ أَنْ يَكُونَ مُخْتَلِطًا يَعْزُبُ عَقْلُهُ في شَيْءٍ وَإِنْ قَلَّ وَيَثُوبُ - * الْغَلَبَةُ على الْعَقْلِ - * في غَيْرِ الْمَعْصِيَةِ أخبرنا الرَّبِيعُ قال قال الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وإذا غُلِبَ الرَّجُلُ على عَقْلِهِ بِعَارِضِ جِنٍّ أو عَتَهٍ أو مَرَضٍ ما كان الْمَرَضُ ارْتَفَعَ عنه فَرْضُ الصَّلَاةِ ما كان الْمَرَضُ بِذَهَابِ الْعَقْلِ عليه قَائِمًا لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عن الصَّلَاةِ حتى يَعْقِلَ ما يقول وهو مِمَّنْ لَا يَعْقِلُ وَمَغْلُوبٌ بِأَمْرٍ لَا ذَنْبَ له فيه بَلْ يُؤْجَرُ عليه وَيُكَفَّرُ عنه بِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى إلَّا أَنْ يُفِيقَ في وَقْتٍ فَيُصَلِّي صَلَاةَ الْوَقْتِ وَهَكَذَا إنْ شَرِبَ دَوَاءً فيه بَعْضُ السَّمُومِ وَإِلَّا غَلَبَ منه أَنَّ السَّلَامَةَ تَكُونُ منه لم يَكُنْ عَاصِيًا بِشُرْبِهِ لِأَنَّهُ لم يَشْرَبْهُ على ضُرِّ نَفْسِهِ وَلَا إذْهَابِ عَقْلِهِ وَإِنْ ذَهَبَ وَلَوْ احْتَاطَ فَصَلَّى كان أَحَبَّ إلَيَّ لِأَنَّهُ قد شَرِبَ شيئا فيه سُمٌّ وَلَوْ كان مُبَاحًا وَلَوْ أَكَلَ أو شَرِبَ حَلَالًا فَخَبَلَ عَقْلُهُ أو وَثَبَ وَثْبَةً فَانْقَلَبَ دِمَاغُهُ أو تَدَلَّى على شَيْءٍ فَانْقَلَبَ دِمَاغُهُ فَخَبَلَ عَقْلُهُ إذَا لم يُرِدْ بِشَيْءٍ مِمَّا صَنَعَ ذَهَابَ عَقْلِهِ لم يَكُنْ عليه إعَادَةُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا لَا يَعْقِلُ أو تَرَكَهَا بِذَهَابِ الْعَقْلِ فَإِنْ وَثَبَ في غَيْرِ مَنْفَعَةٍ أو تَنَكَّسَ لِيُذْهِبَ عَقْلَهُ فَذَهَبَ كان عَاصِيًا وكان عليه إذَا ثَابَ عَقْلُهُ إعَادَةُ كل ما صلى ذَاهِبَ الْعَقْلِ أو تَرَكَ من الصَّلَاةِ وإذا جَعَلْتُهُ عَاصِيًا بِمَا عَمَدَ من إذْهَابِ عَقْلِهِ أو إتْلَافِ نَفْسِهِ جَعَلَتْ عليه إعَادَةَ ما صلى ذَاهِبَ الْعَقْلِ أو تَرَكَ من الصَّلَوَاتِ وإذا لم أَجْعَلْهُ عَاصِيًا بِمَا صَنَعَ لم تَكُنْ عليه إعَادَةٌ إلَّا أَنْ يُفِيقَ في وَقْتٍ بِحَالٍ وإذا أَفَاقَ الْمُغْمَى عليه وقد بَقِيَ عليه من النَّهَارِ قَدْرُ ما يُكَبِّرُ فيه تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً أَعَادَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ ولم يُعِدْ ما قَبْلَهُمَا لَا صُبْحًا وَلَا مَغْرِبًا وَلَا عِشَاءً وإذا أَفَاقَ وقد بَقِيَ عليه من اللَّيْلِ قبل أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ قَدْرُ تَكْبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ قَضَى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وإذا أَفَاقَ الرَّجُلُ قبل أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ بِقَدْرِ تَكْبِيرَةٍ قَضَى الصُّبْحَ وإذا طَلَعَتْ الشَّمْسُ لم يَقْضِهَا وَإِنَّمَا قُلْت هذا لِأَنَّ هذا وَقْتٌ في حَالِ عُذْرٍ جَمَعَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بين الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ في السَّفَرِ في وَقْتِ الظُّهْرِ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ في وَقْتِ الْعِشَاءِ فلما جَعَلَ الْأُولَى مِنْهُمَا وَقْتًا لِلْآخِرَةِ في حَالٍ وَالْآخِرَةَ وَقْتًا لِلْأُولَى في حَالٍ كان وَقْتُ إحْدَاهُمَا وَقْتًا لِلْأُخْرَى في حَالٍ وكان ذَهَابُ الْعَقْلِ عُذْرًا وَبِالْإِفَاقَةِ عليه أَنْ يُصَلِّيَ الْعَصْرَ وَأَمَرْته أَنْ يَقْضِيَ لِأَنَّهُ قد أَفَاقَ في وَقْتٍ بِحَالٍ وَكَذَلِكَ آمُرُ الْحَائِضَ وَالرَّجُلَ يُسَلِّمُ كما آمُرُ الْمُغْمَى عليه من أَمَرْته بِالْقَضَاءِ فَلَا يَجْزِيهِ إلَّا أَنْ يَقْضِيَ أخبرنا سُفْيَانُ عن الزُّهْرِيِّ عن سَالِمٍ عن بن عُمَرَ قال كان النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم إذَا عَجَّلَ في الْمَسِيرِ جَمَعَ بين الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ - * صَلَاةُ الْمُرْتَدِّ - * قال الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا ارْتَدَّ الرَّجُلُ عن الْإِسْلَامِ ثُمَّ أَسْلَمَ كان عليه قَضَاءُ كل صَلَاةٍ تَرَكَهَا في رِدَّتِهِ وَكُلِّ زَكَاةٍ وَجَبَتْ عليه فيها فَإِنْ غُلِبَ على عَقْلِهِ في رِدَّتِهِ لِمَرَضٍ أو غَيْرِهِ قَضَى الصَّلَاةَ في أَيَّامِ غَلَبَتِهِ على عَقْلِهِ كما يَقْضِيهَا في أَيَّامِ عَقْلِهِ فَإِنْ قِيلَ فَلِمَ لم تَجْعَلْهُ قِيَاسًا على الْمُشْرِكِ يُسْلِمُ فَلَا تَأْمُرُهُ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ قِيلَ فَرَّقَ اللَّهُ عز وجل بَيْنَهُمَا فقال قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لهم ما قد سَلَفَ وَأَسْلَمَ رِجَالٌ فلم يَأْمُرْهُمْ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِقَضَاءِ صَلَاةٍ وَمَنَّ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم على الْمُشْرِكِينَ وَحَرَّمَ اللَّهُ دِمَاءَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَمَنَعَ أَمْوَالَهُمْ بِإِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ ولم يَكُنْ الْمُرْتَدُّ في هذه الْمَعَانِي بَلْ أَحْبَطَ اللَّهُ تَعَالَى عَمَلَهُ بِالرِّدَّةِ وَأَبَانَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّ عليه الْقَتْلَ إنْ لم يَتُبْ بِمَا
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَحْكَمَ اللَّهُ تَعَالَى فَرْضَ الصَّلَاةِ في كِتَابِهِ فَبَيَّنَ على لِسَانِ نَبِيِّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم عَدَدَهَا وما على الْمَرْءِ أَنْ يأتى بِهِ وَيَكُفَّ عنه فيها وكان نَقْلُ عَدَدِ كل وَاحِدَةِ منها مِمَّا نَقَلَهُ الْعَامَّةُ عن الْعَامَّةِ ولم يُحْتَجْ فيه إلي خَبَرِ الْخَاصَّةِ وَإِنْ كانت الْخَاصَّةُ قد نَقَلَتْهَا لَا تَخْتَلِفُ هِيَ من وُجُوهٍ هِيَ مُبَيَّنَةٌ في أَبْوَابِهَا فَنَقَلُوا الظُّهْرَ أَرْبَعًا لَا يُجْهَرُ فيها بِشَيْءٍ من الْقِرَاءَةِ وَالْعَصْرَ أَرْبَعًا لَا يُجْهَرُ فيها بِشَيْءٍ من الْقِرَاءَةِ وَالْمَغْرِبَ ثَلَاثًا يُجْهَرُ في رَكْعَتَيْنِ منها بِالْقِرَاءَةِ وَيُخَافَتُ في الثَّالِثَةِ وَالْعِشَاءَ أَرْبَعًا يُجْهَرُ في رَكْعَتَيْنِ منها بِالْقِرَاءَةِ وَيُخَافَتُ في اثْنَتَيْنِ وَالصُّبْحَ رَكْعَتَيْنِ يُجْهَرُ فِيهِمَا مَعًا بِالْقِرَاءَةِ ( قال ) وَنَقَلَ الْخَاصَّةُ ما ذَكَرْت من عَدَدِ الصَّلَوَاتِ وَغَيْرِهِ مُفَرَّقًا في مَوَاضِعِهِ - * فِيمَنْ تَجِبُ عليه الصَّلَاةُ - *
(1/69)
________________________________________
تَقَدَّمَ له من حُكْمِ الْإِيمَانِ وكان مَالُ الْكَافِرِ غَيْرِ الْمُعَاهَدِ مَغْنُومًا بِحَالٍ وَمَالُ الْمُرْتَدِّ مَوْقُوفًا لِيُغْنَمَ إنْ مَاتَ على الرِّدَّةِ أو يَكُونَ على مِلْكِهِ إنْ تَابَ وَمَالُ الْمُعَاهَدِ له عَاشَ أو مَاتَ فلم يَجُزْ إلَّا أَنْ يقضى الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ وَالزَّكَاةَ وَكُلَّ ما كان يَلْزَمُ مُسْلِمًا لِأَنَّهُ كان عليه أَنْ يَفْعَلَ فلم تَكُنْ مَعْصِيَتُهُ بِالرِّدَّةِ تُخَفِّفُ عنه فَرْضًا كان عليه فَإِنْ قِيلَ فَكَيْفَ يقضى وهو لو صلى في تِلْكَ الْحَالِ لم يُقْبَلْ عَمَلُهُ قِيلَ لِأَنَّهُ لو صلى في تِلْكَ الْحَالِ صلى على غَيْرِ ما أُمِرَ بِهِ فَكَانَتْ عليه الْإِعَادَةُ إذَا أَسْلَمَ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لو صلى قبل الْوَقْتِ وهو مُسْلِمٌ أَعَادَ وَالْمُرْتَدُّ صلى قبل الْوَقْتِ الذي تَكُونُ الصَّلَاةُ مَكْتُوبَةً له فيه لِأَنَّ اللَّهَ عز وجل قد أَحْبَطَ عَمَلُهُ بِالرِّدَّةِ وَإِنْ قِيلَ ما أُحْبِطَ من عَمَلِهِ قِيلَ أَجْرُ عَمَلِهِ لَا أَنَّ عليه أَنْ يُعِيدَ فَرْضًا أَدَّاهُ من صَلَاةٍ وَلَا صَوْمٍ وَلَا غَيْرِهِ قبل أَنْ يَرْتَدَّ لِأَنَّهُ أَدَّاهُ مُسْلِمًا فَإِنْ قِيلَ وما يُشْبِهُ هذا قِيلَ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لو أَدَّى زَكَاةً كانت عليه أو نَذَرَ نَذْرًا لم يَكُنْ عليه إذَا أُحْبِطَ أَجْرُهُ فيها أَنْ يَبْطُلَ فَيَكُونُ كما لم يَكُنْ أو لَا تَرَى أَنَّهُ لو أُخِذَ منه حَدًّا أو قِصَاصًا ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ لم يَعُدْ عليه وكان هذا فَرْضًا عليه وَلَوْ حَبِطَ بهذا الْمَعْنَى فَرْضٌ منه حَبِطَ كُلُّهُ - * جِمَاعُ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَبِهَذَا نَأْخُذُ وَهَذِهِ الْمَوَاقِيتُ في الْحَضَرِ فَاحْتَمَلَ ما وَصَفْته من الْمَوَاقِيتِ أَنْ يَكُونَ لِلْحَاضِرِ وَالْمُسَافِرِ في الْعُذْرِ وَغَيْرِهِ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ لِمَنْ كان في الْمَعْنَى الذي صلى فيه جِبْرِيلُ بِالنَّبِيِّ صلى اللَّهُ عليه وسلم في الْحَضَرِ وفي غَيْرِ عُذْرٍ فَجَمَعَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ غير خَائِفٍ فَذَهَبْنَا إلَى أَنَّ ذلك في مَطَرٍ وَجَمَعَ مُسَافِرًا فَدَلَّ ذلك على أَنَّ تَفْرِيقَ الصَّلَوَاتِ كُلَّ صَلَاةٍ في وَقْتِهَا إنَّمَا هو على الْحَاضِرِ في غَيْرِ مَطَرٍ فَلَا يُجْزِئُ حَاضِرًا في غَيْرِ مَطَرٍ أَنْ يصلى صَلَاةً إلَّا في وَقْتِهَا وَلَا يَضُمَّ إلَيْهَا غَيْرَهَا إلَّا أَنْ يَنْسَى فَيَذْكُرَ في وَقْتِ إحْدَاهُمَا أو يَنَامَ فَيُصَلِّيهَا حِينَئِذٍ قَضَاءً وَلَا يَخْرُجُ أَحَدٌ كان له الْجَمْعُ بين الصَّلَاتَيْنِ من آخِرِ وَقْتِ الْآخِرَةِ مِنْهُمَا وَلَا يُقَدِّمُ وَقْتَ الْأُولَى مِنْهُمَا وَالْوَقْتُ حَدٌّ لَا يُجَاوَزُ وَلَا يُقَدَّمُ وَلَا تُؤَخَّرُ صَلَاةُ الْعِشَاءِ عن الثُّلُثِ الْأَوَّلِ في مَصْرٍ وَلَا غَيْرِهِ حَضَرٍ وَلَا سَفَرٍ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَحْكَمَ اللَّهُ عز وجل كِتَابَهُ أَنَّ فَرْضَ الصَّلَاةِ مَوْقُوتٌ وَالْمَوْقُوتُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الْوَقْتُ الذي يصلى فيه وَعَدَدُهَا فقال عز وجل { إنَّ الصَّلَاةَ كانت على الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا } وقد ذَكَرْنَا نَقْلَ الْعَامَّةِ عَدَدَ الصَّلَاةِ في مَوَاضِعِهَا وَنَحْنُ ذَاكِرُونَ الْوَقْتَ
أخبرنا سُفْيَانُ عن الزُّهْرِيِّ قال أَخَّرَ عُمَرُ بن عبد الْعَزِيزِ الصَّلَاةَ فقال له عُرْوَةُ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال نَزَلَ جِبْرِيلُ فَأَمَّنِي فَصَلَّيْت معه ثُمَّ نَزَلَ فَأَمَّنِي فَصَلَّيْت معه ثُمَّ نَزَلَ فَأَمَّنِي فَصَلَّيْت معه حتى عَدَّ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ فقال عُمَرُ بن عبد الْعَزِيزِ اتَّقِ اللَّهَ يا عُرْوَةُ وَانْظُرْ ما تَقُولُ فقال عُرْوَةُ أَخْبَرَنِيهِ بَشِيرُ بن أبي مَسْعُودٍ عن أبيه عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم
أخبرنا عَمْرُو بن أبي سَلَمَةَ عن عبد الْعَزِيزِ بن مُحَمَّدٍ عن عبد الرحمن بن الحرث عن حَكِيمِ بن حَكِيمٍ عن نَافِعِ بن جُبَيْرٍ عن بن عَبَّاسٍ رضي اللَّهُ عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال أَمَّنِي جِبْرِيلُ عِنْدَ بَابِ الْكَعْبَةِ مَرَّتَيْنِ فَصَلَّى الظُّهْرَ حين كان الْفَيْءُ مِثْلَ الشِّرَاكِ ثُمَّ صلى الْعَصْرَ حين كان كُلُّ شَيْءٍ بِقَدْرِ ظِلِّهِ وَصَلَّى الْمَغْرِبَ حين أَفْطَرَ الصَّائِمُ ثُمَّ صلى الْعِشَاءَ حين غَابَ الشَّفَقُ ثُمَّ صلى الصُّبْحَ حين حَرُمَ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ على الصَّائِمِ ثُمَّ صلى الْمَرَّةَ الْآخِرَةَ الظُّهْرَ حين كان كُلُّ شَيْءٍ قَدْرَ ظِلِّهِ قَدْرَ الْعَصْرِ بِالْأَمْسِ ثُمَّ صلى الْعَصْرَ حين كان ظِلُّ كل شَيْءٍ مِثْلَيْهِ ثُمَّ صلى الْمَغْرِبَ الْقَدْرَ الْأَوَّلَ لم يُؤَخِّرْهَا ثُمَّ صلى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ حين ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ ثُمَّ صلى الصُّبْحَ حين أَسْفَرَ ثُمَّ الْتَفَتَ فقال يا محمد هذا وَقْتُ الْأَنْبِيَاءِ من قَبْلِكَ وَالْوَقْتُ فِيمَا بين هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ
(1/71)
________________________________________
- * وَقْتُ الظُّهْرِ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ كان الْغَيْمُ مُطْبِقًا رَاعَى الشَّمْسَ وَاحْتَاطَ بِتَأْخِيرِهَا ما بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَخَافَ دُخُولَ وَقْتِ الْعَصْرِ فإذا تَوَخَّى فَصَلَّى على الْأَغْلَبِ عِنْدَهُ فَصَلَاتُهُ مُجْزِئَةٌ عنه وَذَلِكَ أَنَّ مُدَّةَ وَقْتِهَا مُتَطَاوِلٌ حتى يَكَادَ يُحِيطُ إذَا احْتَاطَ بِأَنْ قد زَالَتْ وَلَيْسَتْ كَالْقِبْلَةِ التي لَا مُدَّةَ لها إنَّمَا عليها دَلِيلٌ لَا مُدَّةٌ وَعَلَى هذا الْوَقْتِ دَلِيلٌ من مُدَّةٍ وَمَوْضِعٍ وَظِلٍّ فإذا كان هَكَذَا فَلَا إعَادَةَ عليه حتى يَعْلَمَ أَنْ قد صلى قبل الزَّوَالِ فإذا عَلِمَ ذلك أَعَادَ وَهَكَذَا إنْ تَوَخَّى بِلَا غَيْمٍ ( قال ) وَعِلْمُهُ بِنَفْسِهِ وأخبار غَيْرِهِ مِمَّنْ يُصَدِّقُهُ أَنَّهُ صلى قبل الزَّوَالِ إذَا لم يَرَ هو أو هُمْ يَلْزَمُهُ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ فَإِنْ كَذَّبَ من أَعْلَمَهُ أَنَّهُ صلى قبل الزَّوَالِ لم يَكُنْ عليه إعَادَةٌ وَالِاحْتِيَاطُ له أَنْ يُعِيدَ وإذا كان أَعْمَى وَسِعَهُ خَبَرُ من يُصَدِّقُ خَبَرَهُ في الْوَقْتِ وَالِاقْتِدَاءُ بِالْمُؤَذِّنِينَ فيه وَإِنْ كان مَحْبُوسًا في مَوْضِعٍ مُظْلِمٍ أو كان أَعْمَى ليس قُرْبَهُ أَحَدٌ تَوَخَّى وَأَجْزَأَتْ صَلَاتُهُ حتى يَسْتَيْقِنَ أَنَّهُ صلى قبل الْوَقْتِ وَالْوَقْتُ يُخَالِفُ الْقِبْلَةَ لِأَنَّ في الْوَقْتِ مُدَّةً فَجُعِلَ مُرُورُهَا كَالدَّلِيلِ وَلَيْسَ ذلك في الْقِبْلَةِ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ صلى بَعْدَ الْوَقْتِ أَجْزَأَهُ وكان أَقَلُّ أَمْرِهِ أَنْ يَكُونَ قَضَاءً + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا كان كما وَصَفْت مَحْبُوسًا في ظُلْمَةٍ أو أَعْمَى ليس قُرْبَهُ أَحَدٌ لم يَسَعْهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا بِلَا تَأَخٍّ على الْأَغْلَبِ عِنْدَهُ من مُرُورِ الْوَقْتِ من نَهَارٍ وَلَيْلٍ وَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهُ تَأَخَّى بِهِ وَإِنْ صلى على غَيْرِ تَأَخٍّ أَعَادَ كُلَّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا على غَيْرِ تَأَخٍّ وَلَا يَفُوتُ الظُّهْرُ حتى يُجَاوِزَ ظِلُّ كل شَيْءٍ مثله فإذا جَاوَزَهُ فَهُوَ فَائِتٌ وَذَلِكَ أَنَّ من أَخَّرَهَا إلَى هذا الْوَقْتِ جَمَعَ أَمْرَيْنِ تَأْخِيرَهَا عن الْوَقْتِ الْمَقْصُودِ وَحُلُولَ وَقْتِ غَيْرِهَا - * تَعْجِيلُ الظُّهْرِ وَتَأْخِيرُهَا - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَتَعْجِيلُ الْحَاضِرِ الظُّهْرَ إمَامًا وَمُنْفَرِدًا في كل وَقْتٍ إلَّا في شِدَّةِ الْحَرِّ فإذا اشْتَدَّ الْحَرُّ أَخَّرَ إمَامُ الْجَمَاعَةِ الذي يَنْتَابُ من الْبُعْدِ الظُّهْرَ حتى يَبْرُدَ بِالْخَبَرِ عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم
أخبرنا سُفْيَانُ عن الزُّهْرِيِّ عن سَعِيدِ بن الْمُسَيِّبِ عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال إذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ فإن شِدَّةَ الْحَرِّ من فَيْحِ جَهَنَّمَ وقد اشْتَكَتْ النَّارُ إلَى رَبِّهَا فقالت رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا فإذن لها بِنَفَسَيْنِ نَفَسٍ في الشِّتَاءِ وَنَفْسٍ في الصَّيْفِ فَأَشَدُّ ما تَجِدُونَ من الْحَرِّ من حَرِّهَا وَأَشَدُّ ما تَجِدُونَ من الْبَرْدِ من زَمْهَرِيرِهَا
أخبرنا مَالِكٌ عن أبي الزِّنَادِ عن الْأَعْرَجِ عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال إذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا عن الصَّلَاةِ فإن شِدَّةَ الْحَرِّ من فَيْحِ جَهَنَّمَ
أخبرنا الثِّقَةُ يحيى بن حَسَّانَ عن اللَّيْثِ بن سَعْدٍ عن بن شِهَابٍ عن سَعِيدِ بن الْمُسَيِّبِ وأبى سَلَمَةَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَوَّلُ وَقْتِ الظُّهْرِ إذَا اسْتَيْقَنَ الرَّجُلُ بِزَوَالِ الشَّمْسِ عن وَسَطِ الْفَلَكِ وَظِلُّ الشَّمْسِ في الصَّيْفِ يَتَقَلَّصُ حتى لَا يَكُونَ لِشَيْءٍ قَائِمٍ مُعْتَدِلٍ نِصْفَ النَّهَارِ ظِلٌّ بِحَالٍ وإذا كان ذلك فَسَقَطَ لِلْقَائِمِ ظِلٌّ ما كان الظِّلُّ فَقَدْ زَالَتْ الشَّمْسُ وَآخِرُ وَقْتِهَا في هذا الْحِينِ إذَا صَارَ ظِلُّ كل شَيْءٍ مثله فإذا جَاوَزَ ظِلُّ كل شَيْءٍ مثله بِشَيْءٍ ما كان فَقَدْ خَرَجَ وَقْتُهَا وَدَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ لَا فَصْلَ بَيْنَهُمَا إلَّا ما وَصَفْت وَالظِّلُّ في الشِّتَاءِ وَالرَّبِيعِ وَالْخَرِيفِ مُخَالِفٌ له فِيمَا وَصَفْت من الصَّيْفِ وَإِنَّمَا يُعْلَمُ الزَّوَالُ في هذه الْأَوْقَاتِ بِأَنْ يَنْظُرَ إلَى الظِّلِّ وَيَتَفَقَّدَ نُقْصَانَهُ فإنه إذَا تَنَاهَى نُقْصَانُهُ زَادَ فإذا زَادَ بَعْدَ تناهى نُقْصَانِهِ فَذَلِكَ الزَّوَالُ وهو أَوَّلُ وَقْتِ الظُّهْرِ ثُمَّ آخِرُ وَقْتِهَا إذَا عَلِمَ أَنْ قد بَلَغَ الظِّلُّ مع خِلَافِهِ ظِلَّ الصَّيْفِ قَدْرَ ما يَكُونُ ظِلُّ كل شَيْءٍ مثله في الصَّيْفِ وَذَلِكَ أَنْ تَعْلَمَ ما بين زَوَالِ الشَّمْسِ وَأَوَّلُ وَقْتِ الظُّهْرِ أَقَلُّ مِمَّا بين أَوَّلِ وَقْتِ الْعَصْرِ وَاللَّيْلِ فَإِنْ بَرَزَ له منها ما يَدُلُّهُ وَإِلَّا تَوَخَّى حتى يَرَى أَنَّهُ صَلَّاهَا بَعْدَ الْوَقْتِ وَاحْتَاطَ
(1/72)
________________________________________
بن عبد الرحمن عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال إذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ فإن شِدَّةَ الْحَرِّ من فَيْحِ جَهَنَّمَ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا تُؤَخَّرُ في الشِّتَاءِ بِحَالٍ وَكُلَّمَا قُدِّمَتْ كان أَلْيَنَ على من صَلَّاهَا في الشِّتَاءِ وَلَا يُؤَخِّرُهَا إمَامُ جَمَاعَةٍ يَنْتَابُ إلَّا بِبِلَادٍ لها حَرٌّ مُؤْذٍ كَالْحِجَازِ فإذا كانت بِلَادٌ لَا أَذَى لِحَرِّهَا لم يُؤَخِّرْهَا لِأَنَّهُ لَا شِدَّةَ لِحَرِّهَا يُرْفَقُ على أَحَدٍ بِتَنْحِيَةِ الْأَذَى عنه في شُهُودِهَا - * وَقْتُ الْعَصْرِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَوَقْتُ الْعَصْرِ في الصَّيْفِ إذَا جَاوَزَ ظِلُّ كل شَيْءٍ مثله بِشَيْءٍ ما كان وَذَلِكَ حين يَنْفَصِلُ من أخر وَقْتِ الظُّهْرِ وبلغنى عن بَعْضِ أَصْحَابِ بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ قال مَعْنَى ما وَصَفْت وَأَحْسَبُهُ ذَكَرَهُ عن بن عَبَّاسٍ وَأَنَّ بن عَبَّاسٍ أَرَادَ بِهِ صَلَاةَ الْعَصْرِ في آخِرِ وَقْتِ الظُّهْرِ على هذا الْمَعْنَى أَنَّهُ صَلَّاهَا حين كان ظِلُّ كل شَيْءٍ مثله يعنى حين تَمَّ ظِلُّ كل شَيْءٍ مثله ثُمَّ جَاوَزَ ذلك بِأَقَلَّ ما يُجَاوِزُهُ وَحَدِيثُ بن عَبَّاسٍ مُحْتَمِلٌ له وهو قَوْلُ عَامَّةِ من حَفِظْت عنه وإذا كان الزَّمَانُ الذي لَا يَكُونُ الظِّلُّ فيه هَكَذَا قَدْرَ الظِّلِّ ما كان يَنْقُصُ فإذا زَادَ بَعْدَ نُقْصَانِهِ فَذَلِكَ زَوَالُهُ ثُمَّ قَدْرُ ما لو كان الصَّيْفُ بَلَغَ الظِّلَّ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ الْقَائِمِ فإذا جَاوَزَ ذلك قَلِيلًا فَقَدْ دخل أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ وَيُصَلِّي الْعَصْرَ في كل بَلَدٍ وَكُلِّ زَمَانٍ وَإِمَامِ جَمَاعَةِ يَنْتَابُ من بُعْدٍ وَغَيْرِ بُعْدٍ وَمُنْفَرِدٍ في أَوَّلِ وَقْتِهَا لَا أُحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَهَا عنه وإذا كان الْغَيْمُ مُطْلَقًا أو كان مَحْبُوسًا في ظُلْمَةٍ أو أَعْمَى بِبَلَدٍ لَا أَحَدَ معه فيها صَنَعَ ما وَصَفْت يَصْنَعُهُ في الظُّهْرِ لَا يَخْتَلِفُ في شَيْءٍ وَمَنْ أَخَّرَ الْعَصْرَ حتى تَجَاوَزَ ظِلُّ كل شَيْءٍ مِثْلَيْهِ في الصَّيْفِ وَقَدْرَ ذلك في الشِّتَاءِ فَقَدْ فَاتَهُ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ وَلَا يَجُوزُ عليه أَنْ يُقَالَ قد فَاتَهُ وَقْتُ الْعَصْرِ مُطْلَقًا كما جَازَ على الذي أَخَّرَ الظُّهْرَ إلَى أَنْ جَاوَزَ ظِلُّ كل شَيْءٍ مثله مُطْلَقًا لِمَا وَصَفْت من أَنَّهُ تَحِلُّ له صَلَاةُ الْعَصْرِ في ذلك الْوَقْتِ وَهَذَا لَا يَحِلُّ له صَلَاةُ الظُّهْرِ في هذا الْوَقْتِ وَإِنَّمَا قُلْت لَا يَتَبَيَّنُ عليه ما وَصَفْت من أَنَّ
مَالِكًا أخبرنا عن زَيْدِ بن أَسْلَمَ عن عَطَاءِ بن يَسَارٍ وَعَنْ بِشْرِ بن سَعِيدٍ وَعَنْ الْأَعْرَجِ يُحَدِّثُونَهُ عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال من أَدْرَكَ رَكْعَةً من الصُّبْحِ قبل أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً من الْعَصْرِ قبل أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَمَنْ لم يُدْرِكْ رَكْعَةً من الْعَصْرِ قبل غُرُوبِ الشَّمْسِ فَقَدْ فَاتَتْهُ الْعَصْرُ وَالرَّكْعَةُ رَكْعَةٌ بِسَجْدَتَيْنِ وَإِنَّمَا أَحْبَبْت تَقْدِيمَ الْعَصْرِ لِأَنَّ
مُحَمَّدَ بن إسْمَاعِيلَ أخبرنا عن بن أبي ذِئْبٍ عن بن شِهَابٍ عن أَنَسِ بن مَالِكٍ قال كان رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ صَاحِيَةٌ ثُمَّ يَذْهَبُ الذَّاهِبُ إلَى الْعَوَالِي فَيَأْتِيهَا وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ
أخبرنا محمد بن إسْمَاعِيلَ بن أبي فُدَيْكٍ عن بن أبي ذِئْبٍ عن بن شِهَابٍ عن أبي بَكْرِ بن عبد الرحمن بن الحرث بن هِشَامٍ عن نَوْفَلِ بن مُعَاوِيَةَ الدِّيلِيِّ قال قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم من فَاتَهُ الْعَصْرُ فَكَأَنَّمَا وَتَرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ - * وَقْتُ الْمَغْرِبِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا وَقْتَ لِلْمَغْرِبِ إلَّا وَاحِدٌ وَذَلِكَ حين تَجِبُ الشَّمْسُ وَذَلِكَ بَيِّنٌ في حديث إمَامَةِ جِبْرِيلَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وفي غَيْرِهِ
أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ عن مُحَمَّدِ بن عَمْرِو بن عَلْقَمَةَ عن أبي نُعَيْمٍ عن
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا يَبْلُغُ بِتَأْخِيرِهَا آخِرَ وَقْتِهَا فَيُصَلِّيهِمَا جميعا مَعًا وَلَكِنَّ الْإِبْرَادَ ما يَعْلَمُ أَنَّهُ يُصَلِّيهَا مُتَمَهِّلًا وَيَنْصَرِفُ منها قبل آخِرِ وَقْتِهَا لِيَكُونَ بين انْصِرَافِهِ منها وَبَيْنَ آخِرِ وَقْتِهَا فَصْلٌ فَأَمَّا من صَلَّاهَا في بَيْتِهِ أو في جَمَاعَةٍ بِفِنَاءِ بَيْتِهِ لَا يَحْضُرُهَا إلَّا من بِحَضْرَتِهِ فَلْيُصَلِّهَا في أَوَّلِ وَقْتِهَا لِأَنَّهُ لَا أَذَى عليهم في حَرِّهَا
(1/73)
________________________________________
جَابِرٍ قال كنا نصلى الْمَغْرِبَ مع رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ثُمَّ نَخْرُجُ نَتَنَاضَلُ حتى نَبْلُغَ بُيُوتَ بَنِي سَلِمَةَ نَنْظُرُ إلَى مَوَاقِعِ النَّبْلِ من الْإِسْفَارِ
أخبرنا محمد بن إسْمَاعِيلَ عن بن أبي ذِئْبٍ عن سَعِيدِ بن أبي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عن الْقَعْقَاعِ بن حَكِيمٍ قال دَخَلْنَا على جَابِرِ بن عبد اللَّهِ فقال جَابِرٌ كنا نصلى مع النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم ثُمَّ نَنْصَرِفُ فنأتى ( ( ( فتأتي ) ) ) بَنِي سَلَمَةَ فَنُبْصِرُ مَوَاقِعَ النَّبْلِ
أخبرنا محمد بن إسْمَاعِيلَ عن بن أبي ذِئْبٍ عن صَالِحٍ مولى التَّوْأَمَةَ عن زَيْدِ بن خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قال كنا نُصَلِّي مع النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم الْمَغْرِبَ ثُمَّ نَنْصَرِفُ فنأتى السُّوقَ وَلَوْ رمى بِنَبْلٍ لرؤى ( ( ( لرئي ) ) ) مَوَاقِعُهَا (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ قِيلَ تَفُوتُ الْمَغْرِبُ إذَا لم تُصَلَّ في وَقْتِهَا كان وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ أَشْبَهَ بِمَا قال وَيَتَأَخَّاهَا الْمُصَلِّي في الْغَيْمِ وَالْمَحْبُوسُ في الظُّلْمَةِ وَالْأَعْمَى كما وَصَفْت في الظُّهْرِ وَيُؤَخِّرُهَا حتى يَرَى أَنْ قد دخل وَقْتُهَا أو جَاوَزَ دُخُولَهُ - * وَقْتُ الْعِشَاءِ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرنا سُفْيَانُ عن بن أبي لَبِيدٍ عن أبي سَلَمَةَ بن عبد الرحمن عن بن عُمَرَ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال لَا يَغْلِبَنَّكُمْ الْأَعْرَابُ على اسْمِ صَلَاتِكُمْ هِيَ الْعِشَاءُ إلَّا أَنَّهُمْ يُعْتِمُونَ بِالْإِبِلِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَأُحِبُّ أَنْ لَا تُسَمَّى إلَّا الْعِشَاءَ كما سَمَّاهَا رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَأَوَّلُ وَقْتِهَا حين يَغِيبُ الشَّفَقُ وَالشَّفَقُ الْحُمْرَةُ التي في الْمَغْرِبِ فإذا ذَهَبَتْ الْحُمْرَةُ فلم يُرَ منها شَيْءٌ حَلَّ وَقْتُهَا وَمَنْ افْتَتَحَهَا وقد بقى عليه من الْحُمْرَةِ شَيْءٌ أَعَادَهَا وَإِنَّمَا قُلْت الْوَقْتُ في الدُّخُولِ في الصَّلَاةِ فَلَا يَكُونُ لِأَحَدٍ أَنْ يَدْخُلَ في الصَّلَاةِ إلَّا بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا وَإِنْ لم يُعْمَلْ فيها شَيْءٌ إلَّا بَعْدَ الْوَقْتِ وَلَا التَّكْبِيرِ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ هو مَدْخَلُهُ فيها فإذا أَدْخَلَهُ التَّكْبِيرُ فيها قبل الْوَقْتِ أَعَادَهَا وآخر وَقْتَهَا إلَى أَنْ يمضى ثُلُثُ اللَّيْلِ فإذا مَضَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ فَلَا أُرَاهَا إلَّا فَائِتَةً لِأَنَّهُ آخِرُ وَقْتِهَا ولم يَأْتِ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فيها شَيْءٌ يَدُلُّ على أنها لَا تَفُوتُ إلَّا بَعْدَ ذلك الْوَقْتِ ( قال ) والمواقيت ( ( ( المواقيت ) ) ) كُلُّهَا كما وَصَفْت لَا تُقَاسُ وَيَصْنَعُ الْمُتَأَخِّي لها في الْغَيْمِ وفي الْحَبْسِ الْمُظْلِمِ وَالْأَعْمَى ليس معه أَحَدٌ كما وَصَفْته يَصْنَعُهُ في الظُّهْرِ والتأخى في اللَّيْلِ أَخَفُّ من التأخى لِصَلَاةِ النَّهَارِ لِطُولِ الْمُدَّةِ وَشِدَّةِ الظُّلْمَةِ وَبَيَانِ اللَّيْلِ - * وَقْتُ الْفَجْرِ - * قال اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كان مَشْهُودًا } وقال صلى اللَّهُ عليه وسلم من أَدْرَكَ رَكْعَةً من الصُّبْحِ وَالصُّبْحُ الْفَجْرُ فَلَهَا اسْمَانِ الصُّبْحُ وَالْفَجْرُ لَا أُحِبُّ أَنْ تُسَمَّى إلَّا بِأَحَدِهِمَا وإذا بَانَ الْفَجْرُ الْأَخِيرُ مُعْتَرَضًا حَلَّتْ صَلَاةُ الصُّبْحِ وَمَنْ صَلَّاهَا قبل تَبَيُّنِ الْفَجْرِ الْأَخِيرِ مُعْتَرَضًا أَعَادَ وَيُصَلِّيهَا أَوَّلَ ما يَسْتَيْقِنُ الْفَجْرَ مُعْتَرَضًا حتى يَخْرُجَ منها مُغَلِّسًا
( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأَخْبَرَنَا مَالِكُ بن أَنَسٍ عن يحيى بن سَعِيدٍ عن عَمْرَةَ بِنْتِ عبد الرحمن عن عَائِشَةَ قالت إنْ كان رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ليصلى الصُّبْحَ فَتَنْصَرِفُ النِّسَاءُ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ ما يُعْرَفْنَ من الْغَلَسِ وَلَا تَفُوتُ حتى تَطْلُعَ الشَّمْسُ قبل أَنْ يُصَلِّيَ منها رَكْعَةً وَالرَّكْعَةُ رَكْعَةٌ بِسُجُودِهَا فَمَنْ لم يُكْمِلْ رَكْعَةً بِسُجُودِهَا قبل
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وقد لَا قيل تَفُوتُ حتى يَدْخُلَ أَوَّلُ وَقْتِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ قبل ( ( ( قيل ) ) ) يصلى منها رَكْعَةً كما قِيلَ في الْعَصْرِ وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الصُّبْحَ تَفُوتُ بِأَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ قِيلَ يصلى منها رَكْعَةً فَإِنْ قِيلَ فَتَقِيسُهَا على الصُّبْحِ قِيلَ لَا أَقِيسُ شيئا من الْمَوَاقِيتِ على غَيْرِهِ وَهِيَ على الْأَصْلِ وَالْأَصْلُ حَدِيثُ إمَامَةِ جِبْرِيلَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم إلَّا ما جاء فيه عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم خَاصَّةً دَلَالَةً أو قَالَهُ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ لم يَخْتَلِفُوا فيه
(1/74)
________________________________________
طُلُوعِ الشَّمْسِ فَقَدْ فَاتَتْهُ الصُّبْحُ لِقَوْلِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم من أَدْرَكَ رَكْعَةً من الصُّبْحِ قبل أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ
____________________
(1/75)
________________________________________
- * اخْتِلَافُ الْوَقْتِ - * (1)
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فلما أَمَّ جِبْرِيلُ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم في الْحَضَرِ لَا في مَطَرٍ وقال ما بين هَذَيْنِ وَقْتٌ لم يَكُنْ لِأَحَدٍ أَنْ يَعْمِدَ أَنْ يصلى الصَّلَاةَ في حَضَرٍ وَلَا في مَطَرٍ إلَّا في هذا الْوَقْتِ وَلَا صَلَاةَ إلَّا مُنْفَرِدَةٌ كما صلى جِبْرِيلُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَصَلَّى النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم بَعْدُ مُقِيمًا في عُمْرِهِ وَلَمَّا جَمَعَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ آمِنًا مُقِيمًا لم يَحْتَمِلْ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُخَالِفًا لِهَذَا الحديث أو يَكُونَ الْحَالُ التي جَمَعَ فيها حَالًا غير الْحَالِ التي فَرَّقَ فيها فلم يَجُزْ أَنْ يُقَالَ جَمْعُهُ في الْحَضَرِ مُخَالِفٌ لِإِفْرَادِهِ في الْحَضَرِ من وَجْهَيْنِ أَنَّهُ يُوجَدُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَجْهٌ وَأَنَّ الذي رَوَاهُ مِنْهُمَا مَعًا وَاحِدٌ وهو بن عَبَّاسٍ فَعَلِمْنَا أَنَّ لِجَمْعِهِ في الْحَضَرِ عِلَّةٌ فَرَّقَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إفْرَادِهِ فلم يَكُنْ إلَّا الْمَطَرُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ إذَا لم يَكُنْ خَوْفٌ وَوَجَدْنَا في الْمَطَرِ عِلَّةَ الْمَشَقَّةِ كما كان في الْجَمْعِ في السَّفَرِ عِلَّةُ الْمَشَقَّةِ الْعَامَّةِ فَقُلْنَا إذَا كانت الْعِلَّةُ من مَطَرٍ في حَضَرٍ جَمَعَ بين الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ ( قال ) وَلَا يَجْمَعُ إلَّا وَالْمَطَرُ مُقِيمٌ في الْوَقْتِ الذي يجمع ( ( ( تجمع ) ) ) فيه فَإِنْ صلى إحْدَاهُمَا ثُمَّ انْقَطَعَ الْمَطَرُ لم يَكُنْ له أَنْ يَجْمَعَ الْأُخْرَى إلَيْهَا وإذا صلى إحْدَاهُمَا وَالسَّمَاءُ تُمْطِرُ ثُمَّ ابْتَدَأَ الْأُخْرَى وَالسَّمَاءُ تُمْطِرُ ثُمَّ انْقَطَعَ الْمَطَرُ مضي على صَلَاتِهِ لِأَنَّهُ إذَا كان له الدُّخُولُ فيها كان له إتْمَامُهَا ( قال ) وَيَجْمَعُ من قَلِيلِ الْمَطَرِ وَكَثِيرِهِ وَلَا يَجْمَعُ إلَّا من خَرَجَ من بَيْتِهِ إلَى مَسْجِدٍ يَجْمَعُ فيه قَرُبَ الْمَسْجِدُ أو كَثُرَ أَهْلُهُ أو قَلُّوا أو بَعُدُوا وَلَا يَجْمَعُ أَحَدٌ في بَيْتِهِ لِأَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم جَمَعَ في الْمَسْجِدِ وَالْمُصَلِّي في بَيْتِهِ مُخَالِفُ الْمُصَلِّي في الْمَسْجِدِ وَإِنْ صلى رَجُلٌ الظُّهْرَ في غَيْرِ مَطَرٍ ثُمَّ مُطِرَ الناس لم يَكُنْ له أَنْ يصلى الْعَصْرَ لِأَنَّهُ صلى الظُّهْرَ وَلَيْسَ له جَمْعُ الْعَصْرِ إلَيْهَا وَكَذَلِكَ لو افْتَتَحَ الظُّهْرَ ولم يُمْطَرْ ثُمَّ مُطِرَ بَعْدَ ذلك لم يَكُنْ له جَمْعُ الْعَصْرِ إلَيْهَا وَلَا يَكُونُ له الْجَمْعُ إلَّا بِأَنْ يَدْخُلَ في الأولي يَنْوِي الْجَمْعَ وهو له فإذا دخل فيها وهو يُمْطَرُ وَدَخَلَ في الْآخِرَةِ وهو يُمْطَرُ فَإِنْ سَكَنَتْ السَّمَاءُ فِيمَا بين ذلك كان له الْجَمْعُ لِأَنَّ الْوَقْتَ في كل وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا الدُّخُولُ فيها وَالْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ في هذا وَقْتٌ كَالظُّهْرِ وَالْعَصْرِ لَا يَخْتَلِفَانِ وَسَوَاءٌ كُلُّ بَلَدٍ في هذا لِأَنَّ بَلَّ الْمَطَرِ في كل مَوْضِعٍ أَذًى وإذا جَمَعَ بين صَلَاتَيْنِ في مَطَرٍ جَمَعَهُمَا في وَقْتِ الْأُولَى مِنْهُمَا لَا يُؤَخِّرُ ذلك وَلَا يَجْمَعُ في حَضَرٍ في غَيْرِ الْمَطَرِ من قِبَلِ أَنَّ الْأَصْلَ أَنْ يُصَلِّيَ الصَّلَوَاتِ مُنْفَرِدَاتٍ وَالْجَمْعُ في الْمَطَرِ رُخْصَةٌ لِعُذْرٍ وَإِنْ كان عُذْرَ غَيْرِهِ لم يَجْمَعْ فيه لِأَنَّ الْعُذْرَ في غَيْرِهِ خَاصٌّ وَذَلِكَ الْمَرَض وَالْخَوْفُ وما أَشْبَهَهُ وقد كانت أَمْرَاضٌ وَخَوْفٌ فلم يُعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم جَمَعَ وَالْعُذْرُ بِالْمَطَرِ عَامٌّ وَيَجْمَعُ في السَّفَرِ بِالْخَبَرِ عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَالدَّلَالَةُ على الْمَوَاقِيتِ عَامَّةٌ لَا رُخْصَةَ في تَرْكِ شَيْءٍ منها وَلَا الْجَمْعِ إلَّا حَيْثُ رَخَّصَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم في سَفَرٍ وَلَا رَأَيْنَا من جَمْعِهِ الذي رَأَيْنَاهُ في الْمَطَرِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَم
(1/76)
________________________________________
- * وَقْتُ الصَّلَاةِ في السَّفَرِ - *
أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ عن جَعْفَرِ بن مُحَمَّدٍ عن أبيه عن جَابِرِ بن عبد اللَّهِ وهو يَذْكُرُ حَجَّةَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فَرَاحَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم من مَنْزِلِهِ
وَأَخْبَرَنَا مَالِكٌ عن بن شِهَابٍ عن سَالِمٍ عن أبيه أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم صلى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِالْمُزْدَلِفَةِ جميعا
أخبرنا مَالِكٌ عن أبي الزُّبَيْرِ عن أبي الطُّفَيْلِ عَامِرِ بن وَاثِلَةَ أَنَّ مُعَاذَ بن جَبَلٍ أخبره أَنَّهُمْ خَرَجُوا مع رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم عَامَ تَبُوكَ فَكَانَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يَجْمَعُ بين الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ قال فَأَخَّرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جميعا ثُمَّ دخل ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جميعا (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَدَلَّتْ سُنَّةُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم على أَنَّ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَجْمَعَ بين الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ في وَقْتِ إحْدَاهُمَا إنْ شَاءَ في وَقْتِ الْأُولَى مِنْهُمَا وَإِنْ شَاءَ في وَقْتِ الْآخِرَةِ لِأَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم جَمَعَ بين الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ في وَقْتِ الظُّهْرِ وَجَمَعَ بين الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ في وَقْتِ الْعِشَاءِ فلما حَكَى بن عَبَّاسٍ وَمُعَاذٌ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ أو لم يَجِدَّ سَائِرًا وَنَازِلًا لِأَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم جَمَعَ بَيْنَهُمَا بِعَرَفَةَ غير سَائِرٍ إلَّا إلَى الْمَوْقِفِ إلَى جَنْبِ الْمَسْجِدِ وَبِالْمُزْدَلِفَةِ نَازِلًا ثَانِيًا وَحَكَى عنه مُعَاذٌ أَنَّهُ جَمَعَ وَرَأَيْت حِكَايَتَهُ على أَنَّ جَمْعَهُ وهو نَازِلٌ في سَفَرٍ غَيْرِ سَائِرٍ فيه فَمَنْ كان له أَنْ يَقْصُرَ فَلَهُ أَنْ يَجْمَعَ لِمَا وَصَفْتُ من دَلَالَةِ السُّنَّةِ وَلَيْسَ له أَنْ يَجْمَعَ الصُّبْحَ إلَى صَلَاةٍ وَلَا يَجْمَعَ إلَيْهَا صَلَاةً لِأَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لم يَجْمَعْهَا ولم يَجْمَعْ إلَيْهَا غَيْرَهَا وَلَيْسَ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَجْمَعَ بين صَلَاتَيْنِ قبل وَقْتِ الْأُولَى مِنْهُمَا فان فَعَلَ أَعَادَ كما يُعِيدُ الْمُقِيمُ إذَا صلى قبل الْوَقْتِ وَلَهُ أَنْ يَجْمَعَهُمَا بَعْدَ الْوَقْتِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَقْضِي وَلَوْ افْتَتَحَ الْمُسَافِرُ الصَّلَاةَ قبل الزَّوَالِ ثُمَّ لم يَقْرَأْ حتى تَزُولَ الشَّمْسُ ثُمَّ مَضَى في صَلَاتِهِ فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ مَعًا كانت عليه إعَادَتُهُمَا مَعًا أَمَّا الظُّهْرُ فَيُعِيدُهَا لِأَنَّ الْوَقْتَ لم يَدْخُلْ حين الدُّخُولِ في الصَّلَاةِ فَدَخَلَ فيها قبل وَقْتِهَا وَأَمَّا الْعَصْرُ فَإِنَّمَا كان له أَنْ يُصَلِّيَهَا قبل وَقْتِهَا إذَا جمع ( ( ( أجمع ) ) ) بَيْنَهَا وَبَيْنَ الظُّهْرِ وَهِيَ مُجْزِئَةٌ عنه وَلَوْ افْتَتَحَ الظُّهْرَ وهو يَرَى أَنَّ الشَّمْسَ لم تَزُلْ ثُمَّ اسْتَيْقَنَ أَنَّ دُخُولَهُ فيها كان بَعْدَ الزَّوَالِ صَلَّاهَا وَالْعَصْرَ أَعَادَ لِأَنَّهُ حين افْتَتَحَهَا افْتَتَحَهَا ولم تَحِلَّ عِنْدَهُ فَلَيْسَتْ مُجْزِئَةً عنه وكان في مَعْنَى من صَلَّاهَا لَا يَنْوِيهَا وفي أَكْثَرَ من حَالِهِ وَلَوْ أَرَادَ الْجَمْعَ فَبَدَأَ بِالْعَصْرِ ثُمَّ الظُّهْرِ أَجْزَأَتْ عنه الظُّهْرُ وَلَا تُجْزِئُ عنه الْعَصْرُ لَا تُجْزِئُ عنه مُقَدَّمَةً عن وَقْتِهَا حتى تُجْزِئَ عنه الظُّهْرُ التي قَبْلَهَا وَلَوْ افْتَتَحَ الظُّهْرَ على غَيْرِ وُضُوءٍ ثُمَّ تَوَضَّأَ لِلْعَصْرِ فَصَلَّاهَا أَعَادَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ لَا تُجْزِئُ عنه الْعَصْرُ مُقَدَّمَةً عن وَقْتِهَا حتى تُجْزِئَ عنه الظُّهْرُ قَبْلَهَا وَهَكَذَا لو أَفْسَدَ الظُّهْرَ بِأَيِّ فَسَادٍ ما كان لم تُجْزِئْ عنه الْعَصْرُ مُقَدَّمَةً عن وَقْتِهَا وَلَوْ كان هذا كُلُّهُ في وَقْتِ الْعَصْرِ حتى لَا يَكُونَ الْعَصْرُ إلَّا بَعْدَ وَقْتِهَا أَجْزَأَتْ عنه الْعَصْرُ وَكَانَتْ عليه إعَادَةُ الظُّهْرِ وَلَوْ افْتَتَحَ الظُّهْرَ وهو يَشُكُّ في وَقْتِهَا فَاسْتَيْقَنَ أَنَّهُ لم يَدْخُلْ فيها إلَّا بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا لم تُجْزِئْ عنه صَلَاتُهُ وَكَذَلِكَ لو ظَنَّ أَنَّ صَلَاتَهُ فَاتَتْهُ اسْتَفْتَحَ صَلَاةً على أنها إنْ كانت فَائِتَةً فَهِيَ التي افْتَتَحَ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَذَا وهو نَازِلٌ غَيْرُ سَائِرٍ لِأَنَّ قَوْلَهُ دخل ثُمَّ خَرَجَ لَا يَكُونُ إلَّا وهو نَازِلٌ فَلِلْمُسَافِرِ أَنْ يَجْمَعَ نَازِلًا وَسَائِرًا
أخبرنا سُفْيَانُ عن بن أبي نَجِيحٍ عن إسْمَاعِيلَ بن عبد الرحمن بن أبي ذُؤَيْبٍ الْأَسَدِيِّ قال خَرَجْنَا مع بن عُمَرَ إلَى الْحِمَى فَغَرَبَتْ الشَّمْسُ فَهِبْنَا أَنْ نَقُولَ له انْزِلْ فَصَلِّ فلما ذَهَبَ بَيَاضُ الْأُفُقِ وَفَحْمَةُ الْعِشَاءِ نَزَلَ فَصَلَّى ثَلَاثًا ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ صلى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ الْتَفَتَ إلَيْنَا فقال هَكَذَا رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَعَلَ
(1/77)
________________________________________
عليه صَلَاةً فَائِتَةً لم تُجْزِهِ وَلَا يُجْزِئُ شَيْءٌ من هذا حتى يَدْخُلَ فيه على نِيَّةِ الصَّلَاةِ وَعَلَى نِيَّةِ أَنَّ الْوَقْتَ دخل فأما ( ( ( فإنا ) ) ) إذَا دخل على الشَّكِّ فَلَيْسَتْ النِّيَّةُ بِتَامَّةٍ وَلَوْ كان مُسَافِرًا فَأَرَادَ الْجَمْعَ بين الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ في وَقْتِ الظُّهْرِ فَسَهَا أو عَمَدَ فبدأ بِالْعَصْرِ لم يُجْزِهِ وَلَا يجزئه ( ( ( يجزه ) ) ) الْعَصْرُ قبل وَقْتِهَا إلَّا أَنْ يصلى الظُّهْرَ قَبْلَهَا فَتُجْزِئُ عنه وَكَذَلِكَ لو صلى الظُّهْرَ في وَقْتِهَا فَأَفْسَدَهَا فَسَهَا عن إفْسَادِهِ إيَّاهَا ثُمَّ صلى الْعَصْرَ بَعْدَهَا في وَقْتِ الظُّهْرِ أَعَادَ الظُّهْرَ ثُمَّ الْعَصْرَ - * الرَّجُلُ يصلى وقد فَاتَتْهُ قَبْلَهَا صَلَاةٌ - * أخبرنا الرَّبِيعُ بن سُلَيْمَانَ قال (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَسَوَاءٌ كانت الصَّلَوَاتُ الْفَائِتَاتُ صَلَاةَ يَوْمٍ أو صَلَاةَ سَنَةٍ وقد أُثْبِتَ هذا في غَيْرِ هذا الْمَوْضِعِ وَإِنَّمَا قُلْتُهُ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم نَامَ عن الصُّبْحِ فَارْتَحَلَ عن مَوْضِعِهِ فَأَخَّرَ الصَّلَاةَ الْفَائِتَةَ وَصَلَاتُهَا مُمْكِنَةٌ له فلم يَجُزْ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ من نسى صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا على مَعْنَى أَنَّ وَقْتَ ذِكْرِهِ إيَّاهَا وَقْتُهَا لَا وَقْتَ لها غَيْرُهُ لِأَنَّهُ صلى اللَّهُ عليه وسلم لَا يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ عن وَقْتِهَا فلما لم يَكُنْ هذا مَعْنَى قَوْلِهِ لم يَكُنْ له مَعْنًى إلَّا أَنْ يُصَلِّيَهَا إذَا ذَكَرَهَا فَإِنَّهَا غَيْرُ مَوْضُوعَةِ الْفَرْضِ عنه بِالنِّسْيَانِ إذَا كان الذِّكْرُ الذي هو خِلَافُ النِّسْيَانِ وَأَنْ يُصَلِّيَهَا أَيَّ سَاعَةٍ كانت مَنْهِيًّا عن الصَّلَاةِ فيها أو غير منهى ( قال الرَّبِيعُ ) + قال الشَّافِعِيُّ قَوْلُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ وَقْتُهَا حين يَذْكُرُهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ يُصَلِّيهَا إذَا ذَكَرَهَا لَا أَنَّ ذَهَابَ وَقْتِهَا يَذْهَبُ بِفَرْضِهَا فلما ( ( ( قلما ) ) ) ذَكَرَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وهو في الْوَادِي صَلَاةَ الصُّبْحِ فلم يُصَلِّهَا حتى قَطَعَ الْوَادِيَ عَلِمْنَا أَنَّ قَوْلَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا أَيْ وَإِنْ ذَهَبَ وَقْتُهَا ولم يَذْهَبْ فَرْضُهَا فَإِنْ قِيلَ فإن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم إنَّمَا خَرَجَ من الْوَادِي فإنه وَادٍ فيه شَيْطَانٌ فَقِيلَ لو كانت الصَّلَاةُ لَا تَصْلُحُ في وَادٍ فيه شَيْطَانٌ فَقَدْ صلى النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وهو يَخْنُقُ الشَّيْطَانَ فَخَنْقُهُ أَكْثَرُ من صَلَاةٍ في وَادٍ فيه شَيْطَانٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَلَوْ أَنَّ مُسَافِرًا أَرَادَ أَنْ يَجْمَعَ بين الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ في وَقْتِ الْعَصْرِ فَبَدَأَ بِالظُّهْرِ فَأَفْسَدَهَا ثُمَّ صلى الْعَصْرَ أَجْزَأَهُ الْعَصْرُ وَإِنَّمَا أَجْزَأَتْهُ لِأَنَّهَا صُلِّيَتْ في وَقْتِهَا على الِانْفِرَادِ الذي لو صُلِّيَتْ فيه وَحْدَهَا أَجْزَأَتْ ثُمَّ يصلى الظُّهْرَ بَعْدَهَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ بَدَأَ فَصَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ صلى الظُّهْرَ أَجْزَأَتْ عنه الْعَصْرُ لِأَنَّهُ صَلَّاهَا في وَقْتِهَا على الِانْفِرَادِ وكان عليه أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ وَأَكْرَهُ هذا له وَإِنْ كان مُجْزِئًا عنه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا كان الْغَيْمُ مُطْبِقًا في السَّفَرِ فَهُوَ كَإِطْبَاقِهِ في الْحَضَرِ يَتَأَخَّى فَإِنْ فَعَلَ فَجَمَعَ بين الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ ثُمَّ تَكَشَّفَ الْغَيْمُ فَعَلِمَ أَنَّهُ قد كان افْتَتَحَ الظُّهْرَ قبل الزَّوَالِ أَعَادَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ مَعًا لِأَنَّهُ صلى كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا غير مُجْزِئَةٍ الظُّهْرَ قبل وَقْتِهَا وَالْعَصْرَ في الْوَقْتِ الذي لَا تجزئ ( ( ( نجزئ ) ) ) عنه فيه إلَّا أَنْ تَكُونَ الظُّهْرُ قَبْلَهَا مُجْزِئَةً ( قال الشَّافِعِيّ ) وَلَوْ كان تَأَخَّى فَصَلَّاهُمَا فَكُشِفَ الْغَيْمُ فَعَلِمَ أَنَّهُ صَلَّاهَا في وَقْتِ الْعَصْرِ أَجْزَأَتَا عنه لِأَنَّهُ كان له أَنْ يُصَلِّيَهُمَا عَامِدًا في ذلك الْوَقْتِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ تَكَشَّفَ الْغَيْمُ فَعَلِمَ أَنَّهُ صَلَّاهُمَا بَعْدَ مَغِيبِ الشَّمْسِ أَجْزَأَتَا عنه لِأَنَّ أَقَلَّ أَمْرِهِمَا أَنْ يَكُونَا
____________________
1- قال الشَّافِعِيّ من فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ فَذَكَرهَا وقد دخل في صَلَاةٍ غَيْرِهَا مَضَى على صَلَاتِهِ التي هو فيها ولم تَفْسُدْ عليه إمَامًا كان أو مَأْمُومًا فاذا فَرَغَ من صَلَاتِهِ صلى الصَّلَاةَ الْفَائِتَةَ وَكَذَلِكَ لو ذَكَرَهَا ولم يَدْخُلْ في صَلَاةٍ فَدَخَلَ فيها وهو ذَاكِرٌ لِلْفَائِتَةِ أَجْزَأَتْهُ الصَّلَاةُ التي دخل فيها وَصَلَّى الصَّلَاةَ الْمَكْتُوبَةَ الْفَائِتَةَ له وكان الِاخْتِيَارُ له إنْ شَاءَ أتى بِالصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ له قبل الصَّلَاةِ التي ذَكَرَهَا قبل الدُّخُولِ فيها إلَّا أَنْ يَخَافَ فَوْتَ التي هو في وَقْتِهَا فَيُصَلِّيهَا ثُمَّ يُصَلِّي التي فَاتَتْهُ أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن عبد الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ
(1/78)
________________________________________
قَضَاءً مِمَّا عليه (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا الْقَوْلُ في الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ كان مُسَافِرًا فلم يَكُنْ له في يَوْمِ سَفَرِهِ نِيَّةٌ في أَنْ يَجْمَعَ بين الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَأَخَّرَ الظُّهْرَ ذَاكِرًا لَا يُرِيدُ بها الْجَمْعَ حتى يَدْخُلَ وَقْتُ الْعَصْرِ كان عَاصِيًا بِتَأْخِيرِهَا لَا يُرِيدُ الْجَمْعَ بها لِأَنَّ تَأْخِيرَهَا إنَّمَا كان له على إرَادَةِ الْجَمْعِ فَيَكُونُ ذلك وَقْتًا لها فإذا لم يُرِدْ بِهِ الْجَمْعَ كان تَأْخِيرُهَا وَصَلَاتُهَا تُمْكِنُهُ مَعْصِيَةً وَصَلَاتُهَا قَضَاءً وَالْعَصْرُ في وَقْتِهَا وَأَجْزَأَتَا عنه وَأَخَافُ الْمَأْثَمَ عليه في تَأْخِيرِ الظُّهْرِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ صلى الظُّهْرَ وَلَا ينوى أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَصْرِ فلما أَكْمَلَ الظُّهْرَ أو كان وَقْتُهَا كانت له نِيَّةٌ في أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا كان ذلك له لِأَنَّهُ إذَا كان له أَنْ ينوى ذلك على الِابْتِدَاءِ كان له أَنْ يُحْدِثَ فيه نِيَّةً في الْوَقْتِ الذي يَجُوزُ له فيه الْجَمْعُ وَلَوْ انْصَرَفَ من الظُّهْرِ وَانْصِرَافُهُ أَنْ يُسَلِّمَ ولم يَنْوِ قَبْلَهَا وَلَا مع انْصِرَافِهِ الْجَمْعَ ثُمَّ أَرَادَ الْجَمْعَ لم يَكُنْ له لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ له إذَا انْصَرَفَ جَامَعَ وَإِنَّمَا يُقَالُ هو مُصَلٍّ صَلَاةَ انْفِرَادٍ فَلَا يَكُونُ له أَنْ يصلى صَلَاةً قبل وَقْتِهَا إلَّا صَلَاةَ جَمْعٍ لَا صَلَاةَ انْفِرَادٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ كان أَخَّرَ الظُّهْرَ بِلَا نِيَّةِ جَمْعٍ وَانْصَرَفَ منها في وَقْتِ الْعَصْرِ كان له أَنْ يصلى الْعَصْرَ لِأَنَّهَا وَإِنْ صُلِّيَتْ صَلَاةَ انْفِرَادٍ فَإِنَّمَا صُلِّيَتْ في وَقْتِهَا لَا في وَقْتٍ غَيْرِهَا وَكَذَلِكَ لو أَخَّرَ الظُّهْرَ عَامِدًا لَا يُرِيدُ بها الْجَمْعَ إلَى وَقْتِ الْعَصْرِ فَهُوَ آثِمٌ في تَأْخِيرِهَا عَامِدًا وَلَا يُرِيدُ بها الْجَمْعَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا صُلِّيَتْ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ في وَقْتِ الظُّهْرِ وَوَالَى بَيْنَهُمَا قبل أَنْ يُفَارِقَ مَقَامَهُ الذي صلى فيه وَقَبْلَ أَنْ يَقْطَعَ بَيْنَهُمَا بِصَلَاةٍ فَإِنْ فَارَقَ مَقَامَهُ الذي صلى فيه أو قَطَعَ بَيْنَهُمَا بِصَلَاةٍ لم يَكُنْ له الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ له أَبَدًا جَامِعٌ إلَّا أَنْ يَكُونَا مُتَوَالِيَيْنِ لَا عَمَلَ بَيْنَهُمَا وَلَوْ كان الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ تَكَلَّمَا كَلَامًا كَثِيرًا كان له أَنْ يَجْمَعَ وَإِنْ طَالَ ذلك بِهِ لم يَكُنْ له الْجَمْعُ وإذا جَمَعَ بَيْنَهُمَا في وَقْتِ الْآخِرَةِ كان له أَنْ يصلى في وَقْتِ الْأُولَى وَيَنْصَرِفَ وَيَصْنَعَ ما بَدَا له لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يصلى الْآخِرَةَ في وَقْتِهَا وقد روى في بَعْضِ الحديث أَنَّ بَعْضَ من صلى مع النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم بِجَمْعٍ صلى معه الْمَغْرِبَ ثُمَّ أَنَاخَ بَعْضُهُمْ أَبَاعِرَهُمْ في مَنَازِلِهِمْ ثُمَّ صَلَّوْا الْعِشَاءَ فِيمَا يُرَى حَيْثُ صَلَّوْا وَإِنَّمَا صَلَّوْا الْعِشَاءَ في وَقْتِهَا + ( قال الشَّافِعِيّ ) فَالْقَوْلُ في الْجَمْعِ بين الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ كَالْقَوْلِ في الْجَمْعِ بين الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ لَا يَخْتَلِفَانِ في شَيْءٍ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ نَوَى أَنْ يَجْمَعَ بين الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ أغمى عليه ثُمَّ أَفَاقَ قبل خُرُوجِ وَقْتِ الظُّهْرِ لم يَكُنْ له أَنْ يصلى الْعَصْرَ حتى يَدْخُلَ وَقْتُهَا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ غَيْرُ جَامِعٍ بَيْنَهُمَا وَكَذَلِكَ لو نَامَ أو سَهَا أو شُغِلَ أو قَطَعَ ذلك بِأَمْرٍ يَتَطَاوَلُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَجِمَاعُ هذا أَنْ يَنْظُرَ إلَى الْحَالِ التي لو سَهَا فيها في الصَّلَاةِ فَانْصَرَفَ قبل إكْمَالِهَا هل يبنى لِتَقَارُبِ انْصِرَافِهِ فَلَهُ إذَا صَنَعَ مِثْلَ ذلك أَنْ يَجْمَعَ وإذا سَهَا فَانْصَرَفَ فَتَطَاوَلَ ذلك لم يَكُنْ له أَنْ يبنى وكان عليه أَنْ يَسْتَأْنِفَ فَكَذَلِكَ ليس له أَنْ يَجْمَعَ في وَقْتِ ذلك إنْ كان في مَسْجِدٍ أَنْ لَا يَخْرُجَ منه يُطِيلُ الْمَقَامَ قبل توجههه ( ( ( توجهه ) ) ) إلَى الصَّلَاةِ وَإِنْ كان في مَوْضِعِ مُصَلَّاهُ لَا يُزَايِلُهُ وَلَا يُطِيلُ قبل أَنْ يَعُودَ إلَى الصَّلَاةِ - * بَابُ صَلَاةِ الْعُذْرِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا يَكُونُ لِأَحَدٍ أَنْ يَجْمَعَ بين صَلَاتَيْنِ في وَقْتِ الْأُولَى مِنْهُمَا إلَّا في مَطَرٍ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ كان تَأَخَّى فَعَلِمَ أَنَّهُ صلى إحْدَاهُمَا قبل مَغِيبِ الشَّمْسِ وَالْأُخْرَى بَعْدَ مَغِيبِهَا أَجْزَأَتَا عنه وَكَانَتْ إحْدَاهُمَا مُصَلَّاةً في وَقْتِهَا وَأَقَلُّ أَمْرِ الْأُخْرَى أَنْ تَكُونَ قَضَاءً
(1/79)
________________________________________
وَلَا يَقْصُرُ صَلَاةً بِحَالِ خَوْفٍ وَلَا عُذْرَ غَيْرُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُسَافِرًا لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم صلى بِالْخَنْدَقِ مُحَارِبًا فلم يَبْلُغْنَا أَنَّهُ قَصَرَ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَذَلِكَ أَنَّ الْفَرْضَ في الْمَكْتُوبَةِ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَالصَّلَاةُ قَائِمًا فَلَا يَجُوزُ غَيْرُ هذا إلَّا في الْمَوَاضِعِ التي دَلَّ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم عليها وَلَا يَكُونُ شَيْءٌ قِيَاسًا عليه وَتَكُونُ الْأَشْيَاءُ كُلُّهَا مَرْدُودَةً إلَى إصولها وَالرُّخَصُ لَا يُتَعَدَّى بها مَوَاضِعُهَا - * بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ - * قال اللَّهُ عز وجل { حَافِظُوا على الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } فَقِيلَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ قَانِتِينَ مُطِيعِينَ وَأَمَرَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِالصَّلَاةِ قَائِمًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وإذا خُوطِبَ بِالْفَرَائِضِ من أَطَاقَهَا فإذا كان الْمَرْءُ مُطِيقًا لِلْقِيَامِ في الصَّلَاةِ لم يُجْزِهِ إلَّا هو إلَّا عِنْدَمَا ذَكَرْت من الْخَوْفِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا لم يُطِقْ الْقِيَامَ صلى قَاعِدًا وَرَكَعَ وَسَجَدَ إذَا أَطَاقَ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ
أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا يحيى بن حَسَّانَ عن حَمَّادِ بن سَلَمَةَ عن هِشَامِ بن عُرْوَةَ عن أبيه عن عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يصلى بِالنَّاسِ فَوَجَدَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم خِفَّةً فَجَاءَ فَقَعَدَ إلَى جَنْبِ أبي بَكْرٍ فَأَمَّ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَبَا بَكْرٍ وهو قَاعِدٌ وَأَمَّ أبو بَكْرٍ الناس وهو قَائِمٌ
أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا عبد الْوَهَّابِ الثَّقَفِيّ قال سَمِعْت يحيى بن سَعِيدٍ يقول حدثني بن أبي مُلَيْكَةَ أَنَّ عُبَيْدَ بن عُمَيْرٍ اللَّيْثِيَّ حدثه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ الصُّبْحَ وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَبَّرَ فَوَجَدَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم بَعْضَ الْخِفَّةِ فَقَامَ يُفَرِّجُ الصُّفُوفَ قال وكان أبو بَكْرٍ لَا يَلْتَفِتُ إذَا صلى فلما سمع أبو بَكْرٍ الْحِسَّ من وَرَائِهِ عَرَفَ أَنَّهُ لَا يَتَقَدَّمُ ذلك الْمَقَامَ الْمُقَدَّمَ إلَّا رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَخَنَسَ وَرَاءَهُ إلَى الصَّفِّ فَرَدَّهُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم مَكَانَهُ فَجَلَسَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إلَى جَنْبِهِ وأبو بَكْرٍ قَائِمٌ حتى إذَا فَرَغَ أبو بَكْرٍ قال أَيْ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرَاك أَصْبَحْت صَالِحًا وَهَذَا يَوْمُ بِنْتِ خَارِجَةَ فَرَجَعَ أبو بَكْرٍ إلَى أَهْلِهِ فَمَكَثَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم مَكَانَهُ وَجَلَسَ إلَى جَنْبِ الْحِجْرِ يُحَذِّرُ الناس الْفِتَنَ وقال إنِّي وَاَللَّهِ لَا يُمْسِكُ الناس على شيئا إنِّي وَاَللَّهِ لَا أُحِلُّ إلَّا ما أَحَلَّ اللَّهُ في كِتَابِهِ وَلَا أُحَرِّمُ إلَّا ما حَرَّمَ اللَّهُ في كِتَابِهِ يا فَاطِمَةُ بِنْتُ رسول اللَّهِ وَصَفِيَّةُ عَمَّةُ رسول اللَّهِ اعْمَلَا لِمَا عِنْدَ اللَّهِ فَإِنِّي لَا أغنى عَنْكُمَا من اللَّهِ شيئا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) ويصلى الْإِمَامُ قَاعِدًا وَمَنْ خَلْفَهُ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكَذَلِكَ لَا يَكُونُ له أَنْ يصلى قَاعِدًا إلَّا من مَرَضٍ لَا يَقْدِرُ معه على الْقِيَامِ وهو يَقْدِرُ على الْقِيَامِ إلَّا في حَالِ الْخَوْفِ التي ذَكَرْت وَلَا يَكُونُ له بِعُذْرٍ غَيْرِهِ أَنْ يصلى قَاعِدًا إلَّا من مَرَضٍ لَا يَقْدِرُ على الْقِيَامِ
(1/80)
________________________________________
قِيَامًا إذَا أَطَاقُوا الْقِيَامَ وَلَا يجزى من أَطَاقَ الْقِيَامَ أَنْ يصلى إلَّا قَائِمًا وَكَذَلِكَ إذَا أَطَاقَ الْإِمَامُ الْقِيَامَ صلى قَائِمًا وَمَنْ لم يُطِقْ الْقِيَامَ مِمَّنْ خَلْفَهُ صلى قَاعِدًا (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) فإذا كان بِظَهْرِهِ مَرَضٌ لَا يَمْنَعُهُ الْقِيَامَ وَيَمْنَعُهُ الرُّكُوعَ لم يُجْزِهِ إلَّا أَنْ يَقُومَ وَأَجْزَأَهُ أَنْ ينحنى كما يَقْدِرُ في الرُّكُوعِ فَإِنْ لم يَقْدِرْ على ذلك بِظَهْرِهِ حتى رَقَبَتِهِ فَإِنْ لم يَقْدِرْ على ذلك إلَّا بِأَنْ يَعْتَمِدَ على شَيْءٍ اعْتَمَدَ عليه مُسْتَوِيًا أو في شِقٍّ ثُمَّ رَكَعَ ثُمَّ رَفَعَ ثُمَّ سَجَدَ وَإِنْ لم يَقْدِرْ على السُّجُودِ جَلَسَ أَوْمَأَ إيمَاءً وَإِنْ قَدَرَ على السُّجُودِ على صُدْغِهِ ولم يَقْدِرْ عليه على جَبْهَتِهِ طَأْطَأَ رَأْسَهُ وَلَوْ في شِقٍّ ثُمَّ سَجَدَ على صُدْغِهِ وكان أَقْرَبُ ما يَقْدِرُ عليه من السُّجُودِ مُسْتَوِيًا أو على أَيِّ شِقَّيْهِ كان لَا يُجْزِيهِ أَنْ يُطِيقَ أَنْ يُقَارِبَ السُّجُودَ بِحَالٍ إلَّا قَارَبَهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا يَرْفَعُ إلَى جَبْهَتِهِ شيئا لِيَسْجُدَ عليه لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ له سَاجِدٌ حتى يَسْجُدَ بِمَا يَلْصَقُ بِالْأَرْضِ فَإِنْ وَضَعَ وِسَادَةً على الْأَرْضِ فَسَجَدَ عليها أَجْزَأَهُ ذلك إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
أخبرنا الرَّبِيعُ قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا الثِّقَةُ عن يُونُسَ عن الْحَسَنِ عن أُمِّهِ قالت رَأَيْت أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم تَسْجُدُ على وِسَادَةٍ من أَدَمٍ من رَمَدٍ بها + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ سَجَدَ الصَّحِيحُ على وِسَادَةٍ من أَدَمَ لَاصِقَةٍ بِالْأَرْضِ كَرِهْتُهُ له ولم أَرَ عليه أَنْ يُعِيدَ كما لو سَجَدَ على رَبْوَةٍ من الْأَرْضِ أَرْفَعَ من الْمَوْضِعِ الذي يَقُومُ عليه لم يُعِدْ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ قَدَرَ المصلى على الرُّكُوعِ ولم يَقْدِرْ على الْقِيَامِ كان في قِيَامِهِ رَاكِعًا وإذا رَكَعَ خَفَضَ عن قَدْرِ قِيَامِهِ ثُمَّ يَسْجُدُ وَإِنْ لم يَقْدِرْ على أَنْ يصلى إلَّا مُسْتَلْقِيًا صلى مُسْتَلْقِيًا يُومِئُ إيمَاءً + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكُلُّ حَالٍ أَمَرْتُهُ فيها أَنْ يصلى كما يُطِيقُ فإذا أَصَابَهَا بِبَعْضِ الْمَشَقَّةِ الْمُحْتَمَلَةِ لم يَكُنْ له أَنْ يصلى إلَّا كما فَرَضَ اللَّهُ عليه إذَا أَطَاقَ الْقِيَامَ بِبَعْضِ الْمَشَقَّةِ قام فَأَتَى بِبَعْضِ ما عليه في الْقِيَامِ من قِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ وَأُحِبُّ أَنْ يَزِيدَ مَعَهَا شيئا وَإِنَّمَا آمُرُهُ بِالْقُعُودِ إذَا كانت الْمَشَقَّةُ عليه غير مُحْتَمَلَةٍ أو كان لَا يَقْدِرُ على الْقِيَامِ بِحَالٍ وَهَكَذَا هذا في الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لَا يَخْتَلِفُ وَلَوْ أَطَاقَ أَنْ يأتى بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَقُلْ هو اللَّهُ أَحَدٌ وَأُمِّ الْقُرْآنِ في الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى وَإِنَّا أَعْطَيْنَاك الْكَوْثَرَ مُنْفَرِدًا قَائِمًا ولم يَقْدِرْ على صَلَاةِ الْإِمَامِ لَا يَقْرَأُ بِأَطْوَلَ مِمَّا وَصَفْت إلَّا جَالِسًا أَمَرْتُهُ أَنْ يُصَلِّيَ مُنْفَرِدًا وكان له عُذْرٌ بِالْمَرَضِ في تَرْكِ الصَّلَاةِ مع الْإِمَامِ وَلَوْ صلى مع الْإِمَامِ فَقَدَرَ على الْقِيَامِ في بَعْضٍ ولم يَقْدِرْ عليه في بَعْضٍ صلى قَائِمًا ما قَدَرَ وَقَاعِدًا ما لم يَقْدِرْ وَلَيْسَتْ عليه إعَادَةٌ وَلَوْ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ قَائِمًا ثُمَّ عَرَضَ له عُذْرٌ جَلَسَ فَإِنْ ذَهَبَ عنه لم يُجْزِهِ إلَّا أَنْ يَقُومَ فَإِنْ كان قَرَأَ بِمَا يُجْزِيهِ جَالِسًا لم يَكُنْ عليه إذَا قام أَنْ يُعِيدَ قِرَاءَةً وَإِنْ بقى عليه من قِرَاءَتِهِ شَيْءٌ قَرَأَ بِمَا بقى منها قَائِمًا كَأَنْ قَرَأَ بَعْضَ أُمِّ الْقُرْآنِ جَالِسًا ثُمَّ بريء فَلَا يُجْزِيهِ أَنْ يَقْرَأَ جَالِسًا وَعَلَيْهِ أَنْ يَقْرَأَ ما بقى قَائِمًا وَلَوْ قَرَأَهُ نَاهِضًا في الْقِيَامِ لم يُجْزِهِ وَلَا يُجْزِيهِ حتى يَقْرَأَهُ قَائِمًا مُعْتَدِلًا إذَا قَدَرَ على الْقِيَامِ وإذا قَرَأَ ما بقى قَائِمًا ثُمَّ حَدَثَ له عُذْرٌ فَجَلَسَ قَرَأَ ما بقى جَالِسًا فَإِنْ حَدَثَتْ له إفَاقَةٌ قام وَقَرَأَ ما بقى قَائِمًا وَلَوْ قَرَأَ قَاعِدًا أُمَّ الْقُرْآنِ وَشَيْئًا مَعَهَا ثُمَّ أَفَاقَ فَقَامَ لم يَكُنْ له أَنْ يَرْكَعَ حتى يَعْتَدِلَ قَائِمًا فَإِنْ قَرَأَ قَائِمًا كان أَحَبَّ إلى وَإِنْ لم يَقْرَأْ فَرَكَعَ بَعْدَ اعْتِدَالِهِ قَائِمًا أَجْزَأَتْهُ رَكْعَتُهُ وإذا رَكَعَ قبل أَنْ يَعْتَدِلَ قَائِمًا وهو يُطِيقُ ذلك وَسَجَدَ أَلْغَى هذه الرَّكْعَةَ وَالسَّجْدَةَ وكان عليه أَنْ يَقُومَ فَيَعْتَدِلَ قَائِمًا ثُمَّ يَرْكَعَ وَيَسْجُدَ وَلَيْسَ عليه إعَادَةُ قِرَاءَةٍ فَإِنْ لم يَفْعَلْ حتى يَقُومَ فَيَقْرَأَ ثُمَّ يَرْكَعَ ثُمَّ يَسْجُدَ لم يَعْتَدَّ بِالرَّكْعَةِ التي قَرَأَ فيها وَسَجَدَ فَكَانَ السُّجُودُ لِلرَّكْعَةِ التي قَبْلَهَا وَكَانَتْ سَجْدَةً وَسَقَطَتْ عنه إحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ وَلَوْ فَرَغَ من صَلَاتِهِ وَاعْتَدَّ بِالرَّكْعَةِ التي لم يَعْتَدِلْ فيها قَائِمًا فَإِنْ ذَكَرَ وهو في الْوَقْتِ الذي له أَنْ يبنى لو سَهَا فَانْصَرَفَ قبل أَنْ يُكْمِلَ صَلَاتَهُ كَبَّرَ وَرَكَعَ وَسَجَدَ وَسَجَدَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا كُلُّ حَالٍ قَدَرَ المصلى فيها على تَأْدِيَةِ فَرْضِ الصَّلَاةِ كما فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عليه صَلَّاهَا وَصَلَّى ما لَا يَقْدِرُ عليه كما يُطِيقُ فَإِنْ لم يُطِقْ الْمُصَلِّي الْقُعُودَ وَأَطَاقَ أَنْ يصلى مُضْطَجِعًا صلى مُضْطَجِعًا وَإِنْ لم يُطِقْ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ صلى مُومِئًا وَجَعَلَ السُّجُودَ أَخْفَضَ من إيمَاءِ الرُّكُوعِ
(1/81)
________________________________________
لِلسَّهْوِ وَأَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ وَإِنْ لم يذكر ذلك حتى يَخْرُجَ من الْمَسْجِدِ أو يَطُولُ ذلك اسْتَأْنَفَ الصَّلَاةَ وَهَكَذَا هذا في كل رَكْعَةٍ وَسَجْدَةٍ وَشَيْءٍ من صُلْبِ الصَّلَاةِ أَطَاقَهُ فَإِنْ لم يَأْتِ بِهِ كما أَطَاقَهُ وَلَوْ أَطَاقَ سَجْدَةً فلم يَسْجُدْهَا وَأَوْمَأَ إيمَاءً سَجَدَهَا ما لم يَرْكَعْ الرَّكْعَةَ التي بَعْدَهَا وَإِنْ لم يَسْجُدْهَا وَأَوْمَأَ بها وهو يُطِيقُ سُجُودَهَا ثُمَّ قَرَأَ بَعْدَ ما رَكَعَ لم يَعْتَدَّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ وَسَجَدَهَا ثُمَّ أَعَادَ الْقِرَاءَةَ وَالرُّكُوعَ بَعْدَهَا لَا يُجْزِيهِ غَيْرُ ذلك وَإِنْ رَكَعَ وَسَجَدَ سَجْدَةً فَتِلْكَ السَّجْدَةُ مَكَانَ التي أَطَاقَهَا وأوما بها فَقَامَ فَقَرَأَ وَرَكَعَ ولم يَعْتَدَّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ وَكَذَلِكَ لو سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ كانت إحْدَاهُمَا مَكَانَهَا ولم يَعْتَدَّ بِالثَّانِيَةِ لِأَنَّهَا سَجْدَةٌ قبل رُكُوعٍ وَإِنَّمَا تَجْزِي عنه سَجْدَةٌ مَكَانَ سَجْدَةٍ قَبْلَهَا تَرَكَهَا أو فَعَلَ فيها ما لَا يُجْزِيهِ إذَا سَجَدَ السَّجْدَةَ التي بَعْدَهَا على أنها من صُلْبِ الصَّلَاةِ فَأَمَّا لو تَرَكَ سَجْدَةً من صُلْبِ الصَّلَاةِ وَأَوْمَأَ بها وهو يَقْدِرُ عليها ثُمَّ سَجَدَ بَعْدَهَا سَجْدَةً من سُجُودِ الْقُرْآنِ أو سَجْدَةَ سَهْوٍ لَا يُرِيدُ بها صُلْبَ الصَّلَاةِ لم تُجْزِ عنه من السَّجْدَةِ التي تَرَكَ أو أَوْمَأَ بها (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ كانت مِنْهُنَّ مُكَاتَبَةٌ عِنْدَهَا ما تؤدى وقد حَلَّتْ نُجُومُهَا فَصَلَّتْ بِلَا قِنَاعٍ كَرِهْت ذلك لها وَأَجْزَأَتْهَا صَلَاتُهَا لِأَنَّهَا لَا تُعْتَقُ إلَّا بِالْأَدَاءِ وَلَيْسَ بِمُحَرَّمٍ عليها أَنْ تَبْقَى رَقِيقًا وَإِنَّمَا أَرَى أَنَّ مُحَرَّمًا عليها الْمَطْلُ وَهِيَ تَجِدُ الْأَدَاءَ وَكَذَلِكَ إنْ قال لِأَمَةٍ له أَنْتِ حُرَّةٌ إنْ دَخَلْت في يَوْمِكَ هذه الدَّارَ فَتَرَكَتْ دُخُولَهَا وَهِيَ تَقْدِرُ على الدُّخُولِ حتى صَلَّتْ بِلَا قِنَاعٍ ثُمَّ دَخَلَتْ أو لم تَدْخُلْ لم تُعِدْ صَلَاتَهَا لِأَنَّهَا صَلَّتْهَا قبل أَنْ تُعْتَقَ وَكَذَلِكَ لو قال لها أَنْتِ حُرَّةٌ إنْ شِئْت فَصَلَّتْ وَتَرَكَتْ الْمَشِيئَةَ ثُمَّ أَعْتَقَهَا بَعْدُ لم تُعِدْ تِلْكَ الصَّلَاةَ وَإِنْ أَبْطَأَ عن الْغُلَامِ الْحُلُمُ فَدَخَلَ في صَلَاةٍ فلم يُكْمِلْهَا حتى اسْتَكْمَلَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً من مَوْلِدِهِ فَأَتَمَّهَا أَحْبَبْت له أَنْ يَسْتَأْنِفَهَا من قِبَلِ أَنَّهُ صَارَ مِمَّنْ يَلْزَمُهُ جَمِيعُ الْفَرَائِضِ في وَقْتِ صَلَاةٍ فلم يُصَلِّهَا بِكَمَالِهَا بَالِغًا وَلَوْ قَطَعَهَا وَاسْتَأْنَفَهَا أَجْزَأَتْ عنه وَلَوْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ في هذه الْحَالَةِ فَاسْتَكْمَلَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً بَعْدَ فَوْتِ عَرَفَةَ أو احْتَلَمَ مَضَى في حَجِّهِ وكان عليه أَنْ يَسْتَأْنِفَ حَجًّا لِأَنَّهُ لم يَكُنْ مِمَّنْ أَدْرَكَ الْحَجَّ يَعْمَلُ عَمَلَهُ وهو من أَهْلِ الْفَرَائِضِ كُلِّهَا وَلَوْ صَامَ يَوْمًا من شَهْرِ رَمَضَانَ فلم يُكْمِلْهُ حتي احْتَلَمَ أو اسْتَكْمَلَ خَمْسَ عَشْرَةَ أَحْبَبْت أَنْ يُتِمَّ ذلك الْيَوْمَ ثُمَّ يُعِيدَهُ لِمَا وَصَفْت وَلَا يَعُودُ لِصَوْمٍ قَبْلَهُ لِأَنَّهُ لم يَبْلُغْ حتى مضي ذلك الْيَوْمُ وَكَذَلِكَ لَا يَعُودُ لِصَلَاةٍ صَلَّاهَا قبل بُلُوغِهِ لِأَنَّهَا قد مَضَتْ قبل بُلُوغِهِ وَكُلِّ صَلَاةٍ غَيْرِ التي تَلِيهَا وَكَذَلِكَ كُلُّ صَوْمِ يَوْمٍ غَيْرِ الذي يَلِيهِ وَلَا يُبَيَّنُ أَنَّ هذا عليه في الصَّلَاةِ وَلَا في الصَّوْمِ فَأَمَّا في الْحَجِّ فَبَيِّنٌ - * بَابُ جِمَاعِ الْأَذَانِ - * قال اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { وإذا نَادَيْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا } وقال { إذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ من يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ } فذكر اللَّهُ عز وجل الْأَذَانَ لِلصَّلَاةِ وَذَكَرَ يوم الْجُمُعَةِ فَكَانَ بَيِّنًا وَاَللَّهُ تعالي أَعْلَمُ أَنَّهُ أَرَادَ الْمَكْتُوبَةَ بالأيتين مَعًا وَسَنَّ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم الْأَذَانَ لِلْمَكْتُوبَاتِ ولم يَحْفَظْ عنه أَحَدٌ عَلِمْتُهُ أَنَّهُ أَمَرَ بِالْأَذَانِ لِغَيْرِ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ بَلْ حَفِظَ الزُّهْرِيُّ عنه أَنَّهُ كان يَأْمُرُ في الْعِيدَيْنِ الْمُؤَذِّنَ فيقول الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ وَلَا أَذَانَ إلَّا لِمَكْتُوبَةٍ وَكَذَلِكَ لَا إقَامَةَ فَأَمَّا الْأَعْيَادُ وَالْخُسُوفُ وَقِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُقَالَ فيه الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ وَإِنْ لم يَقُلْ ذلك فَلَا شَيْءَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا أُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبَةُ وَالْمُدَبَّرَةُ وَالْأَمَةُ يُصَلِّينَ مَعًا بِغَيْرِ قِنَاعٍ ثُمَّ يُعْتَقْنَ قبل أَنْ يُكْمِلْنَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِنَّ أَنْ يَتَقَنَّعْنَ وَيُتْمِمْنَ الصَّلَاةَ فَإِنْ تَرَكْنَ الْقِنَاعَ بَعْدَ ما يُمْكِنُهُنَّ أَعَدْنَ تِلْكَ الصَّلَاةَ وَلَوْ صَلَّيْنَ بِغَيْرِ قِنَاعٍ وقد عَتَقْنَ لَا يَعْلَمْنَ بِالْعِتْقِ أَعَدْنَ كُلَّ صَلَاةٍ صَلَّيْنَهَا بِلَا قِنَاعٍ من يَوْمِ عَتَقْنَ لِأَنَّهُنَّ يَرْجِعْنَ إلَى أَنْ يُحِطْنَ بِالْعِتْقِ فَيَرْجِعْنَ إلَى الْيَقِينِ
(1/82)

Tidak ada komentar:

Posting Komentar