Sabtu, 12 Maret 2016

Kitab Al-umm 1.2

Kitab Al-Umm Imam Syafi'i 1.2



ولم يَجِبْ عليه وُضُوءٌ وَإِنْ مَسَّ ذَكَرَهُ بِظَهْرِ كَفِّهِ أو ذِرَاعِهِ أو شَيْءٍ غَيْرِ بَطْنِ كَفِّهِ لم يَجِبْ عليه الْوُضُوءُ فَإِنْ قال قَائِلٌ فما فَرْقٌ بين ما وَصَفْت قِيلَ الْإِفْضَاءُ بِالْيَدِ إنَّمَا هو بِبَطْنِهَا كما تَقُولُ أَفْضَى بيده مُبَايِعًا وَأَفْضَى بيده إلَى الْأَرْضِ سَاجِدًا أو إلَى رُكْبَتَيْهِ رَاكِعًا فإذا كان النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم إنَّمَا أَمَرَ بِالْوُضُوءِ منه إذَا أَفْضَى بِهِ إلَى ذَكَرِهِ فَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَكَرَهُ يُمَاسُّ فَخِذَيْهِ وما قَارَبَ من ذلك من جَسَدِهِ فَلَا يُوجِبُ ذلك عليه بِدَلَالَةِ السُّنَّةِ وُضُوءًا فَكُلُّ ما جَاوَزَ بَطْنَ الْكَفِّ كما مَاسَّ ذَكَرَهُ مِمَّا وَصَفْت وإذا كان مُمَاسَّتَانِ تُوجِبُ بِأَحَدِهِمَا وَلَا تُوجِبُ بِالْأُخْرَى وُضُوءًا كان الْقِيَاسُ على أَنْ لَا يَجِبَ وُضُوءٌ مِمَّا لم يَمَسَّا لِأَنَّ سُنَّةَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم تَدُلُّ على أَنَّ ما مَاسَّ ما هو إنجس من الذَّكَرِ لَا يَتَوَضَّأُ
أخبرنا سُفْيَانُ عن هِشَامٍ عن فَاطِمَةَ عن أَسْمَاءَ قالت سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم عن دَمِ الْحَيْضِ يُصِيبُ الثَّوْبَ قال حُتِّيهِ ثُمَّ اُقْرُصِيهِ بِالْمَاءِ ثُمَّ رُشِّيهِ وَصَلِّي فيه (1) ( قال ) وإذا مَسَّ الرَّجُلُ ذَكَرَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ شَيْءٌ ما كان إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مُفْضٍ إلَيْهِ لم يَكُنْ عليه وُضُوءٌ فيه رَقَّ ما بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ أو صَفَقَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا أَمَرَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِدَمِ الْحَيْضِ أَنْ يُغْسَلَ بِالْيَدِ ولم يَأْمُرْ بِالْوُضُوءِ منه فَالدَّمُ أَنْجَسُ من الذَّكَرِ ( قال ) وَكُلُّ ما مَاسَّ من نَجَسٍ قِيَاسًا عليه بِأَنْ لَا يَكُونَ منه وُضُوءٌ وإذا كان هذا في النَّجَسِ فما ليس بِنَجَسٍ أَوْلَى أَنْ لَا يُوجِبَ وُضُوءًا إلَّا ما جاء فيه الْخَبَرُ بِعَيْنِهِ ( قال ) وإذا مَاسَّ نَجَسًا رَطْبًا أو نَجَسًا يَابِسًا وهو رَطْبٌ وَجَبَ عليه أَنْ يَغْسِلَ ما مَاسَّهُ منه وما مَاسَّهُ من نَجَسٍ ليس بِرَطْبٍ وَلَيْسَ ما مَاسَّ منه رَطْبًا لم يَجِبْ عليه غَسْلُهُ وَيَطْرَحُهُ عنه
أخبرنا مُسْلِمٌ عن بن جُرَيْجٍ عن عَطَاءٍ قال إنَّ الرِّيحَ لتسفى عَلَيْنَا الرَّوْثَ وَالْخَرْءَ الْيَابِسَ فَيُصِيبُ وُجُوهَنَا وَثِيَابَنَا فَنَنْفُضُهُ أو قال فَنَمْسَحُهُ ثُمَّ لَا نَتَوَضَّأُ وَلَا نَغْسِلُهُ ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكُلُّ ما قلت يُوجِبُ الْوُضُوءَ على الرَّجُلِ في ذَكَرِهِ أَوْجَبَ على الْمَرْأَةِ إذَا مَسَّتْ فَرْجَهَا أو مَسَّتْ ذلك من زَوْجِهَا كَالرَّجُلِ لَا يَخْتَلِفَانِ أخبرنا الْقَاسِمُ بن عُبَيْدِ اللَّهِ بن عبد اللَّهِ بن عُمَرَ قال الرَّبِيعُ أَظُنُّهُ عن عُبَيْدِ اللَّهِ بن عُمَرَ عن الْقَاسِمِ عن عَائِشَةَ قالت إذَا مَسَّتْ الْمَرْأَةُ فَرْجَهَا تَوَضَّأَتْ
(1/20)
________________________________________
- * بَابٌ لَا وُضُوءَ مِمَّا يَطْعَمُ أَحَدٌ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن الزُّهْرِيِّ عن رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا جَعْفَرُ بن عَمْرِو بن أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ عن أبيه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَكَلَ كَتِفَ شَاةٍ ثُمَّ صلى ولم يَتَوَضَّأْ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا وُضُوءَ من كَلَامٍ وَإِنْ عَظُمَ وَلَا ضَحِكٍ في صَلَاةٍ وَلَا غَيْرِهَا
( قال ) وَرَوَى بن شِهَابٍ عن حُمَيْدِ بن عبد الرحمن عن أبي هُرَيْرَةَ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال من حَلَفَ بِاللَّاتِ فَلْيَقُلْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ قال بن شِهَابٍ ولم يَبْلُغْنِي أَنَّهُ ذَكَرَ في ذلك وُضُوءًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا وُضُوءَ في ذلك وَلَا في أَذَى أَحَدٍ وَلَا قَذْفٍ وَلَا غَيْرِهِ لِأَنَّهُ ليس من سَبِيلِ الْأَحْدَاثِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) وَرَوَى الْعَلَاءُ عن أبيه عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال أَعْفُوا اللِّحَى وَخُذُوا من الشَّوَارِبِ وَغَيِّرُوا الشَّيْبَ وَلَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَمَنْ تَوَضَّأَ ثُمَّ أَخَذَ من أَظْفَارِهِ وَرَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ وَشَارِبِهِ لم يَكُنْ عليه إعَادَةُ وُضُوءٍ وَهَذَا زِيَادَةُ نَظَافَةٍ وَطَهَارَةٍ وَكَذَلِكَ إنْ اسْتَحَدَّ وَلَوْ أَمَرَّ الْمَاءَ عليه لم يَكُنْ بِذَلِكَ بَأْسٌ ولم يَكُنْ فيه شَيْءٌ وَكَذَلِكَ كُلُّ حَلَالٍ أَكْلُهُ له رِيحٌ أو لَا رِيحَ له وَشُرْبُهُ لَبَنٍ أو غَيْرِهِ وَكَذَلِكَ لو مَاسَّ ذلك الْحَلَالُ جَسَدَهُ وَثَوْبَهُ لم يَكُنْ عليه غَسْلُهُ قد شَرِبَ بن عَبَّاسٍ لَبَنًا وَصَلَّى ولم يَمَسَّ مَاءً - * بَابٌ في الِاسْتِنْجَاءِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قال اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا برؤوسكم ( ( ( برءوسكم ) ) ) وَأَرْجُلَكُمْ إلَى الْكَعْبَيْنِ } + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فذكر اللَّهُ تَعَالَى الْوُضُوءَ وكان مَذْهَبُنَا أَنَّ ذلك إذَا قام النَّائِمُ من نَوْمِهِ ( قال ) وكان النَّائِمُ يَقُومُ من نَوْمِهِ لَا مُحْدِثًا خَلَاءً وَلَا بَوْلًا فَكَانَ الْوُضُوءُ الذي ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِدَلَالَةِ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَبِهَذَا نَأْخُذُ فَمَنْ أَكَلَ شيئا مَسَّتْهُ نَارٌ أو لم تَمَسَّهُ لم يَكُنْ عليه وُضُوءٌ وَكَذَلِكَ لو اُضْطُرَّ إلَى مَيْتَةٍ فَأَكَلَ منها لم يَجِبْ عليه وُضُوءٌ منه أَكَلَهَا نِيئَةً أو نَضِيجَةً وكان عليه أَنْ يَغْسِلَ يَدَهُ وَفَاهُ وما مَسَّتْ الْمَيْتَةُ منه لَا يَجْزِيهِ غَيْرُ ذلك فَإِنْ لم يَفْعَلْ غَسَلَهُ وَأَعَادَ كُلَّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا بَعْدَ أَكْلِهَا وَقَبْلَ غَسْلِهِ ما مَاسَّتْ الْمَيْتَةُ منه وَكَذَلِكَ كُلُّ مُحَرَّمٍ أَكْلُهُ لم تَجُزْ له الصَّلَاةُ حتى يَغْسِلَ ما مَاسَّ منه من يَدَيْهِ وَفِيهِ وَشَيْءٍ أَصَابَهُ غَيْرِهِمَا وَكُلُّ حَلَالٍ أَكْلُهُ أو شُرْبُهُ فَلَا وُضُوءَ منه كان ذَا رِيحٍ أو غير ذِي رِيحٍ شَرِبَ بن عَبَّاسٍ لَبَنًا ولم يَتَمَضْمَضْ قال ما بَالَيْتُهُ بَالَةً - * بَابُ الْكَلَامِ وَالْأَخْذِ من الشَّارِبِ - *
(1/21)
________________________________________
السُّنَّةِ على من لم يُحْدِثْ غَائِطًا وَلَا بَوْلًا دُونَ من أَحْدَثَ غَائِطًا أو بَوْلًا لِأَنَّهُمَا نَجِسَانِ يُمَاسَّانِ بَعْضَ الْبَدَنِ ( قال ) وَلَا اسْتِنْجَاءَ على أَحَدٍ وَجَبَ عليه وُضُوءٌ إلَّا بِأَنْ يَأْتِيَ منه غَائِطٌ أو بَوْلٌ فَيَسْتَنْجِيَ بِالْحِجَارَةِ أو الْمَاءِ
أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن مُحَمَّدِ بن عَجْلَانَ عن الْقَعْقَاعِ بن حَكِيمٍ عن أبي صَالِحٍ عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال إنَّمَا أنا لَكُمْ مِثْلُ الْوَالِدِ فإذا ذَهَبَ أحدكم إلَى الْغَائِطِ فَلَا يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ وَلَا يَسْتَدْبِرُهَا بِغَائِطٍ وَلَا بَوْلٍ وَلْيَسْتَنْجِ بثلاث ( ( ( بثلاثة ) ) ) أَحْجَارٍ وَنَهَى عن الرَّوْثِ وَالرِّمَّةِ وَأَنْ يَسْتَنْجِيَ الرَّجُلُ بِيَمِينِهِ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَمَنْ تَخَلَّى أو بَالَ لم يُجْزِهِ إلَّا أَنْ يَتَمَسَّحَ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ أو آجُرَّاتٍ أو مَقَابِسَ أو ما كان طَاهِرًا نَظِيفًا مِمَّا أَنْقَى نَقَاءَ الْحِجَارَةِ إذَا كان مِثْلَ التُّرَابِ وَالْحَشِيشِ وَالْخَزَفِ وَغَيْرِهَا ( قال ) وَإِنْ وَجَدَ حَجَرًا أو آجُرَّةً أو صِوَانَةً لها بِثَلَاثِ وُجُوهٍ فَامْتَسَحَ بِكُلِّ وَاحِدٍ منها امْتِسَاحَةً كانت كَثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ امْتَسَحَ بها فَإِنْ امْتَسَحَ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ فَعَلِمَ أَنَّهُ أَبْقَى أَثَرًا لم يُجْزِهِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ من الِامْتِسَاحِ على ما يَرَى أَنَّهُ لم يُبْقِ أَثَرًا قَائِمًا فَأَمَّا أَثَرٌ لَاصِقٌ لَا يُخْرِجُهُ إلَّا الْمَاءُ فَلَيْسَ عليه إنْقَاؤُهُ لِأَنَّهُ لو جَهِدَ لم يُنَقِّهِ بِغَيْرِ مَاءٍ ( قال ) وَلَا يَمْتَسِحُ بِحَجَرٍ عَلِمَ أَنَّهُ امْتَسَحَ بِهِ مَرَّةً إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنْ قد أَصَابَهُ مَاءٌ طَهَّرَهُ فَإِنْ لم يَعْلَمْ طُهْرَهُ بِمَاءٍ لم يُجْزِهِ الِامْتِسَاحُ بِهِ وَإِنْ لم يَكُنْ فيه أَثَرٌ وَكَذَلِكَ لو غَسَلَ بِمَاءِ الشَّجَرِ حتى يَذْهَبَ ما فيه لم يُجْزِهِ الِامْتِسَاحُ بِهِ وَلَا يُطَهِّرُهُ إلَّا الْمَاءُ الذي يُطَهِّرُ الْأَنْجَاسَ ( قال ) وَلَا يَسْتَنْجِي بِرَوْثَةٍ لِلْخَبَرِ فيه فَإِنَّهَا من الْأَنْجَاسِ لِأَنَّهَا رَجِيعٌ وَكَذَلِكَ كُلُّ رَجِيعٍ نَجِسٍ وَلَا بِعَظْمٍ لِلْخَبَرِ فيه فإنه وَإِنْ كان غير نَجِسٍ فَلَيْسَ بِنَظِيفٍ وَإِنَّمَا الطَّهَارَةُ بِنَظِيفٍ طَاهِرٍ وَلَا أَعْلَمُ شيئا في مَعْنَى الْعَظْمِ إلَّا جِلْدَ ذَكِيٍّ غير مَدْبُوغٍ فإنه ليس بِنَظِيفٍ وَإِنْ كان طَاهِرًا فَأَمَّا الْجِلْدُ الْمَدْبُوغُ فَنَظِيفٌ طَاهِرٌ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَسْتَنْجِيَ بِهِ ( قال ) وَيَسْتَنْجِي الرَّقِيقُ الْبَطْنِ وَالْغَلِيظُ بِالْحِجَارَةِ وما قام مَقَامَهَا ما لم يَعْدُ الْخَلَاءُ ما حَوْلَ مَخْرَجِهِ مِمَّا أَقْبَلَ عليه من بَاطِنِ الْأَلْيَتَيْنِ فَإِنْ خَرَجَ عن ذلك أَجْزَأَهُ فِيمَا بين الْأَلْيَتَيْنِ أَنْ يَسْتَنْجِيَ بِالْحِجَارَةِ ولم يُجْزِهِ فِيمَا انْتَشَرَ فَخَرَجَ عنهما إلَّا الْمَاءُ ولم يَزَلْ في الناس أَهْلُ رِقَّةِ بُطُونٍ وَغِلَظِهَا وَأَحْسَبُ رِقَّةَ الْبَطْنِ كانت في الْمُهَاجِرِينَ أَكْثَرَ لِأَكْلِهِمْ التَّمْرَ وَكَانُوا يَقْتَاتُونَهُ وَهُمْ الَّذِينَ أَمَرَهُمْ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِالِاسْتِنْجَاءِ ( قال ) وَالِاسْتِنْجَاءُ من الْبَوْلِ مِثْلُهُ من الْخَلَاءِ لَا يَخْتَلِفُ وإذا انْتَشَرَ الْبَوْلُ على ما أَقْبَلَ على الثُّقْبِ أَجْزَأَهُ الِاسْتِنْجَاءُ وإذا انْتَشَرَ حتى تَجَاوَزَ ذلك لم يُجْزِهِ فِيمَا جَاوَزَ ذلك إلَّا الْمَاءُ وَيَسْتَبْرِئُ الْبَائِلُ من الْبَوْلِ لِئَلَّا يَقْطُرَ عليه وَأَحَبُّ إلى أَنْ يَسْتَبْرِئَ من الْبَوْلِ وَيُقِيمَ سَاعَةً قبل الْوُضُوءِ ثُمَّ يَنْثُرَ ذَكَرَهُ قبل الِاسْتِنْجَاءِ ثُمَّ يَتَوَضَّأَ ( قال ) وإذا اسْتَنْجَى رَجُلٌ بِشَيْءٍ غَيْرِ الْمَاءِ لم يُجْزِهِ أَقَلُّ من ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ وَإِنْ أَنْقَى وَالِاسْتِنْجَاءُ كَافٍ وَلَوْ جَمَعَهُ رَجُلٌ ثُمَّ غَسَلَ بِالْمَاءِ كان أَحَبَّ إلَيَّ وَيُقَالَ إنَّ قَوْمًا من الْأَنْصَارِ اسْتَنْجَوْا بِالْمَاءِ فَنَزَلَتْ فِيهِمْ فيه رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاَللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِرِينَ وإذا اقْتَصَرَ الْمُسْتَنْجِي على الْمَاءِ دُونَ الْحِجَارَةِ أَجْزَأَهُ لِأَنَّهُ أَنْقَى من الْحِجَارَةِ وإذا اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ فَلَا عَدَدَ في الِاسْتِنْجَاءِ إلَّا أَنْ يَبْلُغَ من ذلك ما يَرَى أَنَّهُ قد أَنْقَى كُلَّ ما هُنَالِكَ وَلَا أَحْسَبُ ذلك يَكُونُ إلَّا في أَكْثَرَ من ثَلَاثِ مَرَّاتٍ وَثَلَاثٍ فَأَكْثَرَ ( قال ) وَإِنْ كانت بِرَجُلٍ بَوَاسِيرُ وَقُرُوحٌ قُرْبَ الْمَقْعَدَةِ أو في جَوْفِهَا فَسَالَتْ دَمًا أو قَيْحًا أو صَدِيدًا لم يُجْزِهِ فيه إلَّا الِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ وَلَا يَجْزِيهِ الْحِجَارَةُ وَالْمَاءُ طَهَارَةُ الْأَنْجَاسِ كُلِّهَا وَالرُّخْصَةُ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) الرِّمَّةُ الْعَظْمُ الْبَالِي قال الشَّاعِرُ % أَمَّا عِظَامُهَا فَرِمٌّ % وَأَمَّا لَحْمُهَا فَصَلِيبُ %
أخبرنا سُفْيَانُ قال أخبرنا هِشَامُ بن عُرْوَةَ قال أخبرني أبو وَجْزَةَ عن عُمَارَةَ بن خُزَيْمَةَ عن ثَابِتٍ عن أبيه أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال في الِاسْتِنْجَاءِ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ وَنَهَى عن الرَّوْثِ وَالرِّمَّةِ وَأَنْ يَسْتَنْجِيَ الرَّجُلُ بِيَمِينِهِ وَالثَّلَاثَةُ الْأَحْجَارُ ليس فِيهِنَّ رَجِيعٌ
(1/22)
________________________________________
في الِاسْتِنْجَاءِ بِالْحِجَارَةِ في مَوْضِعِهَا لَا يُعَدَّى بها مَوْضِعَهَا وَكَذَلِكَ الْخَلَاءُ وَالْبَوْلُ إذَا عَدَّوْا مَوْضِعَهُمَا فَأَصَابُوا غَيْرَهُ من الْجَسَدِ لم يُطَهِّرْهُمَا إلَّا الْمَاءُ وَيَسْتَنْجِي بِالْحِجَارَةِ في الْوُضُوءِ من يَجِدُ الْمَاءَ وَمَنْ لَا يَجِدُهُ وإذا تَخَلَّى رَجُلٌ ولم يَجِدْ الْمَاءَ وهو مِمَّنْ له التَّيَمُّمُ لم يُجْزِهِ إلَّا الِاسْتِنْجَاءُ ثُمَّ التَّيَمُّمُ وَإِنْ تَيَمَّمَ ثُمَّ اسْتَنْجَى لم يُجْزِهِ ذلك حتى يَكُونَ التَّيَمُّمُ بَعْدَ الِاسْتِنْجَاءِ قال الرَّبِيعُ وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ لِلشَّافِعِيِّ يُجْزِئُهُ التَّيَمُّمُ قبل الِاسْتِنْجَاءِ وإذا كان قد اسْتَنْجَى بَعْدَهُ لم يَمَسَّ ذَكَرَهُ وَلَا دُبُرَهُ بيده (1) ( قال الشَّافِعِيُّ )
أخبرنا سُفْيَانُ عن مُحَمَّدِ بن إِسْحَاقَ عن بن أبي عَتِيقٍ عن عَائِشَةَ رضي اللَّهُ عنها أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم قال السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) في هذا دَلِيلٌ على أَنَّ السِّوَاكَ ليس بِوَاجِبٍ وَأَنَّهُ اخْتِيَارٌ لِأَنَّهُ لو كان وَاجِبًا لَأَمَرَهُمْ بِهِ شَقَّ عليهم أو لم يَشُقَّ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وأستحب السِّوَاكُ عِنْدَ كل حَالٍ يَتَغَيَّرُ فيه الْفَمُ وَعِنْدَ الِاسْتِيقَاظِ من النَّوْمِ وَالْأَزْمِ وَأَكْلِ كل ما يُغَيِّرُ الْفَمَ وَشُرْبِهِ وَعِنْدَ الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا وَمَنْ تَرَكَهُ وَصَلَّى فَلَا يُعِيدُ صَلَاتَهُ وَلَا يَجِبُ عليه وُضُوءٌ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا وَجَبَ علي الرَّجُلِ الْغُسْلُ لم يُجْزِهِ في مَوْضِعِ الِاسْتِنْجَاءِ إلَّا الْغُسْلُ - * بَابُ السِّوَاكِ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن أبي الزِّنَادِ عن الْأَعْرَجِ عن أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ على أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كل وُضُوءٍ وَبِتَأْخِيرِ الْعِشَاءِ
(1/23)
________________________________________
- * بَابُ غُسْلِ الْيَدَيْنِ قبل الْوُضُوءِ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا أَدْخَلَ يَدَهُ في الْإِنَاءِ قبل أَنْ يَغْسِلَهَا وهو لَا يَسْتَيْقِنُ أَنَّ شيئا من النَّجَاسَةِ مَاسَّهَا لم يَفْسُدْ وضوؤه وَكَذَلِكَ إنْ شَكَّ أَنْ يَكُونَ مَاسَّهَا فَإِنْ كان الْيَدُ قد مَاسَّتْهُ نَجَاسَةٌ فَأَدْخَلَهَا في وُضُوئِهِ فَإِنْ كان الْمَاءُ الذي تَوَضَّأَ بِهِ أَقَلَّ من قُلَّتَيْنِ فَسَدَ الْمَاءُ فَأَهْرَاقَهُ وَغَسَلَ منه الْإِنَاءَ وَتَوَضَّأَ بِمَاءٍ غَيْرِهِ لَا يُجْزِئُهُ غَيْرُ ذلك وَإِنْ كان الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ أو أَكْثَرَ لم يَفْسُدْ الْمَاءُ وَتَوَضَّأَ وَطَهُرَتْ يَدُهُ بِدُخُولِهَا الْمَاءَ إنْ كانت نَجَاسَةً لَا أَثَرَ لها وَلَوْ كانت نَجَاسَةً لها أَثَرٌ أَخْرَجَهَا وَغَسَلَهَا حتى يَذْهَبَ الْأَثَرُ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ - * بَابُ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رحمه الله قال اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إلَى الْمَرَافِقِ } الْآيَةَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فلم أَعْلَمْ مُخَالِفًا في أَنَّ الْوَجْهَ الْمَفْرُوضَ غَسْلُهُ في الْوُضُوءِ ما ظَهَرَ دُونَ ما بَطَنَ وَأَنْ ليس على الرَّجُلِ أَنْ يَغْسِلَ عَيْنَيْهِ وَلَا أَنْ يَنْضَحَ فِيهِمَا فَكَانَتْ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ أَقْرَبَ إلَى الظُّهُورِ من الْعَيْنَيْنِ ولم أَعْلَمْ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ على الْمُتَوَضِّئِ فَرْضًا ولم أَعْلَمْ اخْتِلَافًا في أَنَّ الْمُتَوَضِّئَ لو تَرَكَهُمَا عَامِدًا أو نَاسِيًا وَصَلَّى لم يُعِدْ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَبْدَأَ الْمُتَوَضِّئُ بَعْدَ غَسْلِ يَدَيْهِ أَنْ يَتَمَضْمَضَ وَيَسْتَنْشِقَ ثَلَاثًا يَأْخُذَ بِكَفِّهِ غَرْفَةً لِفِيهِ وَأَنْفِهِ وَيُدْخِلَ الْمَاءَ أَنْفَهُ وَيَسْتَبْلِغَ بِقَدْرِ ما يَرَى أَنَّهُ يَأْخُذُ بِخَيَاشِيمِهِ وَلَا يَزِيدَ على ذلك وَلَا يَجْعَلَهُ كَالسَّعُوطِ وَإِنْ كان صَائِمًا رَفَقَ بِالِاسْتِنْشَاقِ لِئَلَّا يَدْخُلَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) ذَكَرَ اللَّهُ عز وجل الْوُضُوءَ فَبَدَأَ فيه بِغَسْلِ الْوَجْهِ فَدَلَّ على أَنَّ الْوُضُوءَ على من قام من النَّوْمِ كما ذَكَرَ اللَّهُ عز وَعَلَا دُونَ الْبَائِلِ وَالْمُتَغَوِّطِ لِأَنَّ النَّائِمَ لم يُحْدِثْ خَلَاءً وَلَا بَوْلًا وَأُحِبُّ غَسْلَ الْيَدَيْنِ قبل إدْخَالِهِمَا الْإِنَاءَ لِلْوُضُوءِ لِلسُّنَّةِ لَا لِلْفَرْضِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ عن أبي الزِّنَادِ عن الْأَعْرَجِ عن أبي هُرَيْرَةَ قال قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إذَا اسْتَيْقَظَ أحدكم من نَوْمِهِ فَلْيَغْسِلْ يَدَيْهِ قبل إدْخَالِهِمَا في الْوُضُوءِ فإن أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا سُفْيَانُ عن أبي الزِّنَادِ عن الْأَعْرَجِ عن أبي هُرَيْرَةَ قال قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إذَا اسْتَيْقَظَ أحدكم من مَنَامِهِ فَلَا يَغْمِسُ يَدَهُ في الْإِنَاءِ حتى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا فإنه لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ
أخبرنا سُفْيَانُ عن الزُّهْرِيِّ عن أبي سَلَمَةَ عن أبي هُرَيْرَةَ عن النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم مثله
(1/24)
________________________________________
رَأْسَهُ وَإِنَّمَا أَكَّدْت الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ دُونَ غَسْلِ الْعَيْنَيْنِ لِلسُّنَّةِ وَأَنَّ الْفَمَ يَتَغَيَّرُ وَكَذَلِكَ الْأَنْفُ وَأَنَّ الْمَاءَ يَقْطَعُ من تَغَيُّرِهِمَا وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ الْعَيْنَانِ وَإِنْ تَرَكَ مُتَوَضِّئٌ أو جُنُبٌ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ وَصَلَّى لم تَكُنْ عليه إعَادَةٌ لِمَا وَصَفْت وَأَحَبُّ إلى أَنْ لَا يَدَعَهُمَا وَإِنْ تَرَكَهُمَا أَنْ يَتَمَضْمَضَ وَيَسْتَنْشِقَ - * بَابُ غُسْلِ الْوَجْهِ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) قال اللَّهُ جل وعز { وَأَيْدِيَكُمْ إلَى الْمَرَافِقِ } فلم أَعْلَمْ مُخَالِفًا في أَنَّ الْمَرَافِقَ مِمَّا يُغْسَلُ كَأَنَّهُمْ ذَهَبُوا إلَى أَنَّ مَعْنَاهَا فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إلَى أَنْ تُغْسَلَ الْمَرَافِقُ وَلَا يجزئ في غَسْلِ الْيَدَيْنِ أَبَدًا إلَّا أَنْ يُؤْتَى على ما بين
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) قال اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ } فَكَانَ مَعْقُولًا أَنَّ الْوَجْهَ ما دُونَ مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ إلَى الْأُذُنَيْنِ وَاللَّحْيَيْنِ وَالذَّقَنِ وَلَيْسَ ما جَاوَزَ مَنَابِتَ شَعْرِ الرَّأْسِ الْأَغَمِّ من النَّزْعَتَيْنِ من الرَّأْسِ وَكَذَلِكَ أَصْلَعُ مُقَدَّمِ الرَّأْسِ لَيْسَتْ صَلْعَتُهُ من الْوَجْهِ وَأَحَبُّ إلَيَّ لو غَسَلَ النَّزْعَتَيْنِ مع الْوَجْهِ وَإِنْ تَرَكَ ذلك لم يَكُنْ عليه في تَرْكِهِ شَيْءٌ فإذا خَرَجَتْ لِحْيَةُ الرَّجُلِ فلم تَكْثُرْ حتى توارى من وَجْهِهِ شيئا فَعَلَيْهِ غُسْلُ الْوَجْهِ كما كان قبل أَنْ تَنْبُتَ فإذا كَثُرَتْ حتى تَسْتُرَ مَوْضِعَهَا من الْوَجْهِ فَالِاحْتِيَاطُ غَسْلُهَا كُلُّهَا وَلَا أَعْلَمُهُ يَجِبُ غَسْلُهَا كُلُّهَا وَإِنَّمَا قُلْت لَا أَعْلَمُ يَجِبُ غَسْلُهَا كُلُّهَا بِقَوْلِ الْأَكْثَرِ وَالْأَعَمِّ مِمَّنْ لَقِيت وحكى لي عنه من أَهْلِ الْعِلْمِ وَبِأَنَّ الْوَجْهَ نَفْسَهُ ما لَا شَعْرَ عليه إلَّا شَعْرُ الْحَاجِبِ وَأَشْفَارُ الْعَيْنَيْنِ وَالشَّارِبُ وَالْعَنْفَقَةُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ وَجْهٌ دُونَ ما أَقْبَلَ من الرَّأْسِ وما أَقْبَلَ من الرَّأْسِ وَجْهٌ في الْمَعْنَى لِأَنَّهُ مُوَاجِهٌ وَإِنَّمَا كان ما وَصَفْت من حَاجِبٍ وَشَارِبٍ وَعَنْفَقَةٍ وَعَلَيْهِ شَعْرٌ وَجْهًا من أَنَّ كُلَّهُ مَحْدُودٌ من أَعْلَاهُ وَأَسْفَلِهِ بِشَيْءٍ من الْوَجْهِ مَكْشُوفٍ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ من الْوَجْهِ مَكْشُوفًا لَا يُغْسَلُ وَلَا أَنْ يَكُونَ الْوَجْهُ فَهُوَ وَاحِدٌ مُنْقَطِعًا أَسْفَلُهُ وَأَعْلَاهُ وَجَنْبَاهُ وَجْهٌ وما بين هذا ليس بِوَجْهٍ وَاللِّحْيَةُ فَهِيَ شَيْئَانِ فَعَذَارُ اللِّحْيَةِ الْمُتَّصِلُ بِالصُّدْغَيْنِ الذي من وَرَائِهِ شَيْءٌ من الْوَجْهِ وَالْوَاصِلُ بِهِ الْقَلِيلُ الشَّعْرِ في حُكْمِ شعر الْحَاجِبَيْنِ لَا يُجْزِئُ فيه إلَّا الْغُسْلُ له لِأَنَّهُ مَحْدُودٌ بِالْوَجْهِ كما وَصَفْت وَأَنَّ شَعْرَهُ لَا يَكْثُرُ عن أَنْ يَنَالَهُ الْمَاءُ كما يَنَالَ الْحَاجِبَيْنِ وَالشَّارِبَيْنِ وَالْعَنْفَقَةَ وَهِيَ على الذَّقَنِ وما وَالَى الذَّقَنَ من اللَّحْيَيْنِ فَهَذَا مُجْتَمَعُ اللِّحْيَةِ بِمُنْقَطِعِ اللِّحْيَةِ فيجزي ( ( ( فيجزئ ) ) ) في هذا أَنْ يَغْسِلَ ظَاهِرَ شَعْرِهِ مع غَسْلِ شَعْرِ الْوَجْهِ وَلَا يُجْزِئُ تَرْكُهُ من الْمَاءِ وَلَا أَرَى ما تَحْتَ مَنَابِتِ مُجْتَمَعِ اللِّحْيَةِ وَاجِبَ الْغُسْلِ وإذا لم يَجِبْ غَسْلُهُ لم يَجِبْ تَخْلِيلُهُ وَيُمِرُّ الْمَاءَ على ظَهْرِ شَعْرِ اللِّحْيَةِ كما يُمِرُّهُ على وَجْهِهِ وما مَسَحَ من ظاهر ( ( ( مظاهر ) ) ) شَعْرِ الرَّأْسِ لَا يُجْزِيهِ غَيْرُ ذلك وَإِنْ كان إبِطًا أو كان ما بين مَنَابِتِ لِحْيَتِهِ مُنْقَطِعًا بَادِيًا من الْوَجْهِ لم يُجْزِهِ إلَّا غَسْلُهُ وَكَذَلِكَ لو كان بَعْضُ شَعْرِ اللِّحْيَةِ قَلِيلًا كَشَعْرِ الْعَنْفَقَةِ وَالشَّارِبِ وَعِذَارِ اللِّحْيَةِ لم يُجْزِهِ إلَّا غَسْلُهُ وَكَذَلِكَ لو كانت اللِّحْيَةُ كُلُّهَا قَلِيلًا لَاصِقَةً كَهِيَ حين تَنْبُتُ وَجَبَ عليه غَسْلُهَا إنَّمَا لَا يَجِبُ عليه غَسْلُهَا إذَا كَثُرَتْ فَكَانَتْ إذَا أَسْبَغَ الْمَاءَ على اللِّحْيَةِ حَالَ الشَّعْرُ لِكَثْرَتِهِ دُونَ الْبَشَرَةِ فإذا كانت هَكَذَا لم يَجِبْ غَسْلُ ما كان هَكَذَا من مُجْتَمَعِ اللِّحْيَةِ وَوَجَبَ عليه إمْرَارُ الْمَاءِ عليها بَالِغًا منها حَيْثُ بَلَغَ كما يَصْنَعُ في الْوَجْهِ وَأُحِبُّ أَنْ يُمِرَّ الْمَاءَ على جَمِيعِ ما سَقَطَ من اللِّحْيَةِ عن الْوَجْهِ وَإِنْ لم يَفْعَلْ فَأَمْرُهُ على ما على الْوَجْهِ فَفِيهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا لَا يَجْزِيهِ لِأَنَّ اللِّحْيَةَ تَنْزِلُ وَجْهًا وَالْآخَرُ يَجْزِيهِ إذَا أَمَرَّهُ على ما على الْوَجْهِ منه - * بَابُ غَسْلِ الْيَدَيْنِ - *
(1/25)
________________________________________
أَطْرَافِ الْأَصَابِعِ إلَى أَنْ تُغْسَلَ الْمَرَافِقُ وَلَا يجزئ إلَّا أَنْ يُؤْتَى بِالْغُسْلِ على ظَاهِرِ الْيَدَيْنِ وَبَاطِنِهِمَا وَحُرُوفِهِمَا حتى ينقضى غَسْلُهُمَا وَإِنْ تُرِكَ من هذا شَيْءٌ وَإِنْ قَلَّ لم يَجُزْ وَيَبْدَأُ بِالْيُمْنَى من يَدَيْهِ قبل الْيُسْرَى فَإِنْ بَدَأَ بِالْيُسْرَى قبل الْيُمْنَى كَرِهْت ذلك وَلَا أَرَى عليه إعَادَةً وإذا كان الْمُتَوَضِّئُ أَقْطَعَ غَسَلَ ما بقى حتى يَغْسِلَ الْمِرْفَقَيْنِ فَإِنْ كان أَقْطَعَهُمَا من فَوْقِ الْمِرْفَقَيْنِ غَسَلَ ما بقى من الْمِرْفَقَيْنِ وَإِنْ كان أَقْطَعَهُمَا من الْمِرْفَقَيْنِ ولم يَبْقَ من الْمِرْفَقَيْنِ شَيْءٌ فَقَدْ ارْتَفَعَ عنه فَرْضُ غَسْلِ الْيَدَيْنِ وَأَحَبُّ إلَيَّ لو أَمَسَّ أَطْرَافَ ما بقى من يَدَيْهِ أو مَنْكِبَيْهِ غَسْلًا وَإِنْ لم يَفْعَلْ لم يَضُرَّهُ ذلك - * بَابُ مَسْحِ الرَّأْسِ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) إذَا مَسَحَ الرَّجُلُ بِأَيِّ رَأْسِهِ شَاءَ إنْ كان لَا شَعْرَ عليه وَبِأَيِّ شَعْرِ رَأْسِهِ شَاءَ بِأُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ أو بَعْضِ أُصْبُعٍ أو بَطْنِ كَفِّهِ أو أَمَرَ من يَمْسَحُ بِهِ أَجْزَأَهُ ذلك فَكَذَلِكَ إنْ مَسَحَ نَزْعَتَيْهِ أو إحْدَاهُمَا أو بَعْضَهُمَا أَجْزَأَهُ لِأَنَّهُ من رَأْسِهِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا يحيى بن حَسَّانٍ عن حَمَّادِ بن زَيْدٍ وبن عليه عن أَيُّوبَ عن مُحَمَّدِ بن سِيرِينَ عن عَمْرِو بن وَهْبٍ الثَّقَفِيِّ عن الْمُغِيرَةِ بن شُعْبَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم تَوَضَّأَ وَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَعَلَى عِمَامَتِهِ وَخُفَّيْهِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مُسْلِمٌ عن بن جُرَيْجٍ عن عَطَاءٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم تَوَضَّأَ فَحَسِرَ الْعِمَامَةَ عن رَأْسِهِ وَمَسَحَ مُقَدَّمَ رَأْسِهِ أو قال نَاصِيَتَهُ بِالْمَاءِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن مُحَمَّدٍ عن عَلِيِّ بن يحيى عن بن سِيرِينَ عن الْمُغِيرَةِ بن شُعْبَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم مَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ أو قال مُقَدَّمَ رَأْسِهِ بِالْمَاءِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا أَذِنَ اللَّهُ تَعَالَى بِمَسْحِ الرَّأْسِ فَكَانَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم مُعْتَمًّا فَحَسَرَ الْعِمَامَةَ فَقَدْ دَلَّ على أَنَّ الْمَسْحَ على الرَّأْسِ دُونَهَا وَأُحِبُّ لو مَسَحَ على الْعِمَامَةِ مع الرَّأْسِ وَإِنْ تَرَكَ ذلك لم يَضُرَّهُ وَإِنْ مَسَحَ على الْعِمَامَةِ دُونَ الرَّأْسِ لم يُجْزِئْهُ ذلك وَكَذَلِكَ لو مَسَحَ على بُرْقُعٍ أو قُفَّازَيْنِ دُونَ الْوَجْهِ وَالذِّرَاعَيْنِ لم يُجْزِئْهُ ذلك وَلَوْ كان ذَا جُمَّةٍ فَمَسَحَ من شَعْرِ الْجُمَّةِ ما سَقَطَ عن أُصُولِ مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ لم ( ( ( ولم ) ) ) يُجْزِئْهُ وَلَا يُجْزِئُهُ إلَّا أَنْ يَمْسَحَ على الرَّأْسِ نَفْسِهِ أو على الشَّعْرِ الذي على نَفْسِ الرَّأْسِ لَا السَّاقِطِ عن الرَّأْسِ وَلَوْ جَمَعَ شَعْرَهُ فَعَقَدَهُ في وَسَطِ رَأْسِهِ فَمَسَحَ ذلك الْمَوْضِعَ وكان الذي يَمْسَحُ بِهِ الشَّعْرَ السَّاقِطَ عن مَنَابِتِ شَعْرِ الرَّأْسِ لم يُجْزِهِ وَإِنْ كان مَسَحَ بِشَيْءٍ من الشَّعْرِ على مَنَابِتِ الرَّأْسِ بعد ما أُزِيلَ عن مَنْبَتِهِ لم يُجِزْهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ شَعْرٌ على غَيْرِ مَنْبَتِهِ فَهُوَ كَالْعِمَامَةِ وَلَا يجزئ الْمَسْحُ على الشَّعْرِ حتى يَمْسَحَ على الشَّعْرِ في مَوْضِعِ مَنَابِتِهِ فَتَقَعُ الطَّهَارَةُ عليه كما تَقَعُ على الرَّأْسِ نَفْسِهِ وَالِاخْتِيَارُ له أَنْ يَأْخُذَ الْمَاءَ بِيَدَيْهِ فَيَمْسَحَ بِهِمَا رَأْسَهُ مَعًا يُقْبِلُ بِهِمَا وَيُدْبِرُ يَبْدَأُ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ ثُمَّ يَذْهَبَ بِهِمَا إلَى قَفَاهُ ثُمَّ يَرُدَّهُمَا حتى يَرْجِعَ إلَى الْمَكَانِ الذي بَدَأَ منه وَهَكَذَا رُوِيَ أَنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم مَسَحَ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ عن عَمْرِو بن يحيى الْمَازِنِيِّ عن أبيه أَنَّهُ قال قُلْت لِعَبْدِ اللَّهِ بن زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ هل تَسْتَطِيعُ أَنْ تُرِيَنِي كَيْفَ كان رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يَتَوَضَّأُ فقال عبد اللَّهِ بن زَيْدٍ نعم وَدَعَا بِوُضُوءٍ فَأَفْرَغَ على يَدَيْهِ فَغَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ وَتَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ غَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ وَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ ثُمَّ ذَهَبَ بِهِمَا إلَى قَفَاهُ ثُمَّ رَدَّهُمَا إلَى الْمَوْضِعِ الذي بَدَأَ منه ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأُحِبُّ لو مَسَحَ رَأْسَهُ ثَلَاثًا وَوَاحِدَةً تُجْزِئُهُ وَأُحِبُّ أَنْ يَمْسَحَ ظَاهِرَ أُذُنَيْهِ وَبَاطِنَهُمَا بِمَاءٍ غَيْرِ مَاءِ الرَّأْسِ وَيَأْخُذَ بِأُصْبُعَيْهِ الْمَاءَ لِأُذُنَيْهِ فَيُدْخِلَهُمَا
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قال اللَّهُ تَعَالَى { وَامْسَحُوا برؤوسكم ( ( ( برءوسكم ) ) ) } وكان مَعْقُولًا في الْآيَةِ أَنَّ من مَسَحَ من رَأْسِهِ شيئا فَقَدْ مَسَحَ بِرَأْسِهِ ولم تَحْتَمِلْ الْآيَةُ إلَّا هذا وهو أَظْهَرُ مَعَانِيهَا أو مَسَحَ الرَّأْسَ كُلَّهُ وَدَلَّتْ السُّنَّةُ على أَنْ ليس على الْمَرْءِ مَسْحُ الرَّأْسِ كُلِّهِ وإذا دَلَّتْ السُّنَّةُ على ذلك فَمَعْنَى الْآيَةِ أَنَّ من مَسَحَ شيئا من رَأْسِهِ أَجْزَأَهُ
(1/26)
________________________________________
فِيمَا ظَهَرَ من الْفُرْجَةِ التي تُفْضِي إلَى الصِّمَاخِ وَلَوْ تَرَكَ مَسْحَ الْأُذُنَيْنِ لم يُعِدْ لِأَنَّهُمَا لو كَانَتَا من الْوَجْهِ غُسِلَتَا معه أو من الرَّأْسِ مُسِحَتَا معه أو وَحْدَهُمَا أَجْزَأَتَا منه فإذا لم يَكُونَا هَكَذَا فلم يُذْكَرَا في الْفَرْضِ وَلَوْ كَانَتَا من الرَّأْسِ كَفَى مَاسِحَهُمَا أَنْ يَمْسَحَ بِالرَّأْسِ كما يكفى مِمَّا يَبْقَى من الرَّأْسِ - * بَابُ غُسْلِ الرِّجْلَيْنِ - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) ولم أَسْمَعْ مُخَالِفًا في أَنَّ الْكَعْبَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَ اللَّهُ عز وجل في الْوُضُوءِ الْكَعْبَانِ النَّاتِئَانِ وَهُمَا مَجْمَعُ مَفْصِلِ السَّاقِ وَالْقَدَمِ وَأَنَّ عَلَيْهِمَا الْغُسْلَ كَأَنَّهُ يَذْهَبُ فِيهِمَا إلَى اغْسِلُوا أَرْجُلَكُمْ حتى تَغْسِلُوا الْكَعْبَيْنِ وَلَا يُجْزِئُ الْمَرْءَ إلَّا غُسْلُ ظَاهِرِ قَدَمَيْهِ وباطنهما ( ( ( وباطنه ) ) ) وَعُرْقُوبَيْهِمَا وَكَعْبَيْهِمَا حتى يَسْتَوْظِفَ كُلَّ ما أَشْرَفَ من الْكَعْبَيْنِ عن أَصْلِ السَّاقِ فَيَبْدَأُ فَيَنْصِبُ قَدَمَيْهِ ثُمَّ يَصُبُّ عَلَيْهِمَا الْمَاءَ بِيَمِينِهِ أو يَصُبُّ عليه غَيْرُهُ وَيُخَلِّلُ أَصَابِعَهُمَا حتى يَأْتِيَ الْمَاءُ على ما بين أَصَابِعِهِمَا وَلَا يُجْزِئُهُ تَرْكُ تَخْلِيلِ الْأَصَابِعِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْمَاءَ قد أتى على جَمِيعِ ما بين الْأَصَابِعِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا يحيى بن سُلَيْمٍ قال حدثني أبو هَاشِمٍ إسْمَاعِيلُ بن كَثِيرٍ عن عَاصِمِ بن لَقِيطِ بن صُبْرَةَ عن أبيه قال كُنْت وَافِدَ بَنِي الْمُنْتَفِقِ أو في وَفْدِ بَنِي الْمُنْتَفِقِ إلَى رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَأَتَيْنَاهُ فلم نُصَادِفْهُ وَصَادَفْنَا عَائِشَةَ رضي اللَّهُ عنها فَأَتَتْنَا بِقِنَاعٍ فيه تَمْرٌ وَالْقِنَاعُ الطَّبَقُ فَأَكَلْنَا وَأَمَرَتْ لنا بِحَرِيرَةٍ فَصُنِعَتْ فَأَكَلْنَا فلم نَلْبَثْ أَنْ جاء رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فقال هل أَكَلْتُمْ شيئا هل أُمِرَ لَكُمْ بِشَيْءٍ فَقُلْنَا نعم فلم نَلْبَثْ أَنْ دَفَعَ الرَّاعِي غَنَمَهُ فإذا سَخْلَةٌ تَيْعَرُ قال هِيهِ يا فُلَانُ ما وَلَدَتْ قال بَهْمَةً قال فَاذْبَحْ لنا مَكَانَهَا شَاةً ثُمَّ انْحَرَفَ إلَيَّ وقال لي لَا تَحْسَبَنَّ ولم يَقُلْ لَا تَحْسَبَنَّ أَنَّا من أَجْلِك ذَبَحْنَاهَا لنا غَنَمٌ مِائَةٌ لَا نُرِيدُ أَنْ تَزِيدَ فإذا وَلَدَ الرَّاعِي بَهْمَةً ذَبَحْنَا مَكَانَهَا شَاةً قُلْت يا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ لي امْرَأَةً في لِسَانِهَا شَيْءٌ يَعْنِي الْبَذَاءَ قال طَلِّقْهَا إذًا قُلْت إنَّ لي منها وَلَدًا وَإِنَّ لها صُحْبَةً قال فَمُرْهَا يقول عِظْهَا فَإِنْ يَكُ فيها خَيْرٌ فَسَتَعْقِلُ وَلَا تَضْرِبَنَّ ظَعِينَتَك كَضَرْبِك أَمَتَك قُلْت يا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي عن الْوُضُوءِ قال أَسْبِغْ الْوُضُوءَ وَخَلِّلْ بين الْأَصَابِعِ وَبَالِغْ في الِاسْتِنْشَاقِ إلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ كان في أَصَابِعِهِ شَيْءٌ خُلِقَ مُلْتَصِقًا غَلْغَلَ الْمَاءَ على عُضْوَيْهِ حتى يَصِلَ الْمَاءُ إلَى ما ظَهَرَ من جِلْدِهِ لَا يَجْزِيهِ غَيْرُ ذلك وَلَيْسَ عليه أَنْ يَفْتُقَ ما خُلِقَ مُرْتَتِقًا مِنْهُمَا
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قال اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { وَأَرْجُلَكُمْ إلَى الْكَعْبَيْنِ } قال الشَّافِعِيُّ وَنَحْنُ نَقْرَؤُهَا وَأَرْجُلَكُمْ على مَعْنَى اغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ
(1/27)
________________________________________
- * بَابُ مَقَامِ الموضىء ( ( ( الموضئ ) ) ) - * (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) في مِثْلِ هذا الْمَعْنَى إنَّ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم كان يَغْتَسِلُ وَبَعْضُ نِسَائِهِ من إنَاءٍ وَاحِدٍ فإذا تَوَضَّأَ الناس مَعًا فَفِي هذا دَلِيلٌ على أَنَّهُ لَا وَقْتَ فِيمَا يَطْهُرُ من المتوضيء ( ( ( المتوضئ ) ) ) من الْمَاءِ إلَّا الْإِتْيَانُ على ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ من غَسْلٍ وَمَسْحٍ وَكَذَلِكَ إذَا اغْتَسَلَ الِاثْنَانِ مَعًا فإذا أتى الْمَرْءُ على ما أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ من غَسْلٍ وَمَسْحٍ فَقَدْ أَدَّى ما عليه قَلَّ الْمَاءُ أو كَثُرَ وقد يُرْفِقُ بِالْمَاءِ الْقَلِيلِ فَيَكْفِي وَيَخْرِقُ بِالْكَثِيرِ فَلَا يَكْفِي وَأَقَلُّ ما يَكْفِي فِيمَا أُمِرَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وإذا قام رَجُلٌ يوضيء ( ( ( يوضئ ) ) ) رَجُلًا قام عن يَسَارِ المتوضيء ( ( ( المتوضئ ) ) ) لِأَنَّهُ أَمْكَنُ له من الْمَاءِ وَأَحْسَنُ في الْأَدَبِ وَإِنْ قام عن يَمِينِهِ أو حَيْثُ قام إذَا صَبَّ عليه الْمَاءَ فَتَوَضَّأَ أَجْزَأَهُ لِأَنَّ الْفَرْضَ إنَّمَا هو في الْوُضُوءِ لَا في مَقَامِ الموضيء ( ( ( الموضئ ) ) ) - * بَابُ قَدْرِ الْمَاءِ الذي يُتَوَضَّأُ بِهِ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرنا مَالِكٌ عن إِسْحَاقَ بن عبد اللَّهِ بن أبي طَلْحَةَ عن أَنَسِ بن مَالِكٍ قال رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَحَانَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَالْتَمَسَ الناس الْوُضُوءَ فلم يَجِدُوهُ فَأَتَى رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِوُضُوءٍ فَوَضَعَ يَدَهُ في ذلك الْإِنَاءِ وَأَمَرَ الناس أَنْ يَتَوَضَّئُوا منه قال فَرَأَيْت الْمَاءَ يَنْبُعُ من بَيْنِ أَصَابِعِهِ فَتَوَضَّأَ الناس حتى تَوَضَّئُوا من عِنْدِ آخِرِهِمْ
(1/28)
________________________________________
بِغَسْلِهِ أَنْ يَأْخُذَ له الْمَاءَ ثُمَّ يُجْرِيَهُ على الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ فَإِنْ جَرَى الْمَاءُ بِنَفْسِهِ حتى أتى على جَمِيعِ ذلك أَجْزَأَهُ وَإِنْ أَمَرَّ بِهِ على يَدِهِ وكان ذلك بِتَحْرِيكٍ له بِالْيَدَيْنِ كان أَنْقَى وكان أَحَبَّ إلَيَّ وَإِنْ كان على شَيْءٍ من أَعْضَائِهِ مِشْقٌ أو غَيْرُهُ مِمَّا يَصْبُغُ الْجَسَدَ فَأَمَرَّ الْمَاءَ عليه فلم يَذْهَبْ لم يَكُنْ عليه إعَادَةُ غَسْلِ الْعُضْوِ إذَا أَجْرَى الْمَاءَ عليه فَقَدْ جاء بِأَقَلَّ ما يَلْزَمُهُ وَأَحَبَّ إلى لو غَسَلَهُ حتى يَذْهَبَ كُلَّهُ وَإِنْ كان عليه عِلْكٌ أو شَيْءٌ ثَخِينٌ فَيَمْنَعُ الْمَاءَ أَنْ يَصِلَ إلَى الْجِلْدِ لم يُجْزِهِ وُضُوءُ ذلك الْعُضْوِ حتى يُزِيلَ عنه ذلك أو يُزِيلَ منه ما يَعْلَمُ أَنَّ الْمَاءَ قد مَاسَّ معه الْجِلْدَ كُلَّهُ لَا حَائِلَ دُونَهُ فَأَمَّا الرَّأْسُ فَيَأْخُذُ من الْمَاءِ بِمَا شَاءَ من يَدِهِ ثُمَّ يَمْسَحُ بِرَأْسِهِ إذَا وَصَلَ إلَيْهِ أؤ شَعْرَهُ الذي عليه فَإِنْ كان أَيْضًا دُونَ ما يَمْسَحُ من شَعْرِهِ حَائِلٌ لم يُجْزِهِ وَكَذَلِكَ إنْ كان دُونَ الرَّأْسِ حَائِلٌ وَلَا شَعْرَ عليه لم يُجْزِهِ حتى يُزِيلَ الْحَائِلَ فَيُبَاشِرَ بِالْمَسْحِ رَأْسَهُ أو شَعْرَهُ وَإِنْ انْغَمَسَ في مَاءٍ جَارٍ أو نَاقِعٍ لَا يَنْجُسُ انغماسه تَأْتِي على جَمِيعِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ يَنْوِي الطَّهَارَةَ بها أَجْزَأَهُ وَكَذَلِكَ إنْ جَلَسَ تَحْتَ مَصَبِّ مَاءٍ أؤ سِرْبٍ لِلْمَطَرِ أو مَطَرٍ يَنْوِي بِهِ الطَّهَارَةَ فَيَأْتِي الْمَاءُ على جَمِيعِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ حتى لَا يَبْقَى منها شَيْءٌ أَجْزَأَهُ وَلَا يُجْزِئُ الْوُضُوءُ إلَّا بِنِيَّةٍ وَيَكْفِيهِ من النِّيَّةِ فيه أَنْ يَتَوَضَّأَ يَنْوِي طَهَارَةً من حَدَثٍ أو طَهَارَةً لِصَلَاةِ فَرِيضَةٍ أو نَافِلَةٍ أو لِقِرَاءَةِ مُصْحَفٍ أو صَلَاةٍ على جِنَازَةٍ أو مِمَّا أَشْبَهَ هذا مِمَّا لَا يَفْعَلُهُ إلَّا طَاهِرٌ ( قال ) وَلَوْ وَضَّأَ بَعْضَ أَعْضَائِهِ بِلَا نِيَّةٍ ثُمَّ نَوَى في الْبَاقِي لم يُجْزِهِ إلَّا أَنْ يَعُودَ لِلَّذِي وَضَّأَ بِلَا نِيَّةٍ فَيُحْدِثَ له نِيَّةً يُجْزِئُهُ بها الْوُضُوءُ قال أبو مُحَمَّدٍ وَيَغْسِلُ ما بَعْدَهُ وهو قَوْلُ الشَّافِعِيِّ في غَيْرِ هذا الْمَوْضِعِ وَيَغْسِلُ ما بَعْدَهُ (1)
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا قَدَّمَ النِّيَّةَ مع أَخْذِهِ في الْوُضُوءِ أَجْزَأَهُ الْوُضُوءُ فَإِنْ قَدَّمَهَا قَبْلُ ثُمَّ عَزَبَتْ عنه لم يُجْزِهِ وإذا تَوَضَّأَ وهو يَنْوِي الطَّهَارَةَ ثُمَّ عَزَبَتْ عنه النِّيَّةُ أَجْزَأَتْهُ نِيَّةٌ وَاحِدَةٌ فَيَسْتَبِيحُ بها الْوُضُوءَ ما لم يُحْدِثْ نِيَّةَ أَنْ يَتَبَرَّدَ بِالْمَاءِ أو يَتَنَظَّفَ بِالْمَاءِ لَا يَتَطَهَّرَ بِهِ وإذا وَضَّأَ وَجْهَهُ يَنْوِي الطَّهَارَةَ ثُمَّ نَوَى بِغُسْلِ يَدَيْهِ وما بقى من جَسَدِهِ التَّنْظِيفَ أو التَّبْرِيدَ لَا الطَّهَارَةَ لم يُجْزِهِ الْوُضُوءُ حتى يَعُودَ لِغَسْلِ أَعْضَائِهِ التي أَحْدَثَ فيها غير نِيَّةِ الطَّهَارَةِ فإذا وَضَّأَ نَفْسَهُ أو وَضَّأَ غَيْرَهُ فسوا ( ( ( فسواء ) ) ) وَيَأْخُذُ لِكُلِّ عُضْوٍ منه مَاءً غير الْمَاءِ الذي أَخَذَ لِلْآخَرِ وَلَوْ مَسَحَ رَأْسَهُ بِفَضْلِ بَلَلِ وُضُوءِ يَدَيْهِ أو مَسَحَ رَأْسَهُ بِبَلَلِ لِحْيَتِهِ لم يُجْزِهِ وَلَا يُجْزِئُهُ إلَّا مَاءٌ جَدِيدٌ ( قال الرَّبِيعُ ) وَلَوْ غَسَلَ وَجْهَهُ بِلَا نِيَّةِ طَهَارَةٍ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ غَسَلَ يَدَيْهِ بَعْدُ وَمَسَحَ رَأْسَهُ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ يَنْوِي الطَّهَارَةَ كان عليه أَنْ يُعِيدَ غَسْلَ الْوَجْهِ يَنْوِي بِهِ الطَّهَارَةَ وَغَسَلَ ما بَعْدَ ذلك مِمَّا غَسَلَ لَا يَنْوِي بِهِ الطَّهَارَةَ حتى يَأْتِيَ الْوُضُوءُ على ما ذَكَرَ اللَّهُ عز وجل من شَيْءٍ قبل شَيْءٍ وَإِنْ كان غَسَلَ وَجْهَهُ يَنْوِي الطَّهَارَةَ وَيَدَيْهِ وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ لَا يَنْوِي الطَّهَارَةَ كان عليه أَنْ يَغْسِلَ الرِّجْلَيْنِ فَقَطْ الذي لم يَنْوِ بِهِمَا طَهَارَةً وَلَوْ تَوَضَّأَ بِمَاءٍ غَمَسَ فيه ثَوْبًا لَيْسَتْ فيه نَجَاسَةٌ وَالْمَاءُ بِحَالِهِ لم يَخْلِطْهُ شَيْءٌ يَصِيرُ إلَيْهِ مُسْتَهْلِكًا فيه أَجْزَأَهُ الْوُضُوءُ بِهِ وَلَوْ تَوَضَّأَ بِفَضْلِ غَيْرِهِ أَجْزَأَهُ وَلَوْ تَوَضَّأَ بِمَاءٍ تَوَضَّأَ بِهِ رَجُلٌ لَا نَجَاسَةَ على أَعْضَائِهِ لم يُجْزِهِ لِأَنَّهُ مَاءٌ قد توضيء ( ( ( توضئ ) ) ) بِهِ وَكَذَلِكَ لو تَوَضَّأَ بِمَاءٍ قد اغْتَسَلَ فيه رَجُلٌ وَالْمَاءُ أَقَلُّ من قُلَّتَيْنِ لم يُجْزِهِ وَإِنْ كان الْمَاءُ خَمْسَ قِرَبٍ أو أَكْثَرَ فَانْغَمَس
(1/29)
________________________________________
فيه رَجُلٌ لَا نَجَاسَةَ عليه فَتَوَضَّأَ بِهِ أَجْزَأَهُ لِأَنَّ هذا لَا يُفْسِدُهُ وَإِنَّمَا قُلْت لَا يَتَوَضَّأُ رَجُلٌ بِمَاءٍ قد تَوَضَّأَ بِهِ غَيْرُهُ لِأَنَّ اللَّهَ عز وجل يقول { فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ } فَكَانَ مَعْقُولًا أَنَّ الْوَجْهَ لَا يَكُونُ مَغْسُولًا إلَّا بِأَنْ يُبْتَدَأَ له مَاءٌ فَيُغْسَلَ بِهِ ثُمَّ عليه في الْيَدَيْنِ عِنْدِي مِثْلُ ما عليه في الْوَجْهِ من أَنْ يَبْتَدِئَ له مَاءً فَيَغْسِلَهُ بِهِ وَلَوْ أَعَادَ عليه الْمَاءَ الذي غَسَلَ بِهِ الْوَجْهَ كان لم يُسَوِّ بين يَدَيْهِ وَوَجْهِهِ وَلَا يَكُونُ مُسَوِّيًا بَيْنَهُمَا حتى يَبْتَدِئَ لَهُمَا الْمَاءَ كما ابْتَدَأَ لِوَجْهِهِ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَخَذَ لِكُلِّ عُضْوٍ منه مَاءً جَدِيدًا وَلَوْ أَصَابَ هذا الْمَاءُ الذي تَوَضَّأَ بِهِ من غَيْرِ نَجَاسَةٍ على الْبَدَنِ ثَوْبَ الذي تَوَضَّأَ بِهِ أو غَيْرَهُ أو صُبَّ على الْأَرْضِ لم يَغْسِلْ منه الثَّوْبَ وَصَلَّى على الْأَرْضِ لِأَنَّهُ ليس بِنَجَسٍ فَإِنْ قال قَائِلٌ فَمِنْ أَيْنَ لم يَكُنْ نَجِسًا قِيلَ من قِبَلِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم تَوَضَّأَ وَلَا شَكَّ أَنَّ من الْوُضُوءِ ما يُصِيبُ ثِيَابَهُ ولم نَعْلَمْهُ غَسَلَ ثِيَابَهُ منه وَلَا أَبْدَلَهَا وَلَا عَلِمْت فَعَلَ ذلك أَحَدٌ من الْمُسْلِمِينَ فَكَانَ مَعْقُولًا إذَا لم يُمَاسَّ الْمَاءَ نَجَاسَةٌ لَا يَنْجُسُ فَإِنْ قِيلَ فَلِمَ لَا يَتَوَضَّأُ بِهِ إذَا لم يَكُنْ نَجِسًا قِيلَ لِمَا وَصَفْنَا وَإِنَّ على الناس تَعَبُّدًا في أَنْفُسِهِمْ بِالطَّهَارَةِ من غَيْرِ نَجَاسَةٍ تُمَاسَّ أَبْدَانَهُمْ وَلَيْسَ على ثَوْبٍ وَلَا على أَرْضٍ تَعَبُّدٌ وَلَا أَنْ يُمَاسَّهُ مَاءٌ من غَيْرِ نَجَاسَةٍ - * بَابُ تَقْدِيمِ الْوُضُوءِ وَمُتَابَعَتِهِ - * (1) ( وقال الشَّافِعِيُّ ) إنَّهُ إذَا انْصَرَفَ من رُعَافٍ أو غَيْرِهِ قبل أَنْ يُتِمَّ صَلَاتَهُ أَنَّهُ يَبْتَدِئُ الصَّلَاةَ ( قال الرَّبِيعُ ) رَجَعَ الشَّافِعِيُّ عن هذه
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قال اللَّهُ عز وجل { فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا برؤوسكم ( ( ( برءوسكم ) ) ) وَأَرْجُلَكُمْ إلَى الْكَعْبَيْنِ } قال وَتَوَضَّأَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم كما أَمَرَهُ اللَّهُ عز وجل وَبَدَأَ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ قال فَأَشْبَهَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ أَنْ يَكُونَ على المتوضيء ( ( ( المتوضئ ) ) ) في الْوُضُوءِ شَيْئَانِ أَنْ يَبْدَأَ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ ثُمَّ رَسُولُهُ عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِهِ منه وَيَأْتِي على إكْمَالِ ما أُمِرَ بِهِ فَمَنْ بَدَأَ بيده قبل وَجْهِهِ أو رَأْسِهِ قبل يَدَيْهِ أو رِجْلَيْهِ قبل رَأْسِهِ كان عليه عندى أَنْ يُعِيدَ حتى يَغْسِلَ كُلًّا في مَوْضِعِهِ بَعْدَ الذي قَبْلَهُ وَقَبْلَ الذي بَعْدَهُ لَا يَجْزِيهِ عِنْدِي غَيْرُ ذلك وَإِنْ صلى أَعَادَ الصَّلَاةَ بَعْدَ أَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ وَمَسْحَ الرَّأْسِ وَغَيْرُهُ في هذا سَوَاءٌ فإذا نسى مَسْحَ رَأْسِهِ حتى غَسَلَ رِجْلَيْهِ عَادَ فَمَسَحَ رَأْسَهُ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ بَعْدَهُ وَإِنَّمَا قُلْت يُعِيدُ كما قُلْت وقال غَيْرِي في قَوْلِ اللَّهِ عز وجل { إنَّ الصَّفَّا وَالْمَرْوَةَ من شَعَائِرِ اللَّهِ } فَبَدَأَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِالصَّفَا وقال نَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ ولم أَعْلَمْ خِلَافًا أَنَّهُ لو بَدَأَ بِالْمَرْوَةِ أَلْغَى طَوَافًا حتى يَكُونَ بَدْؤُهُ بِالصَّفَا وَكَمَا قُلْنَا في الْجِمَارِ إنْ بَدَأَ بِالْآخِرَةِ قبل الْأُولَى أَعَادَ حتى تَكُونَ بَعْدَهَا وَإِنْ بَدَأَ بِالطَّوَافِ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قبل الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ أَعَادَ فَكَانَ الْوُضُوءُ في هذا الْمَعْنَى أَوْكَدَ من بَعْضِهِ عندى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ( قال ) وَذَكَرَ اللَّهُ عز وجل الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ مَعًا فَأُحِبُّ أَنْ يَبْدَأَ بِالْيُمْنَى قبل الْيُسْرَى وَإِنْ بَدَأَ بِالْيُسْرَى قبل الْيُمْنَى فَقَدْ أَسَاءَ وَلَا إعَادَةَ عليه وَأُحِبُّ أَنْ يُتَابِعَ الْوُضُوءَ وَلَا يُفَرِّقَهُ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم جاء بِهِ مُتَتَابِعًا وَلِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ جاؤوا بِالطَّوَافِ ورمى الْجِمَارِ وما أَشْبَهَهُمَا من الْأَعْمَالِ مُتَتَابِعَةً وَلَا حَدَّ لِلتَّتَابُعِ إلَّا ما يَعْلَمُهُ الناس من أَنْ يَأْخُذَ الرَّجُلُ فيه ثُمَّ لَا يَكُونُ قَاطِعًا له حتى يُكْمِلَهُ إلَّا من عُذْرٍ وَالْعُذْرُ أَنْ يَفْزَعَ في مَوْضِعِهِ الذي تَوَضَّأَ فيه من سَيْلٍ أو هَدْمٍ أو حَرِيقٍ أو غَيْرِهِ فَيَتَحَوَّلَ إلَى غَيْرِهِ فَيَمْضِيَ فيه على وُضُوئِهِ أو يَقِلُّ بِهِ الْمَاءُ فَيَأْخُذُ الْمَاءَ ثُمَّ يَمْضِي على وُضُوئِهِ في الْوَجْهَيْنِ جميعا وَإِنْ جَفَّ وضوؤه كما يَعْرِضُ له في الصَّلَاةِ الرُّعَافُ وَغَيْرُهُ فَيَخْرُجُ ثُمَّ يبنى وَكَمَا يَقْطَعُ بِهِ الطَّوَافَ لِصَلَاةٍ أو رُعَافٍ أو انْتِقَاضِ وُضُوءٍ فَيَنْصَرِفُ ثُمَّ يبنى ( قال الرَّبِيعُ ) ثُمَّ رَجَعَ الشَّافِعِيُّ عن هذا بَعْدُ وقال عليه أَنْ يَبْتَدِئَ الصَّلَاةَ إذَا خَرَجَ من رُعَافٍ
(1/30)
________________________________________
الْمَسْأَلَةِ وقال إذَا حَوَّلَ وَجْهَهُ عن تَمَامِ الصَّلَاةِ عَامِدًا أَعَادَ الصَّلَاةَ إذَا خَرَجَ من رُعَافٍ وَغَيْرِهِ (1) ( قال ) وَهَذَا غَيْرُ مُتَابَعَةٍ لِلْوُضُوءِ وَلَعَلَّهُ قد جَفَّ وضوؤه وقد يَجِفُّ فِيمَا أَقَلَّ مِمَّا بين السُّوقِ وَالْمَسْجِدِ وَأَجِدُهُ حين تَرَكَ مَوْضِعَ وُضُوئِهِ وَصَارَ إلَى الْمَسْجِدِ آخِذًا في عَمَلٍ غَيْرِ الْوُضُوءِ وَقَاطِعًا له ( قال ) وفي مَذْهَبِ كَثِيرٍ من أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا رَمَى الْجَمْرَةَ الْأُولَى ثُمَّ الْآخِرَةَ ثُمَّ الْوُسْطَى أَعَادَ الْوُسْطَى وَالْآخِرَةَ حتى يَكُونَا في مَوْضِعِهِمَا ولم يُعِدْ الْأُولَى وهو دَلِيلٌ في قَوْلِهِمْ على أَنَّ تَقْطِيعَ الْوُضُوءِ لَا يَمْنَعُهُ أَنْ يجزئ عنه كما قَطَعَ الذي رَمَى الْجَمْرَةَ الْأُولَى رَمْيَهَا إلَى الْآخِرَةِ فلم يَمْنَعْهُ أَنْ تجزى عنه الْوُسْطَى - * بَابُ التَّسْمِيَةِ على الْوُضُوءِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَأُحِبُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يسمى اللَّهَ عز وجل في ابْتِدَاءِ وُضُوئِهِ فَإِنْ سَهَا سَمَّى مَتَى ذَكَرَ وَإِنْ كان قبل أَنْ يُكْمِلَ الْوُضُوءَ وَإِنْ تَرَكَ التَّسْمِيَةَ نَاسِيًا أو عَامِدًا لم يَفْسُدْ وضوؤه إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - * بَابُ عَدَدِ الْوُضُوءِ وَالْحَدِّ فيه - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا عبد الْعَزِيزِ بن مُحَمَّدٍ عن زَيْدِ بن أَسْلَمَ عن عَطَاءِ بن يَسَارٍ عن بن عَبَّاسٍ قال تَوَضَّأَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ تَحَوَّلَ من مَوْضِعٍ قد وَضَّأَ بَعْضَ أَعْضَائِهِ فيه إلَى مَوْضِعٍ غَيْرِهِ لِنَظَافَتِهِ أو لِسَعَتِهِ أو ما أَشْبَهَ ذلك مَضَى على وُضُوءِ ما بقى منه وَكَذَلِكَ لو تَحَوَّلَ لِاخْتِيَارِهِ لَا لِضَرُورَةٍ كانت بِهِ في مَوْضِعِهِ الذي كان فيه وَإِنْ قَطَعَ الْوُضُوءَ فيه فَذَهَبَ لِحَاجَةٍ أو أَخَذَ في غَيْرِ عَمَلِ الْوُضُوءِ حتى تَطَاوَلَ ذلك بِهِ جَفَّ الْوُضُوءُ أو لم يَجِفَّ فَأَحَبُّ إلَيَّ لو اسْتَأْنَفَ وُضُوءًا وَلَا يَبِينُ لي أَنْ يَكُونَ عليه اسْتِئْنَافُ وُضُوءٍ وَإِنْ طَالَ تَرْكُهُ له ما لم يُحْدِثْ بين ظَهَرَانِي وُضُوئِهِ فَيَنْتَقِضُ ما مَضَى من وُضُوئِهِ وَلِأَنِّي لَا أَجِدُ في مُتَابَعَتِهِ الْوُضُوءَ ما أَجِدُ في تَقْدِيمِ بَعْضِهِ على بَعْضٍ وَأَصْلُ مَذْهَبِنَا أَنَّهُ يَأْتِي بِالْغُسْلِ كَيْفَ شَاءَ وَلَوْ قَطَعَهُ لِأَنَّ اللَّهَ عز وجل قال { حتى تَغْتَسِلُوا } فَهَذَا مُغْتَسِلٌ وَإِنْ قَطَعَ الْغُسْلَ وَلَا أَحْسَبُهُ يَجُوزُ إذَا قَطَعَ الْوُضُوءَ إلَّا مِثْلَ هذا
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ عن نَافِعٍ عن بن عُمَرَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ بِالسُّوقِ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ ثُمَّ دعى لِجِنَازَةٍ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ ليصلى عليها فَمَسَحَ على خُفَّيْهِ ثُمَّ صلى عليها
(1/31)
________________________________________
رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَأَدْخَلَ يَدَهُ في الْإِنَاءِ فَاسْتَنْشَقَ وَتَمَضْمَضَ مَرَّةً وَاحِدَةً ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَصَبَّ على وَجْهِهِ مَرَّةً وَصَبَّ على يَدَيْهِ مَرَّةً وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا بن عُيَيْنَةَ عن هِشَامِ بن عُرْوَةَ عن أبيه عن حُمْرَانَ مولى عُثْمَانَ بن عَفَّانَ عن عُثْمَانَ بن عَفَّانَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ بِالْمَقَاعِدِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ثُمَّ قال سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يقول من تَوَضَّأَ وُضُوئِي هذا خَرَجَتْ خَطَايَاهُ من وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ (1) ( قال ) وَلَا أُحِبُّ للمتوضيء ( ( ( للمتوضئ ) ) ) أَنْ يَزِيدَ على ثَلَاثٍ وَإِنْ زَادَ لم أَكْرَهْهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وإذا وَضَّأَ الرَّجُلُ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ ثُمَّ أَحْدَثَ اسْتَأْنَفَ الْوُضُوءَ - * بَابُ جِمَاعِ الْمَسْحِ على الْخُفَّيْنِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) قال اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا برؤوسكم ( ( ( برءوسكم ) ) ) وَأَرْجُلَكُمْ إلَى الْكَعْبَيْنِ } + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَاحْتَمَلَ أَمْرُ اللَّهِ عز وجل بِغَسْلِ الْقَدَمَيْنِ أَنْ يَكُونَ على كل مُتَوَضِّئٍ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ على بَعْضِ الْمُتَوَضِّئِينَ دُونَ بَعْضٍ فَدَلَّ مَسْحُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم على الْخُفَّيْنِ أَنَّهُمَا على من لَا خُفَّيْنِ عليه إذَا هو لَبِسَهُمَا على كَمَالِ الطَّهَارَةِ كما دَلَّ صَلَاةُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم صَلَاتَيْنِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ وَصَلَوَاتٍ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ على أَنَّ فَرْضَ الْوُضُوءِ على من قام إلَى الصَّلَاةِ على بَعْضِ الْقَائِمِينَ دُونَ بَعْضٍ لَا أَنَّ الْمَسْحَ خِلَافٌ لِكِتَابِ اللَّهِ عز وجل وَلَا الْوُضُوءَ على الْقَدَمَيْنِ وَكَذَلِكَ لَيْسَتْ سُنَّةٌ من سُنَنِهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِخِلَافٍ لِكِتَابِ اللَّهِ عز وجل
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا عبد اللَّهِ بن نَافِعٍ عن دَاوُد بن قَيْسٍ عن زَيْدِ بن أَسْلَمَ عن عَطَاءِ بن يَسَارٍ عن أُسَامَةَ بن زَيْدٍ قال دخل رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم وَبِلَالٌ فَذَهَبَ لِحَاجَتِهِ ثُمَّ تَوَضَّأَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثُمَّ خَرَجَا قال أُسَامَةُ فَسَأَلْت بِلَالًا مَاذَا صَنَعَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فقال بِلَالٌ ذَهَبَ لِحَاجَتِهِ ثُمَّ تَوَضَّأَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَمَسَحَ على الْخُفَّيْنِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مُسْلِمٌ وعبدالمجيد عن بن جُرَيْجٍ عن بن شِهَابٍ عن عَبَّادِ بن زِيَادٍ أَنَّ عُرْوَةَ بن الْمُغِيرَةِ بن شُعْبَةَ أخبره أَنَّ الْمُغِيرَةَ بن شُعْبَةَ أخبره أَنَّهُ غَزَا مع رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم غَزْوَةَ تَبُوكَ قال الْمُغِيرَةُ فَتَبَرَّزَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قِبَلَ الْغَائِطِ فَحَمَلْت معه أداوة قبل الْفَجْرِ فلما رَجَعَ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم جَعَلْت أُهْرِيقَ على يَدَيْهِ من الأداوة وهو يَغْسِلُ يَدَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثُمَّ ذَهَبَ يُحْسِرُ جُبَّتَهُ عن ذِرَاعَيْهِ فَضَاقَ كما جُبَّتِهِ عن ذِرَاعَيْهِ فَأَدْخَلَ يَدَيْهِ في الْجُبَّةِ حتى أَخْرَجَ ذِرَاعَيْهِ من أَسْفَلِ الْجُبَّةِ وَغَسَلَ ذِرَاعَيْهِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ على خُفَّيْهِ ثُمَّ أَقْبَلَ قال الْمُغِيرَةُ فَأَقْبَلْت معه حتى نَجِدَ الناس قد قَدَّمُوا عَبْدَ الرحمن بن عَوْفٍ يُصَلِّي لهم فَأَدْرَكَ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم إحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ معه وَصَلَّى مع الناس الرَّكْعَةَ الْآخِرَةَ فلما سَلَّمَ قام رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَأَتَمَّ صَلَاتَهُ وَأَفْزَعَ ذلك الْمُسْلِمِينَ وَأَكْثَرُوا التَّسْبِيحَ فلما قَضَى رسول اللَّهِ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَيْسَ هذا اخْتِلَافًا وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إذَا تَوَضَّأَ ثَلَاثًا وَتَوَضَّأَ مَرَّةً فَالْكَمَالُ وَالِاخْتِيَارُ ثَلَاثٌ وَوَاحِدَةٌ تُجْزِئُ فَأُحِبُّ لِلْمَرْءِ أَنْ يوضيء ( ( ( يوضئ ) ) ) وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَيَمْسَحَ بِرَأْسِهِ ثَلَاثًا وَيَعُمَّ بِالْمَسْحِ رَأْسَهُ فَإِنْ اقْتَصَرَ في غَسْلِ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ على وَاحِدَةٍ تَأْتِي على جَمِيعِ ذلك أَجْزَأَهُ وَإِنْ اقْتَصَرَ في الرَّأْسِ على مَسْحَةٍ وَاحِدَةٍ بِمَا شَاءَ من يَدَيْهِ أَجْزَأَهُ ذلك وَذَلِكَ أَقَلُّ ما يَلْزَمُهُ وَإِنْ وَضَّأَ بَعْضَ أَعْضَائِهِ مَرَّةً وَبَعْضَهَا أثنين وَبَعْضَهَا ثَلَاثًا أَجْزَأَهُ لِأَنَّ وَاحِدَةً إذَا أَجْزَأَتْ في الْكُلِّ أَجْزَأَتْ في الْبَعْضِ منه
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ عن عَمْرِو بن يحيى الْمَازِنِيِّ عن أبيه عن عبد اللَّهِ بن زَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم تَوَضَّأَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَيَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ وَمَسَحَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ ثُمَّ ذَهَبَ بِهِمَا إلَى قَفَاهُ ثُمَّ رَدَّهُمَا إلَى الْمَكَانِ الذي بَدَأَ منه ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ
(1/32)
________________________________________
صلى اللَّهُ عليه وسلم صَلَاتَهُ أَقْبَلَ عليهم ثُمَّ قال أَحْسَنْتُمْ أو قال أَصَبْتُمْ يَغْبِطُهُمْ أَنْ صَلَّوْا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا
قال بن شِهَابٍ وَحَدَّثَنِي إسْمَاعِيلُ بن مُحَمَّدِ بن أبي وَقَّاصٍ عن حَمْزَةَ بن الْمُغِيرَةِ بن شُعْبَةَ بِنَحْوٍ من حديث عَبَّادٍ قال الْمُغِيرَةُ فَأَرَدْت تَأْخِيرَ عبد الرحمن فقال لي النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم دَعْهُ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَمَنْ لم يُدْخِلْ وَاحِدَةً من رِجْلَيْهِ في الْخُفَّيْنِ إلَّا وَالصَّلَاةُ تَحِلُّ له فإنه كَامِلُ الطَّهَارَةِ وكان له أَنْ يَمْسَحَ على الْخُفَّيْنِ وَذَلِكَ أَنْ يَتَوَضَّأَ رَجُلٌ فَيُكْمِلَ الْوُضُوءَ ثُمَّ يَبْتَدِئَ بَعْدَ إكْمَالِهِ إدْخَالَ كل وَاحِدَةٍ من الْخُفَّيْنِ رِجْلَهُ فَإِنْ أَحْدَثَ بَعْدَ ذلك كان له أَنْ يَمْسَحَ على الْخُفَّيْنِ وَإِنْ أَدْخَلَ رِجْلَيْهِ أو وَاحِدَةً مِنْهُمَا الْخُفَّيْنِ قبل أَنْ تَحِلَّ له الصَّلَاةُ لم يَكُنْ له إنْ أَحْدَثَ أَنْ يَمْسَحَ على الْخُفَّيْنِ وَذَلِكَ أو يوضيء ( ( ( يوضئ ) ) ) وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَيَمْسَحَ بِرَأْسِهِ وَيَغْسِلَ إحْدَى رِجْلَيْهِ ثُمَّ يُدْخِلَهَا الْخُفَّ ثُمَّ يَغْسِلَ الْأُخْرَى فَيُدْخِلَهَا الْخُفَّ فَلَا يَكُونُ له إذَا أَحْدَثَ أَنْ يَمْسَحَ على الْخُفَّيْنِ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ إحْدَى رِجْلَيْهِ الْخُفَّ وهو غَيْرُ كَامِلِ الطَّهَارَةِ وَتَحِلُّ له الصَّلَاةُ وَكَذَلِكَ لو غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ تَوَضَّأَ بَعْدُ لم يَكُنْ له أَنْ يصلى حتى يَنْزِعَ الْخُفَّيْنِ وَيَتَوَضَّأَ فَيُكْمِلَ الْوُضُوءَ ثُمَّ يُدْخِلَهُمَا الْخُفَّيْنِ وَكَذَلِكَ لو تَوَضَّأَ فَأَكْمَلَ الْوُضُوءَ ثُمَّ خَفَّفَ إحْدَى رِجْلَيْهِ ثُمَّ أَدْخَلَ رِجْلَهُ الْأُخْرَى في سَاقِ الْخُفِّ فلم تَقَرَّ في مَوْضِعِ الْقَدَمِ حتى أَحْدَثَ لم يَكُنْ له أَنْ يَمْسَحَ لِأَنَّ هذا لَا يَكُونُ مُتَخَفِّفًا حتى يُقِرَّ قَدَمَهُ في قَدَمِ الْخُفِّ وَعَلَيْهِ أَنْ يَنْزِعَ وَيَسْتَأْنِفَ الْوُضُوءَ وإذا وَارَى الْخُفُّ من جَمِيعِ جَوَانِبِهِ مَوْضِعَ الْوُضُوءِ وهو أَنْ يوارى الْكَعْبَيْنِ فَلَا يُرَيَانِ منه كان لِمَنْ له الْمَسْحُ على الْخُفَّيْنِ أَنْ يَمْسَحَ هَذَيْنِ لِأَنَّهُمَا خُفَّانِ وَإِنْ كان الْكَعْبَانِ أؤ ما يُحَاذِيهِمَا من مُقَدَّمِ السَّاقِ أو مُؤَخَّرِهَا يُرَى من الْخُفِّ لِقِصَرِهِ أو لِشِقٍّ فيه أو يُرَى منه شَيْءٌ ما كان لم يَكُنْ لِمَنْ لَبِسَهُ أَنْ يَمْسَحَ عليه وَهَكَذَا إنْ كان في الْخُفَّيْنِ خَرْقٌ يُرَى منه شَيْءٌ من مَوَاضِعِ الْوُضُوءِ في بَطْنِ الْقَدَمِ أو ظَهْرِهَا أو حُرُوفِهَا أو ما ارْتَفَعَ من الْقَدَمِ إلَى الْكَعْبَيْنِ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ عليه هَذَانِ الْخُفَّانِ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا لِأَنَّ الْمَسْحَ رُخْصَةٌ لِمَنْ تَغَطَّتْ رِجْلَاهُ بِالْخُفَّيْنِ فإذا كانت إحْدَاهُمَا بَارِزَةً بَادِيَةً فَلَيْسَتَا بِمُتَغَطِّيَتَيْنِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ عليه الْفَرْضُ من الرِّجْلَيْنِ بَارِزًا وَلَا يُغْسَلَ وإذا وَجَبَ الْغُسْلُ على شَيْءٍ من الْقَدَمِ وَجَبَ عليها كُلِّهَا وَإِنْ كان في الْخُفِّ خَرْقٌ وَجَوْرَبٌ يُوَارِي الْقَدَمَ فَلَا نَرَى له الْمَسْحَ عليه لِأَنَّ الْخُفَّ ليس بِجَوْرَبٍ وَلِأَنَّهُ لو تُرِكَ أَنْ يَلْبَسَ دُونَ الْخُفِّ جَوْرَبًا ريء بَعْضُ رِجْلَيْهِ ( قال ) وَإِنْ انْفَتَقَتْ ظِهَارَةُ الْخُفِّ وَبِطَانَتُهُ صَحِيحَةٌ لَا يُرَى منها قَدَمٌ كان له الْمَسْحُ لِأَنَّ هذا كُلَّهُ خُفٌّ وَالْجَوْرَبُ ليس بِخُفٍّ وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ أُلْصِقَ بِالْخُفِّ فَهُوَ منه وَلَوْ تَخَفَّفَ خُفًّا فيه خَرْقٌ ثُمَّ لَبِسَ فَوْقَهُ آخَرَ صَحِيحًا كان له أَنْ يَمْسَحَ وإذا كان الْخُفُّ الذي على قَدَمِهِ صَحِيحًا مَسَحَ عليه دُونَ الذي فَوْقَهُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا كان في الْخُفِّ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وفي حديث بِلَالٍ دَلِيلٌ على أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم مَسَحَ على الْخُفَّيْنِ في الْحَضَرِ لِأَنَّ بِئْرَ جَمَلٍ في الْحَضَرِ قال فَيَمْسَحُ الْمُسَافِرُ وَالْمُقِيمُ مَعًا - * بَابُ من له الْمَسْحُ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أخبرنا سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ عن حُسَيْنٍ وَزَكَرِيَّا وَيُونُسَ عن الشَّعْبِيِّ عن عُرْوَةَ بن الْمُغِيرَةِ بن شُعْبَةَ عن أبيه قال قُلْت يا رَسُولَ اللَّهِ أَتَمْسَحُ على الْخُفَّيْنِ قال نعم إنِّي أَدْخَلَتْهُمَا وَهُمَا طَاهِرَتَانِ
(1/33)
________________________________________
فَتْقٌ كَالْخَرْقِ الذي من قِبَلِ الْخَرَزِ كان أو غَيْرَهُ وَالْخُفُّ الذي يَمْسَحُ عليه الْخُفُّ الْمَعْلُومُ سَاذِجًا كان أؤ مُنَعَّلًا (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) فإذا كان الْخُفَّانِ من لُبُودٍ أو ثِيَابٍ أو طُفًى فَلَا يَكُونَانِ في مَعْنَى الْخُفِّ حتى يُنَعَّلَا جِلْدًا أو خَشَبًا أو ما يَبْقَى إذَا تُوبِعَ الْمَشْيُ عليه وَيَكُونُ كُلُّ ما على مَوَاضِعِ الْوُضُوءِ منها صَفِيقًا لَا يَشِفُّ فإذا كان هَكَذَا مَسَحَ عليه وإذا لم يَكُنْ هَكَذَا لم يَمْسَحْ عليه وَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ صَفِيقًا لَا يَشِفُّ وَغَيْرُ مُنَعَّلٍ فَهَذَا جَوْرَبٌ أو يَكُونَ مُنَعَّلًا وَيَكُونَ يَشِفُّ فَلَا يَكُونُ هذا خُفًّا إنَّمَا الْخُفُّ ما لم يَشِفَّ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كان مُنَعَّلًا وما على مَوَاضِعِ الْوُضُوءِ صَفِيقًا لَا يَشِفَّ وما فَوْقَ مَوَاضِعِ الْوُضُوءِ يَشِفُّ لم يَضُرَّهُ لِأَنَّهُ لو لم يَكُنْ في ذلك شَيْءٌ لم يَضُرَّهُ وَإِنْ كان في شَيْءٍ مِمَّا على مَوَاضِعِ الْوُضُوءِ شَيْءٌ يَشِفُّ لم يَكُنْ له أَنْ يَمْسَحَ عليه فإذا كان عليه جَوْرَبَانِ يَقُومَانِ مَقَامَ الْخُفَّيْنِ يَمْسَحُ عَلَيْهِمَا ثُمَّ لَبِسَ فَوْقَهُمَا خُفَّيْنِ أو كان عليه خُفَّانِ فَلَبِسَهُمَا أو لَبِسَ عَلَيْهِمَا جُرْمُوقَيْنِ آخَرَيْنِ أَجْزَأَهُ الْمَسْحُ على الْخُفَّيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ قَدَمَيْهِ ولم يُعِدْ على الْخُفَّيْنِ فَوْقَهُمَا وَلَا على الْجُرْمُوقَيْنِ مَسْحًا وَلَوْ تَوَضَّأَ فَأَكْمَلَ الطَّهَارَةَ ثُمَّ لَبِسَ الْخُفَّيْنِ أو ما يَقُومُ مَقَامَ الْخُفَّيْنِ ثُمَّ لَبِسَ فَوْقَهُمَا جُرْمُوقَيْنِ ثُمَّ أَحْدَثَ فَأَرَادَ أَنْ يَمْسَحَ على الْجُرْمُوقَيْنِ لم يَكُنْ ذلك له وكان عليه أَنْ يَطْرَحَ الْجُرْمُوقَيْنِ ثُمَّ يَمْسَحَ على الْخُفَّيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ قَدَمَيْهِ ثُمَّ يُعِيدَ الْجُرْمُوقَيْنِ إنْ شَاءَ وَإِنْ مَسَحَ على الْجُرْمُوقَيْنِ وَدُونَهُمَا خُفَّانِ لم يُجْزِهِ الْمَسْحُ وَلَا الصَّلَاةُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ كان لَبِسَ جَوْرَبَيْنِ لَا يَقُومَانِ مَقَامَ خُفَّيْنِ ثُمَّ لَبِسَ فَوْقَهُمَا خُفَّيْنِ مَسَحَ على الْخُفَّيْنِ لِأَنَّهُ ليس دُونَ الْقَدَمَيْنِ شَيْءٌ يَقُومُ مَقَامَ الْخُفَّيْنِ وَكَذَلِكَ لو جَعَلَ خَرْقًا وَلَفَائِفَ مُتَظَاهِرَةً على الْقَدَمَيْنِ ثُمَّ لَبِسَ فَوْقَهُمَا خُفَّيْنِ مَسَحَ على الْخُفَّيْنِ وَقَلَّمَا يُلْبَسُ الْخُفَّانِ إلَّا وَدُونُهُمَا وِقَايَةٌ من جَوْرَبٍ أو شَيْءٍ يَقُومُ مَقَامَهُ يَقِي الْقَدَمَيْنِ من خَرَزِ الْخُفِّ وَحُرُوفِهِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كان الْخُفَّانِ أو شَيْءٌ مِنْهُمَا نَجِسًا لم تَحِلَّ الصَّلَاةُ فِيهِمَا وَإِنْ كَانَا من جِلْدِ مَيْتَةٍ غَيْرِ كَلْبٍ أو خِنْزِيرٍ وَإِنْ كَانَا من جِلْدِ سَبُعٍ فَدُبِغَا حَلَّتْ الصَّلَاةُ فِيهِمَا إذَا لم يَبْقَ فِيهِمَا شَعْرٌ فَإِنْ بقى فِيهِمَا شَعْرٌ فَلَا يُطَهِّرُ الشَّعْرَ الدِّبَاغُ وَلَا يصلى فِيهِمَا وَإِنْ كَانَا من جِلْدِ مَيْتَةٍ أو سَبُعٍ لم يُدْبَغَا لم تَحِلَّ الصَّلَاةُ فِيهِمَا وَإِنْ كَانَا من جِلْدِ ما يُؤْكَلُ لَحْمُهُ ذَكِيٌّ حَلَّتْ الصَّلَاةُ فِيهِمَا وَإِنْ لم يُدْبَغَا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَيَجْزِي الْمَسْحُ من طَهَارَةِ الْوُضُوءِ فإذا وَجَبَ الْغُسْلُ وَجَبَ نَزْعُ الْخُفَّيْنِ وَغَسْلُ جَمِيعِ الْبَدَنِ وَكَذَلِكَ يجزئ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْحِجَارَةِ من الْخَلَاءِ وَالْبَوْلِ في الْوُضُوءِ وإذا وَجَبَ الْغُسْلُ وَجَبَ غَسْلُ ما هُنَالِكَ لِأَنَّهُ مِمَّا يَظْهَرُ من الْبَدَنِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ دَمِيَتْ الْقَدَمَانِ في الْخُفَّيْنِ أو وَصَلَتْ إلَيْهِمَا نَجَاسَةٌ وَجَبَ خَلْعُ الْخُفَّيْنِ وَغَسْلُ الْقَدَمَيْنِ لِأَنَّ الْمَسْحَ طَهَارَةُ تَعَبُّدِ وُضُوءٍ لَا طَهَارَةُ إزَالَةِ نَجَسٍ - * بَابُ وَقْتِ الْمَسْحِ على الْخُفَّيْنِ - *
( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى اخبرنا عبد الْوَهَّابِ بن عبدالمجيد قال أخبرنا الْمُهَاجِرُ أبو مَخْلَدٍ عن عبد الرحمن بن أبي بَكْرَةَ عن أبيه عن رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَنَّهُ رَخَّصَ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَمْسَحَ على الْخُفَّيْنِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ وَلِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً + ( قال الشَّافِعِيُّ ) إذَا تَطَهَّرَ فَلَبِسَ خُفَّيْهِ فَلَهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِمَا
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا بن عُيَيْنَةَ عن عَاصِمِ بن بَهْدَلَةَ عن زِرِّ بن حُبَيْشٍ قال أَتَيْتُ صَفْوَانَ بن عَسَّالٍ فقال لي ما جاء بِك فَقُلْت ابْتِغَاءَ الْعِلْمِ فقال إنَّ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ تَخَفَّفَ وَاحِدًا غَيْرَهُ فَكَانَ في مَعْنَاهُ مَسَحَ عليه وَذَلِكَ أَنْ يَكُونَ كُلَّهُ من جُلُودِ بَقَرٍ أو إبِلٍ أو خَشَبٍ فَهَذَا أَكْثَرُ من أَنْ يَكُونَ من جُلُودِ الْغَنَمِ
(1/34)
________________________________________
الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ قُلْت حَاكَ في نَفْسِي الْمَسْحُ على الْخُفَّيْنِ بَعْدَ الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ وَكُنْت امرءا من أَصْحَابِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَأَتَيْتُك أَسْأَلُك هل سَمِعْت من رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم في ذلك شيئا فقال نعم كان رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يَأْمُرُنَا إذَا كنا سَفْرًا أو مُسَافِرِينَ أَنْ لَا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ إلَّا من جَنَابَةٍ لَكِنْ من بَوْلٍ وَغَائِطٍ وَنَوْمٍ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا تَوَضَّأَ وَلَبِسَ خُفَّيْهِ ثُمَّ أَحْدَثَ قبل زَوَالِ الشَّمْسِ فَمَسَحَ لِصَلَاةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ صلى بِالْمَسْحِ الْأَوَّلِ ما لم يُنْتَقَضْ وضوؤه فَإِنْ انْتَقَضَ فَلَهُ أَنْ يَمْسَحَ أَيْضًا حتى السَّاعَةَ التي أَحْدَثَ فيها من غَدِهِ وَذَلِكَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ فإذا جاء الْوَقْتُ الذي مَسَحَ فيه فَقَدْ انْتَقَضَ الْمَسْحُ وَإِنْ لم يُحْدِثْ وكان عليه أَنْ يَنْزِعَ خُفَّيْهِ فإذا فَعَلَ وَتَوَضَّأَ كان على وُضُوئِهِ وَمَتَى لَبِسَ خُفَّيْهِ فَأَحْدَثَ مَسَحَ إلَى مِثْلِ السَّاعَةِ التي أَحْدَثَ فيها ثُمَّ يُنْتَقَضُ مَسْحُهُ في السَّاعَةِ التي أَحْدَثَ فيها وَإِنْ لم يُحْدِثْ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ أَحْدَثَ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ فَمَسَحَ صلى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ وَالظُّهْرَ إنْ قَدَّمَهَا حتى يُصَلِّيَهَا قبل الْوَقْتِ الذي أَحْدَثَ فيه وَيَخْرُجَ منها فَإِنْ أَخَّرَهَا حتى يَكُونَ الْوَقْتُ الذي أَحْدَثَ فيه لم يَكُنْ له أَنْ يُصَلِّيَهَا بِمَسْحٍ وَإِنْ قَدَّمَهَا فلم يُسَلِّمْ منها حتى يَدْخُلَ الْوَقْتُ الذي مَسَحَ فيه انْتَقَضَتْ صَلَاتُهُ بِانْتِقَاضِ مَسْحِهِ وكان عليه أَنْ يَنْزِعَ خُفَّيْهِ ثُمَّ يَتَوَضَّأَ ويصلى بِطَهَارَةِ الْوُضُوءِ ثُمَّ كُلَّمَا لَبِسَ خُفَّيْهِ على طَهَارَةٍ ثُمَّ أَحْدَثَ كان هَكَذَا أَبَدًا + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَيَصْنَعُ هَكَذَا في السَّفَرِ في ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيَالِيِهِنَّ يَمْسَحُ في الْيَوْمُ الثَّالِثِ إلَى مِثْلِ السَّاعَةِ التي أَحْدَثَ فيها فيصلى في الْحَضَرِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ مَرَّةً وَسِتًّا مَرَّةً أُخْرَى بِمَسْحٍ وفي السَّفَرِ خَمْسَ عَشْرَةَ صَلَاةً مَرَّةً وَسِتَّةَ عَشَرَ أُخْرَى على مِثْلِ ما حَكَيْت إذَا صَلَّاهُنَّ على الِانْفِرَادِ وَكَذَلِكَ إذَا جَمَعَ في السَّفَرِ لِأَنَّهُ إذَا أَحْدَثَ عِنْدَ الْعَصْرِ صلى خَمْسَ عَشْرَةَ وَجَمَعَ الْعَصْرَ إلَى الظُّهْرِ في وَقْتِ الظُّهْرِ فإذا دخل الْوَقْتُ الذي مَسَحَ فيه انْتَقَضَ الْمَسْحُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَإِنْ مَسَحَ في الْحَضَرِ عِنْدَ الزَّوَالِ فَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ خَرَجَ مُسَافِرًا صلى بِالْمَسْحِ حتى يَسْتَكْمِلَ يَوْمًا وَلَيْلَةً لَا يَزِيدُ على ذلك لِأَنَّ أَصْلَ طَهَارَةِ مسحة كانت وَلَيْسَ له أَنْ يُصَلِّيَ بها إلَّا يَوْمًا وَلَيْلَةً وَكَذَلِكَ لو مَسَحَ في الْحَضَرِ فلم يُصَلِّ صَلَاةً حتى يَخْرُجَ إلَى السَّفَرِ لم يَكُنْ له أَنْ يصلى بِالْمَسْحِ الذي كان في الْحَضَرِ إلَّا يَوْمًا وَلَيْلَةً كما كان يصلى بِهِ في الْحَضَرِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ أَحْدَثَ في الْحَضَرِ فلم يَمْسَحْ حتى خَرَجَ إلَى السَّفَرِ صلى بِمَسْحِهِ في السَّفَرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ كان مَسَحَ في الْحَضَرِ ثُمَّ سَافَرَ ولم يُحْدِثْ فَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ في السَّفَرِ لم يُصَلِّ بِذَلِكَ الْمَسْحِ إلَّا يَوْمًا وَلَيْلَةً لِأَنَّهُ لم يَكُنْ لِمَسْحِهِ مَعْنًى إذَا مَسَحَ وهو طَاهِرٌ لِمَسْحِهِ في الْحَضَرِ فَكَانَ مَسْحُهُ ذلك كما لم يَكُنْ إذَا لم يَكُنْ يُطَهِّرُهُ غَيْرُ التَّطْهِيرُ الْأَوَّلُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ مَسَحَ وهو مُسَافِرٌ فَصَلَّى صَلَاةً أو أَكْثَرَ ثُمَّ قَدِمَ بَلَدًا يُقِيمُ بِهِ أَرْبَعًا وَنَوَى الْمُقَامَ بِمَوْضِعِهِ الذي مَسَحَ فيه أَرْبَعًا لم يُصَلِّ بِمَسْحِ السَّفَرِ بَعْدَ مُقَامِهِ إلَّا لِإِتْمَامِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَلَا يَزِيدُ عليه لِأَنَّهُ إنَّمَا كان له أَنْ يصلى بِالْمَسْحِ مُسَافِرًا ثَلَاثًا فلما انْتَقَضَ سَفَرُهُ كان حُكْمُ مَسْحِهِ إذْ صَارَ مُقِيمًا كَابْتِدَاءِ مَسْحِ الْمُقِيمِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ كان اسْتَكْمَلَ في سَفَرِهِ بِأَنْ صلى بِمَسْحِ السَّفَرِ يَوْمًا وَلَيْلَةً أو أَكْثَرَ ثُمَّ بَدَا له الْمُقَامُ أو قَدِمَ بَلَدًا نَزَعَ خُفَّيْهِ وَاسْتَأْنَفَ الْوُضُوءَ لَا يُجْزِئُهُ غَيْرُ ذلك وَلَوْ كان اسْتَكْمَلَ يَوْمًا وَلَيْلَةً بِمَسْحِ السَّفَرِ ثُمَّ دخل في صَلَاةٍ بَعْدَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَنَوَى الْمُقَامَ قبل تَكْمِيلِ الصَّلَاةِ فَسَدَتْ عليه صَلَاتُهُ وكان عليه أَنْ يَسْتَقْبِلَ وُضُوءًا ثُمَّ يصلى تِلْكَ الصَّلَاةَ وَلَوْ سَافَرَ فلم يَدْرِ أَمَسَحَ مُقِيمًا أو مُسَافِرًا لم يُصَلِّ من حِينِ اسْتَيْقَنَ بِالْمَسْحِ أَنَّهُ كان
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا لَبِسَ الرَّجُلُ خُفَّيْهِ وهو طَاهِرٌ لِلصَّلَاةِ صلى فِيهِمَا فإذا أَحْدَثَ عَرَفَ الْوَقْتَ الذي أَحْدَثَ فيه وَإِنْ لم يَمْسَحْ إلَّا بَعْدَهُ فَإِنْ كان مُقِيمًا مَسَحَ على خُفَّيْهِ إلي الْوَقْتِ الذي أَحْدَثَ فيه من غَدِهِ وَذَلِكَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ لَا يَزِيدُ عليه وَإِنْ كان مُسَافِرًا مَسَحَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ إلَى أَنْ يَقْطَعَ الْمَسْحَ في الْوَقْتِ الذي ابْتَدَأَ الْمَسْحَ فيه في الْيَوْمِ الثَّالِثِ لَا يَزِيدُ على ذلك
(1/35)
________________________________________
وَشَكَّ أَكَانَ وهو مُقِيمٌ أو مسافرا ( ( ( مسافر ) ) ) إلَّا يَوْمًا وَلَيْلَةً وَلَوْ صلى بِهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ مَسَحَ مُسَافِرًا صلى بِهِ تَمَامَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا شَكَّ في أَوَّلِ ما مَسَحَ وهو مُقِيمٌ فلم يَدْرِ أَمَسَحَ يَوْمًا وَلَيْلَةً أَمْ لَا نَزَعَ خُفَّيْهِ وَاسْتَأْنَفَ الْوُضُوءَ وَلَوْ اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ مَسَحَ فَصَلَّى ثَلَاثَ صَلَوَاتٍ وَشَكَّ أَصَلَّى الرَّابِعَةَ أَمْ لَا لم يَكُنْ له إلَّا أَنْ يَجْعَلَ نَفْسَهُ صلى بِالْمَسْحِ الرَّابِعَةَ حتى لَا يصلى بِمَسْحٍ وهو يَشُكُّ أَنَّهُ مَسَحَ أَمْ لَا وَلَا يَكُونُ له تَرْكُ الصَّلَاةِ الرَّابِعَةِ حتى يَسْتَيْقِنَ أَنَّهُ صَلَّاهَا - * بَابُ ما يَنْقُضُ مَسْحَ الْخُفَّيْنِ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلِلرَّجُلِ أَنْ يَمْسَحَ على الْخُفَّيْنِ في وَقْتِهِ ما كَانَا على قَدَمَيْهِ فإذا أَخْرَجَ إحْدَى قَدَمَيْهِ من الْخُفِّ أو هُمَا بَعْدَ ما مَسَحَ فَقَدْ انْتَقَضَ الْمَسْحُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَوَضَّأَ ثُمَّ إنْ تَخَفَّفَ ثُمَّ أَحْدَثَ وَعَلَيْهِ الْخُفَّانِ مَسَحَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكَذَلِكَ إذَا زَالَتْ إحْدَى قَدَمَيْهِ أو بَعْضُهَا من مَوْضِعِهَا من الْخُفِّ فَخَرَجَا حتى يُظْهِرَ بَعْضَ ما عليه الْوُضُوءُ منها انْتَقَضَ الْمَسْحُ وإذا أَزَالَهَا من مَوْضِعِ قَدَمِ الْخُفِّ ولم يَبْرُزْ من الْكَعْبَيْنِ وَلَا من شَيْءٍ عليه الْوُضُوءُ من الْقَدَمَيْنِ شيئا أَحْبَبْت أَنْ يَبْتَدِئَ الْوُضُوءَ وَلَا يَتَبَيَّنَ أَنَّ ذلك عليه ( قال ) وَكَذَلِكَ لو انْفَتَقَ الْخُفُّ حتى يُرَى بَعْضُ ما عليه الْوُضُوءُ من الْقَدَمَيْنِ انْتَقَضَ الْمَسْحُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَكَذَلِكَ إنْ انْفَتَقَ الْخُفُّ وَعَلَيْهِ جَوْرَبٌ يوارى الْقَدَمَ حتى بَدَا من الْجَوْرَبِ ما لو كانت الْقَدَمُ بِلَا جَوْرَبٍ رؤيت ( ( ( رئيت ) ) ) فَهُوَ مِثْلُ رُؤْيَةِ الْقَدَمِ يُنْتَقَضُ بِهِ الْمَسْحُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا كان الْخُفُّ بِشَرَجٍ فَإِنْ كان الشَّرَجُ فَوْقَ مَوْضِعِ الْوُضُوءِ فَلَا يَضُرُّهُ لِأَنَّهُ لو لم يَكُنْ ثَمَّ خُفٌّ أَجْزَأَ الْمَسْحُ عليه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كان الشَّرَجُ فَوْقَ شَيْءٍ من مَوْضِعِ الْوُضُوءِ من الْقَدَمِ فَكَانَ فيه خَلَلٌ يُرَى منه شَيْءٌ من الْقَدَمِ لم يَمْسَحْ على الْخُفِّ وَإِنْ لم يَكُنْ في الشَّرَجِ خَلَلٌ يُرَى منه شَيْءٌ من الْقَدَمِ مَسَحَ عليه وَإِنْ كان شَرَجُهُ يُفْتَحُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ فَتَحَ شَرَجَهُ فَقَدْ انْتَقَضَ الْمَسْحُ لِأَنَّهُ إنْ لم يُرَ في ذلك الْوَقْتِ فَمَشَى فيه أو تَحَرَّكَ انْفَرَجَ حتى يُرَى + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ كان الشَّرَجُ فَوْقَ شَيْءٍ من مَوْضِعِ الْوُضُوءِ من الْقَدَمِ فَكَانَ فيه خَلَلٌ فَلَا يَضُرُّهُ لِأَنَّهُ لو لم يَكُنْ ثَمَّ خُفٌّ أَجْزَأَهُ - * بَابُ ما يُوجِبُ الْغُسْلَ وَلَا يُوجِبُهُ - * + ( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قال اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حتى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حتى تَغْتَسِلُوا } + ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَأَوْجَبَ اللَّهُ عز وجل الْغُسْلَ من الْجَنَابَةِ فَكَانَ مَعْرُوفًا في لِسَان الْعَرَبِ أَنَّ الْجَنَابَةَ الْجِمَاعُ وَإِنْ لم يَكُنْ مع الْجِمَاعِ مَاءٌ دَافِقٌ وَكَذَلِكَ ذلك في حَدِّ الزنى وَإِيجَابِ الْمَهْرِ وَغَيْرِهِ وَكُلُّ من خُوطِبَ بِأَنَّ فُلَانًا أَجْنَبَ من فُلَانَةَ عَقَلَ أَنَّهُ أَصَابَهَا وَإِنْ لم يَكُنْ مُقْتَرِفًا ( قال الرَّبِيعُ ) يُرِيدُ أَنَّهُ لم يُنْزِلْ وَدَلَّتْ السُّنَّةُ على أَنَّ الْجَنَابَةَ أَنْ يفضى الرَّجُلُ من الْمَرْأَةِ حتى يُغَيِّبَ فَرْجَهُ في فَرْجِهَا إلَى أَنْ يوارى حَشَفَتَهُ أو أَنْ يَرْمِيَ الْمَاءَ الدَّافِقَ وَإِنْ لم يَكُنْ جِمَاعًا
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا بن عُيَيْنَةَ عن عَلِيِّ بن زَيْدِ بن جُدْعَانَ عن سَعِيدِ بن الْمُسَيِّبِ أَنَّ أَبَا مُوسَى
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ شَكَّ أَمَسَحَ مُقِيمًا أو مُسَافِرًا فَصَلَّى وهو مُسَافِرٌ أَكْثَرَ من يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ثُمَّ اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ مَسَحَ مُسَافِرًا أَعَادَ كُلَّ صَلَاةٍ زَادَتْ على يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِأَنَّهُ صَلَّاهَا وهو لَا يَرَاهُ طَاهِرًا ولم يَكُنْ عليه أَنْ يَعُودَ بِوُضُوءٍ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ على طَهَارَةِ الْمَسْحِ حتى يَسْتَكْمِلَ الْمَسْحَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ
(1/36)
________________________________________
الْأَشْعَرِيَّ سَأَلَ عَائِشَةَ عن الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ فقالت عَائِشَةُ رضي اللَّهُ عنها قال رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ أو مَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ عن هِشَامِ بن عُرْوَةَ عن أبيه عن زَيْنَبَ بِنْتِ أبي سَلَمَةَ عن أُمِّ سَلَمَةَ قالت جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ امْرَأَةُ أبي طَلْحَةَ إلَى رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فقالت يا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي من الْحَقِّ هل على الْمَرْأَةِ من غُسْلٍ إذَا هِيَ احْتَلَمَتْ فقال نعم إذَا هِيَ رَأَتْ الْمَاءَ (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَالْمَاءُ الدَّافِقُ الثَّخِينُ الذي يَكُونُ منه الْوَلَدُ وَالرَّائِحَةُ التي تُشْبِهُ رَائِحَةَ الطَّلْعِ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَإِنْ كان الْمَاءُ الدَّافِقُ من رَجُلٍ وَتَغَيَّرَ لِعِلَّةٍ بِهِ أو خِلْقَةٍ في مَائِهِ بِشَيْءٍ خَرَجَ منه الْمَاءُ الدَّافِقُ الذي نَعْرِفُهُ أَوْجَبْتُ عليه الْغُسْلَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا غَيَّبَ الرَّجُلُ ذَكَرَهُ في فَرْجِ امْرَأَةٍ مُتَلَذِّذًا أو غير مُتَلَذِّذٍ وَمُتَحَرِّكًا بها أو مُسْتَكْرِهًا لِذَكَرِهِ أو أَدْخَلَتْ هِيَ فَرْجَهُ في فَرْجِهَا وهو يَعْلَمُ أو هو نَائِمٌ لَا يَعْلَمُ أَوَجَبَ عليه وَعَلَيْهَا الْغُسْلَ وَكَذَلِكَ كُلُّ فَرْجٍ أو دُبُرٍ أو غَيْرِهِ من امْرَأَةٍ أو بَهِيمَةٍ وَجَبَ عليه الْغُسْلُ إذَا غَيَّبَ الْحَشَفَةَ فيه مع مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى في إتْيَانِ ذلك من غَيْرِ امْرَأَتِهِ وهو مُحَرَّمٌ عليه إتْيَانُ امْرَأَتِهِ في دُبُرِهَا عِنْدَنَا وَكَذَلِكَ لو غَيَّبَهُ في امْرَأَتِهِ وَهِيَ مَيِّتَةٌ وَإِنْ غَيَّبَهُ في دَمٍ أو خَمْرٍ أو غَيْرِ ذَاتِ رُوحٍ من مُحَرَّمٍ أو غَيْرِهِ لم يَجِبْ عليه غُسْلٌ حتى يَأْتِيَ منه الْمَاءُ الدَّافِقُ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَهَكَذَا إنْ اسْتَمْنَى فلم يُنْزِلْ لم يَجِبْ عليه غُسْلٌ لِأَنَّ الْكَفَّ ليس بِفَرْجٍ وإذا مَاسَّ بِهِ شيئا من الْأَنْجَاسِ غَسَلَهُ ولم يَتَوَضَّأْ وإذا مَاسَّ ذَكَرَهُ تَوَضَّأَ لِلَمْسِهِ إيَّاهُ إذَا أَفْضَى إلَيْهِ فَإِنْ غَسَلَهُ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ ثَوْبٌ أو رُقْعَةٌ طَهُرَ ولم يَكُنْ عليه وُضُوءٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ نَالَ من امْرَأَتِهِ ما دُونَ أَنْ يُغَيِّبَهُ في فَرْجِهَا ولم يُنْزِلْ لم يُوجِبْ ذلك غُسْلًا وَلَا نُوجِبُ الْغُسْلَ إلَّا أَنْ يُغَيِّبَهُ في الْفَرْجِ نَفْسِهِ أو الدُّبُرِ فَأَمَّا الْفَمُ أو غَيْرُ ذلك من جَسَدِهَا فَلَا يُوجِبُ غُسْلًا إذَا لم يُنْزِلْ وَيَتَوَضَّأُ من إفْضَائِهِ بِبَعْضِهِ إلَيْهَا وَلَوْ أَنْزَلَتْ هِيَ في هذه الْحَالِ اغْتَسَلَتْ وَكَذَلِكَ في كل حَالٍ أَنْزَلَ فيها فَأَيُّهُمَا أَنْزَلَ بِحَالٍ اغْتَسَلَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ شَكَّ رَجُلٌ أَنْزَلَ أو لم يُنْزِلْ لم يَجِبْ عليه الْغُسْلُ حتى يَسْتَيْقِنَ بِالْإِنْزَالِ وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يَغْتَسِلَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَوْ وَجَدَ في ثَوْبِهِ ماءا ( ( ( ماء ) ) ) دَافِقًا وَلَا يَذْكُرُ أَنَّهُ جاء منه مَاءٌ دَافِقٌ بِاحْتِلَامٍ وَلَا بِغَيْرِهِ أَحْبَبْت أَنْ يَغْتَسِلَ وَيُعِيدَ الصَّلَاةَ وَيَتَأَخَّى فَيُعِيدَ بِقَدْرِ ما يَرَى أَنَّ ذلك الِاحْتِلَامَ كان أو ما كان من الصَّلَوَاتِ بَعْدَ نَوْمٍ رَأَى فيه شيئا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ احْتَلَمَ فيه + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا يَبِينُ لي أَنْ يَجِبَ هذا عليه وَإِنْ كان رَأَى في الْمَنَامِ شيئا ولم يَعْلَمْ أَنَّهُ أَنْزَلَ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَا يَلْبَسَ ثَوْبَهُ غَيْرُهُ فَيَعْلَمَ أَنَّ الِاحْتِلَامَ كان منه فإذا كان هَكَذَا وَجَبَ عليه الْغُسْلُ في الْوَقْتِ الذي لَا يَشُكُّ أَنَّ الِاحْتِلَامَ كان قَبْلَهُ وَكَذَلِكَ إنْ أَحْدَثَ نَوْمَةً نَامَهَا فَإِنْ كان صلى بَعْدَهُ صَلَاةً أَعَادَهَا وَإِنْ كان لم يُصَلِّ بَعْدَهُ صَلَاةً اغْتَسَلَ لِمَا يُسْتَقْبَلْ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكُ بن أَنَسٍ عن هِشَامِ بن عُرْوَةَ عن أبيه عن زُبَيْدِ بن الصَّلْتِ أَنَّهُ قال خَرَجْت مع عُمَرَ بن الْخَطَّابِ رضي اللَّهُ تَعَالَى عنه إلَى الْجَرْفِ فَنَظَرَ فإذا هو قد احْتَلَمَ وَصَلَّى ولم يَغْتَسِلْ فقال وَاَللَّهِ ما أَرَانِي إلَّا قد احْتَلَمْت وما شَعَرْت وَصَلَّيْت وما اغْتَسَلْت قال فَاغْتَسَلَ وَغَسَلَ ما رأي في ثَوْبِهِ وَنَضَحَ ما لم يَرَ وَأَذَّنَ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ ثُمَّ صلى بَعْدَ ارْتِفَاعِ الضُّحَى مُتَمَكِّنًا
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ عن يحيى بن سَعِيدٍ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَمَنْ رأي الْمَاءَ الدَّافِقَ مُتَلَذِّذًا أو غير مُتَلَذِّذٍ فَعَلَيْهِ الْغُسْلُ وَكَذَلِكَ لو جَامَعَ فَخَرَجَ منه مَاءٌ دَافِقٌ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ خَرَجَ منه مَاءٌ دَافِقٌ بَعْدَ الْغُسْلِ أَعَادَ الْغُسْلَ وَسَوَاءٌ كان ذلك قبل الْبَوْلِ أو بَعْدَ ما بَالَ إذَا جَعَلْت الْمَاءَ الدَّافِقَ عَلَمًا لِإِيجَابِ الْغُسْلِ وهو قبل الْبَوْلِ وَبَعْدَهُ سَوَاءٌ
(1/37)
________________________________________
عن سُلَيْمَانَ بن يَسَارٍ عن عُمَرَ بن الْخَطَّابِ وَأَخْبَرَنَا مَالِكٌ عن هِشَامِ بن عُرْوَةَ عن يحيى بن عبد الرحمن بن حَاطِبٍ أَنَّهُ اعْتَمَرَ مع عُمَرَ بن الْخَطَّابِ ثُمَّ ذَكَرَ نحو هذا الحديث (1) ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَأَمَّا غُسْلُ الْجُمُعَةِ فإن الدَّلَالَةَ عِنْدَنَا أَنَّهُ إنَّمَا أُمِرَ بِهِ على الِاخْتِيَارِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا مَالِكٌ عن بن شِهَابٍ عن سَالِمٍ عن أبيه قال دخل رَجُلٌ من أَصْحَابِ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم الْمَسْجِدَ يوم الْجُمُعَةِ وَعُمَرُ يَخْطُبُ فقال عُمَرُ أَيَّةُ سَاعَةٍ هذه فقال يا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ انْقَلَبْتُ من السُّوقِ فَسَمِعْت النِّدَاءَ فما زِدْت على أَنْ تَوَضَّأْت فقال عُمَرُ وَالْوُضُوءُ أَيْضًا وقد عَلِمْت أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم كان يَأْمُرُ بِالْغُسْلِ
( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا الثِّقَةُ قال أخبرنا مَعْمَرٌ عن بن شِهَابٍ عن سَالِمِ بن عبد اللَّهِ عن أبيه عن عُمَرَ بن الْخَطَّابِ بمثله وَسَمَّى الدَّاخِلَ أَنَّهُ عُثْمَانُ بن عَفَّانَ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وإذا أَسْلَمَ الْمُشْرِكُ أَحْبَبْت له أَنْ يَغْتَسِلَ وَيَحْلِقَ شَعْرَهُ فَإِنْ لم يَفْعَلْ ولم يَكُنْ جُنُبًا أَجْزَأَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ ويصلى + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وقد قِيلَ قَلَّمَا جُنَّ إنْسَانٌ إلَّا أَنْزَلَ فَإِنْ كان هذا هَكَذَا اغْتَسَلَ الْمَجْنُونُ للانزال وَإِنْ شَكَّ فيه أَحْبَبْت له الِاغْتِسَالَ احْتِيَاطًا ولم أُوجِبْ ذلك عليه حتى يَسْتَيْقِنَ الْإِنْزَالَ
____________________
1- ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَلَا أَعْلَمُهُ يَجِبُ الْغُسْلُ من غَيْرِ الْجَنَابَةِ وُجُوبًا لَا تُجْزِئُ الصَّلَاةُ إلَّا بِهِ وَأَوْلَى الْغُسْلِ عِنْدِي أَنْ يَجِبَ بَعْدَ غُسْلِ الْجَنَابَةِ من غُسْلِ الْمَيِّتِ وَلَا أُحِبُّ تَرْكَهُ بِحَالٍ وَلَا تَرْكَ الْوُضُوءِ من مَسِّهِ مُفْضِيًا إلَيْهِ ثُمَّ الْغُسْلُ لِلْجُمُعَةِ وَلَا يُبَيِّنُ أَنْ لو تَرَكَهُمَا تَارِكٌ ثُمَّ صلى اغْتَسَلَ وَأَعَادَ إنَّمَا منعنى من أيجاب الْغُسْلِ من غُسْلِ الْمَيِّتِ أَنَّ في إسْنَادِهِ رَجُلًا لم أَقَعْ من مَعْرِفَةِ ثَبْتِ حَدِيثِهِ إلَى يَوْمِي هذا على ما يُقْنِعُنِي فَإِنْ وَجَدْت من يُقْنِعُنِي من مَعْرِفَةِ ثَبْتِ حَدِيثِهِ أَوْجَبْت الْوُضُوءَ من مَسِّ الْمَيِّتِ مُفْضِيًا إلَيْهِ فَإِنَّهُمَا في حَدِيثٍ وَاحِدٍ
(1/38)
________________________________________
- * بَابُ من خَرَجَ منه الْمَذْيُ - * (1)
____________________

Tidak ada komentar:

Posting Komentar